القصة منقولة من
كتاب قصص ومواعظ لمن يتعظ
للشيخ ماجد الزبيدي
كتاب قصص ومواعظ لمن يتعظ
للشيخ ماجد الزبيدي
قال احد المؤمنين, انه سمع أحد الخطباء يقول : كنت جالساً في حافلة لأسافر إلى المدينة نائية من مدن إيران.
لم يكن على المقعد بجانبي أحد, وكنت أخشى أن يجلس من لا أرعب في جواره فيضايقني في هذا الطريق البعيد .فسألت الله تعالى في قلبي:
إلهي إن كان مقدراً أن يجلس عندي أحد, فاجعله إنساناً متديناً طيباً!
وهكذا جلس المسافرون على مقاعدهم , ولم أر من يشغل المقعد الذي بجانبي , فشكرت الله أني وحيداً!
ولكني فوجئت في الدقيقة الأخيرة قبل الحركة !
بشاب يبدو عليه مظهر الهييز(جماعة من الناس لا تهتم بمظهرها) وبيد حقيبة صغيرة من صنع بلد أجنبي , وكأنه من غير ديننا,فتقدم حتى جلس عندي,وأنا أقول في قلبي:يا رب أهكذا تستجيب دعاء ؟!
تحركت السيارة ولم يتفوه أحد منا للثاني بكلمة, لأن الانطباع المأخوذ في أذهان هؤلاء الأشخاص عن المعممين كان انطباعاً سيئاً,
بفعل الدعيات المغرضة التي كانت تبثها أجهزة النظام الشاهنشاهي ضد علماء الدين, لذلك آثرت الصبر والسكوت وأنا جالس على أعصابي, حتى حان وقت الصلاة (أول وقت الفضيلة) , وإذا بالشاب وقف ينادي سائق الباص :قف لقد حان وقت الصلاة ! فرد عليه السائق مستهزئاً وهو ينظر إليه من مرآته :
أجلس, أين الصلاة وأين أنت منها, وهل يمكننا الوقوف في هذه الصحراء؟
قال الشاب: قلت لك قف وإلا رميت بنفسي, وصنعتُ لك مشكلة بجنازتي!
ما كنتُ أستوعب ما أرى من هذا الشاب, انه شيء في غاية العجب, فأنا كعالم دين أولى بهذا الموقف من هذا الشاب الهيبيز!
فعدم مبادرتي إلى ذلك كان احترازاً عن الموقف العدائي الذي يكنّه البعض لعلماء الدين, لذلك كنت أنتظر لأصلي في المطعم الذي تقف عنده الحافلة في الطريق .
وهكذا كنت أنظر إلى صاحبي باستغراب شديد , وقد اضطر السائق إلى أن يقف على الفور, لما رأى إصرار الشاب وتهديده .
فقام الشاب ونزل من الحافلة وقمت أنا خلفه ونزلت. رأيته فتح حقيبته وأخرج قنينة ماء فتوضأ منها ثم عين اتجاه القبلة بالبوصلة وفرش سجادته, ووضع عليها تربة الحسين الطاهرة واخذ يصلي بخشوع, وقدّم لي الماء فتوضأت أنا كذلك وصليت (صلاة العجب) !
ثم صعدنا الحافلة, وسلمت عليه بحرارة معتذراً من البرودة التي استقبلته بها أولاً, ثم سألته: من أنت ؟
قال : أن لي قصة لا بأس أن تسمعها, فقد كنت لا أعرف الدين ولا الصلاة يوم كنت أدرس الطب في فرنسا, وأنا الولد الوحيد لعائلتي التي دفعت كل ما تملك لأجل دراستي هذه. كانت المسافة بين سكني والجامعة التي أدرس فيها مسافة قرية إلى مدينة. وكان الوقت بارداً جداً عندما ركبت السيارة التي كنت أستقلها يومياً إلى المدينة مع ركاب آخرين, وكنت على موعد مع الامتحان الأخير الذي تترتب عليه نتيجة جهودي كلها فلما وصلنا إلى منتصف الطريق عطبت السيارة, وكان الذهاب أقرب مصلح (مكانيك)يستغرق من الوقت ما يفوت عليّ الحضور في الامتحانات النهائية للجامعة, لقد أرسل السائق من يأتي بما يحرّك سيارته وأصبحت أنا في تلك الدقائق كالضائع الحيران, لا ادري اتجه يميناً أو يساراً أم يأتيني من السماء من ينقذني, وكنتُ في تلك الدقائق أتمنى لو لم تلدني أمي, (وأن تنشق الأرض لأخفي فيها نفسي), إنها كانت من أصعب دقائق تمرّ علي خلال حياتي وكأن الدقيقة منها سهم يرمى نحو آمالي مقطعو أمامي, ولا يمكنني إنقاذها أبداً
فكلما أنظر إلى ساعتي كانت اللحظات تعتصر قلبي, وفجأة تذكرت أن جدتي في إيران عندما كانت تصاب بمشكلة أو تسمع بمصيبة, تقول بكل أحاسيسها يا صاحب الزمان ....
هنا من دون سابق معرفة لي بهذه الكلمة وصاحبها ومعناها الاعتقادي, قلت بكل ما في قلبي وفكري من حب وذكريات عائلية >يا صاحب زمان جدتي < !.
ذلك لأني لم أعرف من هو (صاحب الزمان) فنسبته إلى جدتي على البساطة, وقلت :فإن أدركني, أعدك أن أصلي دائماً وفي أول الوقت!وبينما أنا كذلك, وإذا برجل حضر هناك فقال للسائق بلغة فرنسة :شغل السيارة!
فاشتغلت في المحاولة الأولى, ثم قال للسائق :أسرع بهؤلاء إلى وظائفهم ولا تتأخر وحين نزوله التفت إليّ وخاطبني بالفارسية: لقد وفينا بوعدنا, يبقى أن تفي أنت بوعدك أيضاً !فاقشعّر له جلدي وبينما لم استوعب الذي حصل ذهب الرجل فلم أزله أثراً.
من هناك قررتُ أن أصلي وفاءً بالوعد, بل وأصلي في أول الوقت.
لم يكن على المقعد بجانبي أحد, وكنت أخشى أن يجلس من لا أرعب في جواره فيضايقني في هذا الطريق البعيد .فسألت الله تعالى في قلبي:
إلهي إن كان مقدراً أن يجلس عندي أحد, فاجعله إنساناً متديناً طيباً!
وهكذا جلس المسافرون على مقاعدهم , ولم أر من يشغل المقعد الذي بجانبي , فشكرت الله أني وحيداً!
ولكني فوجئت في الدقيقة الأخيرة قبل الحركة !
بشاب يبدو عليه مظهر الهييز(جماعة من الناس لا تهتم بمظهرها) وبيد حقيبة صغيرة من صنع بلد أجنبي , وكأنه من غير ديننا,فتقدم حتى جلس عندي,وأنا أقول في قلبي:يا رب أهكذا تستجيب دعاء ؟!
تحركت السيارة ولم يتفوه أحد منا للثاني بكلمة, لأن الانطباع المأخوذ في أذهان هؤلاء الأشخاص عن المعممين كان انطباعاً سيئاً,
بفعل الدعيات المغرضة التي كانت تبثها أجهزة النظام الشاهنشاهي ضد علماء الدين, لذلك آثرت الصبر والسكوت وأنا جالس على أعصابي, حتى حان وقت الصلاة (أول وقت الفضيلة) , وإذا بالشاب وقف ينادي سائق الباص :قف لقد حان وقت الصلاة ! فرد عليه السائق مستهزئاً وهو ينظر إليه من مرآته :
أجلس, أين الصلاة وأين أنت منها, وهل يمكننا الوقوف في هذه الصحراء؟
قال الشاب: قلت لك قف وإلا رميت بنفسي, وصنعتُ لك مشكلة بجنازتي!
ما كنتُ أستوعب ما أرى من هذا الشاب, انه شيء في غاية العجب, فأنا كعالم دين أولى بهذا الموقف من هذا الشاب الهيبيز!
فعدم مبادرتي إلى ذلك كان احترازاً عن الموقف العدائي الذي يكنّه البعض لعلماء الدين, لذلك كنت أنتظر لأصلي في المطعم الذي تقف عنده الحافلة في الطريق .
وهكذا كنت أنظر إلى صاحبي باستغراب شديد , وقد اضطر السائق إلى أن يقف على الفور, لما رأى إصرار الشاب وتهديده .
فقام الشاب ونزل من الحافلة وقمت أنا خلفه ونزلت. رأيته فتح حقيبته وأخرج قنينة ماء فتوضأ منها ثم عين اتجاه القبلة بالبوصلة وفرش سجادته, ووضع عليها تربة الحسين الطاهرة واخذ يصلي بخشوع, وقدّم لي الماء فتوضأت أنا كذلك وصليت (صلاة العجب) !
ثم صعدنا الحافلة, وسلمت عليه بحرارة معتذراً من البرودة التي استقبلته بها أولاً, ثم سألته: من أنت ؟
قال : أن لي قصة لا بأس أن تسمعها, فقد كنت لا أعرف الدين ولا الصلاة يوم كنت أدرس الطب في فرنسا, وأنا الولد الوحيد لعائلتي التي دفعت كل ما تملك لأجل دراستي هذه. كانت المسافة بين سكني والجامعة التي أدرس فيها مسافة قرية إلى مدينة. وكان الوقت بارداً جداً عندما ركبت السيارة التي كنت أستقلها يومياً إلى المدينة مع ركاب آخرين, وكنت على موعد مع الامتحان الأخير الذي تترتب عليه نتيجة جهودي كلها فلما وصلنا إلى منتصف الطريق عطبت السيارة, وكان الذهاب أقرب مصلح (مكانيك)يستغرق من الوقت ما يفوت عليّ الحضور في الامتحانات النهائية للجامعة, لقد أرسل السائق من يأتي بما يحرّك سيارته وأصبحت أنا في تلك الدقائق كالضائع الحيران, لا ادري اتجه يميناً أو يساراً أم يأتيني من السماء من ينقذني, وكنتُ في تلك الدقائق أتمنى لو لم تلدني أمي, (وأن تنشق الأرض لأخفي فيها نفسي), إنها كانت من أصعب دقائق تمرّ علي خلال حياتي وكأن الدقيقة منها سهم يرمى نحو آمالي مقطعو أمامي, ولا يمكنني إنقاذها أبداً
فكلما أنظر إلى ساعتي كانت اللحظات تعتصر قلبي, وفجأة تذكرت أن جدتي في إيران عندما كانت تصاب بمشكلة أو تسمع بمصيبة, تقول بكل أحاسيسها يا صاحب الزمان ....
هنا من دون سابق معرفة لي بهذه الكلمة وصاحبها ومعناها الاعتقادي, قلت بكل ما في قلبي وفكري من حب وذكريات عائلية >يا صاحب زمان جدتي < !.
ذلك لأني لم أعرف من هو (صاحب الزمان) فنسبته إلى جدتي على البساطة, وقلت :فإن أدركني, أعدك أن أصلي دائماً وفي أول الوقت!وبينما أنا كذلك, وإذا برجل حضر هناك فقال للسائق بلغة فرنسة :شغل السيارة!
فاشتغلت في المحاولة الأولى, ثم قال للسائق :أسرع بهؤلاء إلى وظائفهم ولا تتأخر وحين نزوله التفت إليّ وخاطبني بالفارسية: لقد وفينا بوعدنا, يبقى أن تفي أنت بوعدك أيضاً !فاقشعّر له جلدي وبينما لم استوعب الذي حصل ذهب الرجل فلم أزله أثراً.
من هناك قررتُ أن أصلي وفاءً بالوعد, بل وأصلي في أول الوقت.
الموعظة
قال تعالى (وأوفوا بالعَهد إنّ العهد كان مسؤولا)
منقووووووول
تعليق