المشاركة الأصلية بواسطة ترانيم السماء
مشاهدة المشاركة
بسمه تعالى
عظم الله اجركم واحسن عزاءكم
قد تعرض أهل الاختصاص إلى ظاهرة البكاء عند الكائن الحي لا سيّما عند الإنسان، وبذل العلماء جهوداً كبيرة ـ في هذا المجال ـ لاكتشاف حقيقة البكاء وفوائده، فوجدوا أنّ البكاء له دور في تخفيف التوتر العصبي، والانفعالات النفسية التي تنتاب الإنسان والكائن الحي بشكل عام. مضافاً إلى أنّ البكاء يعتبر عاملاً مساعداً للوقاية من بعض إمراض القلب، وأمراض العين، ودافع للسموم التي من الممكن أن تسبب بعض الأضرار الجانبية عند الإنسان. وقد أثبتت الدراسات العلمية من خلال إحصاءات أنّ بين كل 41 مريضاً بالقرحة المعوية يوجد 33 شخصاً على الأقل قد أصيبوا بهذا المرض نتيجة لكبت مشاعرهم بالحزن، وعدم التخلص منها عن طريق الدموع، فاختزنوها في أنفسهم، مما أدى إلى إصابتهم بالقرحة في معدتهم( انظر: ثبت علمياً: 40).
وبحث العلماء أيضاً عن أسبابه ومناشئه، فوجدوها عديدة، منها: الخوف والخشية، ومنها الفرح والسرور، ولعل أهمها هو البكاء الناشئ من الحزن وعند ورود المؤلم.
إذاً، ظاهرة البكاء هي ضرورة فسيولوجية وظاهرة طبيعية، لها فوائدها وأسبابها ومناشؤها، وليست بالظاهرة الغريبة أو الشاذة، بل الشاذ هو عدم حدوث هذه الظاهرة عند توفر أسبابها ومناشئها.
هذا بصورة عامة .اما عن البكاء في خصوص قضية الإمام الحسين (عليه السلام).
وقبل كل شيء لا بد أن نعلم أنّ تاريخ البكاء على سيد الشهداء هو تأريخ قديم يقترن بتأريخ الأنبياء عليهم السلام، فما من نبي من الأنبياء عليهم السلام إلا وبكى على الإمام الحسين(عليه السلام). ومن يرجع إلى المجامع الحديثية يجد أنّ أصحابها عقدوا فصولاً وأبواباً كثيرة لأحزان الأنبياء وبكائهم على سيد الشهداء (عليه السلام). ولإثبات هذه الحقيقة نتبرك بنقل رواية تبين حزن وبكاء أول الأنبياء آدم (عليه السلام) على سيد الشهداء (عليه السلام).
روي أنّ آدم (عليه السلام) حينما سأل الله وتاب عليه رأى على ساق العرش أسماء النبي والأئمة (عليهم السلام)، فلقنه جبرائيل قل: يا حميد، بحق محمد، يا عالي بحق علي، يا فاطر بحق فاطمة، يا محسن بحق الحسن والحسين ومنك الإحسان. فلما ذكر الحسين سالت دموعه وانخشع قلبه، وقال: يا أخي جبرائيل، في ذكر الخامس ينكسر قلبي وتسيل عبرتي؟ قال جبرائيل: ولدك هذا يصاب بمصيبة تصغر عندها المصائب، فقال: يا أخي، وما هي؟ قال: يقتل عطشاناً غريباً وحيداً فريداً ليس له ناصر ولا معين، ولو تراه يا آدم، وهو يقول: وآ عطشاه وآ قلة ناصراه، حتى يحول العطش بينه وبين السماء كالدخان... فيذبح ذبح الشاة من قفاه... فبكى آدم وجبرائيل بكاء الثكلى)( بحار الأنوار44: 245). هذا قبل الشهادة، أما بعدها فإنّ الثابت عن طريق النقل أنّ كل شيء بكى على الإمام الحسين عليه السلام؛ السماء بكت على الحسين، والأرض بكت على الحسين، وهكذا الطيور، والحيتان، والجن، والملائكة، والأولياء.
أما اليوم فأنت لا تكاد تستعرض منطقة من مناطق الكرة الأرضية إلا وفيها بكاء ومأتم للإمام الحسين عليه السلام، وهذا المعنى تستأثر به مدرسة أهل البيت عليهم السلام ولا يوجد في الملل والنحل اليوم قضية يبكى عليها وتنعى وتؤبن بهذا الحجم الذي يؤبن به الإمام الحسين عليه السلام.
وقطعاً مثل هكذا ظاهرة هي تفرض السؤال على الذهن، لماذا؟ ما هي مبررات ذلك؟ وما هي فلسفة ذلك؟
البكاء هو لغة في التعبير عن قضية، كما أن الكلمة لغة، والفرحة لغة، والتصفيق أحياناً يكون لغة، كذلك البكاء هو لغة يراد منها التعبير عن شيء فتارة أنت في البكاء تعبر عن مجرد إظهار الحزن على فقد فقيد ليس إلا، وأخرى تعبر عن مظلومية قضية. وهذه القضية تارة تكون شخصية، فتنتهي بانتهاء الشخص، وأخرى تكون قضية أمّة، فطالما هناك أمّة طالما أسلوب التفاعل مع القضية وأسلوب التعبير عن تلك الظلامة يكون موجوداً.
وقضية الإمام الحسين عليه السلام ليست هي قضية شخصية، بل هي قضية أمة بكاملها ومظلومية أمة بكاملها، وليست مجرد مظلومية تاريخية؛ لأنّ الإمام الحسين (عليه السلام) أراد من عاشوراء أن يستمر على مدى الأجيال وما أراد من عاشوراء أن يبقى منحصراً في عاشوراء، ويوم كربلاء أريد له أن يكون فاتحة لملاحم الفداء والبطولة والجهاد على مرّ التأريخ، وما أريد له أن ينحصر في ذلك اليوم وفي تلك البقعة من الأرض فقط. فلابدّ أن تبقى قضية الحسين حية وماثلة في النفوس. كيف تبقى حية وماثلة في النفوس؟
بالتأكيد أن ما ينتج عن البكاء من تفاعل مع القضية الحسينية لا يحصل بمجرد الفكر والمنطق والبرهان والدليل العلمي. صحيح لابد أن نعرف قضية الإمام الحسين عليه السلام معرفة علمية، لكننا لو اكتفينا بمجرد المحاضرة، فهل نستطيع أن نشد النفوس ونحشد العواطف لقضية الإمام الحسين (عليه السلام) ـ التي هي قضية الإسلام ـ كما لو جمعنا إلى جانب العِبرة العَبرة؟
بالتأكيد نحن إذا جمعنا العَبرة إلى جانب العِبرة فإننا نستطيع أن نحشد النفوس أكثر لصاحب القضية؛ لأنّ الإنسان حينما يبكي على فقيد لابد أن يعرف مظلومية ذلك الشخص ثم يبكي. فإذا عرف مظلوميته هذا ماذا يعني؟ يعني أنّ هناك حدث وكل حدث فيه جرم وفيه ضحية، وأنّ هناك قضية عادلة اعتدي عليها، من هنا نحن نجد أن الإمام الباقر عليه السلام....
فعندما ابكي بكائي ضمنا هو إيمان بتلك القضية نابع من صميم القلب لا من صميم العقل فقط، وهذا أمر مهم لتخليد صوت الإمام الحسين (عليه السلام).
إذاً، البكاء لم يكن لذرف الدموع على قتيل قتل قبل سنين فقط، وإن كانت المأساة العظمى لأبي الشهداء (عليه السلام) تستحق أن يبكى عليها مدى العصور لكن المقصود إلى جانب عظمة المأساة لابد من شد النفوس إلى قضية الإمام الحسين عليه السلام التي هي قضية الدين والإسلام عن طريق البكاء.
فالأمور باعتباراتها، صحيح الميت يبكى عليه أياماً وينتهي كلُ شيء، لكن هذا إذا كان البكاء على الميت كميت، أمّا إذا كان البكاء هو وسيلة تعبير عن مظلومية قضية كبرى ممتدة بامتداد التاريخ، فإنّ مثل هذا البكاء خالد بخلود القضية؛ لأنّه وسيلة مؤثرة جداً في التعبير عن تلك القضية.
من هنا نحن نلاحظ أن الأئمة الأطهار (عليهم السلام) أكدوا وحثوا على مسألة البكاء على الإمام الحسين (عليه السلام) حتى روي عنهم أن من بكى له الجنة ، ومن تباكى له الجنة، ولعله من الروايات الشريفة واللطيفة في الموضوع هي هذه الرواية المروية عن الإمام الصادق (عليه السلام)، حيث قال:
(ما من عين أحب إلى الله ولا عبرة من عين بكت ودمعت عليه (أي على الحسين عليه السلام) ، وما من باك يبكيه الا وقد وصل فاطمة (عليها السلام) وأسعدها عليه ، ووصل رسول الله وأدى حقنا، وما من عبد يحشر الا وعيناه باكية الا الباكين على جدي الحسين (عليه السلام) ، فإنه يحشر وعينه قريرة، والبشارة تلقاه، والسرور بين على وجهه، والخلق في الفزع وهم آمنون، والخلق يعرضون وهم حداث الحسين (عليه السلام) تحت العرش وفي ظل العرش لا يخافون سوء الحساب، يقال لهم : ادخلوا الجنة فيأبون ويختارون مجلسه وحديثه) كامل الزيارات ص167 .
عظم الله اجركم واحسن عزاءكم
قد تعرض أهل الاختصاص إلى ظاهرة البكاء عند الكائن الحي لا سيّما عند الإنسان، وبذل العلماء جهوداً كبيرة ـ في هذا المجال ـ لاكتشاف حقيقة البكاء وفوائده، فوجدوا أنّ البكاء له دور في تخفيف التوتر العصبي، والانفعالات النفسية التي تنتاب الإنسان والكائن الحي بشكل عام. مضافاً إلى أنّ البكاء يعتبر عاملاً مساعداً للوقاية من بعض إمراض القلب، وأمراض العين، ودافع للسموم التي من الممكن أن تسبب بعض الأضرار الجانبية عند الإنسان. وقد أثبتت الدراسات العلمية من خلال إحصاءات أنّ بين كل 41 مريضاً بالقرحة المعوية يوجد 33 شخصاً على الأقل قد أصيبوا بهذا المرض نتيجة لكبت مشاعرهم بالحزن، وعدم التخلص منها عن طريق الدموع، فاختزنوها في أنفسهم، مما أدى إلى إصابتهم بالقرحة في معدتهم( انظر: ثبت علمياً: 40).
وبحث العلماء أيضاً عن أسبابه ومناشئه، فوجدوها عديدة، منها: الخوف والخشية، ومنها الفرح والسرور، ولعل أهمها هو البكاء الناشئ من الحزن وعند ورود المؤلم.
إذاً، ظاهرة البكاء هي ضرورة فسيولوجية وظاهرة طبيعية، لها فوائدها وأسبابها ومناشؤها، وليست بالظاهرة الغريبة أو الشاذة، بل الشاذ هو عدم حدوث هذه الظاهرة عند توفر أسبابها ومناشئها.
هذا بصورة عامة .اما عن البكاء في خصوص قضية الإمام الحسين (عليه السلام).
وقبل كل شيء لا بد أن نعلم أنّ تاريخ البكاء على سيد الشهداء هو تأريخ قديم يقترن بتأريخ الأنبياء عليهم السلام، فما من نبي من الأنبياء عليهم السلام إلا وبكى على الإمام الحسين(عليه السلام). ومن يرجع إلى المجامع الحديثية يجد أنّ أصحابها عقدوا فصولاً وأبواباً كثيرة لأحزان الأنبياء وبكائهم على سيد الشهداء (عليه السلام). ولإثبات هذه الحقيقة نتبرك بنقل رواية تبين حزن وبكاء أول الأنبياء آدم (عليه السلام) على سيد الشهداء (عليه السلام).
روي أنّ آدم (عليه السلام) حينما سأل الله وتاب عليه رأى على ساق العرش أسماء النبي والأئمة (عليهم السلام)، فلقنه جبرائيل قل: يا حميد، بحق محمد، يا عالي بحق علي، يا فاطر بحق فاطمة، يا محسن بحق الحسن والحسين ومنك الإحسان. فلما ذكر الحسين سالت دموعه وانخشع قلبه، وقال: يا أخي جبرائيل، في ذكر الخامس ينكسر قلبي وتسيل عبرتي؟ قال جبرائيل: ولدك هذا يصاب بمصيبة تصغر عندها المصائب، فقال: يا أخي، وما هي؟ قال: يقتل عطشاناً غريباً وحيداً فريداً ليس له ناصر ولا معين، ولو تراه يا آدم، وهو يقول: وآ عطشاه وآ قلة ناصراه، حتى يحول العطش بينه وبين السماء كالدخان... فيذبح ذبح الشاة من قفاه... فبكى آدم وجبرائيل بكاء الثكلى)( بحار الأنوار44: 245). هذا قبل الشهادة، أما بعدها فإنّ الثابت عن طريق النقل أنّ كل شيء بكى على الإمام الحسين عليه السلام؛ السماء بكت على الحسين، والأرض بكت على الحسين، وهكذا الطيور، والحيتان، والجن، والملائكة، والأولياء.
أما اليوم فأنت لا تكاد تستعرض منطقة من مناطق الكرة الأرضية إلا وفيها بكاء ومأتم للإمام الحسين عليه السلام، وهذا المعنى تستأثر به مدرسة أهل البيت عليهم السلام ولا يوجد في الملل والنحل اليوم قضية يبكى عليها وتنعى وتؤبن بهذا الحجم الذي يؤبن به الإمام الحسين عليه السلام.
وقطعاً مثل هكذا ظاهرة هي تفرض السؤال على الذهن، لماذا؟ ما هي مبررات ذلك؟ وما هي فلسفة ذلك؟
البكاء هو لغة في التعبير عن قضية، كما أن الكلمة لغة، والفرحة لغة، والتصفيق أحياناً يكون لغة، كذلك البكاء هو لغة يراد منها التعبير عن شيء فتارة أنت في البكاء تعبر عن مجرد إظهار الحزن على فقد فقيد ليس إلا، وأخرى تعبر عن مظلومية قضية. وهذه القضية تارة تكون شخصية، فتنتهي بانتهاء الشخص، وأخرى تكون قضية أمّة، فطالما هناك أمّة طالما أسلوب التفاعل مع القضية وأسلوب التعبير عن تلك الظلامة يكون موجوداً.
وقضية الإمام الحسين عليه السلام ليست هي قضية شخصية، بل هي قضية أمة بكاملها ومظلومية أمة بكاملها، وليست مجرد مظلومية تاريخية؛ لأنّ الإمام الحسين (عليه السلام) أراد من عاشوراء أن يستمر على مدى الأجيال وما أراد من عاشوراء أن يبقى منحصراً في عاشوراء، ويوم كربلاء أريد له أن يكون فاتحة لملاحم الفداء والبطولة والجهاد على مرّ التأريخ، وما أريد له أن ينحصر في ذلك اليوم وفي تلك البقعة من الأرض فقط. فلابدّ أن تبقى قضية الحسين حية وماثلة في النفوس. كيف تبقى حية وماثلة في النفوس؟
بالتأكيد أن ما ينتج عن البكاء من تفاعل مع القضية الحسينية لا يحصل بمجرد الفكر والمنطق والبرهان والدليل العلمي. صحيح لابد أن نعرف قضية الإمام الحسين عليه السلام معرفة علمية، لكننا لو اكتفينا بمجرد المحاضرة، فهل نستطيع أن نشد النفوس ونحشد العواطف لقضية الإمام الحسين (عليه السلام) ـ التي هي قضية الإسلام ـ كما لو جمعنا إلى جانب العِبرة العَبرة؟
بالتأكيد نحن إذا جمعنا العَبرة إلى جانب العِبرة فإننا نستطيع أن نحشد النفوس أكثر لصاحب القضية؛ لأنّ الإنسان حينما يبكي على فقيد لابد أن يعرف مظلومية ذلك الشخص ثم يبكي. فإذا عرف مظلوميته هذا ماذا يعني؟ يعني أنّ هناك حدث وكل حدث فيه جرم وفيه ضحية، وأنّ هناك قضية عادلة اعتدي عليها، من هنا نحن نجد أن الإمام الباقر عليه السلام....
فعندما ابكي بكائي ضمنا هو إيمان بتلك القضية نابع من صميم القلب لا من صميم العقل فقط، وهذا أمر مهم لتخليد صوت الإمام الحسين (عليه السلام).
إذاً، البكاء لم يكن لذرف الدموع على قتيل قتل قبل سنين فقط، وإن كانت المأساة العظمى لأبي الشهداء (عليه السلام) تستحق أن يبكى عليها مدى العصور لكن المقصود إلى جانب عظمة المأساة لابد من شد النفوس إلى قضية الإمام الحسين عليه السلام التي هي قضية الدين والإسلام عن طريق البكاء.
فالأمور باعتباراتها، صحيح الميت يبكى عليه أياماً وينتهي كلُ شيء، لكن هذا إذا كان البكاء على الميت كميت، أمّا إذا كان البكاء هو وسيلة تعبير عن مظلومية قضية كبرى ممتدة بامتداد التاريخ، فإنّ مثل هذا البكاء خالد بخلود القضية؛ لأنّه وسيلة مؤثرة جداً في التعبير عن تلك القضية.
من هنا نحن نلاحظ أن الأئمة الأطهار (عليهم السلام) أكدوا وحثوا على مسألة البكاء على الإمام الحسين (عليه السلام) حتى روي عنهم أن من بكى له الجنة ، ومن تباكى له الجنة، ولعله من الروايات الشريفة واللطيفة في الموضوع هي هذه الرواية المروية عن الإمام الصادق (عليه السلام)، حيث قال:
(ما من عين أحب إلى الله ولا عبرة من عين بكت ودمعت عليه (أي على الحسين عليه السلام) ، وما من باك يبكيه الا وقد وصل فاطمة (عليها السلام) وأسعدها عليه ، ووصل رسول الله وأدى حقنا، وما من عبد يحشر الا وعيناه باكية الا الباكين على جدي الحسين (عليه السلام) ، فإنه يحشر وعينه قريرة، والبشارة تلقاه، والسرور بين على وجهه، والخلق في الفزع وهم آمنون، والخلق يعرضون وهم حداث الحسين (عليه السلام) تحت العرش وفي ظل العرش لا يخافون سوء الحساب، يقال لهم : ادخلوا الجنة فيأبون ويختارون مجلسه وحديثه) كامل الزيارات ص167 .
المشاركة الأصلية بواسطة ترانيم السماء
مشاهدة المشاركة
- ايضا يمكننا القول بانه البكاء على الحسين ماهو إلا كشف عن مظاهر التعبير عن الحزن والأسى والتظلم المعقول وهذا ما دلت عليه أحاديث كثيرة عن أهل البيت(ع).
وهذه النصوص تبن أهمية الآثار المترتبة عليه،وذلك لما فيه من التفاعل العاطفي والروحي مع مأساة أبي الأحرار الحسين(ع).
كما وردت نصوص تشير إلى بكاء الأئمة(ع)من بعد الحسين على مصاب الحسين(ع).
ويعتبر واضع هذه الأسس من الأئمة بعد الحسين(ع)إمامنا زين العابدين(ع)حيث وضع أسسه ورفعه في مداه الواسع.
فقد جاء في كامل الزيارات أن مولى للإمام زين العابدين(ع)اشرف عليه وهو في سقيفة له ساجد يبكي،فقال له:يا علي بن الحسين،أما آن لحزنك أن ينقضي؟فرفع رأسه إليه وقال:ويلك والله لقد شكا يعقوب إلى ربه في أقل ما رأيت حيث قال:- (يا أسفاً على يوسف)وإنه فقد ابناً واحداً،وإني رأيت أبي وجماعة أهل بيتي يذبحون حولي.
وفي وسائل الشيعة عن أبي عبد الله الصادق(ع)أنه قال:بكى علي بن الحسين على الحسين بن علي صلوات الله عليهم أجمعين عشرين سنة-أو أربعين سنة-وما وضع بين يديه طعام إلا بكى على الحسين(ع)حتى قال له مولى له:جعلت فداك يا ابن رسول الله،إني أخاف عليك أن تكون من الهالكين!فقرأ:- (إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون)إني لم أذكر مصرع بني فاطمة إلا خنقتني لذلك العبرة.
هذا ولا يمكننا أن نحمل هذه الممارسة الواسعة والممتدة للإمام زين العابدين(ع)على أنها مجرد انفعال عاطفي بالمشاهد التي عاشها أيام محرم الحرام،بحيث لم يكن قادراً على ضبط أحاسيسه وعواطفه طيلة هذه الفترة من الزمن،نعم نحن لا ننكر هذا الجانب،لكننا لا يمكننا أن نحصره في خصوصه دون غيره،ولذا ينبئ هذا العمل من الإمام(ع)مضافاً إلى البعد العاطفي عن تصميم وتخطيط محكم كان يمارسه الإمام زين العابدين(ع)يعتمد على الحقيقة المأساوية التي عاشها(ع)شخصياً،ويؤكد عمقها وهولها،لتبقى قضية الأمة الإسلامية،وتـتحرك على أساسها الأمة المؤمنة لتقف في وجه الظالمين والطغاة والمردة.
وقد أعطى أئمة أهل البيت(ع)بعد الإمام زين العابدين(ع)عمقاً آخر لهذا الشعار عندما طرحوه مصداقاً من مصاديق تعظيم شعائر الله، وأسلوباً للتعبير عن استنكار الظلم، والتفاعل الذاتي مع قضية كربلاء وأهدافها، ومنهجاً لتـزكية النفس وتهذيبها، بحيث تحول إلى عبادة يمارسها الإنسان بطريقة فردية أو جماعية.
فقد ورد التأكيد عن أهل البيت(ع)على أهمية البكاء أو التباكي على الحسين(ع)والثواب المترتب عليه، بحيث أصبح مصداقاً آخر من مصاديق البكاء المحبوب لله تعالى، يشبه البكاء من خشية الله سبحانه وتعالى.
فعن أبي عبد الله الصادق(ع)أنه قال لفضيل:تجلسون وتحدّثون؟قال:نعم جعلت فداك.قال:إن تلك المجالس أحبها،فأحيوا أمرنا يا فضيل،فرحم الله من أحيا أمرنا،يا فضيل من ذكرنا أو ذكرنا عنده فخرج من عينه مثل جناح الذباب غفر الله له ذنوبه ولو كانت أكثر من زبد البحر.
أما بالنسبة لفلسفة البكاء:
تظهر أهميته بالإضافة إلى الجانب العبادي والتعبدي الذي أشير له في النصوص بملاحظة الآثار التالية المترتبة عليه:
أولاً:إن البكاء له بعد سياسي، لأنه طريقة فضلى إنسانية واجتماعية،سليمة وهادئة،لاستنكار الظلم والتعبير عن عمق المأساة والمظلومية التي تعرض لها الإمام الحسين(ع)وأهدافه النبيلة.
وتظهر أهمية هذا الأسلوب في هذا البعد السياسي في ظروف المحنة والقمع والإرهاب، عندما تعجز بقية الأساليب عن التعبير عن ذلك.
وقد كان شيعة أهل البيت يعيشون في مختلف الأدوار ظروفاً صعبة وقاسية، فيصبح هذا الأسلوب أفضل أسلوب للتعبير عن موقفهم السياسي وبقائهم مشدودين إلى هذا الموقف.
ولعل هذا التفسير يعيننا على فهم الاهتمام الشديد من الإمام زين العابدين(ع)بهذا الأسلوب بالذات،بالإضافة إلى الواقع النفسي الذي كان يعيشه بسبب حضوره في كربلاء.
وهذا يؤكد حقيقة مهمة في تخطيط أهل البيت(ع)تجاه القضية السياسية وهي أن الإنسان المؤمن لابد له أن يقرن إيمانه السياسي بالقضية بموقف عملي تجاهها مهما كانت الظروف، ولو كان هذا الموقف العملي هو أضعف الإيمان، ولا يصح له بأي حال من الأحوال أن يقف موقف اللامبالاة تجاه الفكر السياسي أو العقيدة السياسية.
وهذا المعنى قد يظهر من النصوص الواردة عنهم(ع)في موضوع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من وجوب إنكار المنكر ولو بالقلب إن لم تكن المراتب الأعلى مقدورة، أو كانت محظورة، ولذا عبر عنها بأنها أضعف الإيمان.
ثانياً:إن البكاء يجسد في نفس الوقت تفاعلاً ذاتياً أخلاقياً مع مأساة كربلاء،ولكن بالحد الأدنى من التفاعل،ويشد عواطف الإنسان المسلم بالقضية وأهدافها ورجالها ويبعده وينفره طبيعياً عن أعدائها وأخلاقهم ومقاصدهم.
وهذا البعد الأخلاقي في البكاء كان أحد الأسباب الطبيعية التي تمكن أهل البيت(ع)من خلالها أن يحفظوا في أصحابهم أخلاقية الانضمام والوقوف إلى جانب الحق والمواجهة للظلم بالرغم من الضغوط التي كانوا يواجهونها سواء على المستوى الاجتماعي أو الفردي،وسواء على المستوى الخارجي كالضغوط التي يمارسها الطغاة ضدهم،أو على المستوى الداخلي كضغوط الشهوات والرغبات.
ثالثاً:إن البكاء يمثل منهجاً في تزكية النفس وتطهيرها من الأدران، ويرفع درجة الإحساس في الإنسان بالآم الإنسانية،والانحرافات الاجتماعية والوعي لقضايا الظلم والعدل،لأنه يؤثر في رقة القلب ويقظة الضمير ووعي الوجدان.
ومن المعروف أن إحدى القضايا الأخلاقية التي أولاها الإسلام والشرع الشريف أهمية عظمى قضية قسوة القلب وخشوعه، لما لها من أهمية في التأثير في مسيرة الإنسان الذاتية، ولذا نرى القرآن الكريم عالجها في مواطن كثيرة، وانتقد بشدة قسوة القلب، كما مجد رقة القلب وخشوعه، قال تعالى:- (ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة)سورة البقرة الآية رقم 74.
ولا شك أن البكاء يمثل أفضل وسيلة لغسل درن القلب، وتهيئة الأرضية الصالحة فيه للتفاعل والتأثر.
ومن هنا جاء الحث الشديد من الشارع المقدس على البكاء من خشية الله تعالى، وأصبحت العين الباكية من خشية الله في وصف العين التي تكف عن محارم الله أو تسهر في سبيل الله كما ورد في ذلك في بعض النصوص.(بحار الأنوار ج 93 ص 329).
على أنه يمكننا أن نتصور أمراً آخر في البكاء وهو كونه بعداً ثقافياً يرتبط بموضوع العدل والظلم، حيث إن دوافع البكاء التي تثير في الإنسان هذا الإحساس العاطفي والوجداني، لا شك أن لها تأثيراً في ثقافة الإنسان وفهمه للحياة وتفاعله مع قضاياه، وعندما يتم التركيز على الإثارة تجاه المظلومية والتعرض للعدوان ويتفاعل الإنسان مع هذه الإثارة،فلا شك أن الإنسان سوف يكون تصوراً عن أسباب الظلم ورفضها،وعن مقايـيس العدل والالتزام بها.
اللهم صل على محمد وال محمد
عظم الله لك الاجر سيدي يارسول الله
عظم الله لك الاجر ياسيدي ياامير المؤمنين
عظم الله لك الاجر سيدتي ومولاتي يافاطمة الزهراء
عظم الله لك الاجر سيدي ومولاي ايها المغيب في عذابات السنين ياحجة بن الحسن المهدي
وعظم الله لكم الاجر جميعا اخوتي واخواتي الاكارم بقرب هتك حرمة ال الله
وقطع رؤسهم وسبي نسائهم المخدرات
ونسال الله ان يكتبنا من المعزين المقبولين بسجله الاوفى
وفي البدء ارحب بردود الاخت الكريمة (ترانيم السماء )
التي تعودنا منها كل ابداااع واحتواء للفكر
وكلمات مباركة مزجتي بها بين العِبرة والعَبرة التي اكدت عليها عاشوراء الحسين عليه السلام
فلا احد يستطيع ان يفصل هذين الجانبين عن بعضهما
فاذا فرغنا القضية الحسينية من العَبرة فقدت حياتها وديمومتها
واذا فرغناها من العِبرة فقدت ثمارها ودروسها المتواخاة للتربية والتعليم للاجيال
بمسيرة الامام الحسين عليه السلام
وهذا هو مانريده بلا زيادة ولاقصور بل بتوازن بينهما الى اخر الزمان
وسنستفيض بهذا الموضوع عن العَبرة بمحورنا المبارك
فكونوا معنا ....


عظم الله لك الاجر سيدي يارسول الله
عظم الله لك الاجر ياسيدي ياامير المؤمنين
عظم الله لك الاجر سيدتي ومولاتي يافاطمة الزهراء
عظم الله لك الاجر سيدي ومولاي ايها المغيب في عذابات السنين ياحجة بن الحسن المهدي
وعظم الله لكم الاجر جميعا اخوتي واخواتي الاكارم بقرب هتك حرمة ال الله
وقطع رؤسهم وسبي نسائهم المخدرات
ونسال الله ان يكتبنا من المعزين المقبولين بسجله الاوفى
وفي البدء ارحب بردود الاخت الكريمة (ترانيم السماء )
التي تعودنا منها كل ابداااع واحتواء للفكر
وكلمات مباركة مزجتي بها بين العِبرة والعَبرة التي اكدت عليها عاشوراء الحسين عليه السلام
فلا احد يستطيع ان يفصل هذين الجانبين عن بعضهما
فاذا فرغنا القضية الحسينية من العَبرة فقدت حياتها وديمومتها
واذا فرغناها من العِبرة فقدت ثمارها ودروسها المتواخاة للتربية والتعليم للاجيال
بمسيرة الامام الحسين عليه السلام
وهذا هو مانريده بلا زيادة ولاقصور بل بتوازن بينهما الى اخر الزمان
وسنستفيض بهذا الموضوع عن العَبرة بمحورنا المبارك
فكونوا معنا ....


اترك تعليق: