إذا أراد المرء أن يعالج نفسه من داء الكِبْر فعليه اليقظة من الغفلة، ومن ثمّ تطهير القلب بنار الندامة، وهي بمثابة الخطوة الأولى لاستئصال هذه الرذيلة من جذورها، وأمّا الدواء والعلاج فهو على قسمين:
أ- العلاج العلمي: وهو بأن يتفكّر الإنسان المتكبّر بحال نفسه، وبمفاسد الكِبْر وآثاره السلبية. فمن المفيد للتخلّص من آفة الكِبْر أن يتفكّر الإنسان أولاً في حقيقة نفسه وفقره، كيف خُلق من نطفةٍ مهينة يستقذرها الناس، ومن ثمّ أصبح طفلاً ضعيفاً لا يقوى على شيء، وحتى عندما أصبح بالغاً وقويّاً فإنّ قواه ليست تحت تصرّفه، فلا يمكنه المحافظة على شبابه وجماله وصحّته، أو دفع المرض أو البلايا عنه... وتستمرّ مسيرته إلى أن يبلغ سنّ الشيخوخة، فيكون ضعيفاً عاجزاً لا يستطيع السير خطواتٍ معدودة بمفرده، إلى أن توافيه المنيّة، فيصبح جيفةً نتنة رائحتها تزكم الأنوف، وثرواته يتناقلها الورثة، وعن الإمام الباقر عليه السلام: "عجباً للمختال الفخور! وإنّما خلق من نطفة، ثمّ جيفة، وهو فيما بين ذلك لا يدري ما يُصنع به"[1].
وإذا ما انتقل إلى العالم الآخر ولم يتخلّص من رذيلة الكِبْر واستحكمت به آثارها المهلكة، فإنّه سيلاقي من أنواع العذاب ما لا يمكن وصفه.
ب- العلاج العملي: بعد أن يرى الإنسان خطورة بقاء هذه الرذيلة الأخلاقية على إيمانه ومصيره في الآخرة، لا بدّ له من السعي بجدّ للتخلّص منها. وأفضل سبيلٍ هو أن يعمل بما يضادّها، أي كلّما دعته نفسه ليتكبّر على الآخرين، يقمعها ويخالف أوامرها بأن يتواضع لهم، فعن الإمام علي عليه السلام: "ضادّوا الكِبْر بالتواضع"[2]. فإذا رأى أنّ سبب تكبّره ارتداء الملابس الفاخرة أو اقتناء الحاجيّات الفخمة، فعليه أن يبادر إلى ارتداء الملابس البسيطة، وإن لاحظ في نفسه نفوراً من مجالسة الفقراء، فيصرّ على مجالستهم ومساعدتهم. وإن كان يحب أن يتقدّم القوم، فليعمد إلى تقديمهم على نفسه، وإن كان لا يصغي إلى كلام الآخرين، أو لا يقضي حوائجه بنفسه دون الاعتماد على الآخرين، فعليه العمل بخلاف ذلك. وإذا حدّثته نفسه بالتعالي على غيره والسعي لإذلالهم أو الاعتداء على حقوقهم، فليتذكّر ما أعدّه الله من عذابٍ للمتكبّرين الظالمين: ﴿قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ﴾[3].
أنوار الحياة، دار المعارف الإسلامية الثقافية
[1] العلّامة المجلسي، بحار الأنوار، مؤسّسة الوفاء - بيروت - لبنان، 1403 - 1983م، ط 2،باب الكبر،ج70، ص229،ح22.
[2] الشيخ الكليني، الكافي، ج2، ص 329.
[3] سورة الزمر، الآية 72.
[2] الشيخ الكليني، الكافي، ج2، ص 329.
[3] سورة الزمر، الآية 72.