بسم الله الرحمن الرحيم
يقول العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي [طاب ثراه]:
التوفيقِ الإلهي يعني التسديدَ والتيسيرَ والمدَد، فأنْ تكونَ موفَّقاَ فذلك معناهُ أنّ اللهَ تعالى قد يسَّر لك الوصولُ إلى ما تقصد، وأعانَكَ على بلوغِ ما ترغبُ فيه، وعصَمَكَ عن الوقوع فيما تُحذرُ منه، وألهمَك السدادَ والصوابَ في الرأي الذي تُقلِّبُه وتبحثُ فيه عن مواطنِ الرُشد.
وفي مقابلِه الخُذلان، فالمخذولُ هو المحرومُ بسوءِ اختياره من لطفِ اللهِ تعالى وتسديدِه وتيسيرِه ومعونتِه ومددِه.
فالخُذلانُ ليس بمعنى أنْ يباغتَك اللهُ تعالى بنقمتِه بل هو بمعنى أنْ يكلَك إلى نفسك ويدعَك وشأنَك، فلا تحظى منه بتسديدٍ ولا مددٍ ولا تيسير، وحينذاك فلينتظرِ المخذولُ العِثارَ والخيبةَ والخُسران.
فيجدُ الإنسانُ نفسَه يكدحُ ويبذلُ الجهدَ المُضني في سبيل تحصيل رزقِه ثم لا يجدُ لهذا الجهدِ مُحصَّلاً وإنْ وجد فإنَّه لا يجدُ فيه بركة، فإما أنْ يتبدَّد مالُه في علاج مثلاً أو يضعه في يد زوجةٍ مشاكسة لا يجدُ فيها قرةَ عين أو يعبثُ بأمواله الحمقى من أبنائه، وقد يستفرغُ وسعه في تحصيل العلم لكنَّه يجدُ نفسَه عاجزاً عن الإتقانِ والحفظ، ذلك لأنَّه لم يحظَ بتوفيقِ الله تعالى، فهو مخذولٌ من هذه الجهة، لذلك ورد عن أمير المؤمنين (ع) انَّه قال: "لا ينفعٌ اجتهادٌ بغيرِ توفيق" وأفاد (ع) "خيرُ الإجتهادِ ما قارنَه التوفيق".
كثيرٌ من الناس يتوهَّمُ أنَّه مهديٌّ برشده وعقله، أو أنَّه إنَّما حصل على هذا المال بجُهدِه وعنائِه وكدِّه وكدحه، وأنَّه إنَّما وصل إلى هذا الموقعِ الرفيع لأنَّه قد بذلَ من السعي ما صار به جديراً، ولو سلب الله تعالى منه التوفيق لتبخَّر كلُّ ما كان قد حظيَ به، ولذلك فالمؤمنُ دائمُ الحذر من أنْ يخذلَه الله تعالى، ولهذا فهو كثيرُ الدعاء بأنْ لا يسلبَه اللهُ صالحَ ما أنعم به عليه، ودائمُ الدعاء بأنْ لا يكلَه إلى نفسه طرفةَ عينِ أبدا."
"لكنَّ المؤمنَ يشعرُ بالحاجةِ لمعونةِ الله تعالىٰ في محقَّراتِ الأمور فضلاً عن عظائمها لذلك فهو يسألُ ربَّه حتى فيما يراهُ الناس متاحاً وميسورَ التحقق، وتلك هي سمةُ الأنبياء والصالحين من عباد الله، ففي المأثور انَّه ممَّا خاطبَ اللهُ تعالى عبده موسى:
يا موسى سلْني حتى ملحَ عجينِك وعلفَ حمارك"* وفي المأثور:
"ليسألْ أحدُكم ربَّه حاجتَه كلَّها حتى شسعَ نعلِه إذا انقطع"
"سَلُوا اللَّهَ كُلَّ شَيءٍ حَتَّى الشِّسعَ، فَإِنَّ اللَّهَ إِن لَمْ يُيَسِّرهُ لَمْ يَتَيَسَّرْ" *.
---------------------
بحار الأنوار
يقول العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي [طاب ثراه]:
التوفيقِ الإلهي يعني التسديدَ والتيسيرَ والمدَد، فأنْ تكونَ موفَّقاَ فذلك معناهُ أنّ اللهَ تعالى قد يسَّر لك الوصولُ إلى ما تقصد، وأعانَكَ على بلوغِ ما ترغبُ فيه، وعصَمَكَ عن الوقوع فيما تُحذرُ منه، وألهمَك السدادَ والصوابَ في الرأي الذي تُقلِّبُه وتبحثُ فيه عن مواطنِ الرُشد.
وفي مقابلِه الخُذلان، فالمخذولُ هو المحرومُ بسوءِ اختياره من لطفِ اللهِ تعالى وتسديدِه وتيسيرِه ومعونتِه ومددِه.
فالخُذلانُ ليس بمعنى أنْ يباغتَك اللهُ تعالى بنقمتِه بل هو بمعنى أنْ يكلَك إلى نفسك ويدعَك وشأنَك، فلا تحظى منه بتسديدٍ ولا مددٍ ولا تيسير، وحينذاك فلينتظرِ المخذولُ العِثارَ والخيبةَ والخُسران.
فيجدُ الإنسانُ نفسَه يكدحُ ويبذلُ الجهدَ المُضني في سبيل تحصيل رزقِه ثم لا يجدُ لهذا الجهدِ مُحصَّلاً وإنْ وجد فإنَّه لا يجدُ فيه بركة، فإما أنْ يتبدَّد مالُه في علاج مثلاً أو يضعه في يد زوجةٍ مشاكسة لا يجدُ فيها قرةَ عين أو يعبثُ بأمواله الحمقى من أبنائه، وقد يستفرغُ وسعه في تحصيل العلم لكنَّه يجدُ نفسَه عاجزاً عن الإتقانِ والحفظ، ذلك لأنَّه لم يحظَ بتوفيقِ الله تعالى، فهو مخذولٌ من هذه الجهة، لذلك ورد عن أمير المؤمنين (ع) انَّه قال: "لا ينفعٌ اجتهادٌ بغيرِ توفيق" وأفاد (ع) "خيرُ الإجتهادِ ما قارنَه التوفيق".
كثيرٌ من الناس يتوهَّمُ أنَّه مهديٌّ برشده وعقله، أو أنَّه إنَّما حصل على هذا المال بجُهدِه وعنائِه وكدِّه وكدحه، وأنَّه إنَّما وصل إلى هذا الموقعِ الرفيع لأنَّه قد بذلَ من السعي ما صار به جديراً، ولو سلب الله تعالى منه التوفيق لتبخَّر كلُّ ما كان قد حظيَ به، ولذلك فالمؤمنُ دائمُ الحذر من أنْ يخذلَه الله تعالى، ولهذا فهو كثيرُ الدعاء بأنْ لا يسلبَه اللهُ صالحَ ما أنعم به عليه، ودائمُ الدعاء بأنْ لا يكلَه إلى نفسه طرفةَ عينِ أبدا."
"لكنَّ المؤمنَ يشعرُ بالحاجةِ لمعونةِ الله تعالىٰ في محقَّراتِ الأمور فضلاً عن عظائمها لذلك فهو يسألُ ربَّه حتى فيما يراهُ الناس متاحاً وميسورَ التحقق، وتلك هي سمةُ الأنبياء والصالحين من عباد الله، ففي المأثور انَّه ممَّا خاطبَ اللهُ تعالى عبده موسى:
يا موسى سلْني حتى ملحَ عجينِك وعلفَ حمارك"* وفي المأثور:
"ليسألْ أحدُكم ربَّه حاجتَه كلَّها حتى شسعَ نعلِه إذا انقطع"
"سَلُوا اللَّهَ كُلَّ شَيءٍ حَتَّى الشِّسعَ، فَإِنَّ اللَّهَ إِن لَمْ يُيَسِّرهُ لَمْ يَتَيَسَّرْ" *.
---------------------
بحار الأنوار