أَنا أَميرُها.. وحِجرُها عَرشي
لي مملكة كما للجميع، فمذ كنتُ جنيناً أسبح في ظلمات ثلاث نصبتني أميراً عليها، مملكتي ذات صفات سامية
ومنها استلهمت صفاتي وفي مدرستها تخرّجت إلى معترك الحياة، أخطو بخطىً واثقة، وليس معنى هذا أني
لأحضانها لن أعود، فلا مناص من العود إليها، فإن داهمني اليأس يوماً فزعت إلى قداسة محرابها ألتمس
النصرة، فسرعان ما تجهزني بجيش دعائها المتسلّح بفيض دمعاتها المنسابة، فهل آبه بعد هذا إن رشقتني
الدواهي بنصالها وهي تصدّها عني بتوسلات كفيها المتضرعتين نحو السماء؟
مملكتي أزلية تحرسها عين الرحمة الإلهية، فهي كلوحة فنية قد أبدع خالقها في نحت معالمها الندية؛ فأسوارها
الحياء، وأبوابها العطاء، وشعابها الصبر، وكهوفها السكينة..
لا شيء يضاهي جمال مملكتي؛ فربوعها الأمل، وأشجارها الثبات، وأنهارها التسامح، وأمّا غيثها فرحمة قد
أغرقت أيامي العجاف..
لمملكتي إطلالة تحاكي الخيال؛ فشروقها الجهاد، وغروبها الوداد، وربيعها دائم الدفء ما دامت هي تنبض بالوجود..
مملكتي واسعة الثراء؛ فذخائرها العفاف، وكنوزها الحشمة، وأمّا الجنان فعلى أعتاب أقدامها تسجد مأمورة، وقد
أمرني ربّي فيها بالإحسان فهي مشهورة، وبنصٍ في القرآن مذكورة..
مملكتي حتى بعدما شذب المشيب أغصان شبابي فما تزال كلّما رمقتني بطرفها استقبلتني بتراتيل نشيدها المعهود
(أهلاً بكَ يا تاج رأسي)، فينتصب عودي ثانية، وتُورِق روحي مخضرّة..
مملكتي حتى وإن أفل رسمها من قاموس حياتي فستظل هي أمّي، فمملكتي أمّي.. وأنا أميرها.. وحجرها عرشي..
ميعاد كاظم اللآوندي
تم نشره في المجلة العدد (70)
لي مملكة كما للجميع، فمذ كنتُ جنيناً أسبح في ظلمات ثلاث نصبتني أميراً عليها، مملكتي ذات صفات سامية
ومنها استلهمت صفاتي وفي مدرستها تخرّجت إلى معترك الحياة، أخطو بخطىً واثقة، وليس معنى هذا أني
لأحضانها لن أعود، فلا مناص من العود إليها، فإن داهمني اليأس يوماً فزعت إلى قداسة محرابها ألتمس
النصرة، فسرعان ما تجهزني بجيش دعائها المتسلّح بفيض دمعاتها المنسابة، فهل آبه بعد هذا إن رشقتني
الدواهي بنصالها وهي تصدّها عني بتوسلات كفيها المتضرعتين نحو السماء؟
مملكتي أزلية تحرسها عين الرحمة الإلهية، فهي كلوحة فنية قد أبدع خالقها في نحت معالمها الندية؛ فأسوارها
الحياء، وأبوابها العطاء، وشعابها الصبر، وكهوفها السكينة..
لا شيء يضاهي جمال مملكتي؛ فربوعها الأمل، وأشجارها الثبات، وأنهارها التسامح، وأمّا غيثها فرحمة قد
أغرقت أيامي العجاف..
لمملكتي إطلالة تحاكي الخيال؛ فشروقها الجهاد، وغروبها الوداد، وربيعها دائم الدفء ما دامت هي تنبض بالوجود..
مملكتي واسعة الثراء؛ فذخائرها العفاف، وكنوزها الحشمة، وأمّا الجنان فعلى أعتاب أقدامها تسجد مأمورة، وقد
أمرني ربّي فيها بالإحسان فهي مشهورة، وبنصٍ في القرآن مذكورة..
مملكتي حتى بعدما شذب المشيب أغصان شبابي فما تزال كلّما رمقتني بطرفها استقبلتني بتراتيل نشيدها المعهود
(أهلاً بكَ يا تاج رأسي)، فينتصب عودي ثانية، وتُورِق روحي مخضرّة..
مملكتي حتى وإن أفل رسمها من قاموس حياتي فستظل هي أمّي، فمملكتي أمّي.. وأنا أميرها.. وحجرها عرشي..
ميعاد كاظم اللآوندي
تم نشره في المجلة العدد (70)
تعليق