إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

العرفان والشعائر الحسينية ، خواصر الشيعة الرخوة

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • العرفان والشعائر الحسينية ، خواصر الشيعة الرخوة


    لو رجعنا الى بعض العقائد والمسالك والطرق الدينية الفاسدة ، كالتصوّف في الإسلام والرهبانية عند النصارى .. لوجدنا أن منطلقاتها فيها الكثير من النوايا الصادقة والأهداف الحسنة ، وأن أصحابها يحسبون أنهم ممن يُحسنون صنعاً بحسب التعبير القرآني ..

    ولعدم الإلتزام بالحدود والقواعد والتعليمات الخاصة بكل دين فيما يخصّ إعتناق عقائده وإتّباع شريعته ، ولأنَّ الأهواء والأوهام قد أخذت مأخذها في ذلك .. سقط أصحابها في المحذور وتورّطوا بعقائد خاطئة وطرق عبادة محظورة ..!

    فبحجّة الحبّ والقرب الإلهي والرغبة الشديدة والمنفلتة بنفس الوقت .. ظهرت لنا حركات صوفية وباطنية .. في الإسلام ، فاتّبعوا طرقاً غريبة وبعيدة عن روح الإسلام وسيرة المسلمين ، سواء كانت مشارب عبادية خاصة هم يرونها كفيلة بصفاء الروح وتعميق الإنقطاع والقرب من الله تعالى ، أو اعتقادات أقرب للكفر منها للإيمان الحقيقي ، كالحلول والإتحاد والغلوّ وما شاكلها ..

    وكذا الرهبانية التي ابتدعها النصارى في دينهم والمبالغة في تقديس رسولهم حتى أوقعتهم في عقيدة التثليث الشركية وصار المسيح عندهم هو إبن الرب ..!

    كلّنا معرّضون الى هكذا اخطاء في عقائدنا وعباداتنا إذا لم نلتزم بأصول والتزامات وأحكام وآداب الإسلام التي جاءتنا من نبعها الصافي وجهتها الموثوقة .. وأعتقد أنّ موضوع ( العرفان والباطن ) وموضوع ( الشعائر الحسينية ) هما من أكثر الموضوعات عرضةً للإنزلاق والإنحراف في الوقت الحالي بين صفوف أتباع أهل البيت ؏ ، فالتوّهم فيهما كبير والتشابه بين الحق والباطل داخلهما جدُّ خطير ..

    لأسباب كثيرة بات كل من ( العرفان ) و ( الشعائر الحسينية ) من أكثر الفروع الدينية خطورة ، وأوسعها تقبّلاً للأخطاء والإنحرافات والخرافات والإدّعاءات :

    ١. لأنها ذات طبيعة تُلامس روح الشخص أو عواطفه ، فيشعر باللذة اتجاهها وتنعكس في نفسه آثار لا يجدها في غيرها بسهولة .. مما يقلّل من سلطة العقل عليها ويصعّب مهمّة إخضاعها الى ثوابت وضرورات العقيدة والفكر والفقه والأخلاق .. فيلتبس عندها الحق بالباطل للأسف .. إلا مَن رحم ربي .

    ٢. ولأنها بنفسها تستند على مقولات وأفكار بل حتى نصوص قابلة للمطّ والتأويل والتوجيه بإتجاهات متعددة ، وبالتالي فهي مَصيَدة للمغالطات والتوهّمات والمسامحات الكبيرة ..

    ٣. ولأنها - وبحسب العادة الجارية - خارج سلطة الفقهاء وتخصّصهم وإهتماماتهم الأساسية ، فلا نجد مثلاً درساً علمياً منهجياً يتناولها ، أو باباً في رسالة فقهية عملية خاصّاً بالشعائر الحسينية أو بالقضايا العرفانية والروحية توازي أبواب الفقه الأخرى من صلاة وصيام وطهارة وخمس وزكاة .. الخ ، وبالمقابل تتبناها شخصيات استطاعت أن يكون لها تأثيراً وهيمنة .. الأمر الذي قلّل من أهمّية الاستفتاءات الفرديّة والتوجيهات التي تصدر بين فترة وأخرى وضعّف من مستوى التفاعل معها ..

    ٤. إمكانية ادّعاءها والتحدّث بها وممارستها ممن لا حظ له في علمٍ أو دراسة .. فلا يُطلب من صاحبها أن يكون ذا إختصاص علمي معيّن ولا حتى ثقافة دينية .. فهي عنده أقرب الى المهارة وأحوج الى التحلّي ببعض المواهب والملكَات ..

    ٥. فيها فسحة كبيرة ومغرية للرياء وإبداء المظاهر .. وفي المقابل فإن من يُتقنها سيجد أمامه جمهوراً من المنجذبين والمتأثّرين .. فتختلف عند البعض بوصلة النيّة من السعي لرضا الله الى رضا الأتباع والمريدين ..!

    هذه الأسباب وغيرها أدّت إلى إستفحال تلك الأخطاء داخل تلك الفروع وبشكل متسارع ، وكذلك تعقّد طرق حلّها ومعالجتها مما تسبب في الإكثار من تسجيل المؤاخذات والنقاط المحسوبة على المذهب ..

    فمن الأسباب السابقة وغيرها - وعلى رأس ذلك الغير هو الحرب المستعرة ضد الدين والمذهب من قبل الأعداء - وفيما يخص موضوع العرفان ، ظهرت لنا حركات باطنية منحرفة كثيرة ، تسبّبت في حدوث هزّات إجتماعية وعقائدية وأخلاقية وحتى سياسية داخل الوسط الشيعي رغم محدوديتها النسبية والانقضاض السريع على بعضها .

    إختلفت طرقها ومناهجها وإن إتحدّت في بعض النتائج العامة ، من عكس صورة مشوهة عن المذهب وتغرير لبعض شرائح المجتمع الموالي لأهل البيت وخاصة الشباب وعرقلة وتأخير ما ينبغي قطعه من خطوات تنفع المؤمنين في دينهم .. فبعضها إتخذ من محاربة الفقهاء والتشكيك بمسألة التقليد مسلكاً ، وبعضها الآخر انتهج طريق الحركات المهدوية المنحرفة وتلبّس بإدعاءات ومسمّيات مختلفة ، مثل السلوكيين وجند السماء والمولوية والحجّتية وأصحاب القضية ..

    ولكل عنوان من هذه العناوين والمسمّيات اعتقاداته الخاطئة وأساليبه في العمل والتنفيذ ، فرائحة الغلو عند بعضها تزكم الأنوف وبعضها الآخر يؤمن بعقيدة حلول أرواح الائمة أو بعض الصالحين ببعض الشخصّيات ، أو الإعتقاد بالتناسخ وتكرار المولد ، وبعضها يدّعي البابية للإمام الغائب والإتصال به بطريقة وأخرى ، غير حركات التمهيد والتوطئة للظهور ، بل بعضهم يرى بأنه يعيش عصر الظهور فعلاً ..! .

    بعض هذه التنظيمات يُسقط بعض التكاليف الشرعية ويحلّل بعض المحرّمات ويسعى للإكثار من الفساد كشرط لظهور الإمام المهدي ؏ ، ويتحدّث بعضهم عن ما يسمّى بظاهر الشريعة وباطنها وبألفاظ فضفاضة يمرر من خلالها اعتقاداته وأوهامه بحيث يعمل على تأويل معاني القرآن والأحكام والعقائد الإسلامية على هواه ومبتغاه . وبعض هذه الحركات يعتنق فكرة تكفير المجتمع .. وإلى عشرات بل مئات الأفكار والمعتقدات التي اخترعوها وابتدعوها سواء ما أعلنوا عنه أو ما زال قيد التداول السري والشخصي بينهم أو ما كان في ماكنة التصنيع وخط الانتاج بعد ..

    أما فيما يخص الشعائر الحسينية فهي الأخرى على أهميتها وحساسيتها وتنوعها نجدها في أحيان كثيرة خارج حدود التحكّم والسيطرة .. فلعنصر العاطفة والحماس والظهور أمام الجمهور والإعتماد على شريحة الخطباء وأصحاب المراثي والشعراء وأصحاب المواكب والهيئات كمرجع ومدير رئيسي للعملية سواء في مسألة التنظير الفكري للقضية الحسينة أو في جانب تصميم الهيكل العام للشعائر وطريقة إحياء الذكرى .. كلُّ هذه وغيرها وراء وقوع بعض الهفوات وجعل بعض الممارسات غير آمنة على الفكر والعقيدة ونظرة الآخر للمذهب ..

    فالاعتماد على روايات تاريخية ضعيفة أو مُختلقة ، والتكلّم بلسان الحال واستغلال ما تسمح به اللغة العربية من مجازات واستعارات .. ، وتحليق خيال الشاعر بعيداً في بعض الأحيان ، وبذريعة إثارة العواطف والأحزان ، والتأثر والإنصياع للإنفعالات العاطفية التي تتهيج اثناء اقامة العزاء ، بالإضافة الى بعض الإجتهادات الخاصّة واستيراد بعض أشكال العزاء والتعبير عن الحزن من مجتمعات وشعوب أخرى لها طريقتها الخاصة .. كان سبباً لتحريفات كبيرة في مستندات القضية الحسينية أو في ممارسات إحياءها ، فانطبعت بعض الصور التي لا تليق بالواقعة ولا بشخصياتها ، فضلاً عن بعض المخالفات العقائدية والفقهية التي نراها في زيادة مستمرة بمرور الزمن وبوتيرة متسارعة ومخيفة للأسف الشديد ..

    القضية الحسينية واجهة مذهب وهي أمام مرأى ومسمع الجميع ، من خلالها يتشكل الانطباع العام عن أتباع مدرسة أهل البيت ؏ وعن طريقها تتحدد مواقف القبول والرفض من قبل الآخرين ، وعلى أساسها تُبنى آراء فقهية وعقدية عندهم اتجاهنا .. فعن طريقها قد نُتهم بالكفر أو الشرك أو الغلو أو كوننا أصحاب بدع وخرافات ، فيحلّ الآخر قتلنا ومحاربتنا بما لديه من إمكانيات سياسية واقتصادية وعسكرية ..

    ما العلاج ..؟ تتسابق الى الذهن الكثير من الحلول والإجراءات الممكن اتباعها والمتوقع أنها تنتج نتائج طيبة في هذا الجانب ، الا إني أرغب في التركيز على ثلاثة أمور أراها مهمة وتأسيسية وتحت القدرة والإمكان :

    ١. ينبغي أن تتكامل جميع فروع الدين مع الفقه ، الفقهاء لهم القوامة على الإسلام في عصر غيبة المعصوم لأسباب عديدة تعود الى علم الفقه نفسه من رصانة ودقة وشمولية وبراءة الذمة عند العمل وفق مخرجاته ، وإلى الشخصيّة التي يتحلى بها فقهاؤنا والتي تحمل أكمل وأليق السجايا والصفات بحيث تشعر أنك بأيدٍ أمينة وحريصة .. أمّا أن نقدّم نماذجاً دينية أخرى للإسلام ومذهب أهل البيت تتصارع فيها فروع الدين مع بعضها ولا تعطي للفقهاء موقعهم المناسب وتحاول الانفصال عن فقه الشريعة .. فإننا بذلك نكون قد كتبنا على الإسلام السلام .. وهذا الأمر يحتاج الى تحرّك وتقارب من الطرفين ، فيمكن مثلاً أن يكون لكل موكب وهيئة حسينية مرشداً دينياً خاصا .. وبدلاً من أن ننخدع ونسير خلف كل من هبّ ودبّ مدعياً للعرفان وعلوم الباطن .. فبحمد الله لدينا فقهاء عرفاء ومن أهل الباطن ايضاً يشهد لهم القاصي والداني بالفضل والتقوى والمعرفة يمكن أن نجد عندهم ما يروي الظمأ ويشفي الغليل بدون مخاوف أو قلق ..!

    ٢. نحتاج الى خط صدّ ثقافي مهمته رصد ومواجهة هكذا تجاوزات وانحرافات ، يتألف خط الصد هذا من شريحة تحمل ثقافة ( دينية وعامة ) مناسبة ، ولديها وعي إسلامي وهمّ رسالي وأن يكون لديها أيضاً الصوت المسموع والأداة المؤثرة تستطيع من خلالها المشاركة في تحريك عجلة المجتمع وتصوّيبها بالإتجاه الصحيح .. ولو كان هذا الصوت وهذه الأداة حساباً على مواقع التواصل الاجتماعي فضلاً عن قناة فضائية أو منتديات معرفية .. الخ

    ٣. أن تنتشر وتترسخ ثقافة شعبية رافضة لهكذا حركات وانحرافات بحيث يشعر من يمارسها بمنبوذية مجتمعية لا يستطيع مواجهتها ، فالعقل الجمعي قائد .. فلو هبّت الجماهير سويةً في نقد ورفض كل تصرف خاطىء يطفح على الساحة لإستطعنا مكافحة كل الاخطاء بالتدريج ..

    نسأل الله التوفيق والتسديد للجميع ، والحمد لله رب العالمين​

  • #2
    احسنتم ويبارك الله بكم
    شكرا لكم كثيرا
    مأجورين
    ​​​​​

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
    x
    يعمل...
    X