اللهم صل على محمد وآل محمد
يقول الشيخ محمد تقي مصباح اليزدي [طاب ثراه]:
یقول الإمام الباقر (علیه السلام): «وإیّاك والتسویف فإنّه بحر یغرق فیه الهلكى»؛ حذار من أن یخدعك الشیطان وإیّاك والتسویف فی فعل الخیر، فالتسویف بحر یُغرق ویُهلك كلّ من یسقط فیه. وعلى الرغم من أنّ نصّ عبارة: «بحر یغرق فیه الهلكى» یختلف عما بیّناه، غیر أنّ هذا النوع من التعابیر ینطوی على عنایة أدبیّة؛ فالمعنى: إنّ مَن یسقط فی هذا البحر یغرق إلى حدّ الهلاك.
فالقرآن الكریم یقول: «سَارِعُواْ إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ»؛ وهذا الأمر بالمسارعة والعجلة هو مصداق للجملة السابقة من الروایة وهو قوله (علیه السلام): «وتحبّب إلیه بتعجیل الإنتقال». فمن الجائز - على سبیل المثال - الإتیان بصلاة الظهر منذ وقت الزوال وحتّى قبیل الغروب.
وإنّ مَن لم یصلّها فی أوّل وقتها لم یعص ربّه، لكنّ الصلاة فی أوّل الوقت فیها «رضوان الله». فإن عجّلنا وصلّیناها فی أوّل وقتها فسنحصل، مضافاً إلى المغفرة والتوبة، على رضا الله عزّ وجلّ؛ ذلك الرضا الذی كان یفتّش عنه موسى (علیه السلام) فی قوله تعالى: «وَعَجِلْتُ إِلَیْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ»3. فالتسویف فی مقابل هذه العجلة أو تقدیم الخدمة هو بحر لجّیّ متلاطم وإنّ المرء لینخدع ویظنّ أنّه قادر على خوض غماره والسباحة فیه، لكنّه ما إن یدخله حتّى یهلك.
--------------------------
شرح وصایا الامام الباقر علیه السلام
تعليق