عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بُنَانٍ عَنْ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ: (قَالَ أَبِي يَوْماً وَعِنْدَهُ أَصْحَابُهُ مَنْ مِنْكُمْ تَطِيبُ نَفْسُهُ أَنْ يَأْخُذَ جَمْرَةً فِي كَفِّهِ فَيُمْسِكَهَا حَتَّى تَطْفَأَ؟
قَالَ: فَكَاعَ[1] اَلنَّاسُ كُلُّهُمْ وَ نَكَلُوا[2].
فَقُمْتُ وَقُلْتُ: يَا أَبَتِ أَ تَأْمُرُ أَنْ أَفْعَلَ ؟
فَقَالَ: لَيْسَ إِيَّاكَ عَنَيْتُ إِنَّمَا أَنْتَ مِنِّي وَأَنَا مِنْكَ بَلْ إِيَّاهُمْ أَرَدْتُ قَالَ وَكَرَّرَهَا ثَلاَثاً.
ثُمَّ قَالَ: مَا أَكْثَرَ اَلْوَصْفَ وَأَقَلَّ اَلْفِعْلَ إِنَّ أَهْلَ اَلْفِعْلِ قَلِيلٌ إِنَّ أَهْلَ اَلْفِعْلِ قَلِيلٌ أَلاَ وَإِنَّا لَنَعْرِفُ أَهْلَ اَلْفِعْلِ وَاَلْوَصْفِ مَعاً وَمَا كَانَ هَذَا مِنَّا تَعَامِياً عَلَيْكُمْ بَلْ لِنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ وَنَكْتُبَ آثَارَكُمْ.
قَالَ: وَاَللَّهِ لَكَأَنَّمَا مَادَتْ[3] بِهِمُ اَلْأَرْضُ حَيَاءً مِمَّا قَالَ: حَتَّى إِنِّي لَأَنْظُرُ إِلَى اَلرَّجُلِ مِنْهُمْ يَرْفَضُّ عَرَقاً[4]، مَا يَرْفَعُ عَيْنَيْهِ مِنَ اَلْأَرْضِ.
فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ مِنْهُمْ قَالَ: رَحِمَكُمُ اَللَّهُ فَمَا أَرَدْتُ إِلاَّ خَيْراً إِنَّ اَلْجَنَّةَ دَرَجَاتٌ فَدَرَجَةُ أَهْلِ اَلْفِعْلِ لاَ يُدْرِكُهَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ اَلْقَوْلِ وَدَرَجَةُ أَهْلِ اَلْقَوْلِ لاَ يُدْرِكُهَا غَيْرُهُمْ.
قَالَ: فَوَاَللَّهِ لَكَأَنَّمَا نَشِطُوا مِنْ عِقَالٍ)[5].
--------------------------------------------------------
1- الكيع: الجبن والخوف.
2- والنكول عن الشيء: الامتناع منه وترك الإقدام عليه.
3- الميد: التحرّك والميل والاضطراب.
4- أرفض عرقا ارفضاضاً: إذا جرى عرقه وسال.
5- الکافي، ج 8، ص227.
تعليق