بسم الله الرحمن الرحيم
ولله الحمد والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين محمد وآله الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحصين الثغور
«اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَحَصِّنْ ثُغُورَ الْمُسْلِمِينَ بِعِزَّتِكَ» (الصحيفة السجادية).
ابتدأ الامام السجّاد عليه السلام الدعاء الشريف (المعروف بدعاء أهل الثغور) بالصلاة على محمد وآل محمد لأنّ خير ما يبتدأ به بعد البسملة هو الصلاة على محمد وآل محمد، ويعني الولاء لمحمد وآل محمد عليهم السلام لأنهم في امتداد الولاء لله سبحانه وتعالى، وانّهم عليهم السلام الوسيلة لوصول الدعاء للباري عزّ وجلّ، وبالتالي يكونون محالاً ومظاناً لاستجابة الدعاء، وهذا ما عرفناه من خلال أحاديثهم عليهم السلام فقد ورد عن الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله: «لا يزال الدعاء محجوباً حتى يصلّى عليَّ وعلى أهل بيتي»..
وفي الوقت نفسه نعني بالصلاة عليهم هو إبداء حبّنا وتعلّقنا بهم، ونشير بذلك بأنّنا سائرون على خطاهم ونهجهم القويم –هذا فيما إذا طابق فعلنا لقولنا- وهذا يعني بأنّنا نعاهد الله تعالى بتولي من أمرنا بتولّيهم والاقتداء بهم، وبالتالي فانّنا نعتقد بأنّهم لن يخيّبوا ظنّنا أبداً إذا اقتضت المصلحة في ذلك، لأنّهم أبواب الله تعالى التي تؤتى ومحالّ نزول الرحمات الالهية، فهم سفن النجاة التي من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك..
وهكذا يعلّمنا الامام عليه السلام أن نتأدّب بهذا الأدب عندما نريد أن نبدأ في الدعاء..
والامام عليه السلام عندما بدأ بهذه الصلاة يريد أن يُفهمنا بأنّ الأمور المادية كما هي مطلوبة في الإعداد للحرب فكذلك الأمور المعنوية التي لابد من توفّرها، لذلك نطلب المدد الغيبي من مصدره الرئيسي وهو الله تعالى، وخير من يكون الواسطة بيننا وبينه هم من اختارهم واصطفاهم على عباده، فهم الوسيلة والواسطة الحقّة التي ينبغي علينا اتّباعها إذا ما أردنا الظفر والفوز، ونحن إذ نطلب من الله تعالى التحصّن من العدو والفوز في الحرب لأنّنا نعلم بأنّ الله تعالى بيده تحقيق ما نصبوا اليه، وإذا لم يتمّ التسديد من عنده فلا نتوفق لما نريد أبداً، فمشيئته مقدّمة على كلّ عمل وخاصة في الأمور المصيرية، فما بالك بأمر الحرب..
لذا نطلب من الله تعالى في دعائنا هذا «وَحَصِّنْ ثُغُورَ الْمُسْلِمِينَ بِعِزَّتِكَ»، تحصن: إذا اتخذ الحصن مسكنا، ثم يتجوز به في كل تحرز (مفردات الراغب)، فالتحصين هو الاحتماء والاحتراز من العدو المحتمل وهجماته الغادرة، فبالاضافة الى هذا التحصين المادي نطلب من الله تعالى مزيداً منه وهو التحصين الالهي، الذي يكون أقوى من كلّ قوة ضاربة يحاول العدو شنّها، فيبثّ تعالى خوفه ورعبه في قلوب الأعداء مقابل الثبات والعزيمة في قلوب المؤمنين المرابضين في الثغور.. فالمنعة والقوة مهما بلغت لا يمكن أن تصل مبتغاها إذا لم تؤيّد بعزة الله تعالى وقوته..
لذلك جاء طلبنا من الله تعالى بواسطة أهل البيت عليهم السلام أن يحصّن الأماكن التي يُخاف أن يهاجم العدو منها..
تعليق