صدى المهدي
عضو ماسي

- تاريخ التسجيل: 13-11-2013
- المشاركات: 10164
#1
إنّه عيد الفطر، وليس عيد الإفطار.
24-05-2020, 01:22 AM

عيد الفطر
الفطر من الفطرة التي تعني الخلقة، وبتعبير أدقّ الهيئة التي فطر الله تعالى الإنسان عليها، أي خلقَ بها.
ففي المعرفة الدينيّة الإسلامية ما يفيد أنّ الله تعالى فطر الإنسان وخلقه بخصائص تجذبه وتميل به نحو مسارٍ طبيعيّ يوصله إلى كماله، بحيث لو ترك الإنسان وحده من دون أيّ تدخّل خارجيّ، فإنّه سيسير باختياره نحو ذلك الكمال. وقد جاء الدين هادياً إلى ذلك المسار الطبيعيّ، منبِّهاً الفطرة الإنسانية إليه.
ففي الحديث النبويّ المروي عند عند الشيعة وأهل السُنّة: "كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه"2، والمقصود بالأبوين هنا هو العوامل الخارجية التي تحرف الإنسان عن فطرته الطبيعيّة.
إنّ حال الله الذي شرّع الدين للإنسان كحال المزارع الذي يهيّئ للنبتة ما يوفّر لها ما يلائمها ممّا يحقّق نموّها وتكاملها، فيهيّئ لها الماء والهواء لتنمو، ويمنع عنها القوارض القاتلة والرياح العاتية، حتى لا تكون عائقاً في طريق نموّها.
وهذه الفطرة كامنة لا يمكن تبديلها. وإن أمكن سترها بشكل مؤقّت، لذا اعترض القرآن الكريم على التعميد المسيحي في اليوم السابع للمولود بالماء، باعتبارهم أنّ الماء هو الذي يدخله في المسيحيّة ويصبغه بها، فقال تعالى: ﴿ صِبْغَةَ اللّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ صِبْغَةً ﴾4.
وهنا يُطرح السؤال الآتي: ما الطريقة التي اعتمدها الله تعالى، ووسّط الرسل فيها ليوجّه الفطرة نحو كمال الإنسان؛ ليسير في سبيل كماله دون انحراف عنه، وانزلاق دونه.
والجواب يكمن في شهر رمضان.
ففيه يسلك الإنسان سلوك الشعور بوجود الله انطلاقاً من داخله.
فالصائم لا يكون صائماً بحركة يقوم بها، ولا بقول يتلفّظ به، بل بنيّة داخليّة يشعر من خلالها بوجود الله ومراقبته له.
سلام الله تعالى على الزهراء حينما قالت عليه السلام – حينما ورد عنها-: "جعل الله الصيام تثبيتاً للإخلاص"9.
والقائم في شهر رمضان، وفي أسحاره تتحرّك فطرته من خلال الشعور بالأنس بالله تعالى حيث لا أنيس غيره.
والداعي في لياليه العظيمة يستحضر الإنسان كمالات الله التي يتوجّه إليها من خلال مناجاته بها:
- اللهم إنّي أسالك باسمك يا الله، يا رحمن، يا رحيم، يا كريم، يا مقيم، يا عظيم، يا قديم، يا عليم، يا حليم، يا حكيم.
- يا حبيب من لا حبيب له، يا طبيب من لا طبيب له، يا مجيب من لا مجيب له.
- يا خير مؤنس وأنيس، يا خير صاحب وجليس، يا خير مقصود ومطلوب، يا خير حبيب ومحبوب.
إنّ شهر رمضان هو شهر تفعيل الفطرة الجاذبة نحو الله، وذلك من خلال تزكية النفس التي توصل إلى الفلاح، وهذا ما نردّده في صلاة العيد في سورتي الأعلى والشمس، بقوله تعالى: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا ﴾10.
والتزكية نفس التنمية، والتنمية فرع وجود الأصل ألا وهو الفطرة، من هنا فإنّ التزكية هي تفعيل للفطرة الجاذبة نحو الله، فمن نجح في ذلك، فاليوم هو يوم فطره وعيد فطرته.
وكلّ يوم يحافظ الإنسان على مسار فطرته فهو يوم فطره ويوم عيده وكما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام "كلّ يوم لا يُعصى الله فيه فهو عيد".
إنّ نداء اليوم هو أن نحافظ على مكتسبات استقامة الفطرة في شهر رمضان فنجنّب أنفسنا عن ارتكاب المحارم وما ذلك إلا بخير درع ولباس وهو التقوى.
***********************************
***********************
***********************
اللهم صل على محمّد وال محمد
بوركتم وبوركت أيامكم وساعاتكم ولحظاتكم
وكل عام والجميع بألف الف خير
عيدكم مبارك وأيامكم سعيدة ومشرقة وطيبة بحُب محمّد وآل محمّد
نعود لمحوركم الخاص الذي سُيقدم في ثاني ايام العيد السعيد ..
لنكون مع تغطية كاملة للعيد ومفهوم العيد وفرحة العيد
فكونوا معنا احبتي الكرام ...
تعليق