إذا كان الوفود على كريم:
---------------------
السؤال:
وفدت على الكريم بغير زاد * من الحسنات والقلب السليم
وحمل الزاد أقبح كل شيء * إذا كان الوفود على الكريم
أ- من قائل البيتين السابقين؟
ب- ألا يتعارض المذكور في البيت الثاني مع الآية القرآنية (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ).
الجواب:
1- قال السيد اليزدي – رحمه الله – في (العروة الوثقى 2 : 76):
[ويستحب أيضًا أن يكتب عليه [على الكفن] البيتان اللذان كتبهما أمير المؤمنين (عليه السلام) على كفن سلمان وهما:
وفدت على الكريم بغير زاد * من الحسنات والقلب السليم
وحمل الزاد أقبح كل شيء * إذا كان الوفود على الكريم]
2- لم أنجح في العثور على مصدر روائي يذكر هذين البيتين, نعم ذكره ميرزا حسين النوري الطبرسي – رحمه الله - في (نفس الرحمن في فضائل سلمان: 545) :
[ومما شاع نسبته إليه وكتبه على الأكفان قوله:
وفدت على الكريم بغير زاد * من الحسنات والقلب السليم
وحمل الزاد أقبح كل شيء * إذا كان الوفد على الكريم]
وهنا نلاحظ: أن الميرزا النوري لم يذكر سندًا لذلك, وكذلك لم يذكر هذين البيتين في كتابه المستدرك على الوسائل.
قال الشيخ محمد تقي الآملي في (مصباح الهدى في شرح عروة الوثقى 6: 220) :
[ولم أر فيما كتب في أحوال سلمان رضي اللَّه تعالى عنه أثرًا عما يحكى من كتابة علي عليه السلام، لكن في كتاب الطهارة للشيخ الأكبر (قده) ذكر البيتين ونسبتهما إلى أمير المؤمنين عليه السلام وإنه كتبهما على كفن سلمان، وفي الباب الثاني عشر من كتاب نفس الرحمن للمحدث النوري (قده) قال: (ومما شاع نسبته إليه وكتبه على الأكفان قوله وفدت على الكريم بغير زاد (إلخ) وهذا لو ثبت لدل على كون البيتين من سلمان وإنه كان يكتبه على أكفان الناس, إلا أن يكون قوله: وكتبه (إلخ) مصدرا بمعنى الكتابة ويكون عطفًا على قوله: نسبته إليه، فيكون المعنى: مما شاع نسبته إليه وشاع كتابته على الأكفان (وعلى كل حال) فلعل إسناد مثل الشيخ الأكبر ذلك إلى الرواية عن أمير المؤمنين عليه السلام كافٍ في إثبات رجحان كتابته، مضافًا إلى أنه استدفاع وتذلل وخضوع، واللَّه العفو الكريم نسأله أن يعفو عنا بكرمه] انتهى.
فالظاهر أن هذه المسألة الفقهية تتوقف على المبنى في قاعدة التسامح في أدلة السنن, والله العالم.
3- من الثابت أن سلمان – رضي الله عنه- ممن تزوّد لسفر الآخرة بالقلب السليم والكثير من الأعمال الصالحة.
4- مهما أتى الإنسان بأعمال صالحة, فعليه أن يرى نفسه مقصّرًا في جنب الله, ويكون اتكاله على رحمة الله تعالى وكرمه, وليس على أعماله, فهو لا يرى أعماله تكفي زادًا لسفر الآخرة إلا برحمة الله وكرمه.
روي عن أمير المؤمنين – عليه السلام- في (نهج البلاغة 4: 17) :
[آه من قلة الزاد, وطول الطريق, وبُعد السفر, وعظيم المورد].
5- المقصود بالبيت اعتذار العبد من ربه, واستعطافه, والتذلل بين يديه عزّ وجلّ, استنزالاً للرحمة والكرم الإلهيين. وذلك عبر أمر مشهود جدًا عند الكرماء, فالمضيّف الكريم يرفض أن يأتيه ضيفه حاملًا زاده معه.
6- ورد في العديد من الأدعية المأثورة استعطافات واعتذارات وحجج قريبة من هذا المعنى :
أ- [وعزتك وجلالك لئن طالبتني بذنوبي لأطالبنك بعفوك, ولئن طالبتني بلؤمي لأطالبنك بكرمك، ولئن أدخلتني النار لأخبرن أهل النار بحبي لك].
ب- [وغرّني سترك المرخى عليّ].
ج- [أين سترك الجميل؟ أين عفوك الجليل؟ أين فرجك القريب؟ أين غياثك السريع؟ أين رحمتك الواسعة؟ أين عطاياك الفاضلة؟ أين مواهبك الهنيئة؟ أين صنائعك السنية؟ أين فضلك العظيم؟ أين منّك الجسيم؟ أين إحسانك القديم؟ أين كرمك يا كريم؟ به فاستنقذني ، وبرحمتك فخلصني].
نسأل الله تعالى أن يغفر لنا يرحمنا جميعًا بمحمد وآل محمد – صلواته عليهم أجمعين-
30 / رجب الأصب / 1436 هـ
---------------------
السؤال:
وفدت على الكريم بغير زاد * من الحسنات والقلب السليم
وحمل الزاد أقبح كل شيء * إذا كان الوفود على الكريم
أ- من قائل البيتين السابقين؟
ب- ألا يتعارض المذكور في البيت الثاني مع الآية القرآنية (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ).
الجواب:
1- قال السيد اليزدي – رحمه الله – في (العروة الوثقى 2 : 76):
[ويستحب أيضًا أن يكتب عليه [على الكفن] البيتان اللذان كتبهما أمير المؤمنين (عليه السلام) على كفن سلمان وهما:
وفدت على الكريم بغير زاد * من الحسنات والقلب السليم
وحمل الزاد أقبح كل شيء * إذا كان الوفود على الكريم]
2- لم أنجح في العثور على مصدر روائي يذكر هذين البيتين, نعم ذكره ميرزا حسين النوري الطبرسي – رحمه الله - في (نفس الرحمن في فضائل سلمان: 545) :
[ومما شاع نسبته إليه وكتبه على الأكفان قوله:
وفدت على الكريم بغير زاد * من الحسنات والقلب السليم
وحمل الزاد أقبح كل شيء * إذا كان الوفد على الكريم]
وهنا نلاحظ: أن الميرزا النوري لم يذكر سندًا لذلك, وكذلك لم يذكر هذين البيتين في كتابه المستدرك على الوسائل.
قال الشيخ محمد تقي الآملي في (مصباح الهدى في شرح عروة الوثقى 6: 220) :
[ولم أر فيما كتب في أحوال سلمان رضي اللَّه تعالى عنه أثرًا عما يحكى من كتابة علي عليه السلام، لكن في كتاب الطهارة للشيخ الأكبر (قده) ذكر البيتين ونسبتهما إلى أمير المؤمنين عليه السلام وإنه كتبهما على كفن سلمان، وفي الباب الثاني عشر من كتاب نفس الرحمن للمحدث النوري (قده) قال: (ومما شاع نسبته إليه وكتبه على الأكفان قوله وفدت على الكريم بغير زاد (إلخ) وهذا لو ثبت لدل على كون البيتين من سلمان وإنه كان يكتبه على أكفان الناس, إلا أن يكون قوله: وكتبه (إلخ) مصدرا بمعنى الكتابة ويكون عطفًا على قوله: نسبته إليه، فيكون المعنى: مما شاع نسبته إليه وشاع كتابته على الأكفان (وعلى كل حال) فلعل إسناد مثل الشيخ الأكبر ذلك إلى الرواية عن أمير المؤمنين عليه السلام كافٍ في إثبات رجحان كتابته، مضافًا إلى أنه استدفاع وتذلل وخضوع، واللَّه العفو الكريم نسأله أن يعفو عنا بكرمه] انتهى.
فالظاهر أن هذه المسألة الفقهية تتوقف على المبنى في قاعدة التسامح في أدلة السنن, والله العالم.
3- من الثابت أن سلمان – رضي الله عنه- ممن تزوّد لسفر الآخرة بالقلب السليم والكثير من الأعمال الصالحة.
4- مهما أتى الإنسان بأعمال صالحة, فعليه أن يرى نفسه مقصّرًا في جنب الله, ويكون اتكاله على رحمة الله تعالى وكرمه, وليس على أعماله, فهو لا يرى أعماله تكفي زادًا لسفر الآخرة إلا برحمة الله وكرمه.
روي عن أمير المؤمنين – عليه السلام- في (نهج البلاغة 4: 17) :
[آه من قلة الزاد, وطول الطريق, وبُعد السفر, وعظيم المورد].
5- المقصود بالبيت اعتذار العبد من ربه, واستعطافه, والتذلل بين يديه عزّ وجلّ, استنزالاً للرحمة والكرم الإلهيين. وذلك عبر أمر مشهود جدًا عند الكرماء, فالمضيّف الكريم يرفض أن يأتيه ضيفه حاملًا زاده معه.
6- ورد في العديد من الأدعية المأثورة استعطافات واعتذارات وحجج قريبة من هذا المعنى :
أ- [وعزتك وجلالك لئن طالبتني بذنوبي لأطالبنك بعفوك, ولئن طالبتني بلؤمي لأطالبنك بكرمك، ولئن أدخلتني النار لأخبرن أهل النار بحبي لك].
ب- [وغرّني سترك المرخى عليّ].
ج- [أين سترك الجميل؟ أين عفوك الجليل؟ أين فرجك القريب؟ أين غياثك السريع؟ أين رحمتك الواسعة؟ أين عطاياك الفاضلة؟ أين مواهبك الهنيئة؟ أين صنائعك السنية؟ أين فضلك العظيم؟ أين منّك الجسيم؟ أين إحسانك القديم؟ أين كرمك يا كريم؟ به فاستنقذني ، وبرحمتك فخلصني].
نسأل الله تعالى أن يغفر لنا يرحمنا جميعًا بمحمد وآل محمد – صلواته عليهم أجمعين-
30 / رجب الأصب / 1436 هـ
تعليق