إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الشرح التفصيلي لقضية آية : ﴿محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار...﴾

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الشرح التفصيلي لقضية آية : ﴿محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار...﴾

    قَالَ تَعَالَى : ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا - [سُّورَةُ الْفَتْحِ : 29.]
    بيّنت الآية الكريمة صفات الصحابة الفعليين الملتزمين والمرابطين للنبي محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، وقد حددت خصائص أو مزايا أو شروط يجب توافرها في من يريد أن يكون صحابياً مع النبي محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، وتلك الشروط :
    1-
    ﴿وَالَّذِينَ مَعَهُ ، المعيّة الدائمة مع النبي .
    2-
    ﴿أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ، الغلظة على العدو .
    3-
    ﴿رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ، المودّة والألفة بينهم .
    3-
    ﴿تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا ، العبادة والطاعة .
    4-
    ﴿يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ، السعي في إرضاء الله ورسوله .
    5-
    ﴿سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ، سيماء الصالحين في وجوههم .
    إذاً الصحبة لها مقرون أدقُّ وهو ما وافق الآخر فكراً وعقيدةً وأخلاقاً ، فليس كل من عاصر الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وجلس مجلسه يطلق عليه صحابي ؛ لأنه قليلٌ من الصحابة من تحلّى بتلك المزايا والخصائص التي وضعتها الآية الكريمة ، مضافاً إلى أنّ الآية ذكرت بعدها :
    ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ ، ضمير (منهم) للذين معه ، وهذه تبعيضية لا بيانيّة فهي لا تشمل جميع الصحابة والناس المحيطين بالنبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) . كما أنّها اشترطت المغفرة والأجر العظيم لهم في حال إذا ما بقوا على إيمانهم واستمروا بعمل الصالحات ، أما غير ذلك كالذين آمنوا أولاً ثم أرتدوا من بعد ما تبين لهم الهدى وأشركوا فكفروا ، كما في قوله تعالى : ﴿إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ * فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ * أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ * وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ - [سُّورَةُ مُحَمَّدٍ : 25 - 30.] أو كالمنافقين الذين أبطنوا النفاق وأظهروا الإيمان وهم لم يؤمنوا أصلاً ، كما في قوله تعالى : ﴿وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ - [سُّورَةُ التَّوْبَةِ : 101.] أو كالمنقلبين على أعقابهم القهقهرى ، كما في قوله تعالى : ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ - [سُّورَةُ آلَ عِمْرَانَ : 144.] فهؤلاء قطعاً غير مشمولين بالآية الكريمة .

    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	51e3f4737502544c87810f4c2b8137bb.jpg 
مشاهدات:	818 
الحجم:	566.1 كيلوبايت 
الهوية:	913227
    التعديل الأخير تم بواسطة سيد ليث العوادي; الساعة 17-04-2021, 04:50 AM.

  • #2
    بالنسبة لآية : ﴿وَالَّذِينَ مَعَهُ وآية : ﴿يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ، فأنّ هذه الآية المباركة تخبرنا عن أنّ الصحابة كانوا يتركون رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وحيداً ، وكان اللهو يستخفُّهم والتجارة تشغلهم عن الصلاة ، وأنّ فيهم من لا يهمُّه كثيراً مقام النبي وحديثه ، قَالَ تَعَالَى : ﴿وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ - [سُّورَةُ الْجُمُعَةِ : 11.]
    روى البخاري في صحيحه - الجزء (3) - الصفحة (56) :- 2064 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الجَعْدِ، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «أَقْبَلَتْ عِيرٌ وَنَحْنُ نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجُمُعَةَ، فَانْفَضَّ النَّاسُ إِلَّا اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا»، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ:
    ﴿وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا، وَتَرَكُوكَ قَائِمًا [الجمعة: 11]
    وروى ابن حبَّان في صحيحه - الجزء (15) - الصفحة (299) :- 6877 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى زَحْمَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، وَأَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: بَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَقَدِمَتْ عِيرٌ الْمَدِينَةَ فَابْتَدَرَهَا أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى لَمْ يَبْقَ مَعَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ تَتَابَعْتُمْ حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْكُمْ أَحَدٌ، لَسَالَ لَكُمُ الْوَادِي نَارًا».
    وذكر القرطبي في تفسيره - الجزء (18) - الصفحة (111) :- وَقَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: كَانَتِ الْجَوَارِي إِذَا نَكَحْنَ يَمْرُرْنَ بِالْمَزَامِيرِ وَالطَّبْلِ فَانْفَضُّوا إِلَيْهَا، فَنَزَلَتْ.
    والروايات في ذلك ذكرها أكثر المحدِّثين ، وهي تعبِّر عن عدم تميِّز أصحاب النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عن غيرهم ، فهم كسواد الناس يشغلهم اللهو والتجارة عن العبادة والصلاة ، ومثل هؤلاء لا يصح وصفهم بما ورد في قوله تعالى :
    ﴿رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ - [سُّورَةُ النُّوْرِ : 37.]
    فبالنتيجة أنّ آية :
    ﴿تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ لا تنطبق عليهم ، لأنّ آية : ﴿وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا تعبِّر عن أنّ ذلك هو ديدنهم كما هو مقتضى التعبير بالفعل الماضي بعد أداة الشرط ، إذ انَّ ظاهر ذلك هو انّهم كلما رأوا تجارة أو لهواً تبادروا إليها غير عابئين بالصلاة وبقيام النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فيهم خطيباً ، فإذا كان هذا شأنهم والنبي قائماً خطيباً أو إماماً فما عساه يكون شأنهم حين لا يكون الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) هو الخطيب والإمام ؟! بل أنّه عندما مَرِضَ النبي في مرضه الشديد استدعاهم في محضره لكتابة الكتاب المانع للأُمة من الضلال وهي الوصيّة التي أمر الله بها عباده أن يكتبوها إذا حضرت وفاتهم ، وقد قُوبِلَ النبي حينها بالرفض والاختلاف الشديد فيما بينهم ، بل قد رفعوا صوتهم عليه وقالوا : (أنّ النبي غلبه الوجع وعندكم القرآن فحسبنا كتاب الله) ! ذلك بعد أن اتهموا النبي بالهجران وأنّه يهذي معاذ الله ! ولقد طردهم رسول الله (صلّی الله عليه وآله وسلّم) وأمرهم بالخروج من محضره بعد أن غَضِبَ عليهم لَمَّا أكثروا اللغو والاختلاف عنده ، و‏قال (صلّی الله عليه وآله وسلّم) :‏ ‏(قوموا ‏عني ! ولا ينبغي عند نبي تنازع) . قَالَ تَعَالَى : ﴿وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ - [سُّورَةُ الشُّعَرَاءِ : 114.] وهذا يعني أنّ الذين طردهم النبي من محضره ليسوا بمؤمنين . وَقَالَ تَعَالَى : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ - [سُّورَةُ الْأَنْفَالِ : 24.] وليسوا بمستجيبين لأمر الله ولا رسوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ذلك بعد أن رفعوا صوتهم واكتفوا بالأخذ فقط من القرآن رغم أنّهم بعد ذلك اختلفوا وتأخروا في جمع القرآن وترتيبه ! وهذا الله رفضٌ صريحٌ لسنة النبي الكريم جُملتاً وتفصيلاً ، بل سوء أدب واخلاق وتنافي مع الخُلُق القرآني الذي أمر الله الصحابة وسائر الناس بأن يتأدبوا به مع النبي عند مخاطبتهم له . قَالَ تَعَالَى : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ - [سُّورَةُ الْحُجُرَاتِ : 2.]
    ذكر البخاري في صحيحه - الجزء (7) - الصفحة (120) :- 5669 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ مَعْمَرٍ، وحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: لَمَّا حُضِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي البَيْتِ رِجَالٌ، فِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلُمَّ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لاَ تَضِلُّوا بَعْدَهُ» فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ غَلَبَ عَلَيْهِ الوَجَعُ، وَعِنْدَكُمُ القُرْآنُ، حَسْبُنَا كِتَابُ اللَّهِ. فَاخْتَلَفَ أَهْلُ البَيْتِ فَاخْتَصَمُوا، مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: قَرِّبُوا يَكْتُبْ لَكُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كِتَابًا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ مَا قَالَ عُمَرُ، فَلَمَّا أَكْثَرُوا اللَّغْوَ وَالِاخْتِلاَفَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قُومُوا» قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: «إِنَّ الرَّزِيَّةَ كُلَّ الرَّزِيَّةِ مَا حَالَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ أَنْ يَكْتُبَ لَهُمْ ذَلِكَ الكِتَابَ، مِنَ اخْتِلاَفِهِمْ وَلَغَطِهِمْ».

    تعليق


    • #3
      وبالنسبة لآية : ﴿أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ ، فأنّ هذه الآية المباركة تُخبرنا عن أنّ جمعاً من الصحابة قد ولَّوا الأدبار وفرُّوا من الزحف يوم حُنين ، قَالَ تَعَالَى : ﴿لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ - [سُّورَةُ التَّوْبَةِ : 25.] ولم يكن الفرار من الزحف يوم حُنين هو الفرار الأول في الحرب ، بل وقع ذلك منهم يوم أُحد ، قَالَ تَعَالَى : ﴿۞ إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ - [سُّورَةُ آلَ عِمْرَانَ : 153.]
      أخرج الرازي في تفسيره مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير - الجز (9) - الصفحة (398) :- وَالَّذِي تَدُلُّ عَلَيْهِ الْأَخْبَارُ فِي الْجُمْلَةِ أَنَّ نَفَرًا مِنْهُمْ تَوَلَّوْا وَأَبْعَدُوا، فَمِنْهُمْ مَنْ دَخَلَ الْمَدِينَةَ، وَمِنْهُمْ مَنْ ذَهَبَ إِلَى سَائِرِ الْجَوَانِبِ، وَأَمَّا الْأَكْثَرُونَ فَإِنَّهُمْ نَزَلُوا عِنْدَ الْجَبَلِ وَاجْتَمَعُوا هُنَاكَ. وَمِنَ الْمُنْهَزِمِينَ عُمَرُ، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي أَوَائِلِ الْمُنْهَزِمِينَ وَلَمْ يَبْعُدْ، بَلْ ثَبَتَ عَلَى الْجَبَلِ إِلَى أَنْ صَعِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمِنْهُمْ أَيْضًا عُثْمَانُ انْهَزَمَ مَعَ رَجُلَيْنِ مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُمَا سَعْدٌ وَعُقْبَةُ، انْهَزَمُوا حَتَّى بَلَغُوا مَوْضِعًا بَعِيدًا ثُمَّ رَجَعُوا بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَقَدْ ذَهَبْتُمْ فِيهَا عَرِيضَةً» وَقَالَتْ فَاطِمَةُ لِعَلِيٍّ: مَا فَعَلَ عُثْمَانُ؟ فَنَقَّصَهُ .
      أخرجه البكري في كتاب عمر بن الخطاب : (ج1، ص28) .
      وفي المستدرك على الصحيحين للحاكم - الجزء (3) - الصفحة (298) :- 5159 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ الْعَنَزِيُّ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، ثنا أَبُو سَلَمَةَ بْنُ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، أَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ، حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ قَالَ: كُنْتُ فِي أَوَّلِ مَنْ فَاءَ يَوْمَ أُحُدٍ وَبَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ يُقَاتِلُ عَنْهُ وَأُرَاهُ قَالَ: وَيَحْمِيهِ ... «هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ» . أخرجه أحمد في فضائل الصحابة (ج1، ص222) . (فاء تعني رجـع بعد أن فر)
      وفي البداية والنهاية لابن كثير - الجزء (5) - الصفحة (410) :- قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رَافِعٍ أَخُو بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ قَالَ: انْتَهَى أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ عَمُّ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ فِي رِجَالٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، وَقَدْ أَلْقَوْا بِأَيْدِيهِمْ، فَقَالَ: فَمَا يُجْلِسُكُمْ؟ قَالُوا: قُتِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: فَمَا تَصْنَعُونَ بِالْحَيَاةِ بَعْدَهُ؟ ! قُومُوا فَمُوتُوا عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ثُمَّ اسْتَقْبَلَ الْقَوْمَ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، وَبِهِ سُمِّيَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ .
      وفي صحيح البخاري - الجزء (5) - الصفحة (155) :- 4322 - وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ، مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ، أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمَ حُنَيْنٍ نَظَرْتُ إِلَى رَجُلٍ مِنَ المُسْلِمِينَ يُقَاتِلُ رَجُلًا مِنَ المُشْرِكِينَ، وَآخَرُ مِنَ المُشْرِكِينَ يَخْتِلُهُ مِنْ وَرَائِهِ لِيَقْتُلَهُ، فَأَسْرَعْتُ إِلَى الَّذِي يَخْتِلُهُ، فَرَفَعَ يَدَهُ لِيَضْرِبَنِي وَأَضْرِبُ يَدَهُ فَقَطَعْتُهَا، ثُمَّ أَخَذَنِي فَضَمَّنِي ضَمًّا شَدِيدًا، حَتَّى تَخَوَّفْتُ، ثُمَّ تَرَكَ، فَتَحَلَّلَ، وَدَفَعْتُهُ ثُمَّ قَتَلْتُهُ، وَانْهَزَمَ المُسْلِمُونَ وَانْهَزَمْتُ مَعَهُمْ، فَإِذَا بِعُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ فِي النَّاسِ، فَقُلْتُ لَهُ: مَا شَأْنُ النَّاسِ؟ قَالَ: أَمْرُ اللَّهِ، ثُمَّ تَرَاجَعَ النَّاسُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
      وفي صحيح البخاري - الجزء (5) - الصفحة (98) :- 4066 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَمْزَةَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مَوْهَبٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ حَجَّ البَيْتَ، فَرَأَى قَوْمًا جُلُوسًا، فَقَالَ: مَنْ هَؤُلاَءِ القُعُودُ؟ قَالُوا: هَؤُلاَءِ قُرَيْشٌ. قَالَ: مَنِ الشَّيْخُ؟ قَالُوا ابْنُ عُمَرَ، فَأَتَاهُ فَقَالَ: إِنِّي سَائِلُكَ عَنْ شَيْءٍ أَتُحَدِّثُنِي؟ قَالَ: أَنْشُدُكَ بِحُرْمَةِ هَذَا البَيْتِ، أَتَعْلَمُ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَرَّ يَوْمَ أُحُدٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَتَعْلَمُهُ تَغَيَّبَ عَنْ بَدْرٍ، فَلَمْ يَشْهَدْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَتَعْلَمُ أَنَّهُ تَخَلَّفَ عَنْ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ فَلَمْ يَشْهَدْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَكَبَّرَ .
      أخرجه أحمد في مسنده : (ج10، ص53) .
      وفي فتح القدير للشوكاني - الجزء (1) - الصفحة (444) :- وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ كُلَيْبٍ قَالَ: خَطَبَنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَكَانَ يَقْرَأُ عَلَى الْمِنْبَرِ: آلَ عِمْرَانَ، وَيَقُولُ: إِنَّهَا أُحُدِيَّةٌ، ثُمَّ قَالَ: تَفَرَّقْنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَصَعِدْتُ الْجَبَلَ فَسَمِعَتْ يَهُودِيًّا يَقُولُ: قُتِلَ مُحَمَّدٌ، فَقُلْتُ: لَا أَسْمَعُ أَحَدًا يَقُولُ قُتِلَ مُحَمَّدٌ إِلَّا ضَرَبْتُ عُنُقَهُ، فَنَظَرْتُ فإذا رسول الله صلّى الله عليه وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ يَتَرَاجَعُونَ إِلَيْهِ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ .
      وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ الضَّحَّاكِ قَالَ: نَادَى مُنَادٍ يَوْمَ أُحُدٍ: أَلَا إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ، فَارْجِعُوَا إِلَى دِينِكُمُ الْأَوَّلِ، فأنزل الله: وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ .
      أخرجه السيوطي في الدر المنثور (ج2، ص334.)
      فكيف يصحُّ أن نصف مثل هؤلاء بقوله تعالى :
      ﴿أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ وهم قد فروا من زحف الكفار يوم حُنين ويوم أُحد ! وقوله تعالى : ﴿وَالَّذِينَ مَعَهُ لا يستقيم بهم ؛ رغم أن رسول الله محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كان يدعوهم ويستنصرهم إلّا أنّ دعوته ومناشدته لم تكن تلْقى منهم أذناً صاغية ! ولا يختلف أحدٌ من المسلمين في أنّ الفرار من الزحف هو من كبائر الذنوب بل هو من المُوبِقات المستوجبة لدخول النار ؛ لقوله تعالى : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ * وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ - [سُّورَةُ الْأَنْفَالِ : 15 - 16.]
      وهذه الآيات التي صرّحت أنّ فريقاً من المؤمنين ممن كان مع النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كانوا كارهين للحرب وأنّ كراهتهم لها بلغت حداً بحيث صحَّ وصفهم بأنهم يشعرون وكأنهم يُساقون إلى الموت وهم ينظرون ، قَالَ تَعَالَى :
      ﴿كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ * يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ * وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ - [سُّورَةُ الْأَنْفَالِ : 5 - 7.] على الرغم من أنّ النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قد أوضح لهم أنَّ المواجهة حقٌ والنصر لهم في الحرب إلّا أنّ ذلك لم يبعث الطمئنينة في قلوبهم ، لذلك أخذوا يجادلون الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ليصرفوه عن قرار الحرب .
      وقد نزل في الذين تخلَّفوا عن الغزوات ، قَالَ تَعَالَى :
      ﴿لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ - [سُّورَةُ التَّوْبَةِ : 42.] أيْ لو كان ما دُعوا إليه غنيمةً قريبةً ﴿وَسَفَرًا قَاصِدًا قريباً هيِّناً ﴿لَاتَّبَعُوكَ طمعاً في الغنيمة ﴿وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ المسافة وقيل الشقة بمعنى الغاية ﴿وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّه عندك إذا رجعت إليهم ﴿لَوِ اسْتَطَعْنا لَخَرَجْنا مَعَكُمْ﴾ لو قدرنا وكان لنا سعةٌ من المال ﴿يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ بالكذب والنِّفاق واليمين الكاذبة ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ لأنَّهم كانوا يستطيعون الخروج . فالرغبة في الدعة واغتنام القافلة كانت أحظى عندهم من إيقاع الهزيمة بالكافرين ، فأين هي الشدّة التي مدح الله تعالى بها مَن كان مع النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ؟ فلا يستقيم وصف هؤلاء بالأشداء على الكفار إلّا على ثلة أو طائفة منهم .

      تعليق


      • #4
        أما بالنسبة لآية : ﴿رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ، فالصحابة قد قتل بعضهم بعضاً وتلاعنوا وتحاربوا فيما بينهم ، وقد ذكر الرازي في كتابه المحصول - الجزء (4) - الصفحة (340) :- ما يروى من شتم بعضهم بعضاً ولنذكر من ذلك حكايات: الحكاية الأولى، حكى ابن داب في مجادلات قريش قال: اجتمع عند معاوية عمرو بن العاص وعتبة بن أبي سفيان والوليد بن عقبة والمغيرة بن شعبة، ثم أحضروا الحسن بن علي ليسبوه، وهو فلما حضر تكلم عمرو بن العاصى وذكر عليا ولم يترك شيء من المساوئ الا ذكر فيه، وفيما قال: إن عليا شتم أبا بكر وشارك في دم عثمان إلى أن قال: اعلم أنك وأباك من شر قريش، ثم خطب كل واحد منهم بمساوئ علي والحسن رضي الله عنهما ومقابحهما صلى الله عليه وسلم ونسبوا عليا إلى قتل عثمان ونسبوا الحسن إلى الجهل والحمق . فلما آل الأمر إلى الحسن رضي الله عنه خطب ثم بدأ يشتم معاوية وطول فيه، إلى [أن] قال له: إنك كنت ذات يوم تسوق بأبيك ويقود به أخوك هذا القاعد، وذلك بعدما عمي أبو سفيان فلعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمل وراكبه وسائقه وقائده، فكان أبوك الراكب وأخوك القائد وأنت السائق. ثم قال لعمرو بن العاص: إنما أنت سبة! كما أنت فأمك زانية اختصم فيك خمسة نفر من قريش كلهم يدعي عليك أنك أبنه، فغلب عليك جزار قريش من الأمهم حسبا وأقلهم منصبا وأعظمهم لعنة، ما أنت إلا شانئ محمد فأنزل الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم ﴿إن شانئك هو الأبتر . ثم هجوت رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعين قافية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم إني لا أحسن الشعر فالعنه بكل قافية لعنة. وأما أنت يا ابن أبي معيط، فوالله ما ألومك أن تبغض عليا وقد جلدك في الخمر وفي الزنا وقتل أباك صبرا بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر، وسمّاه الله تعالى في عشر آيات مؤمنا وسمّاك فاسقا، وأنت فاسقا وأنت علج من أهل النورية. أما أنت يا عتبة، فما أنت بحصيف إذا فأجيبك، ولا عاقل فأعاتبك. فقال: وأما وعدك إياي بالقتل فهلا قتلت الذي وجدت في فراشك مع أهلك؟ وأما أنت يا مغيرة بن شعبة، فمثلك مثل البعوضة إذ قالت للنخلة استمسكي فإني عليك نازلة، فقالت النخلة: والله ما شعرت بوقوعك أي علي. وأما زعمك أنه قتل عثمان فلعمري لو قتل عثمان ما كنت منه في شيء وإنك لكاذب. قال الخوارج: فهذه المشاتمة العظيمة المتناهية التي دارت بينهم تدل على أنهم ما كانوا يمسكون ألسنتهم عن القذف والقدح في الدين والعرض، وذلك بوجب القدح العظيم في احدى الطائفتين .
        الحكاية الثانية، أن عثمان أخر عن عائشة بعض أرزاقها فغضبت ثم قالت: يا عثمان، أكلت أمانتك وضيعت الرعية وسلطت عليهم الأشرار من أهل بيتك! والله لولا الصلوات الخمس لمشى إليك أقوام ذوو بصائر يذبحونك كما يذبح الجمل! فقال عثمان:
        ﴿ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط الآية ، فكانت عائشة تحرض عليه جهدها وطاقتها وتقول: أيها الناس، هذا قميص رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبل وقد بليت سنته، اقتلوا نعثلا قتل الله نعثلا. ثم إن عائشة ذهبت إلى مكة فلما قضت حجها وقربت من المدينة أخبرت بقتل عثمان فقالت: ثم ماذا؟ فقالوا بايع الناس علي بن أبي طالب. فقالت عائشة: قُتِلَ عثمان والله مظلوما وأنا طالبة بدمه! والله ليوم من عثمان خير من علي الدهر كله! فقال لها عبيد بن أم كلاب: ولم تقولين ذلك؟ فو الله ما أظن أنّ بين السماء والأرض أحداً في هذا اليوم أكرم على الله من علي بن أبي طالب. فلم تكرهين ولايته؟ ألم تكوني تحرضين الناس على قتله فقلت اقتلوا النعثل فقد كفر؟! فقالت عائشة: لقد قلت ذلك ثم رجعت عما قلت، وذلك أنكم أسلمتموه حتى إذا جعلتموه في القبضة قتلتموه، والله لأطلبن بدمه. فقال عبيد بن أم كلاب: هذا والله تخليط يا أم المؤمنين !.
        الحكاية الثالثة، الخصومة العظيمة التي كانت بين عبد الله بن مسعود وأبي ذر وعمار وبين عثمان، والخصومة التي كانت بين عبد الله بن مسعود وزيد بن ثابت حتى آل الأمر إلى الضرب والنفي عن البلد واللعن، وكل ذلك يقتضي توجه القدح إلى عدالة بعضهم .

        لقد أمر أبو بكر خالد بن الوليد بقتل مالك بن نويرة (رضي الله عنه) الصحابي الذي كان يأتمنه الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) على أموال المسلمين ، واغتصب خالد زوجته مباشرةً لأنه رفض البيعة واتّهموه بالردّة ، ولم يطبق على خالد حدّ الزاني لأنّه منهم بحجة اجتهد فاخطأ . وأيضاً أمر عُمَر بن الخطاب باغتيال الصحابي سعد بن عبادة (رضي الله عنه) لأنه رفض مبايعتهم . ولقد هدد عُمَر بن الخطاب بتهديد وإحراق بيت فاطمة (عليها الصلاة والسلام) بسبب تخلُّف الإمام علي (عليه السلام) عن بيعة أبي بكرٍ ، بل حصول الإحراق بالفعل ! فقد روى الحادثة الطبري في كتابه التاريخي - الجزء (2) - الصفحة (443) بسندٍ رجالهُ ثقات :- عَنْ زِيَادِ بْنِ كُلَيبٍ قَالَ: أَتَى عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ مَنْزِلَ عَلِيٍّ وَفِيهِ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَرِجَالٌ مِنْ المُهَاجِرِينَ فَقَالَ: وَاللهِ لَأَحْرِقَنَّ عَلَيْكُمْ أَوْ لِتَخْرُجَنَّ إِلَى البَيْعَةِ .
        وروى البلاذري بسندٍ رجالهُ ثقات في كتابه أنساب الأشراف - الجزء (2) - الصفحة (268) :- عَنْ ابْنِ عوان أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَرْسَلَ إِلَى عَلِيٍّ يُرِيدُ البَيْعَةَ، فَلَمْ يُبَايِعْ، فَجَاءَ عُمَرُ وَمَعَهُ فَتِيلَةٌ (قَبَسَ خِ) فَتَلَقَّتْهُ فَاطِمَةُ عَلَى البَابِ فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: يَا بْنَ الخَطَّابِ! أَتُرَاكَ مُحْرِقًا عَلَيَّ بَابِي؟! قَالَ: نَعَمْ، وَذَلِكَ أَقْوَى فِيمَا جَاءَ بِهِ أَبُوكِ!
        وروى ابن عبد ربه الأندلسي في كتابه العقد ألفريد - الجزء (4) - الصفحة (242) :- قَالَ: الَّذِينَ تَخَلَّفُوا عَلَى بَيْعَةِ أَبِي بَكْرٍ: عَلِيٌّ وَالعَبَّاسُ وَالزُّبَيْرُ فَقَعَدُوا فِي بَيتِ فَاطِمَةَ، حَتَّى بَعَثَ إِلَيْهِمْ أَبُو بَكْرٍ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ لِيُخْرِجَهُمْ مِنْ بَيتِ فَاطِمَةَ وَقَالَ لَهُ: إِنْ أَبَوا فَقَاتِلْهُمْ. فَأَقْبَلَ يَقْبَسُ مِنْ نَارٍ عَلَى أَنَّ يُضْرِمَ عَلَيْهِمْ الدَّارَ فَلَقِيَتْهُ فَاطِمَةُ فَقَالَتْ: يَا بْنَ الخَطَّابِ! أَجِئْتَ لِتُحْرِقَ دَارَنَا؟! قَالَ: نَعَمْ . (راجع أيضاً ابن أبي الفداءِ في تاريخه : ج1، ص156 . وعمر رضا كحالة في أعلام النساء : ج4، ص115 . والبكري في حياة الخليفة عُمَر بن الخطاب : ص118) .
        حتّى ماتت فاطمة الزهراء (عليها الصلاة والسلام) غاضبة وواجدة على الصحابة مغصوبة أرثها وحقّها بعد أن دفنها عليًّا (عليه السلام) في الليل وحده ولم يعلن عن قبرها الشريف ، ذكر مسلم في صحيحه - كتاب الجهاد والسير - باب قول النبي (ص) لا نورث ما تركنا فهو صدقة - الجزء : ( 5 ) - الصفحة : ( 153 / 154 ) :- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، أَخْبَرَنَا حُجَيْنٌ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ، أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللهِ (ص) أَرْسَلَتْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا مِنْ رَسُولِ اللهِ (ص)، مِمَّا أَفَاءَ اللهُ عَلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ، وَفَدَكٍ، وَمَا بَقِيَ مِنْ خُمْسِ خَيْبَرَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ (ص)، قَالَ: «لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ، إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ (ص) فِي هَذَا الْمَالِ»، وَإِنِّي وَاللهِ لَا أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْ صَدَقَةِ رَسُولِ اللهِ (ص) عَنْ حَالِهَا الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهَا فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ (ص)، وَلَأَعْمَلَنَّ فِيهَا بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللهِ (ص)، فَأَبَى أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَدْفَعَ إِلَى فَاطِمَةَ شَيْئًا، فَوَجَدَتْ فَاطِمَةُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ فِي ذَلِكَ، قَالَ: فَهَجَرَتْهُ، فَلَمْ تُكَلِّمْهُ حَتَّى تُوُفِّيَتْ، وَعَاشَتْ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ (ص) سِتَّةَ أَشْهُرٍ، فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ دَفَنَهَا زَوْجُهَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ لَيْلًا، وَلَمْ يُؤْذِنْ بِهَا أَبَا بَكْرٍ، وَصَلَّى عَلَيْهَا عَلِيٌّ .
        وَجَاءَ فِي صَحِيحِ التِّرْمِذِيِّ : أَنَّ فَاطِمَةَ جَاءَتْ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ تَسْأَلُ مِيرَاثَهَا مِنْ رَسُولِ اللهِ (ص)، فَقَالَا: سَمِعْنَا رَسُولَ اللهِ (ص) يَقُولُ: إِنَّي لَا أُوَرِّثُ. قَالَتْ: وَاللهِ لَا أُكَلِّمُكُمَا أَبَدًا، فَمَاتَتْ، وَلَمْ تُكَلِّمْهُمَا . الرَّاوِي : أَبُو هُرَيْرَةَ . خُلَاصَةُ الدَّرَجَةِ : صَحِيحُ . المُحَدِّث : الأَلْبَانِيِّ . المُصْدَرُ : صَحِيحُ التَّرْمِذِيِّ . الصَّفْحَةُ أَوْ الرَّقْمُ : 16.

        وأما رحمة عثمان بالمسلمين فيتضح جوابها من ثورتهم عليه ، وتكفيره وقتله ودفنه في مقابر اليهود وعدم صلاة الصحابة عليه ، وقد افتت عائشة بقتل عثمان بقولها «اقتلوا نعثلاً فقد كفر .. قتل الله نعثلاً لقد غيّر سنة رسول الله» ، ذكر الطبري في تاريخه - الجزء (4) - الصفحة (458) :- إِنَّ عَائِشَةَ لَمَّا انْتَهَتْ إِلَى سَرِفَ رَاجِعَةً فِي طَرِيقِهَا الى مكة، لقيها عبد بن أُمِّ كِلابٍ- وَهُوَ عَبْدُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، يُنْسَبُ إِلَى أُمِّهِ- فَقَالَتْ لَهُ: مَهْيَمْ؟ قَالَ: قَتَلُوا عُثْمَانَ ، فَمَكَثُوا ثَمَانِيًا، قَالَتْ: ثُمَّ صَنَعُوا مَاذَا؟ قَالَ: أَخَذَهَا أَهْلُ الْمَدِينَةِ بِالاجْتِمَاعِ، فَجَازَتْ بِهِمُ الأُمُورُ إِلَى خَيْرِ مُجَازٍ، اجْتَمَعُوا عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَتْ: وَاللَّهِ لَيْتَ أَنَّ هَذِهِ انْطَبَقَتْ عَلَى هَذِهِ إِنْ تَمَّ الأَمْرُ لِصَاحِبِكَ! رُدُّونِي رُدُّونِي، فَانْصَرَفَتْ إِلَى مَكَّةَ وَهِيَ تَقُولُ: قُتِلَ وَاللَّهِ عُثْمَانُ مَظْلُومًا، وَاللَّهِ لأَطْلُبَنَّ بِدَمِهِ، فَقَالَ لَهَا ابْنُ أُمِّ كِلابٍ: ولم؟ فو الله إِنَّ أَوَّلُ مَنْ أَمَالَ حَرْفَهُ لأَنْتِ! وَلَقَدْ كُنْتِ تَقُولِينَ: اقْتُلُوا نَعْثَلا فَقَدْ كَفَرَ، قَالَتْ: إِنَّهُمُ اسْتَتَابُوهُ ثُمَّ قَتَلُوهُ، وَقَدْ قُلْتُ وَقَالُوا، وَقَوْلِي الأَخِيرُ خَيْرٌ مِنْ قَوْلِي الأَوَّلِ، فَقَالَ لَهَا ابْنُ أُمِّ كِلابٍ :
        فَمِنْكِ الْبَدَاءُ وَمِنْكِ الْغِيَرْ ... وَمِنْكِ الرِّيَاحُ وَمِنْكِ الْمَطَرْ
        وَأَنْتِ أَمَرْتِ بِقَتْلِ الإِمَامِ ... وَقُلْتِ لَنَا إِنَّهُ قَدْ كَفَرْ
        فَهَبْنَا أَطَعْنَاكِ فِي قَتْلِهِ ... وَقَاتِلُهُ عِنْدَنَا مَنْ أَمَرْ
        وَلَمْ يَسْقُطِ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِنَا ... وَلَمْ تنكف شَمْسُنَا وَالْقَمَرْ
        وَقَدْ بَايَعَ النَّاسُ ذَا تَدَرّإٍ ... يُزِيلُ الشَّبَا وَيُقِيمُ الصَّعَرْ
        وَيَلْبَسُ لِلْحَرْبِ أَثْوَابَهَا ... وَمَا مَنْ وَفَى مِثْلَ مَنْ قَدْ غَدَرْ
        فَانْصَرَفَتْ إِلَى مَكَّةَ فَنَزَلَتْ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ فَقَصَدَتْ لِلْحِجْرِ، فَسُتِرَتْ وَاجْتَمَعَ إِلَيْهَا النَّاسُ، فَقَالَتْ: يَا أيُّهَا النَّاس، انّ عُثْمَانَ قُتِلَ مَظْلُومًا، وَوَاللَّهِ لأَطْلُبَنَّ بِدَمِهِ .
        قال ابن الأثير في كتابه النهاية في غريب الحديث والأثر - الجزء (5) - الصفحة (79) :- (نَعْثَلَ) (هـ) فِي مَقْتَل عُثْمَانَ «لَا يَمْنَعنَّك مكانُ ابنِ سَلَامٍ أَنْ تَسُبَّ نَعْثَلًا» كَانَ أَعْدَاءُ عُثْمَانَ يُسَمُّونَهُ نَعْثَلا، تَشْبِيهًا بِرَجُلٍ مِنْ مِصر ، كَانَ طَوِيلَ اللِّحْيَةِ اسمُه نَعْثَل. وَقِيلَ: النَّعْثَلُ: الشَّيْخُ الأحْمَقُ، وذَكَرُ الضِباع. وَمِنْهُ حَدِيثُ عَائِشَةَ «اقتُلوا نَعْثَلا، قَتَل اللَّه نَعْثَلًا» تَعْني عُثْمَانَ. وَهَذَا كَانَ مِنْهَا لمَّا غاضَبَتَهْ وذَهَبَتْ إِلَى مَكَّةَ . (راجع أيضاً كتاب لسان العرب لابن منظور : ج11، ص670.) وعن الزبيدي قال في كتابه تاج العروس - الجزء (8) - الصفحة (141) :- وقال الليث النعثل الشيخ الأحمق..ونعثل يهودي كان بالمدينة قيل به شبه عثمان كما في التبصير . وفي حديث عائشة: اقتلوا نعثلاً قتل الله نعثلاً .
        فقُتِلَ عثمان بتحريضٍ قوي من عائشة ؛ ولسوء إدارته في الحكم وتسليط أرحامه وأقاربه على رقاب الناس كابن خاله عبد الله بن عامر الذي ولّاه العراق وهو ابن ست عشرة سنة (كما ذكر ذلك ابن عبد البر في الاستيعاب : ج2، ص693) . وتوليته للوليد بن عقبة أخوه لأمه الذي ولّاه الكوفة وقد صلّى بالناس صلاة الصبح وهو مخمور ! وقد صلّى بالناس الصبح أربعاً ثم التفت اليهم ، فقال : أزيدكم ؟ فرُفِعَ ذلك إلى ‏عثمان ‏فأمر به أن يجلد . (كما ذكر ذلك أحمد بن حنبل في مسنده : ج2، ص395) . ثم توليته لسعيد بن العاص من أقرباءه الذي كان يتبجح أمام الناس أنّ هذا السواد هو ملك لنا وبستان لقريش ! فناهضه أهل الكوفة وكادوا يحاربوه حتى فرّ هارباً إلى عثمان ، وهكذا غيرهم . ولأمره أيضاً بتعذيب الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود (رضي الله عنه) بالضرب المبرح حتّى مات ، وقيامه بنفي الصحابي الجليل ابو ذر الغفاري (رضي الله عنه) من المدينة حتّى مات وحيداً في الصحراء .

        وبعد مقتل عثمان بن عفّان أختار الناس أمير المؤمنين علي (عليه السلام) وبايعوه وقال : «وَبَايَعَنِي النَّاسُ غَيْرَ مُسْتَكْرَهِينَ وَلَا مُجْبَرِينَ ، بَلْ طَائِعِينَ مُخَيَّرِينَ» . وبعد أن بويع الإمام علي (عليه السلام) انتقل إلى الكوفة ونقل عاصمة الخلافة هناك ، ورأى تأجيل تنفيذ القصاص حتى تستقر الأمور في المدينة وكان كثيرٌ من الصحابة في رأيه ؛ ولأنّ الناس كانوا يشكون سوء الإدارة أيام خلافة عثمان ، فكان الإمام علي (عليه السلام) يحتاج إلى وقت أطول من أجل حل تلك القضية الشائكة . ومن بين المبايعين للإمام علي (عيله السلام) طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام طلبا منه أن يوليهما بعض ولاياته , ولكن الإمام (عليه السلام) قال لهما : «ارْضَيَا بِقِسْمِ اللَّهِ لَكُمَا حَتَّى أَرَى رَأْيِي ، وَاعْلَمَا أَنِّي لَا أُشْرِكُ فِي أَمَانَتِي إِلَّا مَنْ أَرْضَى بِدِينِهِ وَأَمَانَتِهِ مِنْ أَصْحَابِي وَمَنْ قَدْ عَرَفْتُ دَخِيلَهُ» , فداخلهما اليأس من المنصب فاستأذناه للعمرة وخرجا من المدينة الى مكّة ناكثين بيعة أمير المؤمنين (عليه السلام) ، ولما وصلا إلى مكّة دخلا على عائشة وأخذا يحرضانها على الخروج , فخرجت عائشة معهما على جملٍ مطالبة بدم عثمان قاصدين الشام , فصادفهم في اثناء الطريق عبد الله بن عامر عامل عثمان على البصرة , قد صرفه أمير المؤمنين (عليه السلام) بحارثة بن قدامة السعدي فرجح لهم البصرة لما فيها من كثرة الضيع والعدة , فتوجهوا نحوها فمانع عنها عثمان بن حنيف والخزان والموكلون فوقع بينهم القتال , ثم اسروا عثمان وضربوه ونتفوا لحيته . فرحل عليٌّ (عليه السلام) من المدينة يطلبهم ، فلمّا قرُب من البصرة كتب إلى طلحة والزبيرِ :- « أَمَّا بَعْدُ ، فَقَدْ عَلِمْتُمَا أَنِّي لَمْ أُرِدِ النَّاسَ حَتَّى أَرَادُونِي ، وَلَمْ أُبَايِعْهُمْ حَتَّى أَكْرَهُونِي وَأَنْتُمَا مِمَّنْ أَرَادُوا بَيْعَتِي ، وَبَايَعُوا وَلَمْ تُبَايِعَا لِسُلْطَانٍ غَالِبٍ وَلَا لِغَرَضٍ‏ حَاضِرٍ ، فَإِنْ كُنْتُمَا بَايَعْتُمَا طَائِعَيْنِ فَتُوبَا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَمَّا أَنْتُمَا عَلَيْهِ ، وَإِنْ كُنْتُمَا بَايَعْتُمَا مُكْرَهَيْنِ فَقَدْ جَعَلْتُمَا السَّبِيلَ عَلَيْكُمَا بِإِظْهَارِكُمَا الطَّاعَةَ وَإِسْرَارِكُمَا الْمَعْصِيَةَ . وَأَنْتَ يَا زُبَيْرُ فَارِسُ قُرَيْشٍ ، وَأَنْتَ يَا طَلْحَةُ شَيْخُ الْمُهَاجِرِينَ ، وَدَفْعُكُمَا هَذَا الْأَمْرَ قَبْلَ أَنْ تَدْخُلَا فِيهِ كَانَ أَوْسَعَ لَكُمَا مِنْ خُرُوجِكُمَا مِنْهُ بَعْدَ إِقْرَارِكُمَا بِهِ‏ . وَأَمَّا قَوْلُكُمَا إِنِّي قَتَلْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَبَيْنِي وَبَيْنَكُمَا مَنْ تَخَلَّفَ عَنِّي وَعَنْكُمَا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ؟ ثُمَّ يُلْزَمُ كُلُّ امْرِئٍ بِقَدْرِ مَا احْتَمَلَ وَهَؤُلَاءِ بَنُو عُثْمَانَ ! إِنْ قُتِلَ مَظْلُوماً كَمَا تَقُولَانِ أَوْلِيَاؤُهُ وَأَنْتُمَا رَجُلَانِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ ، وَقَدْ بَايَعْتُمَانِي وَنَقَضْتُمَا بَيْعَتِي وَأَخْرَجْتُمَا أُمَّكُمَا مِنْ بَيْتِهَا الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ تَقِرَّ فِيهِ ، وَاللَّهُ حَسِيبُكُمَا وَالسَّلَامُ . وَكَتَبَ إِلَى عَائِشَةَ : « أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنَّكِ خَرَجْتِ مِنْ بَيْتِكِ عَاصِيَةً لِلَّهِ تَعَالَى وَلِرَسُولِهِ ، تَطْلُبِينَ أَمْراً كَانَ عَنْكِ مَوْضُوعاً ثُمَّ تَزْعُمِينَ أَنَّكِ تُرِيدِينَ الْإِصْلَاحَ بَيْنَ النَّاسِ ! فَخَبِّرِينِي مَا لِلنِّسَاءِ وَقَوْدِ الْعَسَاكِرِ ؟! وَزَعَمْتِ أَنَّكِ طَالِبَةٌ بِدَمِ عُثْمَانَ وَعُثْمَانُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ وَأَنْتِ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ ، وَلَعَمْرِي إِنَّ الَّذِي عَرَضَكِ لِلْبَلَاءِ وَحَمَلَكِ عَلَى الْمَعْصِيَةِ لَأَعْظَمُ إِلَيْكِ ذَنْباً مِنْ قَتَلَةِ عُثْمَانَ ، وَمَا غَضِبْتِ حَتَّى أَغْضَبْتِ وَلَا هِجْتِ حَتَّى هَيَّجْتِ فَاتَّقِي اللَّهَ يَا عَائِشَةُ وَارْجِعِي إِلَى مَنْزِلِكِ وَأَسْبِلِي عَلَيْكِ سِتْرَكِ وَالسَّلَامُ » . فَجَاءَ الْجَوَابُ إِلَيْهِ : « يَا ابْنَ أَبِي طَالِبٍ جَلَّ الْأَمْرُ عَنِ الْعِتَابِ ! وَلَنْ نَدْخُلَ فِي طَاعَتِكَ أَبَداً فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ‏ وَالسَّلَامُ » . (الفتوح لابن أعثم : ج2، ص465،301 . وراجع البحار : ج32، ص125، عن كشف الغمة) .
        فلمّا جاء الجواب وسمع أمير المؤمنين (عليه السلام) بوصولهم جهّز جيشاً وخرج إلى البصرة , وخطب (عليه السلام) فقال : اَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّ عائِشَةَ سَارَتْ إِلَى الْبَصْرَةِ ، وَمَعَها طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ ، وَكُلٌّ مِنْهُما يَرَى الْأَمْرَ لَهُ دوُنَ صاحِبِهِ ، أَمَّا طَلْحَةُ فَابْنُ عَمِّها ، وَأَمَّا الزُّبَيْرُ فَخَتَنُها ، وَاللَّهِ لَوْ ظَفَرُوا بِما اَرادُوا - وَلَنْ يَنالوُا ذلِكَ اَبَداً - لَيَضْرِبَنَّ أَحَدُهُما عُنُقَ صاحِبِهِ بَعْدَ تَنازُعٍ مِنْهما شَديدٍ . وَاللَّهِ إِنَّ رَاكِبَةَ الْجَمَلِ الْأَحْمَرِ ما تَقْطَعُ عَقَبَةً وَلَا عُقْدَةً إِلاَّ فِي‏ مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَسَخَطِهِ ، حَتّى‏ تُورِدَ نَفْسَها وَمَنْ مَعَها مَوارِدَ الْهَلَكَةِ ، أي‏ وَاللَّهِ لَيُقْتَلَنَّ ثُلْثُهُمْ وَلَيَهْرِبَنَّ ثُلْثُهُمْ وَلَيَتُوبَنَّ ثُلْثُهُمْ ، وَأَنَّهَا الَّتِي‏ تَنْبَحُها كِلَابُ الْحَوْأَبِ ، وَأَنَّهُما لَيَعْلَمَانِ أَنَّهُما مُخْطِئَانِ . وَرُبَّ عَالِمٍ قَتَلَهُ جَهْلُهُ وَمَعَهُ عِلْمٌ لا يَنْفَعُهُ ، وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكيلُ ، فَقَدْ قَامَتِ الْفِتْنَةُ وَفيهَا الْفِئَةُ الْباغِيَةُ ، أَيْنَ الْمُحْتَسِبُونَ ؟ أَيْنَ الْمُؤْمِنُونَ ؟ مَا لِي‏ وَلِقُرَيْشٍ ؟ أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ قَتَلْتُهُمْ كَافِرينَ وَلَأَقْتُلَنَّهُمْ مَفْتوُنينَ ، وَما لَنَا إِلى‏ عَائِشَةَ مِنْ ذَنْبٍ إِلَّا أَنَّا أَدْخَلْنَاهَا فِي‏ حَيِّزِنَا ، وَاللَّهِ لَأَبْقِرَنَّ الْبَاطِلَ حَتَّى‏ يَظْهَرَ الْحَقُّ مِنْ خَاصِرَتِهِ ، فَقُلْ لِقُرَيْشٍ فَلْتَضِجَّ ضَجِيجَهَا . (شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج١، ص233. وراجع أيضاً جمهرة خطب العرب لأحمد زكي صفوت : ج1، ص287.)
        وقد شارك في قيادة جيش أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) عمّار بن ياسر والأشتر النخعي وعبد الله بن عباس ومحمد بن أبي بكر (رضي الله عنهم وأرضاهم) . أما أصحاب الجمل فعائشة وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام . فنشبت الحرب وأسفرت عن قتل ثلاثة عشر ألف رجلاً من أصحاب الجمل , وخمسة آلاف رجلٍ من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) ، وانتهت بانكسار جيش أصحاب الجمل . وقد أجمعت النصوص التاريخيّة أنّ قتلى معركة الجمل من جيش الإمام عليّ (عليه السلام) خمسة آلاف (5000)‏ : (تاريخ الطبري : ج4، ص539. والعقد الفريد : ج3، ص324 . والكامل في التاريخ : ج2، ص346 . ومروج الذهب : ج2، ص360 . والبداية والنهاية : ج7، ص245) . ولكن هناك اختلافٌ كبيرٌ بين النصوص حول عدد قتلى معركة الجمل من جيش عائشة ، فقد ذكرت بعض الأخبار التاريخيّة أنّ عدد من قُتِلَ منهم عشرون ألفاً (العقد الفريد : ج3، ص324.) ، بينما جاء في أخبار أُخرى أنّه قُتِلَ منهم ثلاثة عشر ألفاً (تاريخ الطبري : ج4، ص539.) ، وعلى خبرٍ آخر عشرة آلاف‏ (الكامل في التاريخ : ج2، ص346.)

        واتّهم معاوية الإمام علي (عليه السلام) بالهوادة في أمر عثمان وإيوائه قتلته في جيشه وعدم القصاص منهم ، وأنّه (عليه السلام) لو قام بتنفيذ القصاص على قتلة عثمان لكانت عائشة من ضمن القتلة بتحريضها عليه سابقاً بقولها (اقتلوا نعثلاً فقد كفر) ، وعلى الرغم أنّ الإمام علي (عليه السلام) قد حاربها في الجمل لكن معاويّة كان يعلم مسبقاً أن علياً (عليه السلام) لن يقرّه عليها وأنّه إذا استتب له الأمر سيكون في عداد الولاة والأمراء المعزولين وسيخضع لحسابٍ عسير من علي (عليه السلام) الذي لا يهادن ولا يماري في أمر الله . وبالفعل فقد جرت وساطات لإقناع علي (عليه السلام) في أن يقر معاوية على عمله لكنه رفض ، فقد أشار عليه المغيرة بن شعبة بذلك فكان ردّه (عليه السلام) : «وَلَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَرَانِي أَتَّخِذُ الْمُضِلِّينَ عَضُداً» . لكن معاوية كان في أثناء مراسلاته لعلي يهيء للحرب ، فقد استطاع أن يشرب أهل الشام بغض علي (عليه السلام) مقنعاً إياهم أنه هو المسؤول عن دم عثمان وأنه يريد الثأر له ! فاستجابوا له على ذلك بل وصل الجهل بهم أن هددوه بالعزل إن لم يفعل ذلك - هذا إن لم يكن هو الذي أوحى لهم بأن يقولوا ذلك - فكانت صفين واحتدمت الحرب بين الفريقين واستعرت نارها بين الجيشان العراقي والشامي .
        وهنا كان لابّد من شاهد حقٍّ يدحض حجة الباغي ويجدع أنف الباطل ، ولقد كان هذا الشاهد الحق هو عمار بن ياسر ، وكلا الفريقين كانا يرويان حديث النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عمار في صفّين ، وهو حديث مقتل عمّار على يد الفئة الباغيّة ، ذكر البخاري في صحيحه - الجزء (1) - الصفحة (97) :- 447 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ مُخْتَارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ الحَذَّاءُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ وَلِابْنِهِ عَلِيٍّ: انْطَلِقَا إِلَى أَبِي سَعِيدٍ فَاسْمَعَا مِنْ حَدِيثِهِ، فَانْطَلَقْنَا فَإِذَا هُوَ فِي حَائِطٍ يُصْلِحُهُ، فَأَخَذَ رِدَاءَهُ فَاحْتَبَى، ثُمَّ أَنْشَأَ يُحَدِّثُنَا حَتَّى أَتَى ذِكْرُ بِنَاءِ المَسْجِدِ، فَقَالَ: كُنَّا نَحْمِلُ لَبِنَةً لَبِنَةً وَعَمَّارٌ لَبِنَتَيْنِ لَبِنَتَيْنِ، فَرَآهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَنْفُضُ التُّرَابَ عَنْهُ، وَيَقُولُ: «وَيْحَ عَمَّارٍ، تَقْتُلُهُ الفِئَةُ البَاغِيَةُ، يَدْعُوهُمْ إِلَى الجَنَّةِ، وَيَدْعُونَهُ إِلَى النَّارِ» قَالَ: يَقُولُ عَمَّارٌ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الفِتَنِ ".
        وذكر ابن كثير في كتابه البداية والنهاية - الجزء (9) - الصفحة (194) :- رَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " «إِذَا اخْتَلَفَ النَّاسُ كَانَ ابْنُ سُمَيَّةَ مَعَ الْحَقِّ» . وَمَعْلُومٌ أَنَّ عَمَّارًا كَانَ فِي جَيْشِ عَلِيٍّ يَوْمَ صِفِّينَ، وَقَتَلَهُ أَصْحَابُ مُعَاوِيَةَ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، وَكَانَ الَّذِي تَوَلَّى قَتْلَهُ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: أَبُو الْغَادِيَةِ .
        فبعد أن قُتِلَ عمّار بن ياسر (رضي الله عنه) على يد أصحاب معاوية وهو أبو الغادية الجهني ، عرّف الناس من هي الفئة الباغيّة وتحققت نبوءة الرسول محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في حديث عمّار الذي كان يدور على ألسنة المتحاربين حتّى على ألسنة القادة الكبار منهم ، فعمرو بن العاص الذي يعتبر الدعامة الكبرى لمعاوية كان يروي حديث النبي في عمّار ويلتفت إلى معاوية بعد أن لامه هذا الأخير في ذلك ويقول له : قلتها ولست أعلم الغيب ... وقد رويتَ أنت فيه مثلما رويتُ ! ولهما في القضيّة معاتبةٌ مشهورةٌ وشعرٌ منقولٌ . ودبّ الرعب والخوف في عسكر معاوية وكثر اللغط فيما بينهم وكادوا ينقسمون على أنفسهم لولا أنّ معاوية قال لهم : «أَنَحْنُ قَتَلْنَاهُ؟ إِنَّمَا قَتَلَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ لَمَّا أَلْقَاهُ بَيْنَ رِمَاحِنَا» - محاولاً بذلك إقناعهم - ، وكان جواب الإمام علي (عليه السلام) حين بلغه ذلك : « فَإِذًا رَسُولُ اللَّهِ‏ هُوَ الَّذِي قَتَلَ حَمْزَةَ وَأَلْقَاهُ بَيْنَ رِمَاحِ الْمُشْرِكِينَ » .
        ولمّا رأى معاوية بن أبي سفيان انتصارات جيش علي (عليه السلام) على جيشه وقد قرب منه القائد مالك الأشتر مع مجموعته ، دعا عمرو بن العاص إلى خطّة للوقوف أمام هذه الانتصارات واستنجد به ، فقام عمرو بن العاص بخدعة حيث دعا جيش معاوية إلى رفع المصاحف على أسنّة الرماح ، ومعنى ذلك أنّ القرآن حكمٌ بينهم ليدعوا جيش علي (عليه السلام) إلى التوقف عن القتال ويدعون علياً إلى حكم القرآن ! فإما المضي بالقتال ومعنى ذلك أنّه سيقاتل ثلاثة أرباع جيشه وجيش أهل معاوية ، وإما القبول بالتحكيم وهو أقلّ الشرّين خطراً . فانطلت الحيلة على الكثير من العراقيين واضطر أمير المؤمنين (عليه السلام) للرضوخ لأمر التحكيم ، على أن يختار العراقيون ممثلاً عنهم ، ويختار الشاميون من ينوب عنهم في التحكيم ، شريطة أن يحكما بحكم كتاب الله تعالى ، فاختار الشاميون عمرو بن العاص ، وقرر أمير المؤمنين (عليه السلام) أن يمثلّه في التحكيم ابن عباس ، فرفض القوم ذلك وحينئذ اختار مالكاً الأشتر لينوب عنه في التحكيم ، إلا أنّ الأشعث بن قيس وجماعة رفضوا ذلك ، وبعد أن رُشّح الحكمان تقرر أن يكون التحكيم في شهر رمضان أي بعد ثمانية أشهر ، وأن يكون الاجتماع في منطقة دومة الجندل . وتوقف القتال وأذن علي بالرحيل إلى الكوفة ، وتحرك معاوية بجيشه نحو الشام وأمر كل منهما بإطلاق أسرى الفريق الآخر وعاد كلٌ إلى بلده ، وقُتِلَ من أصحاب معاوية بن أبي سفيان خمسة وأربعون ألفاً من أصل مائة وخمسة وثلاثون ألفاً ، ومن أصحاب علي بن أبي طالب (عليه السلام) خمسة وعشرون ألفاً من أصل مائة وثلاثون ألفاً .
        من الأمور الاحترازية التي قام بها أمير المؤمنين (عليه السلام) إنّه عندما أرسل أبا موسى الاشعري للتحكيم أرسل معه أربعمائة من فرسانه ، وعليهم ابن عباس للصلاة ، وشريح بن هاني أميراً مع إرشاد أبي موسى إلى حقيقة معاوية وخبثه ومكره وتقديم مجموعة من الارشادات والنصائح التي يحتاج إليها في عملية التحكيم . وبعد حوار ونقاش طويل قال عمرو لأبي موسى الأشعري أخبرني : «ما رأيك يا أبا موسى»؟ قال: «أرى أن نخلع هذين الرجلين، ونجعل الأمر شورى بين المسلمين يختارون من شاؤوا» . فقال عمرو: «الرأي والله ما رأيت» . فأقبلا إلى الناس وهم مجتمعون ، فتكلّم أبو موسى فحمد الله، وأثنى عليه ثم قال: «إن رأيي ورأي عمرو قد اتفق على أمر نرجو أن يصلح الله به شأن هذه الأمة» . فقال عمرو: «صدق . تقدّم يا أبا موسى، فتكلّم» . فقام ليتكلّم ، فدعاه ابن عباس ، فقال له : « ويحك ! والله إنّي لأظنه خدعك إن كنتما قد اتفقتما على أمرٍ ! فقدّمه قبلك ليتكلّم به ، ثم تكلّم أنت بعده ؛ فإنّه رجل غدار ولا آمن أن يكون قد أعطاك الرضا فيما بينك وبينه ، فإذا قمت قمت به في الناس خالفك » ! وكان أبو موسى رجلاً مغفلاً فقال : «إيها عنك إنّا قد اتفقنا» . فتقدّم أبو موسى ثم قال : «أيها الناس إنّا قد نظرنا في أمر هذه الأمة ، فلم نر شيئاً هو أصلح لأمرها ولم شعثها من ألّا تتباين أمورها ، وقد أجمع رأيي ورأي صاحبي على خلع علي ومعاوية ، وأن يستقبل هذا الأمر ، فيكون شورى بين المسلمين يولون أمورهم من أحبوا ، وإني قد خلعت عليّاً ومعاوية فاستقبلوا أموركم وولوا من رأيتموه لهذا الأمر أهلا» ، ثم تنحى . فقام عمرو بن العاص في مقامه ثم قال : «إنّ هذا قد قال ما سمعتم ، وخلع صاحبه ، وأنا أخلع صاحبه كما خلعه ، وأثبت صاحبي معاوية في الخلافة ؛ فإنّه ولي عثمان والطالب بدّمه وأحق الناس بمقامه» . فقال له أبو موسى : «ما لك لا وفقك الله ؟ قد غدرت وفجرت ! واِنَّما مَثَلُك مَثَلُ الكَلبِ إن تَحمِل عَليهِ يلهَث أو تَترُكهُ يلهَث ! » فقال له عمرو : « إِنَّما مَثَلُكَ مَثَلُ الحِمارِ يحمِل أَسفاراً » .
        وحمل شريح بن هاني عَلَى عَمْرو فقنّعه بالسوط ، وحمل عَلَى شريح ابنٌ لعمرو فضربه بالسوط ، وقام الناس فحجزوا بينهم وَكَانَ شريح بعد ذَلِكَ يقول : «مَا ندمت عَلَى شَيْء ندامتي عَلَى ضرب عَمْرو بالسوط أَلا أكون ضربته بالسيف آتيا بِهِ الدهر مَا أتى» . والتمس أصحاب علي (عليه السلام) أبا موسى فركب ناقته ولحق بمكّة ، ثُمَّ انصرف عَمْرو وأهل الشام إِلَى مُعَاوِيَةَ ، وَسَلَّمُوا عَلَيْهِ بالخلافة ، ورجع ابن عَبَّاس وشريح بن هانئ إِلَى علي (عليه السلام) وَكَانَ إذا صلّى الغداة يقنت فيقول : «اللَّهُمَّ العن مُعَاوِيَة وعمرا وأبا الأعور السلمي وحبيبا وعبد الرَّحْمَن بن خَالِدٍ والضحاك بن قيس والوليد» . فبلغ ذَلِكَ مُعَاوِيَة، فكان إذا قنت لعن عَلِيًّا وابن عباس والأشتر وحسنا وحسينا .
        وكان ابن عباس يقول : « قبّح الله أبا موسى ! لقد حذّرته وهديته إلى الرأي فما عَقِلَ » . وكان أبو موسى يقول : «لقد حذّرني ابن عباس غدرة الفاسق ، ولكني اطمأننت إليه ، وظننت أنّه لا يؤثر شيئاً على نصيحة الأمة» .

        فكيف يستقيم وصف هؤلاء الصحابة وهم قد أختلفوا وأحدثوا وبدَّلوا وغيَّروا بأنَّ ﴿مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ ؟! فالفريقان اثنان ولا بُدَّ أن يكون الحق مع أحد الطرفين ، وهنا قد سقطت نظرية أنّ جميع الصحابة عدولٌ مبشرون بالجنّة . ونحن نعتقد أنّ الحقّ كل الحقّ مع الإمام علي (عليه السلام) ومن حارب معه ، وذلك لأَنّه إمامٌ معصوم مطهرٌ من الرجس لا يأتيه الباطل ، وأنّه الخليفة الحقيقي والرجل الوحيد الذي أوصى به النبي محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، ولقد تواترت الأدلّة الصحيحة الواردة بحقّه (صلوات الله وسلامه عليه) وقال النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) له : (أنّ الأُمة ستغدر بك) :-
        روى الحاكم في المستدرك على الصحيحين - الجزء (3) - الصفحة (153) :- 4686 - عَنْ حَيَّانَ الْأَسَدِيِّ، سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْأُمَّةَ سَتَغْدِرُ بِكَ بَعْدِي، وَأَنْتَ تَعِيشُ عَلَى مِلَّتِي، وَتُقْتَلُ عَلَى سُنَّتِي، مَنْ أَحَبَّكَ أَحَبَّنِي، وَمَنْ أَبْغَضَكَ أَبْغَضَنِي، وَإِنَّ هَذِهِ سَتُخَضَّبُ مِنْ هَذَا» - يَعْنِي لِحْيَتَهُ مِنْ رَأْسِهِ - «صَحِيحٌ». قال الحكام النيسابوري: صحيح. وعلّق الذهبي على الحديث في كتاب التلخيص وقال: صحيح . ورواه في تذكرة الحفاظ بسنده عن إبراهيم بن علقمة ورواه في تاريخ بغداد بسنده عن أبي أدريس . ومنها ما رواه الطبراني في المعجم الكبير - الجزء (11) - الصفحة (73) :- 11084 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلَوَيْهِ الْقَطَّانُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ السُّكَّرِيُّ، ثنا مُوسَى بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ الْبَصْرِيُّ، ثنا مِنْدَلٌ، ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِي اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: خَرَجْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلِيٌّ رَضِي اللهُ عَنْهُ، فِي حشانِ الْمَدِينَةِ فَمَرَرْنَا بِحَدِيقَةٍ فَقَالَ عَلِيٌّ رَضِي اللهُ عَنْهُ: مَا أَحْسَنَ هَذِهِ الْحَدِيقَةَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ: «حَدِيقَتُكَ فِي الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِنْهَا» ، ثُمَّ أَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى رَأْسِهِ، وَلِحْيَتِهِ ثُمَّ بَكَى حَتَّى عَلَا بُكَاؤُهُ، قِيلَ مَا يُبْكِيكَ؟ قَالَ: «ضَغَائِنُ فِي صُدُورِ قَوْمٍ لَا يُبْدونها لَكَ حَتَّى يَفْقِدُوني» .
        وروى في مجمع الزوائد للهيمثي - الجزء (9) - الصفحة (118) :- 14690 - «وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - آخِذٌ بِيَدِي وَنَحْنُ نَمْشِي فِي بَعْضِ سِكَكِ الْمَدِينَةِ إِذْ أَتَيْنَا عَلَى حَدِيقَةٍ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَحْسَنَهَا مِنْ حَدِيقَةٍ! فَقَالَ: " إِنَّ لَكَ فِي الْجَنَّةِ أَحْسَنَ مِنْهَا ". ثُمَّ مَرَرْنَا بِأُخْرَى، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَحْسَنَهَا مِنْ حَدِيقَةٍ! قَالَ: " لَكَ فِي الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِنْهَا ". حَتَّى مَرَرْنَا بِسَبْعِ حَدَائِقَ، كُلُّ ذَلِكَ أَقُولُ: مَا أَحْسَنَهَا، وَيَقُولُ: " لَكَ فِي الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِنْهَا ". فَلَمَّا خَلَا لِيَ الطَّرِيقُ اعْتَنَقَنِي ثُمَّ أَجْهَشَ بَاكِيًا، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا يُبْكِيكَ؟ قَالَ: " ضَغَائِنُ فِي صُدُورِ أَقْوَامٍ لَا يُبْدُونَهَا لَكَ إِلَّا مِنْ بَعْدِي ". قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فِي سَلَامَةٍ مِنْ دِينِي؟ قَالَ: " فِي سَلَامَةٍ مِنْ دِينِكَ» . رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى وَالْبَزَّارُ، وَفِيهِ الْفَضْلُ بْنُ عُمَيْرَةَ، وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَضَعَّفَهُ غَيْرُهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ .
        وفي السنن الكبرى للنسائي - الجزء (7) - الصفحة (434) :- 8403 - أَخْبَرَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا الْأَحْوَصُ بْنُ جَوَابٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ يُثَيْعٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيَنْتَهِيَنَّ بَنُو وَلِيعَةَ أَوْ لَأَبْعَثَنَّ إِلَيْهِمْ رَجُلًا كَنَفْسِي يُنْفِذُ فِيهِمْ أَمْرِي، فَيَقْتُلَ الْمُقَاتِلَةُ، وَيَسْبِيَ الذُّرِّيَّةَ» فَمَا رَاعَنِي إِلَّا وَكَفُّ عُمَرَ فِي حُجْزَتِي مِنْ خَلْفِي مَنْ يَعْنِي؟ فَقُلْتُ: مَا إِيَّاكَ يَعْنِي، وَلَا صَاحِبَكَ قَالَ: «فَمَنْ يَعْنِي؟» قَالَ: «خَاصِفُ النَّعْلِ» قَالَ: «وَعَلِيٌّ يَخْصِفُ نَعْلَا». اخرجه أحمد في فضائل الصحابة : (ج2، ص571) وقال عنه النسائي في خصائص علي (ص89) : صحيح . رجاله رجال مسلم سوى الدوري وهو ثقة .

        ويكفي أنّ عليّاً (عليه السلام) قد انطبقت عليه صفات الآية : (وَالَّذِينَ مَعَهُ) ، (أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ) ، (رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ) ، (تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا) ، (يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا) ، (سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ) . بالنسبة إلى معيّته مع النبي محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، فيكفي قول النبي بحقّه (أنت مني وأنا منك) ، (أنت صفيي وأميني) ، (لا يؤدّي عنّي إلّا أنا أو علي) ، وبالنسبة إلى غلظته وشدّته على الكافرين ورحمته بالمؤمنين ، فيكفي أنّ النبي قال له (لأعطينّ الراية رجل يحبُّ الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كرارٌ غير فرار) بعد أن أخذ أبو بكر وعمر الراية فلم يفتح لهم ، وبالنسبة إلى سيماء الصالحين فقد كان شاباً دعا له النبي بالثبات والبركة ، فصارت الملائكة تقاتل بين يديه جبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره :-
        -1- السنن الكبرى للنسائي - الجزء (7) - الصفحة (433) :- 8400 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ حُبَابٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي حَبَشِيُّ بْنُ جُنَادَةَ السَّلُولِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «عَلِيٌّ مِنِّي، وَأَنَا مِنْهُ» فَقُلْتُ لِأَبِي إِسْحَاقَ: «أَيْنَ سَمِعْتَهُ؟» قَالَ: وَقَفَ عَلِيٌّ هَاهُنَا فَحَدَّثَنِي رَوَاهُ إِسْرَائِيلُ فَقَالَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ. قال عنه النسائي في خصائص علي (ص87) : حسن صحيح غريب .
        -2- السنن الكبرى للنسائي - الجزء (7) - الصفحة (433) :- 8401 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ: «أَنْتَ مِنِّي، وَأَنَا مِنْكَ» وَرَوَاهُ الْقَاسِمُ بْنُ يَزِيدَ الْجَرْمِيُّ عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ هُبَيْرَةَ وَهَانِئٍ عَنْ عَلِيٍّ. قال عنه النسائي في خصائص علي (ص87) : صحيح على شرط البخاري . وقال عنه الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة (ج10، ص626) : أخرجه الحاكم (3/ 120) . وقال: "صحيح الإسناد" ووافقه الذهبي .
        -3- السنن الكبرى للنسائي - الجزء (7) - الصفحة (434) :- 8404 - أَخْبَرَنِي زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، وَأَبُو مَرْوَانَ، قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ نَافِعِ بْنِ عُجَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَّا أَنْتَ يَا عَلِيُّ فَصَفِيِّي وَأَمِينِي» . قال عنه النسائي في خصائص علي (ص90) : إسناده حسن .
        -4- السنن الكبرى للنسائي - الجزء (7) - الصفحة (434) :- 8405 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَبَشِيِّ بْنِ جُنَادَةَ السَّلُولِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلِيٌّ مِنِّي، وَأَنَا مِنْهُ، وَلَا يُؤَدِّي عَنِّي إِلَّا أَنَا أَوْ عَلِيٌّ» . قال عنه النسائي في خصائص علي (ص91) : رجاله ثقات .
        -5- سنن الترمذي - الجزء (5) - الصفحة (638) :- 3724 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ مِسْمَارٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَمَّرَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ سَعْدًا، فَقَالَ: مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَسُبَّ أَبَا تُرَابٍ، قَالَ: أَمَّا مَا ذَكَرْتَ ثَلَاثًا قَالَهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَنْ أَسُبَّهُ، لَأَنْ تَكُونَ لِي وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ. سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِعَلِيٍّ وَخَلَفَهُ فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تَخْلُفُنِي مَعَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَا نُبُوَّةَ بَعْدِي»، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ يَوْمَ خَيْبَرَ: «لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ». قَالَ: فَتَطَاوَلْنَا لَهَا، فَقَالَ: «ادْعُوا لِي عَلِيًّا، فَأَتَاهُ وَبِهِ رَمَدٌ، فَبَصَقَ فِي عَيْنِهِ»، فَدَفَعَ الرَّايَةَ إِلَيْهِ، فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَأُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةَ ﴿فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ﴾ [آل عمران: 61] الآيَةَ، دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا وَفَاطِمَةَ وَحَسَنًا وَحُسَيْنًا فَقَالَ: «اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلِي» . «هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الوَجْهِ» . صححه الألباني في كتابه صحيح وضعيف سنن الترمذي : ج8، ص224. (راجع أيضاً صحيح البخاري : ج5، ص134، ح4210. وراجع أيضاً صحيح مسلم : ج4، ص1871، ح2404) .
        -6- صهيب عبد الجبار في كتابه الجامع الصحيح للسنن والمسانيد - الجزء (15) - الصفحة (389) :- عَنْ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ: حَاصَرْنَا خَيْبَرَ , فَأَخَذَ اللِّوَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَانْصَرَفَ وَلَمْ يُفْتَحْ لَهُ، ثُمَّ أَخَذَهُ مِنْ الْغَدِ عُمَرُ فَانْصَرَفَ وَلَمْ يُفْتَحْ لَهُ، وَأَصَابَ النَّاسَ يَوْمَئِذٍ شِدَّةٌ وَجَهْدٌ , فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : " إِنِّي دَافِعٌ اللِّوَاءَ غَدًا إِلَى رَجُلٍ يُحِبُّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ , وَيُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ , لَا يَرْجِعُ حَتَّى يُفْتَحَ لَهُ " , فَبِتْنَا طَيِّبَةٌ أَنْفُسُنَا أَنَّ الْفَتْحَ غَدًا , " فَلَمَّا أَصْبَحَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى الْغَدَاةَ (صَلَاةِ الْفجر) ثُمَّ قَامَ قَائِمًا فَدَعَا بِاللِّوَاءِ - وَالنَّاسُ عَلَى مَصَافِّهِمْ - " فَمَا مِنَّا إِنْسَانٌ لَهُ مَنْزِلَةٌ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا وَهُوَ يَرْجُو أَنْ يَكُونَ صَاحِبَ اللِّوَاءِ، " فَدَعَا عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَهُوَ أَرْمَدُ , فَتَفَلَ فِي عَيْنَيْهِ , وَمَسَحَ عَنْهُ , وَدَفَعَ إِلَيْهِ اللِّوَاءَ , فَفَتَحَ اللهُ لَهُ " . قال الشيخ شعيب الأرنؤوط: إسناده قوي.
        -7- أحمد بن حنبل في مسنده - الجزء (38) - الصفحة (97) :- 22993 - حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، حَدَّثَنِي أَبِي بُرَيْدَةُ قَالَ: حَاصَرْنَا خَيْبَرَ فَأَخَذَ اللِّوَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَانْصَرَفَ وَلَمْ يُفْتَحْ لَهُ، ثُمَّ أَخَذَهُ مِنَ الْغَدِ عُمَرُ فَخَرَجَ فَرَجَعَ، وَلَمْ يُفْتَحْ لَهُ، وَأَصَابَ النَّاسَ يَوْمَئِذٍ شِدَّةٌ وَجَهْدٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنِّي دَافِعٌ اللِّوَاءَ غَدًا إِلَى رَجُلٍ يُحِبُّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ، وَيُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ لَا يَرْجِعُ حَتَّى يُفْتَحَ لَهُ ". فَبِتْنَا طَيِّبَةٌ أَنْفُسُنَا أَنَّ الْفَتْحَ غَدًا، فَلَمَّا أَنْ أَصْبَحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الْغَدَاةَ، ثُمَّ قَامَ قَائِمًا فَدَعَا بِاللِّوَاءِ وَالنَّاسُ عَلَى مَصَافِّهِمْ، فَدَعَا عَلِيًّا وَهُوَ أَرْمَدُ، فَتَفَلَ فِي عَيْنَيْهِ وَدَفَعَ إِلَيْهِ اللِّوَاءَ وَفُتِحَ لَهُ قَالَ بُرَيْدَةُ: وَأَنَا فِيمَنْ تَطَاوَلَ لَهَا (حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل حسين بن واقد المروزي، فهو صدوق لا بأس به، وقد توبع كما سيأتي، وباقي رجاله ثقات رجال الصحيح.)
        -8- السنن الكبرى للنسائي - الجزء (7) - الصفحة (421) :- 8363 - أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: بَعَثَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْيَمَنِ، وَأَنَا شَابٌّ حَدِيثُ السِّنِّ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ «إِنَّكَ بَعَثَتْنِي إِلَى قَوْمٍ يَكُونُ بَيْنَهُمْ أَحْدَاثٌ، وَأَنَا شَابٌّ حَدِيثُ السِّنِّ» قَالَ (ص): «إِنَّ اللهَ سَيَهْدِي قَلْبَكَ، وَيُثَبِّتُ لِسَانَكَ، فَمَا شَكَكْتُ فِي قَضَاءٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ» . أخرجه أحمد في مسنده (ج2، ص68) . قال النسائي في خصائص علي (ص56) : اسناده حسن بمجموع طرقه .
        -9- السنن الكبرى للنسائي - الجزء (7) - الصفحة (416) :- 8354 - أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ هُبَيْرَةَ بْنِ يَرِيمَ قَالَ: خَرَجَ إِلَيْنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ فَقَالَ: «لَقَدْ كَانَ فِيكُمْ بِالْأَمْسِ رَجُلٌ مَا سَبَقَهُ الْأَوَّلُونَ، وَلَا يُدْرِكُهُ الْآخِرُونَ» وَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلًا يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ» فَقَاتَلَ جِبْرِيلُ عَنْ يَمِينِهِ، وَمِيكَائِيلُ عَنْ يَسَارِهِ، ثُمَّ لَا تُرَدُّ - يَعْنِي رَايَتَهُ - حَتَّى يَفْتَحَ اللهُ عَلَيْهِ، مَا تَرَكَ دِينَارًا، وَلَا دِرْهَمًا إِلَّا سَبْعَمِائَةِ دِرْهَمٍ أَخَذَهَا مِنْ عَطَائِهِ، كَانَ أَرَادَ أَنْ يَبْتَاعَ بِهَا خَادِمًا لِأَهْلِهِ. قال أحمد بن حنبل في مسنده (ج2، ص344) : اسناده صحيح .
        -10- السنن الكبرى للنسائي - الجزء (7) - الصفحة (437) :- 8410 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: لَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَنَزَلَ غَدِيرَ خُمٍّ أَمَرَ بَدَوْحَاتٍ فَقُمِمْنَ ثُمَّ قَالَ: " كَأَنِّي قَدْ دُعِيتُ، فَأَجَبْتُ، إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَكْبَرُ مِنَ الْآخِرِ: كِتَابُ اللهِ وَعِتْرَتِي أَهْلُ بَيْتِي، فَانْظُرُوا كَيْفَ تَخْلُفُونِي فِيهِمَا، فَإِنَّهُمَا لَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ " ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ اللهَ مَوْلَايَ، وَأَنَا وَلِيُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ» ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِ عَلِيٍّ فَقَالَ: «مَنْ كُنْتُ وَلِيَّهُ، فَهَذَا وَلِيُّهُ، اللهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ» فَقُلْتُ لِزَيْدٍ: سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: «مَا كَانَ فِي الدَّوْحَاتِ أَحَدٌ إِلَّا رَآهُ بِعَيْنَيْهِ، وَسَمِعَهُ بِأُذُنَيْهِ» . قال النسائي في خصائص علي (ص96) : صحيحٌ ، رجال ثقات من رجال الشيخين . وقال ابن كثير في بدايته ونهايته (ج7، ص668) : قَالَ شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الذَّهَبِيُّ: وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ .


        تعليق

        المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
        حفظ-تلقائي
        Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
        x
        يعمل...
        X