تتلمذ على يدي الإمام موسى بن جعفر الكاظم مجموعة كبيرة من الطلاب والتلامذة الذين قرأوا على الإمام العلوم الإسلامية، ونهلوا من نمير علومه ومعارفه ما زادهم علماً ومعرفة وفكراً إسلامياً أصيلاً.
فكان منهم المحدثون، والمفسرون، والرواة، والفقهاء، والكتاّب، والقادة، والعلماء... وقد تحملوا مسؤولية نشر معالم ومفاهيم الدين، وبيان أحكامه، وتوضيح أصوله وفروعه.
ويلاحظ المتتبع لتلامذة الإمام الكاظم كثرة أعدادهم، وتعدد تخصصاتهم العلمية، وميولهم المعرفية، وغزارة منتوجاتهم العلمية والفكرية والدينية.
وتلاميذ الإمام الكاظم ليسوا في مرتبة واحدة، سواء من الناحية العلمية، أم من جهة العدالة و الوثاقة والضبط، بل يتفاوتون كما يتفاوت غيرهم من الطلاب والتلاميذ، إلا أن الشيء المؤكد أنهم ساهموا في نشر علوم ومعارف الإمام الكاظم وأوصلوه إلى المراكز العلمية المحورية، وغيرها من المدن والقرى في بلاد المسلمين.
وقد امتاز بعضهم بتدوين الأمالي، وتسجيل الأصول، وتصنيف المؤلفات، وقد وصلت بعض مؤلفات بعضهم إلى ثلاثين كتاباً. كما أجمع أصحابنا على تصديق ستة أشخاص من تلامذة الإمام الكاظم والإمام الرضا وهم: يونس بن عبد الرحمن، وصفوان بن يحيى، وبياع السابري، ومحمد بن أبي عمير، وعبد الله بن المغيرة، والحسن بن محبوب السراد، وأحمد بن محمد بن أبي نصر كما أشار إليهم الشيخ الطوسي، والمعبر عنهم بأصحاب الإجماع.
يتضح من خلال الأسماء البارزة (أصحاب الإجماع) وغيرهم من الطلاب والتلاميذ والأصحاب والرواة الذين تخرجوا من مدرسة الإمام موسى بن جعفر الكاظم المستوى العلمي المتقدم الذي قامت به مدرسة الإمام العلمية، ومدى العناية والتوجيه والإرشاد والتربية التي كان يوليها الإمام الكاظم لطلابه وأصحابه، وهو الأمر الذي أدى إلى تخريج علماء وفقهاء ورواة وقادة كان لهم الأثر الكبير في نشر علوم ومعارف الإسلام إلى مختلف الأقاليم الإسلامية.
وقد برز طلاب وأصحاب الإمام الكاظم في ميادين علمية متعددة، كالفقه والتفسير والحديث والكلام... وغيرها من العلوم الإسلامية. وكان لهم دور مهم في رفد المكتبة الإسلامية بمئات الكتب في مختلف الأبواب العلمية. فقد ألف يونس بن عبد الرحمن أكثر من ثلاثين مؤلفاً، كما ألف صفوان بن يحيى نفس العدد تقريباً. وكذلك فعل عبد الله بن المغيرة الكوفي.
أما الحسن بن محبوب السراد فمؤلفاته كثيرة، وكذلك أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي... وغيرهم من الأسماء المشهورة والمعروفة.
وقد أشار الشيخ محمد حسن آل ياسين في كتابه (الإمام موسى الكاظم سيرة وتاريخ) إلى أسماء المؤلفين وأسماء كتبهم وموضوعاتها، فكان عدد ما توصل إليه مئة وخمسة عشر مؤلفاً. تصل أعداد مؤلفات بعضهم إلى أكثر من ثلاثين كتاباً. وهذا يدل بوضوح على الغزارة العلمية والإنتاج الفقهي والمعرفي المتميز الذي قدمته الصفوة من تلاميذ وأصحاب الإمام الكاظم .
وما كان ليتحقق كل ذلك العطاء العلمي والإنتاج المعرفي لولا جهود الإمام موسى الكاظم في تربية هذه الكوكبة المتميزة في أخلاقها وسلوكها ومعارفها والتزامها برسالة الدين وتعاليم أستاذهم العظيم الإمام الكاظم .
إن مدرسة الإمام الكاظم والتي هي امتداد لمدرسة والده الإمام الصادق حققت الكثير من الأهداف في التربية والبناء العلمي المتميز رغم الصعوبات التي كانت تقف عائقاً أمام تقدم المدرسة العلمية، إلا أن إصرار الإمام الكاظم وإرادته القوية، واستثمار كل فرصة متاحة في تربية الكوادر العلمية، ونشر العلوم والمعارف الإسلامية، والعناية بالأفراد المتميزين كان له بالغ الأثر في صناعة القادة وكبار العلماء والفقهاء والرواة، وهم الذين نشروا وحملوا إيصال فكر ومنهج أهل البيت إلى مختلف الأقاليم والبلدان الإسلامية.
بقلم
الشيخ عبد الله اليوسف
تعليق