بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد واله الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان أبي يقول: ما من شئ أفسد للقلب من خطيئته، إن القلب ليواقع الخطيئة فلا تزال به حتى تغلب عليه فيصير أعلاه أسفله (1).
بيان وشرح الرواية : " أفسد للقلب من خطيئته " فان قلت: ما يفسد القلب فهو خطيئة فما معنى التفضيل؟ قلت: لا نسلم ذلك، فان كثيرا من المباحات تفسد القلب، بل بعض الأمراض والآلام والأحزان والهموم والوساوس أيضا تفسدها، وإن لم تكن مما يستحق عليه العذاب وهي أعم من الخطايا الظاهرة إذ للظاهر تأثير في الباطن بل عند المتكلمين الواجبات البدنية لطف في الطاعات القلبية، ومن الخطايا القلبية كالعقائد الفاسدة والهم بالمعصية، والصفات الذميمة، كالحقد والحسد والعجب وأمثالها.
" ليواقع الخطيئة " اي يباشرها ويخالطها ويرتكبها خطيئة بعد خطيئة أو يقابل ويدافع الخطيئة الواحدة أو جنس الخطيئة، " فلا تزال به " هو من الافعال الناقصة
واسمه الضمير الراجع إلى الخطيئة و " به " خبره اي ملتبسا به وقيل: متعلق بفعل محذوف أي تفعل به والمراد إما جنس الخطيئة أو الخطيئة المخصوصة التي ارتكبها ولم يتب منها فتؤثر في القلب بحلاوتها، حتى تغلب على القلب بالرين والطبع أو يدافعها ويحاربها فتغلب عليه حتى يرتكبها لعدم قلع مراد الشهوات عن قلبه على الاحتمال الثاني.
" فيصير أعلاه أسفله " أي يصير منكوسا كالإناء المقلوب المكبوب لا يستقر فيه شئ من الحق ولا يؤثر فيه شئ من [المواعظ كما روي: القلوب ثلاثة:
قلب منكوس لا يعي شيئا من الخير وهو قلب الكافر، الخبر والحاصل أن الخطيئة تلتبس بالقلب وتؤثر فيه حتى تصيره مقلوبا لا يستقر فيه شئ من] الخير بمنزلة الكافر، فان الاصرار على المعاصي طريق إلى الكفر كما قال سبحانه: " ثم كان عاقبة الذين أساؤا السوء أن كذبوا بآيات الله " وهذا أظهر الوجوه المذكورة في تلك الآية، وهذا الذي خطر بالبال أظهر الأقوال من جهة الاخبار، وقيل فيه وجوه أخر:
الأول: ما ذكره بعض المحققين يعني فما تزال تفعل تلك الخطيئة بالقلب و تؤثر فيه بحلاوتها حتى يجعل وجهه الذي إلى جانب الحق والآخرة، إلى جانب الباطل والدنيا .
الثاني :أن المعنى ما تزال تفعل وتؤثر بالقلب بميله إلى أمثالها من المعاصي حتى تنقلب أحواله، ويتزلزل وترتفع نظامه، وحاصله يرجع إلى ما ذكرنا لكن الفرق بين.
الثالث: ما قيل: فلا تزال به حتى تغلب عليه، فإن لم ترتفع بالتوبة الخالصة فتصير أعلاه أسفله اي تكدره وتسوده، لان الاعلى صاف، والأسفل ردي من باب التمثيل.
المصدر
(1)الكافي ج ٢ ص ٢٦٨.
تعليق