هَلْ فَاطِمَةُ العَلِيلَةُ شَخْصِيَّةٌ حَقِيقِيَّةٌ أَمْ لَا؟ حَيْثُ إِنَّ أَغْلَبَ الرِّوَايَاتِ تَقُولُ: إِنَّ لِلإِمَامِ الحُسَيْنِ (عَ) بِنْتًا وَاحِدَةً بِاسْمِ فَاطِمَةَ، وَلَيْسَ اثْنَتَانِ، وَقَدْ كَانَتْ مَعَ السَّبَايَا بَعْدَ اسْتِشْهَادِ الإِمَامِ (عَ) وَقَدْ تَمَّ ذِكْرُهَا فِي حَادِثَةِ الأَرْبَعِينَ (مَجْلِسُ يَزِيدَ) حَيْثُ طَلَبَ أَحَدُ الأَشْخَاصِ مِنْ يَزِيدَ وَقَالَ لَهُ: هَبْ لِي هَذِهِ الجَارِيَةَ (يَقْصِدُ فَاطِمَةَ بِنْتَ الحُسَيْنِ) وَقَدْ دَافَعَتْ عَنْهَا السَّيِّدَةُ زَيْنَبُ وَقَالَتْ: مَا يَنْبَغِي ذَلِكَ... فَإِذْنْ هَلْ تُوجَدُ بِنْتٌ لِلإِمَامِ الحُسَيْنِ بِاسْمِ فَاطِمَةَ بَقِيَتْ مَعَ أُمِّ البَنِينَ (عَ) وَكَانَتْ عَلِيلَةً أَمْ لَا؟
الجواب :
الأَخُ حيدر المُحْتَرَمُ.. السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ. يَظْهَرُ مِنَ الرِّوَايَاتِ التَّارِيخِيَّةِ أَنَّ هُنَاكَ ثُلَاثَ فَوَاطِمَ بَنَاتٍ لِلإِمَامِ الحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ). الأُولَى: فَاطِمَة بِنْتُ الحُسَيْنِ (عَ): وَهِيَ أَكْبَرُ بَنَاتِ الإِمَامِ الحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): رَوَى الكُلَيْنِيُّ بِسَنَدِهِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ: إِنَّ الحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) لَمّا حَضَرَهُ الَّذِي حَضَرَهُ، دَعَا ابْنَتَهُ الكُبْرَى فَاطِمَةَ بِنْتَ الحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَدَفَعَ إِلَيْهَا كِتَابًا مَلْفُوفًا وَوَصِيَّةً ظَاهِرَةً وَكَانَ عَلِيُّ بْنُ الحُسَيْنِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) مَبْطُونًا مَعَهُمْ لَا يَرَوْنَ إِلَّا أَنَّهُ لما بِهِ، فَدَفَعَتْ فَاطِمَةُ الكِتَابَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) ثُمَّ صَارَ وَاللهِ ذَلِكَ الكِتَابُ إِلَيْنَا يَا زِيَادُ قَالَ: قُلْتُ: مَا فِي ذَلِكَ الكِتَابِ جَعَلَنِي اللهُ فِدَاكَ؟ قَالَ: فِيهِ وَاللهِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ وُلْدُ آدَمَ مُنْذُ خَلَقَ اللهُ آدَمَ إِلَى أَنْ تُفْنَى الدُّنْيَا، وَاللهِ إِنَّ فِيهِ الحُدُودَ، حَتَّى إِنَّ فِيهِ أَرْشَ الخَدْشِ. الكَافِي لِلكُلَيْنيِّ ج1 ص303،. الثَّانِيَةُ: فَاطِمَةُ بِنْتُ الحُسَيْنِ (عَ) المُلَقَّبَةُ بِالصُّغْرَى: زَوْجَةُ الحَسَنِ المُثَنَّى، أُمُّهَا :أُمُّ إِسْحَاقَ بِنْتُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ. وَهِيَ مِنْ عَالمَاتِ نِسَاءِ أَهْلِ البَيْتِ (عَ) القَانِتَاتِ العَابِدَاتِ، كَانَتْ تَصُومُ نَهَارَهَا وَتُحْيِي لَيْلَهَا بِالعِبَادَةِ، وَكَانَتْ مِنْ حَمَلَةِ الحَدِيثِ، وَحَضَرَتْ كَرْبَلَاءَ مَعَ أَبِيهَا الإِمَامِ الحُسَيْنِ (عَ)، رَوَى الصَّدُوقُ بِسَنَدِهِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الحَسَنِ المُثَنَّى، عَنْ أُمِّهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ الحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَتْ: دَخَلَتْ الغاغةُ عَلَيْنَا الفِسْطَاطَ، وَأَنَا جَارِيَةٌ صَغِيرَةٌ، وَفِي رِجْلِي خَلْخَالَانِ مِنْ ذَهَبٍ، فَجَعَلَ رَجُلٌ يَفُضُّ الخَلْخَالَيْنِ مِنْ رِجْلِي وَهُوَ يَبْكِي فَقُلْتُ: مَا يُبْكِيكَ يَا عَدُوَّ اللهِ؟! فَقَالَ: كَيْفَ لَا أَبْكِي وَأَنَا أَسْلُبُ ابْنَةَ رَسُولِ اللهِ! فَقُلْتُ: لَا تَسْلُبْنِي. قَالَ: أَخَافُ أَنْ يَجِيءَ غَيْرِي فَيَأْخُذَهُ. قَالَتْ: وَانْتَهَبُوا مَا فِي الأَبْنِيَةِ حَتَّى كَانُوا يَنْزِعُونَ المًلَاحِفَ عَنْ ظُهُورِنَا. أَمَالِي الصَّدُوقِ ص228. - وَلَهَا خِطْبَةٌ بَلِيغَةٌ فِي الكُوفَةِ. رَوَى الطَّبَرْسِيُّ: عَنْ زَيْدِ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ آبَائِهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) قَالَ: خَطَبَتْ فَاطِمَةُ الصُّغْرَى (عَلَيْهَا السَّلَامُ) بَعْدَ أَنْ رَدَّتْ مِنْ كَرْبَلَاءَ فَقَالَتْ: الحَمْدُ للهِ عَدَدَ الرَّمْلِ وَالحَصَى، وَزِنَةَ العَرْشِ إِلَى الثَّرَى، أَحْمَدُهُ وَأُؤْمِنُ بِهِ وَأَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ. إِلَخ الخُطْبَةِ. الإِحْتِجَاجُ لِلطَّبَرْسِيِّ ج2 ص27. - قَالَ المُفِيدُ: وَلَمَّا مَاتَ الحَسَنُ بْنُ الحَسَنِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ ضَرَبَتْ زَوْجَتُهُ فَاطِمَةُ بِنْتُ الحُسَيْنِ عَلَى قَبْرِهِ فِسْطَاطًا، وَكَانَتْ تَقُومُ اللَّيْلَ وَتَصُومُ النَّهَارَ، وَكَانَتْ تُشَبَّهُ بِالحُورِ العِينِ لِجَمَالِهَا، فَلَمَّا كَانَ رَأْسُ السَّنَةِ قَالَتْ لِمَوَالِيهَا: إِذَا أَظْلَمَ اللَّيْلُ فَقَوِّضُوا هَذَا الفِسْطَاطَ، فَلَمّا أَظْلَمَ اللَّيْلُ سَمِعْتُ قَائِلًا يَقُولُ: هَلْ وَجَدُوا مَا فَقَدُوا؟ فَأَجَابَهُ آخَرُ: بَلْ يَئِسُوا فَانْقَلَبُوا. الإِرْشَادُ لِلمُفِيدِ ج2 ص26. - وَلَهَا رِوَايَاتٌ عَدِيدَةٌ فِي كُتُبِ الحَدِيثِ، وَمِنْهَا رِوَايَتُهَا لِخُطْبَةِ جَدَّتِهَا سَيِّدَةِ نِسَاءِ العَالَمِينَ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ (عَ) بِنِسَاءِ المُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ. مَعَانِي الأَخْبَارِ للصَّدُوقِ ص354. - وَرَوَتْ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ رِوَايَةَ رَدِّ الشَّمْسِ لِمَوْلَانَا أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ (عَ)، ذَكَرَهَا المُؤَالِفُ وَالمُخَالِفُ. مَنْ لَا يَحْضُرُهُ الفَقِيهُ للصَّدُوقِ ج4 ص439. - وَكَانَتْ تَأَمُرُ أَبْنَاءَهَا بِمُلَازَمَةِ مَجَالِسِ الإِمَامِ زَيْنِ العَابِدِينَ (عَ): رَوَى عَبْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: كَانَتْ أُمِّي فَاطِمَةُ بِنْتُ الحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) تَأْمُرُنِي أَنْ أَجْلِسَ إِلَى خَالِي عَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، فَمَا جَلَسْتُ إِلَيْهِ قَطُّ إِلَّا قُمْتُ بِخَيْرٍ قَدْ أَفَدْتُهُ: إِمَّا خَشْيَةٌ للهِ تَحْدُثُ فِي قَلْبِي لِما أَرَى مِنْ خَشْيَتِهِ للهِ تَعَالَى، أَوْ عِلْمٌ قَدْ اسْتَفَدْتُهُ مِنْهُ. الإِرْشَادُ لِلمُفِيدِ ج2 ص140. - وَهِيَ الَّتِي طَلَبَ الشَّامِيُّ مِنْ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ أَنْ يَهَبَهَا لَهُ، فَلَاذَتْ بِعَمَّتِهَا زَيْنَبَ الكُبْرَى. الإِرْشَادُ لِلمُفِيدِ ج2 ص121. - وَكَانَتْ عِنْدَهَا بَعْضُ آثَارِ رَسُولِ اللهِ (ص). بَصَائِرُ الدَّرَجَاتِ لِلصَّفَارِ ص205. - وَيَظْهَرُ مِنْ بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّ أَبَاهَا الإِمَامَ الحُسَيْنَ (عَ) أَخْبَرَهَا بِبَعْضٍ مِمَّا يَقَعُ عَلَى وَلَدِهَا. الإِقْبَالُ لِابْنِ طَاوُوسٍ ج3 ص86. الثَّالِثَةُ: فَاطِمَةُ العَلِيلَةُ: وَهِيَ الَّتِي خَلَّفْهَا الإِمَامُ الحُسَيْنُ (عَ) فِي المَدِينَةِ المُنَوَّرَةِ مَرِيضَةً، رَوَى العَلَّامَةُ المَجْلِسِيُّ وَالخَوَارِزْمِيُّ وَابْنُ عَسَاكِرَ وَابْنُ العَدِيمِ جَمِيعُهُمْ بِالإِسْنَادِ إِلَى المُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ الجَعْفِيِّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) قَالَ: لَمَّا قُتِلَ الحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ جَاءَ غُرَابٌ فَوَقَعَ فِي دَمِهِ ثُمَّ تَمَرَّغَ ثُمَّ طَارَ فَوَقَعَ بِالمَدِينَةِ عَلَى جِدَارِ فَاطِمَةَ بِنْتِ الحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) وَهِيَ الصُّغْرَى فَرَفَعَتْ رَأْسَهَا فَنَظَرَتْ إِلَيْهِ فَبَكَتْ بُكَاءً شَدِيدًا وَأَنْشَأَتْ تَقُولُ: نَعِبَ الغُرَابُ فَقُلْتُ مَنْ ** تَنْعَاهُ وَيْلُكَ يَا غُرَاب. قَالَ الإِمَامُ فَقُلْتُ مَنْ؟ ** قَالَ المُوَفَّقُ لِلصَّوَاب. قُلْتُ الحُسَيْنُ فَقَالَ لِي ** حَقًّا لَقَدْ سَكَنَ التُّرَاب. إِنَّ الحُسَيْنَ بِكَرْبَلَا ** بَيْنَ الأَسِنَّةِ وَالضِّرَاب. فَابْكِ الحُسَيْنَ بِعَبْرَةٍ ** تُرْضِي الإِلَهَ مَعَ الثَّوَاب. ثُمَّ اسْتَقَلَّ بِهِ الجَنَاحُ ** فَلَمْ يُطِقْ رَدَّ الجَوَاب. فَبَكِيتُ مِمَّا حَلَّ بِي ** بَعْدَ الوَصِيِّ المُسْتَجَاب. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ: فَنَعَتْهُ لِأَهْلِ المَدِينَةِ فَقَالُوا: قَدْ جَاءَتْنَا بِسِحْرِ عَبْدِ المُطَّلِبِ فَمَا كَانَ بِأَسْرَعَ أَنْ جَاءَهُمُ الخَبَرُ بِقَتْلِ الحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ). بِحَارُ الأَنْوَارِ ج45 ص172، تَارِيخُ مَدِينَةِ دِمَشْقَ لِابْنِ عَسَاكِرَ ج70 ص24، بُغْيَةُ الطَّلَبِ فِي تَارِيخِ حَلَب لِابْنِ العَدِيمِ ج6 ص2647، مَقْتَلُ الحُسَيْنِ لِلخَوَارِزْمِيِّ، الفَصْلُ الثَّانِي عَشَرَ. أَقُولُ: هَذِهِ الفَوَاطِمُ بَنَاتُ الإِمَامِ الحُسَيْنِ (عَ) اللَّاتِي وَرَدَ ذِكْرُهُنَّ فِي الرِّوَايَاتِ، فَالأُولَى وُصِفَتْ بِأَنَّهَا أَكْبَرُ بَنَاتِ الإِمَامِ، وَالثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ كِلْتَاهُمَا وُصِفَتَا بِالصُّغْرَى فِي الرِّوَايَاتِ، وَمِنْ هُنَا رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ التَّنَافِي بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ اللَّتَيْنِ فِيهِمَا ذِكْرُ الصُّغْرَى، وَبِمَا أَنَّ فَاطِمَةَ الثَّانِيَةَ زَوْجَةُ الحَسَنِ المُثَنَّى نَقْطَعُ بِوُجُودِهَا فِي كَرْبَلَاءَ، فَتَكُونُ رِوَايَةُ فَاطِمَةَ العَلِيلَةِ غَيْرَ صَحِيحَةٍ، هَكَذَا رُبَّمَا يُقَالُ! وَلَكِنْ نَقُولُ: - يُحْتَمَلُ فِي وَجْهِ تَسْمِيَةِ فَاطِمَةَ (الثَّانِيَةِ زَوْجَةِ الحَسَنِ المُثَنَّى) بِالصُّغْرَى: فِي مُقَابِلِ تَوْصِيفِ السَّيِّدَةِ الزَّهْرَاءِ (عَ) بِفَاطِمَةَ الكُبْرَى، لِأَنَّهَا كَانَتْ تَشْبَهُ جَدَّتَهَا الزَّهْرَاءَ (عَ)، وَعَلَيْهِ فَلَا تَكُونُ هِيَ الصُّغْرَى مِنْ بَنَاتِ الإِمَامِ الحُسَيْنِ (عَ) وَإِنَّمَا صُغْرَى فِي مُقَابِلِ وَصْفِ الزَّهْرَاءِ بِالكُبْرَى. وَعَلَيْهِ، فَتَكُونُ هِيَ الوُسْطَى مِنَ الفَوَاطِمِ، وَلَكِنَّهَا لُقِّبَتْ بِالصُّغْرَى. أَوْ هِيَ نَفْسُهَا فَاطِمَةُ الأُولَى الَّتِي وُصِفَتْ بِأَنَّهَا أَكْبَرُ بَنَاتِ الإِمَامِ (عَ)، فَتَكُونُ هِيَ فَاطِمَةَ الكُبْرَى المُلَقَّبَةَ بِالصُّغْرَى، وَفَاطِمَةُ العَلِيلَةُ هِيَ الصُّغْرَى مِنَ الفَوَاطِمِ. وَهَذَا الإِحْتِمَالُ الأَخِيرُ هُوَ اخْتِيَارُ الشَّيْخِ النمازي حَيْثُ لَمْ يَذْكُرْ إِلَّا فَاطِمَةَ الكُبْرَى، وَفَاطِمَةَ الصُّغْرَى وَقَالَ: بِأَنَّهَا كَانَتْ مَرِيضَةً وَبَقِيَتْ فِي المَدِينَةِ. وَنَعْيُ الغُرَابِ لَهَا بَعْدَ شَهَادَةِ الحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ). مُسْتَدْرَكَاتُ عِلْمِ رِجَالِ الحَدِيثِ ج8 ص592 -593. وَعَلَى كِلَا الإِحْتِمَالَيْنِ يَرْتَفِعُ التَّنَافِي بَيْنَ رِوَايَتَيْ وَصْفِهِمَا بِالصُّغْرَى. - وَيُحْتَمَلُ أَيْضًا فِي وَجْهِ تَسْمِيَةِ فَاطِمَةَ (الثَّانِيَةِ زَوْجَةِ الحَسَنِ المُثَنَّى) بِالصُّغْرَى: فِي مُقَابِلِ تَسْمِيَةِ أُخْتِهَا الكُبْرَى، فَهُنَاكَ فاطِمَتَانِ حَضَرَتَا الطَّفَّ، إِحْدَى الفَاطِمَتَيْنِ أَكْبَرُ مِنَ الأُخْرَى، فَالأُولَى كُبْرَى، وَالثَّانِيَةُ صُغْرَى، فَلَا يَكُونُ تَوْصِيفُهَا بِالصُّغْرَى نِسْبَةً إِلَى مَجْمُوعِ الفَوَاطِمِ مِنْ بَنَاتِ الإِمَامِ الحُسَيْنِ (عَ)، بَلْ نِسْبَةٌ إِلَى الفَاطِمَتَيْنِ اللَّتَيْنِ حَضَرَتَا الطَّفَّ فَقَطْ. وَعَلَيْهِ، فَتَكُونُ هِيَ الوُسْطَى مِنَ الفَوَاطِمِ، وَأُخَتُهَا العَلِيلَةُ فَاطِمَةُ الصُّغْرَى، وَأُخَتُهَا الكَبِيرَةُ فَاطِمَةُ الكُبْرَى. وَمَا دَامَتْ هَذِهِ الإِحْتِمَالَاتُ مَوْجُودَةً - وَهِيَ وَجِيهَةٌ - لِرَفْعِ التَّنَافِي بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ فَلَا دَاعِيَ لِإِنْكَارِ وُجُودِ فَاطِمَةَ العَلِيلَةِ. - رُبَّمَا يُقَالُ: إِنَّ فَاطِمَةَ العَلِيلَةَ لَمْ يَذْكُرْهَا المُؤَرِّخُونَ القُدَمَاءُ ضِمْنَ بَنَاتِ الإِمَامِ الحُسَيْنِ (عَ)؟ نَقُولُ: عَدَمُ ذِكْرِهِمْ لَهَا لَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ وُجُودِهَا، فَهَذِهِ الرِّوَايَةُ الَّتِي نَقَلْنَاهَا - وَقَدْ رَوَاهَا صَاحِبُ البِحَارِ عَنْ كِتَابِ المَنَاقِبِ القَدِيمِ بِالسَّنَدِ المُتَّصِلِ إِلَى الإِمَامِ الصَّادِقِ (عَ) وَرَوَاهَا مِنْ أَبْنَاءِ العَامَّةِ ابْنُ عَسَاكِرَ (ت 571 ه) وَابْنُ العَدِيمِ (ت 660 ه) وَالخَوارِزْمِيُّ (ت 568 ه) - كَافِيَةٌ لِإِثْبَاتِ وُجُودِهَا، مَا دَامَ دَوَاعِي الكَذِبِ مُنْتَفِيَةً لِاخْتِرَاعِ شَخْصِيَّةٍ وَهْمِيَّةٍ، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَتَوَاتَرَ النَّقْلُ بِذِكْرِهَا. وَدُمْتُمْ سَالِمِينَ.
تعليق