بسم الله الرحمن الرحيم
اللّهم صلّ على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال تعالى في كتابه الكريم: ((رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ)) [إبراهيم : 40]..
عندما يطلب نبي من أنبياء الله تعالى وخاصة إذا كان خليله بأن يجعله مقيم الصلاة، فهذا يعني انّ الذي يطلبه على درجة من الأهمية والخطورة بمقام..
ونحن ولله الحمد نصلّي صلواتنا الواجبة والبعض يصلّي المستحبة منها..
وقد قرأنا قوله تعالى: ((وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ)) [العنكبوت : 45]..
فنبي الله إبراهيم عليه السلام عندما طلب بأن يجعله مقيم الصلاة فهو يعي هذه الحقيقة تماماً، لذلك طلب طلبه..
فهل تفكّر أحدنا بأنّ صلاته هل نهته عن الفحشاء والمنكر، أم انّها مجرد حركات تكاد تكون رياضية، أو متعوّد على أدائها؟
ولنعلم بأنّ معنى الفحشاء هو الفجور والمعصية، وأعاذنا الله تعالى وإياكم من الفجور والمعصية، فاذا كنّا متأكدين ولله الحمد والمنّة بعدم الفجور، فيمكن أن نقع في المعصية.. والمعصية من معانيها مخالفة أوامر الله تعالى، فلنعيد حساباتنا وللنظر نحن الخاطئون هل وقعنا في المعصية وخالفنا بعض أوامر الله تعالى أم لا؟
والمنكر حسب تعريف أهل اللغة معناه: كلُّ ما تحكم العقولُ الصحيحةُ بقُبْحِه. أَو يُقَبِّحُه الشَّرْعُ أَو يُحرِّمه أَو يكرهُه..
فهل راقبنا أنفسنا وأفعالنا بعدم فعل القبيح، من خلال قول أو تصرّف أو حركة أو غمزة أو غيرها من الأمور التي يحكم العقل بقبحها..
فاذا كنّا على وعي تام بهذه المعاني فلنعد الى ساحة الربّ ونطلب منه العفو والمغفرة، لأنه يعلم بسرائر الأنفس وما تخفي، ويعلم بأنّنا غير معصومين، ولكنه يريدنا أن نراقب أنفسنا ونصفيها من الأدران التي تتكلّس على جدرانها فتكون قاتمة سوداء لا روح فيها، فهو تعالى في الوقت نفسه لا يريدنا أن نتمادى في غيّنا ونجعل عباداتنا مجرد حركات لا نفع فيها ولا خير، بل يريدنا أن نعود اليه في كل يوم لا أقل خمس مرّات في أوقات الصلاة التي تعتبر بمثابة الماء الذي يغسل تلك الأدران والأوساخ التي علقت بها لنعاود تلك الصلة التي تربطنا بالله تعالى لنكون بحق من العابدين له، ولا نكون كالبهائم التي همّها علفها وشغلها تكممها..
فاذا وصلنا الى هذه الحال علمنا انّ صلاتنا بحق تنهى عن الفحشاء والمنكر.. ومن هنا نعلم انّ الصلاة عمود الدين.. وقد حثّ القرآن الكريم عليها كثيراً وما أوصى الله تعالى في كتابه بوصايا إلا كانت الصلاة رأسها وأولها..
فدرجة القرب والبعد من الله تعالى تتعلق بصورة رئيسية بمدى مقبولية الصلاة عنده تعالى، ويُعلم مدى مقبوليتها من الباري عزّ وجلّ من شدة ما تنهاه صلاته عن الفحشاء والمنكر، فقد ورد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ((من أحب أن يعلم قبلت صلاته أم لم تقبل، فلينظر هل منعته صلاته عن الفحشاء والمنكر، فبقدر ما منعته قبلت صلاته))..
نسأل الله تعالى لنا ولكم بقبول الصلاة وصالح الأعمال..
تعليق