اللهم صل على محمد وآل محمد
قال الفقيه العارف الشيخ حسين قُلي الهمداني (قدّس سرّه): لا ينبغي أن يبقى خافياً على طالبي النّجاة والسعادة الأبديّة أنّ أهل النجاة قسمان:
أحدهما: أصحاب اليمين، والآخر: المقرَّبون.
وإذا عمل طالب السعادة بوظيفة أصحاب اليمين التي هي عبارة عن ترك المعصية، فسيُصبح منهم، وللمقرّبين بالإضافة إلى ذلك وظيفة أخرى ليس الهدف بيانها.
أولاً يجب فهم أنّ الإنسان إذا فهم حقارتَه وضِعته، وفهم بعد ذلك عَظَمة ملك الملوك وقدرته، فسيفهم طبعاً أنّ الجرأة والإقدام على المعصية في محضر مثل هذا السلطان العظيم الشأن، في غاية القُبح والشناعة، والتّعاسة.
لماذا أنت غافل عن قدرة القادر الذي إذا أراد إفناء جميع الموجودات، فبمجرّد إرادته تفنى جميعها وتلحق بالمعدومات..!
إنّ السبب في ما تراه من كوْن المعصية سهلة في نظرك هو عدّة أمور أذكر بعضها:
أولاً: أنّ فكرك منصبٌّ كليّاً على الدّنيا الدّنيّة، ولذا فقد غفلتَ نهائيّاً عن الضّرر الأُخروي. لا تعلم كم هي كثيرةٌ كثيرة المنافع والسعادة الأبدية التي فاتَتك. كم هي كبيرة جداً الأضرار التي ألحَقْتها بنفسك.
ثانياً: أنّك غير ملتفت لعجزك وحاجتك وفقرك، بحيث إنّ كلّ ذرّة من بدنك قائمة بحفظ عمّاله الذين هم الملائكة.
ثالثاً: لا تعلم أنّ في كلّ آنٍ من الآنات، في كلّ جزءٍ من أجزاء بدنك، نِعَماً لا تتناهى، منَّ بها عليك ويمنّ، ولا يمكن حصرُها بالبيان والبنان. إذاً رغم هذا كلّه، كيف تُنفق نِعمَه في معصيته؟
رابعاً: لماذا أنت غافل عن عقوباته الشديدة؟ ألا تعلم أنّ بين الموت والقيامة ألف غصّة، وأسهلها مرارة اقتلاعِ الروح؟ لماذا أنت غافلٌ عن شدائد يوم القيامة؟!
الأمان الأمان، من يوم يسيطر فيه -من الدّهشة والوحشة- الخوفُ والاضطراب على المقرّبين!
ولم لا؟
نعم، سيضطرب المُحسنون ويخافون في يومٍ أرضُه وسماؤه نار، وجهنّم محيطة بأطراف الخلائق، والملائكة الغِلاظ الشِّداد منصرفون إلى القاء القبض وشدّ الوثاق.
------------------------------------
مجلة شعائر السنة الثالثة العـدد (٢٥)
تعليق