اللهم صل على محمد وآل محمد
قد يوفق العبد لمعاشرة صالحٍ من العباد ، إلا أنه ينشغل بذات ذلك الصالح بما يجعله ( حجاباً ) بينه وبين ربه ، إذ يستغرق في حبه ، ويسعى لجلب رضاه وإن لم يكن بحق ، كما يستوحش من إعراضه وغضبه ولو كان لانحراف مزاج ، ويرى الابتعاد عنه كأنه ابتعاد عن مصدر كل خير ..
وعندئذٍ يكون شأنه كشأن من ينظر إلى المرآة فيستحسنها ويستغرق في التأمل فيها ، لا شأن من ينظر بها ليستكشف من نفسه عيوبها وما فسد من أمرها ..
ولطالما تسول له نفسه ، فيرى ارتياحاً لمعاشرته وكأنه اتحد به وجوداً بملكاته الصالحة ، فيكون مَثَله كمَثَل من يسير في بستانٍ متنـزهاً فيظن أنه قد ملكها بما فيها ، والحال أنه سيفارقها بعد قليل ليعود إلى خلوته الموحشة ،
وعليه فإن مجرد ( مصاحبة ) الصلحاء لا يكفي بنفسه لرقيّ درجات الصالحين ، والشاهد على ذلك عدم استفادة الكثيرين من صحبة النبي (ص) – بما أوتي من أعظم درجات التأثير- كالمنافقين والغافلين من الأعراب وأشباههم.
-----------------
الشيخ حبيب الكاظمي
تعليق