اللهم صل على محمد وآل محمد
ينقل السيد محمد صادق الطهراني عن والده العلامة محمد حسين الطهراني رضوان الله تعالى عليه:
ينبغي أن يُعاشر السالك الناشئ والمتوسّط، أهل الدنيا بما تستدعي الضرورة، لأنَّ قلبه يموت على أثر مؤانستهم، ويفسد دينه، وتجلب هذه العلاقات ملكات أخلاقية سيّئة عاقبتها الخسران المبين.
يروي داود الرقّي: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: *انظُرْ إلى كلِّ مَنْ لا يُفيدك منفعة في دينك فلا تَعْتَدَّنَّ به، ولا ترْغَبَنَّ في صُحبته، فإنَّ كلَّ ما سوى الله تبارك وتعالى، مضمحلٌّ وَخِيمٌ عاقبته* ( بحار الأنوار ج 71 ص 191 ح 5 )
سُئل سالك: لمَ انعزلت عن الناس، وسكنت إلى زاوية هادئة ؟ فقال: أخاف انتزاع ديني، واختطاف إيماني، فلا أشعر بذلك!...
وكان يقول دائماً: كم يدّخرُ ليلاً هؤلاء الذين ينفقون في النهار هكذا ؟! لا بدّ أن تكون النفقات والواردات المعنويّة للسالك متكافئة، ويقوم الليل للتهجّد، ويعكف على قراءة القرآن وترديد أذكاره بين الطلوعين، ويستنير بأنوار الربّ، لئلّا يُأخذ من رأس ماله في النهار...
إنّ السالك الذي علاقاته وصلاته اعتباطية عشوائية، يُشبه لحم الأضاحي، إذ كلٌّ يُمزّق منه قطعة ويأخذها، فلا يبقى لنفسه شيء في خاتمة المشوار، ويغدو مفلساً وبائساً...
ذات يوم سألته عن حافظ القرآن المدعو المرحوم الكربلائي كاظم، فأجاب قائلاً: طالما كنتُ قد رأيتُ الكربلائي كاظم، شملته عناية ( إلهية ) إلا أنّ ما كان عليه من نورانية وصفاء خاطر، تضاءل جرّاء الاشتهار، وارتياد منازل الناس، وتناول غدائهم، فلم يعد ذلك الكربلائي كاظم المعهود.
وبعض أهل الدنيا حتّى من أهل العلم منغمرون في الكثرة ومظلمون، بحيث إنّ لقاءً عابراً بهم يخطف (من) السالك كلّ نوره ولطفه ويسلبه...
------------------------------
مأوى طلاب الحق والحقيقة
تعليق