[ من أنوار الإمام الحسن العسكري عليه السلام ]
(1)
(جَـلَّ أنْ يُری )
عن يعقوب بن إسحاق :
كتبتُ إلى أبي محمد عليه السلام أسأله : كيف يَـعْـبُـدُ العبد ربَّـهُ وهو لا يراه ؟
فَـوَقَّع عليه السلام : " يا أبا يوسف ! جَـلَّ سيدي ومولاي والمُـنْعِم عَـلَيَّ وعلى آبائي أن يُرى " ،
قال : وسألتُه : هل رأى رسول الله صلى الله عليه وآله رَبَّه؟
فَـوَقَّع عليه السلام : " إنَّ اللهَ تبارك وتعالى أرى رسولَـهُ بِقَـلبِهِ مِنْ نورِ عَظَمَتِه ما أحَبَّ . " (ص/ 40)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(2)
( الإسم الأعظم )
۞ بِسۡمِ ٱللهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیم ۞
أقربُ إلی إسم الله الأعظم مِنْ سوادِ العينِ إلی بَـيَاضِها .(ص / 40)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(3)
( له الخلق والأمر )
ـ قال أبو هاشم : سأل محمد صالح الأرمني أبا محمد عليه السلام عن قوله تعالی ۞..... للهِ الأمرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ ..... ۞ (الروم / 4)
ـ فقال عليه السلام : " لَـهُ الأمر من قبلِ أن يأمُرَ بِـهِ ، ولهُ الأمر مِنْ بَعدِ أن يأمُرَ بِـهِ بما يشاء . "
ـ فقلتُ في نفسي : هذا قول الله ۞ ......أَلَا لَهُ ٱلۡخَلۡقُ وَٱلۡأَمۡرُ تَبَارَكَ ٱللهُ رَبُّ ٱلۡعَالَمِین. ۞ (الأعراف/ 54)
ـ فأقبَلَ عَـلَـيَّ ، وقال : " هُوَ كما أسرَرتَ في نفْسِكَ ۞ ......أَلَا لَهُ ٱلۡخَلۡقُ وَٱلۡأَمۡرُ تَبَارَكَ ٱللهُ رَبُّ ٱلۡعَالَمِین. ۞ "
ـ قلتُ : أشهَدُ أنَّكَ حُجَّةُ الله ، وابْنُ حَـجَّتِـهِ علی عِبادِهِ . (ص / 41 - 42)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(4)
( خالق كل شيء )
ـ قال أبو هاشم : خَـطَـرَ ببالي أنَّ القرآن مخلوق أم غير مخلوق ؟
ـ فقال أبو محمد : " يا أبا هاشم ! أللهُ خالقُ كُلِّ شيء ، ومَا سِواهُ مخلوق . "
(ص / 42)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(5)
( النبيّ صلی الله عليه وآله وسورة الفاتحة )
ـ إن الله خصَّ بسورة الفاتحة محمداً صلى الله عليه وآله وشَـرَّفهُ [ بها ] ، ولم يُشرِك معه فيها أحداً من أنبيائه ما خلا سليمان عليه السلام فإنه أعطاه منها ۞ بِسۡمِ ٱللهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیم ۞
ـ ألا تری أنَّه يحكی عن بلقيس حين قالت :
۞ قَالَتۡ یَاأَیُّهَا ٱلۡمَلأ إِنِّي أُلۡقِيَ إِلَيَّ كِتَابࣱ كَرِیمٌ ۞ إِنَّهُ مِن سُلَیۡمَانَ وَإِنَّهُ بِسۡمِ ٱللهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیم ۞
(سُورَةُ النَّمۡل/ 29 - 30 )
(ص / 51)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(6)
( المؤمن يُـصَـدِّقنا )
ـ عن أبي هاشم الجعفري ، قال :
كنتُ عند أبي محمد عليه السلام فسألهُ محمد بن صالح الأرمني عن قول الله : ۞ ۞ وَإِذۡ أَخَذَ رَبُّكَ مِنۢ بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمۡ ذُرِّیَّتَهُمۡ وَأَشۡهَدَهُمۡ عَلَىٰۤ أَنفُسِهِمۡ أَلَسۡتُ بِرَبِّكُمۡ قَالُوا بَلَى شَهِدۡنَا ....۞
[سُورَةُ الأَعۡرَاف/172]
ـ قال أبو محمد عليه السلام :
" ثَـبَـتَتْ المعرفة ، ونَسوا ذلك الموقف ، وسَـيَذكُرونَـهُ ، ولولا ذلكَ لَمْ يَـدْرِ أحَدٌ مَـنْ خالِقهُ ولا مَنْ رازقُه ."
ـ قال أبو هاشم : فَـجَـعَلْتُ أتَـعَـجَّبُ في نفْسي مِنْ عظيمِ ما أعطی اللهُ ولِيَّـهُ وجزيل ما حَـمَّـلَهُ ،
ـ قأقبَلَ أبو محمد عَـلَيَّ فقال : " ألأمرُ أعجَب مِـمَّا عجبتَ مِنْـهُ يا أبا هاشم وأعظم ! ما ظَـنُّكَ بقومٍ مَـنْ عَـرَفَـهُم عرفَ الله ، ومَـنْ أنكَـرَهُم أنْـكَـرَ الله ، فلا مؤمن إلا وهو بِـهِـمْ مُـصَـدِّق ، وبِمَـعْرِفَتِهُم موقِن ." (ص / 86)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(7)
( معيار الولاية )
عن أبي محمد العسكري ، عن آبائه عليهم السلام
ـ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله لبعض أصحابه ذات يوم :
" يا عبد الله ! أحْبِبْ في الله ، وأبْغِضْ في الله ، ووالِ في الله ، وعادِ في الله ، فإنَّـهُ لا تُنالُ ولايةُ الله إلا بذلك ، ولا يَجِدُ رَجُلٌ طَعم الايمان ، وإنْ كَـثُـرَت صلاتُه وصيامُه حتَّى يكُون كذلك ، وقد صارت مواخاة الناس يومكم هذا أكثرها في الدنيا ، عليها يَـتَوادون ، وعليها يتباغضون وذلك لا يُغني عنهم مِنَ اللهِ شيئاً ، "
ـ فقال له : وكيف لي أن أعلم أني قد والَـيْـتُ وعادَيْتُ في الله عز وجل ؟ ومَنْ وَلِيُّ اللهِ عز وجل حتى أوالِيه ، ومَن عَـدُوُّه حتى أعادِيه ؟
ـ فأشار لَـهُ رسول الله صلى الله عليه وآله إلى عليٍّ عليه السلام
ـ فقال : " أتَرى هذا ؟ " فقال : بلى ،
ـ قال :
" ولِيُّ هذا وَلِيُّ الله ، فَـوَالِـهِ ، وعَـدُوُّ هذا عَـدُوُّ اللهِ فَعادِهِ ، ووالِ ولِيّ هذا ولو أنَّـهُ قاتل أبيك وولدك ، وعادِ عَـدُوّ هذا ولو أنه أبوك وولدك . " (ص / 136 - 137)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(8)
( الجنان تستبشر )
ـ قال علي بن الحسين عليه السلام : قال رسول الله صلی الله عليه وآله :
" مَنْ أدمَنَ مَـحَـبَّتنا أهل البيت فتح الله عزّ وجلّ لهُ من الجنّة ثمانِية أبوابها ، وأباحه جميعها يدخل مِمّا شاء منها ، وكلّ أبواب الجِنان تُناديه : يا ولِيَّ الله ! ألم تدخلني ؟ ألم تَخُصَّني مِنْ بينها ؟ "(ص / 138)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(9)
( أهلُ البيت عليهم السلام الملجأ والمفزع )
ـ روي عن علي بن الحسن بن سابور قال : قَحَـطَ (1) الناس بِسُرَّ مَن رأى في زمن الحسن الأخير عليه السلام ، فأمر الخليفة الحاجب ، وأهل المملكة أن يخرجوا إلى الإستسقاء ، فخرجوا ثلاثة أيام مُـتَوالِية إلى المُـصَلَّى يستسقون ويَدْعون فَما سُقوا .
فخرج الجاثليق (2) في اليوم الرابع إلى الصحراء ، ومعه النصارى والرهبان وكانَ فيهِم راهب فَـلَـمّا مَدَّ يَدَهُ هَطلتِ السماء بالمطر ، وخرجَ في اليوم الثاني ، وهطل ت السماء بالمطر ، فَـشَكَّ أكثرُ الناس ، وتَـعَجَّبوا وصبوا إلى دِين النصرانية ،
فأنْـفَـذَ الخليفة إلى الحسن عليه السلام ، ـ وكانَ محبوساً ـ ، فاستَخرَجَه من حَبْسِه وقال : إلْحَقْ أمَّةَ جَـدِّك فَـقَـد هَـلَـكَـتْ ! فقال : " إنّي خارجٌ في الغَد ومُزِيلٌ الشكّ إن شاء الله تعالى . "
فخرج الجاثليق في اليوم الثالث والرُّهْبان معه . وخرج الحسن عليه السلام عليه السلام في نَـفَرٍ من أصحابه ، فلما بَـصُـرَ بالراهب ، وقد مَـدَّ يَـدَهُ ، أمَـرَ بعض مَماليكه أن يَـقْـبِضَ على يَدِه اليُمنى ، ويأخذ ما بين إصبَعَـيْهِ ، فَـفَـعَل ،
وأخذ مِنْ بَـيْنِ سَـبّابَـتِهِ والوسطی عَظْماً أسود ، فأخذه الحسنُ عليه السلام بِـيَدِه ثم قال له : إسْـتَـسْقِ الآن ! فاستسقى وكانتِ السماء مُـتَـغَـيِّمة ، فَـتَـقَـشَّـعَت (3) ، وطلعتِ الشمس بيضاء .
فقال الخليفة : ما هذا العظم يا أبا محمد؟ فقال عليه السلام : هذا رجل مَـرَّ بِقَـبْرِ نَبِيٍّ من أنبياء الله ، فَوَقَعَ في يَدِه هذا العظم ، وما كُشِفَ عنْ عَظْمِ نَبِـيٍّ إلا وهَطَـلَتِ السَّماءُ بالمطر .(ص / 140 - 141)
................................
[ شرح ]
(1) ـ قَحَـطَ الناس : إحتبسَ عنهُـمُ المطر .
(2) ـ جاثَليقُ : رَئيسٌ للنَّصارَى في بِلادِ الإِسْلامِ بِمدينةِ السلامِ ، ويكونُ تحتَ يَدِ بِطْرِيقِ أنْطاكيَةَ ، ثم المَطْرانُ تحتَ يدِهِ ، ثم الأسْقُفُّ يكونُ في كلِّ بَلَدٍ من تحتِ المَطْرانِ ، ثم القِسِّيسُ ، ثم الشَّمَّاسُ.
(3) ـ فَـتَـقَـشَّـعَت : تَـقَـشَّع السَّحابُ : إنْـقَـشَعَ ، زال شَيْئاً فشيئاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(10)
( التوسل بأهل البيت عليهم السلام )
ـ روي أن رجلاً من موالي أبي محمد العسكري عليه السلام دخل عليه يوماً وكان حكّاك الفصوص ، فقال : يا ابن رسول الله ! إنَّ الخليفةَ دَفَـعَ إليَّ فيروزجاً كأكبر ما يكون ، وأحسن ما يكون ، وقال : أنقش عليه كذا وكذا ، فلما وضعتُ عليه الحديد صار نِصفَين ، وفيه هلاكي ، فادعُ الله لي ،
فقال : " لا خوفَ عليك إن شاء الله."
قال : فخرجتُ إلى بيتي ، فلمّا كان مِنَ الغَد دَعاني الخليفة ، وقال لي : إنَّ حظِـيَتَـيْن(1) اختَـصَـمَتا في ذلك الفصّ ، ولَـمْ تَرضَيا إلا أن تجعل ذلك نِصفَـيْن بينهما فاجْـعَـلْـهُ ، فَانصرفتُ ، وأخذتُ ذلك ، وقد صار قطعَـتَـيْن ، فأخذتُهما ، ورجعتُ بِـهِما إلى دار الخلافة ، فَـرَضِيَتا بذلك ، وأحسَنَ الخليفةُ إلَيَّ(2) بِسَـبَبِ ذلكَ ، فَحَمَـدتُ الله تعالی . (ص / 141 - 142)
................................
[ شرح ]
(1) ـ حظِـيَتَـيْن : حَظِيَتِ الْمَرْأةُ عِنْدَ زَوْجِهَا : تَمَكَّنَتْ مِنْ قَلْبِهِ وَأحَبَّهَا .
(2) ـ أَحْسَنَ إِلَيَّ: أَعْطَاني الحَسَنَة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(11)
( مَنْ أحبَّنا كان معنا )
ـ عن محمد بن الحسن بن ميمون قال :
كتبتُ إليه ، أشكو الفقر ، ثم قلتُ في نفسي : أليس قد قال أبو عبد الله عليه السلام : الفقرُ مَـعَـنَا خَـيْرٌ مِنَ الغِنى مع غَـيْرِنا ، والقَـتلُ معنا خيرٌ مِنَ الحياةِ مع عدوّنا ،
ـ فرجع الجواب : " إنَّ اللهَ عز وجل مَحَّصَ أولِياءَنا إذا تَكَاثَـفَتْ ذنوبهم بالفقر ، وقد يعفو عن كثير مِنهُم ، كما حدثتكَ نفسك : الفقر معنا خير من الغنى مع غيرنا ، والقَـتلُ معنا خيرٌ مِنَ الحياةِ مع عدوّنا ، ونَحْنُ كَـهْـفٌ لِمَـنْ التَجَأ إلَـيْـنَا ، ونورٌ لِمَنْ استَـبْـصَرَ بِنا ، وعِصْمَـةٌ لِمَنْ اعْـتَـصَمَ بِنَا ، مَنْ أحَـبَّـنا كانَ مَـعَـنَا في السّنامِ الأعلى ، ومَنِ انْحَرفَ عَـنَّا فإلى النار ."
(ص/144)
................................
ـ السّنام : السَّنَامُ من كل شيءٍ : أَعلاه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(12)
( نوم الإمام )
ـ عن محمد بن أحمد بن الأقرع قال : كتبتُ إلى أبي محمد عليه السلام أسأله عن الإمام هل يَحْـتَلِم ؟ وقلتُ في نفسي : الاحتلام شَـيْـطَـنَة ، وقد أعاذَ اللهُ أولياءَهُ مِنْ ذلك ،
فَوَردَ الجواب : " حالُ الأئمةِ في المَنام حالُهم في اليقظة ، لا يُـغَـيِّر النومُ منهم شيئاً . وقد أعاذَ اللهُ أولياءَهُ مِنْ لمّة الشيطان كما حدثتك نفسك."
(ص / 162)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(13)
( شرف الملائكة بالولاية )
ـ سأل المنافقون النبي صلی الله عليه وآله ، فقالوا : يا رسول الله ! أخبِرنا عن علِيّ عليه السلام أهُوَ أفضلُ أم ملائكةْ الله المقرَّبون ؟
ـ فقال رسول الله : " وهل شُرِّفَتِ الملائكة إلا بِحُـبِّها لِمُـحَـمّدٍ وعلي ، وقبولها لوِلايتهما ؟! وأنّه لا أحد مِنْ مُحِبّي عَلِيّ عليه السلام قد نَـظَّفَ قَـلْـبَهُ مِنْ قَذَرِ الغشّ والدغل(1) ونجاسةِ الذنوب إلا كانَ أطهر وأفضل مِنَ الملائكة ."
(ص/164)
................................
[ شرح ]
(1) ـ الدَّغَل : ما يَدخُلُ في الأمرِ يُخالِفُهُ ويُـفْسِدُهُ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(14)
( نفقة الشتاء )
ـ روي عن أبي هاشم أنَّهُ قال : ركب أبو محمد عليه السلام يوماً إلى الصحراء فركبتُ معه ، فبينما يسير قدّامي وأنا خَلفَـهُ ، إذ عَـرَضَ لي فِكر في دَيْن - كان عَـلَيَّ - قد حانَ أجَـلُـهُ ، فَجَـعَـلْتُ أفكِّر في أي وجه قضاؤه ، فالتفتَ إليَّ ، وقال : أللهُ يَقضِيه ،
ثم انحنى على قَـرَبوسِ سَرجِـهِ (1) فَـخَـطَّ بسَوطه خطة في الأرض ، فقال : يا أبا هاشم ! إنزِل فَـخُذ واكْـتُمْ .
فنزلتُ فإذا سَبيكة (2) ذهب ، قال : فوضعتُها في خُفّي (3) وسِرنا ، فَـعَـرَضَ لي الفكر ، فقلتُ : إنْ كان فيها تَـمَام الدِّين ، وإلا فإني أرضي صاحِبَهُ بها ، ويجب أن ننظر في وجه نَـفَـقَة الشتاء ، وما نحتاج إليه فيه من كِسْوة (4) وغيرها ، فالتفتَ إليَّ ، ثُـمَّ انْـحَـنَى ثانيةً فَـخَـطَّ بِسَوْطِهِ خَطَّةً في الأرض مِثْلَ الأولى ، ثم قال : إنزَلْ وخُذْ واكْـتُـمْ .
قال : فَـنَـزَلْتُ ، فإذا بِسَبيكة فضة فَـجَـعَـلْـتُها في الخُفِّ الآخَر . وسِرنا يسيراً ، ثم انْصَرَفَ إلى مَـنْزِلهِ ، وانصرفتُ إلى منزلي ، فَجَـلَسْتُ ، وحَـسـبْـتُ ذلكَ الدَّين ، وعرفتُ مَـبْـلَـغَـهُ ، ثم وَزَنْتُ سبيكةَ الذهب ، فَخرجَ بِـقِسْطِ (5) ذلكَ الدَين ما زادت ولا نَـقُـصَـتْ ، ثم نظرتُ فيما نحتاج إليه لِـشَـتْـوَتي مِنْ كُلِّ وَجهٍ ، فعرفتُ مبلغه الذي لم يكن بد منه ، على الاقتصاد بلا تقتير ولا إسراف ، ثم وزنتُ سبيكة الفضة ، فخَرَجَتْ على ما قَـدَّرتُه ما زادت ولا نقصت .
(ص / 171 - 172)
................................
[ شرح ]
(1) ـ قَرَبوس : حِنْوُ السَّرْج ،
ـ سَرجِـهِ : السَّرْج : رَحْل الدابّة / الرَّحْل : ما يُـجْـعَـلُ علی ظهرِ البعير .
(2) ـ سَبيكة : كتلة من الذهب أَو الفضة مصبوبة على صورة معلومة كالقضبان ونحوها .
(3) ـ خُفّي : الخُـفّ : ما يُلْبَسُ في الرِّجْل من جِلْد رقيق / ما أَصاب الأَرض من باطن قدم الإِنسان .
(4) ـ كِسْوة : الثوب يُسْتَـتَـرُ بِـهِ ويُـتَحَـلَّى .
(5) ـ قِسْط : مِـقْدار .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(15)
( بين الحُجة والمحجوج )
ـ روي عن أبي حمزة نصير الخادم قال : سمعتُ أبا محمد عليه السلام غير مَـرَّة يُكَـلِّمُ غِلْمانَه وغيرَهم بِلُغاتِهم وفيهم روم وتُرك وصقالبة (1) ،
فَـتَـعَجَّبْتُ مِنْ ذلكَ ، وقلتُ هذا وُلِدَ هنا ، ولَـمْ يَظهر لأحَدٍ حتى مضى أبو الحسن ولا رآهُ أحَدٌ فكيف هذا ؟ أحَدِّثُ بهذا نفْسي ، فَأقبَلَ عَـلَيَّ
وقال : " إنَّ اللهَ بَـيَّنَ (2) حُجَّتَـهُ مِنْ بَـيْنِ سائرِ خَـلْقِـهِ ، وأعطاه معرفةَ كُـلِّ شيء ، فهو يَـعْـرِفُ اللغات ، والأسباب والحوادث . ولولا ذلك لَـمْ يكُنْ بين الحُجَّة والمَحْجوج فَرق ."
(ص / 172 - 173)
................................
[ شرح ]
(1) - صَقالِبة : جِيلٌ من الناس كانت مساكنهم إِلى الشمال من بلاد البُلْغار وانتشروا الآن في كثير من شرقيّ أوربة ، وهم المسمَّوْن الآن بالسُّلاف.
(2) ـ بَـيَّـنَ : وَضَّحَ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(16)
( عباد الله المكرَمون )
ـ إدريس بن زياد الكفرتوثائي قال : كنتُ أقول فيهم قولاً عظيماً ( أي : يقول في أهل البيت بالغلو ) . فخرجتُ إلى العسكر للقاء أبي محمد عليه السلام فقدِمْتُ ، وعَـلَيَّ أثَر السَّفَرِ وَوَعْـثاؤه (1) ، فألْـقَـيْتُ نفسي على دكان حمام فذهب بي النوم ،
فما انتبهتُ إلا بمقرعة (2) أبي محمد عليه السلام ، قد قَـرَعَـني (3) بها حتى استيقظت ، فعرفته صلى الله عليه
فقمت قائماً اقَـبِّل قَـدَمَهُ وهو راكب ، والغلمان من حوله .
فكان أول ما تلقّاني به أن قال : " يا إدريس ۞......بَلۡ عِبَادࣱ مُّكۡرَمُونَ ۞ لَا یَسۡبِقُونَهُ بِٱلۡقَوۡلِ وَهُم بِأَمۡرِهِ یَعۡمَلُون.۞ "
[سُورَةُ الأَنبِيَاء/26 - 27] فقلت : حسبي يا مولاي ! وإنما جئتُ أسألُكَ عن هذا . قال : فَـتَركَني ومَضى .
(ص / 173)
................................
[ شرح ]
(1) ـ وَعْـثاء : وَعْثَاءُ السَّفَر : مَـشَـقَّـتُـهُ ، تَـعَـبُـهُ ، شِدَّتُـهُ.
(2) ـ مقرعة : سَوط ، وهو ما يُضرَب به من جلْدٍ .
(3) ـ قَـرَعَني : ضَـرَبَني .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(17)
( هذا صاحبكم )
ـ عن أبي غانم الخادم قال : وِلِدَ لأبي محمد عليه السلام ولدٌ فَـسَـمّاهُ محمداً ، فَـعَرَضَهُ علی أصحابه يوم الثالث ،
- وقال : " هذا صاحبكم مِنْ بَـعْدي وخليفتي عليكم ، وهو القائِمُ الذي تَـمْـتَـدُّ إلَـيْهِ الأعناق بالانتظار . فإذَا امتلأتِ الأرض جوراً وظلماً خَرجَ فَملأها قِـسْطاً وعدلاً . " (ص / 176 - 177)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(18)
( لا يحتمله من حلاوته )
ـ عن بعض أهل المدائن ، قال : كتبتُ إلی أبي محمد عليه السلام : روي لنا عن آبائكم عليهم السلام أنَّ حديثكم صعب مُـسْـتَـصْـعَب ، لا يَـحْـتَمِلُـهُ مَـلَـكٌ مُـقَـرَّب ، ولا نبيٌّ مُرسَل ، ولا مؤمِنٌ امتَحَنَ اللهُ قَـلْـبهُ للإيمان . قال : فجاء الجواب :
" إنَّما معناهُ : أنَّ الملك لا يحتمله في جَـوْفه (1) حتى يُخرِجهُ إلى مَلَكٍ مِثلهۢ ، ولا يحتمله نبيٌّ حتى يُخرِجه إلى نبيّ مثله ، ولا يحتمله مؤمن حتى يُخرجه إلى مؤمن مثله . إنَّما مَعناهُ : أن لا يحتمله في قلبه مِن حلاوة ما هو في صدره حتى يخرجه إلى غيره " .
(ص / 183)
................................
(1) ـ جَـوْفِه : بطـنِـهِ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(19)
( لا تجزع )
ـ عن سيف بن الليث قال : خَـلَّـفْتُ إبناً عليلاً بمِصر عند خروجي منها وإبناً لي آخر أسنّ مِنْـهُ كان وصيّي وقيِّمي على عيالي وفي ضياعي فكتبت إلى أبي محمد (عليه السلام) أسأله الدعاء لابني العليل ،
فكتب إلي : قد عوفيَ الصغير ، ومات الكبير الذي هو وصِيُّك وقـيِّمك ، فاحْـمُـدِ اللهَ ، ولا تَـجْـزَع فيحبط أجْـرُك (1) ،
ـ فَـوَردَ عَـلَيَّ الخبر أنَّ ابني الصغير عوفي من عِـلَّـتِه ، ومات إبني الكبير يوم وَرَدَ عَـلَيَّ جواب أبي محمد عليه السلام .
(ص / 190 - 191)
................................
[ شرح ]
(1) ـ لا تَـجْـزَعْ : إصبِر علی ما أصابَكَ .
ـ يحبط أجرُكَ : يَـبْطُل ويَـذْهَبُ سُدیً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(20)
( أجر التواضع )
ـ مَن رضي بدون الشرف مِنَ المجلس لَـمْ يَزَل الله وملائكته يُصَلّون عَلَيهِ حتی يقوم .(ص / 192)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(21)
( سهام الإرث )
ـ قال أبو هاشم سأله الفهفكيّ : ما بالُ المرأة المسكينة الضعيفة تأخذ سهماً واحداً ، ويأخذ الرّجُلُ القويّ سَهمَين ؟
ـ قال : " لأنَّ المرأةَ ليس عليها جهاد ، ولا نفقة ، ولا عليها معقلة (1) ، انّما ذلك علی الرجال . " (....) (ص/ 208)
................................
(1) ـ معقلة : قد يكون معناها : دية ، ثمن دم القتيل .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(22)
( نتائج المشورة )
عن أبي بكر قال : عَـرَضَ عَـلَـيَّ صدِيقٌ أن أدخلَ معه في شراء ثمار من نواحي شَـتّى . فكتبتُ إلى أبي محمد عليه السلام أشاوِرُهُ ، فكتب :
" لا تدخلْ في شيء من ذلك ، ما أغفلكَ عنِ الجراد والحَـشَف (1)؟ فوقع الجراد فأفسده وما بقي مِنه تَـحَـشَّـفَ (2) ، وأعاذني مِن ذلك ببركته. "
(ص/ 217)
................................
[ شرح ]
ـ (1) - الحَـشَف : أرَدأ أنواع التمر ./ الحَشَفُ من التمر : أَرْدَؤُّهُ ، وهو الذي يجفُ ويَصْلُبُ ويَتَقَبَّضُ قبل نُضْجه فلا يكونُ له نوًى ولا لِحاءٌ ولا حلاوة ولا لحمٌ .
ـ (2) - تَـحَـشَّـفَ : حَشَفَ التَّمْرُ : يَـبِسَ ، تَـقَـبَّضَ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(23)
( نفع الإخوان )
ـ خصلتان ليس فوقهما شيء : الإيمان بالله ونفع الإخوان . (ص / 221)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(24)
( إظهار الفرح )
ـ ليس مِنَ الأدب إظهار الفرح عند المحزون . (ص / 222)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(25)
( كيف تنصح أخاك ؟ )
ـ مَـنْ وَعَـظَ أخاهُ سِرّاً فقد زانَـهُ ،
ومن وعظه علانيّةً فقد شانَـهُ . (ص/ 222)
................................
ـ زانَـهُ : عكس شانَـهُ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(26)
( الجمَال )
ـ حُسن الصورة جمَال ظاهر ، وحسن العقل جمَال باطن . (ص/ 249)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(27)
( تدبَّر كلامك )
ـ قلب الأحمق في فَمِـهِ ، وفَمُ الحكيم في قلبِه . (ص / 249)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(28)
( أصل العبادة )
ـ ليستِ العبادة كثرة الصيام والصلاة ، وإنّما العبادة كثرة التفكُّر في أمر الله .
(ص/249)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(29)
( مفتاح الشرور )
ـ الغضب مفتاح كلّ شر .(ص/250)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(30)
( الحَقود )
ـ أقلّ الناس راحةً الحَقود .(ص/250)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(31)
( التواضع نعمة )
ـ التواضع نعمة ، لا يُحسَد عليها .
(ص/ 251)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(32)
( ركوب ونزول )
ـ مَنْ رَكِبَ ظَهرَ الباطلِ نَـزَلَ بِـهِ دارَ النَّدامة .
(ص/ 252 )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(33)
( الوصول إلی الله )
ـ إنَّ الوصولَ إلى اللهِ عز وجل سَـفَـرٌ لا يُدرَكُ إلا بامتِطاءِ الليل (....) .(ص/ 252)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(34)
( إحفظوا ما وصّيتكم به )
ـ وقال عليه السلام لشيعته : أوصيكم بتقوى الله ، والورع في دِينكم ، والاجتهاد لله ، وصِدقِ الحديث ، وأداء الأمانة إلى مَنِ ائتَـمَـنَـكُم مِنْ بِـرٍّ أو فاجر ، وطولِ السجود ، وحُـسْنِ الجوار ،
فبهذا جاء محمد صلى الله عليه وآله ، فإنَّ الرَّجل؟منكم إذا وَرَعَ في دِينِه وصَدَق في حديثه ، وأدّی الأمانة وحَسَّنَ خُـلُقَهُ مع الناس قيل : هذا شيعيّ فَيَسُرُّني ذلك .
اِتقوا الله وكونوا زَيناً ولا تكونوا شَيناً ، جُـرّوا إلينا كل مَوَدَّة ، وادفعوا عَـنّا كُـلَّ قبيح ، فإنَّـهُ ما قيلَ فِينا مِنْ حَسَنٍ فَـنَـحْنُ أهلُـهُ ، وما قيل فينا مِنْ سوءٍ فما نحن كذلك . لَـنَا حَـقٌّ في كتابِ الله ، وقرابةٌ مِنْ رسولِ اللهِ ، وتطهيرٌ مِنَ اللهِ لا يَدَّعِيهِ أحَدٌ غيرنا إلا كذّاب .
أكثروا ذِكْـرَ الله وذِكْرَ الموت ، وتلاوة القرآن ، والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله ، فإنَّ الصلاة على رسول الله عشر حسنات . اِحفَظوا ما وصَّـيْـتُكُم بِـهِ ، وأستَودِعُـكُم الله ، وأقرأ عليكم السلام . (ص/ 253)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
[ موسوعة الكلمة (20) كلمة الإمام العسكري عليه السلام . تأليف السيد حسن الحسيني الشيرازي . دار العلوم ]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
[ لا تَـنْسوني وَوالِدَيَّ مِنْ خالِصِ دُعائِكُم ]
وآخِرُ دَعوَانَا
۞ أَنِ ٱلۡحَمۡدُ لِلهِ رَبِّ ٱلۡعَالَمِین ۞
(1)
(جَـلَّ أنْ يُری )
عن يعقوب بن إسحاق :
كتبتُ إلى أبي محمد عليه السلام أسأله : كيف يَـعْـبُـدُ العبد ربَّـهُ وهو لا يراه ؟
فَـوَقَّع عليه السلام : " يا أبا يوسف ! جَـلَّ سيدي ومولاي والمُـنْعِم عَـلَيَّ وعلى آبائي أن يُرى " ،
قال : وسألتُه : هل رأى رسول الله صلى الله عليه وآله رَبَّه؟
فَـوَقَّع عليه السلام : " إنَّ اللهَ تبارك وتعالى أرى رسولَـهُ بِقَـلبِهِ مِنْ نورِ عَظَمَتِه ما أحَبَّ . " (ص/ 40)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(2)
( الإسم الأعظم )
۞ بِسۡمِ ٱللهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیم ۞
أقربُ إلی إسم الله الأعظم مِنْ سوادِ العينِ إلی بَـيَاضِها .(ص / 40)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(3)
( له الخلق والأمر )
ـ قال أبو هاشم : سأل محمد صالح الأرمني أبا محمد عليه السلام عن قوله تعالی ۞..... للهِ الأمرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ ..... ۞ (الروم / 4)
ـ فقال عليه السلام : " لَـهُ الأمر من قبلِ أن يأمُرَ بِـهِ ، ولهُ الأمر مِنْ بَعدِ أن يأمُرَ بِـهِ بما يشاء . "
ـ فقلتُ في نفسي : هذا قول الله ۞ ......أَلَا لَهُ ٱلۡخَلۡقُ وَٱلۡأَمۡرُ تَبَارَكَ ٱللهُ رَبُّ ٱلۡعَالَمِین. ۞ (الأعراف/ 54)
ـ فأقبَلَ عَـلَـيَّ ، وقال : " هُوَ كما أسرَرتَ في نفْسِكَ ۞ ......أَلَا لَهُ ٱلۡخَلۡقُ وَٱلۡأَمۡرُ تَبَارَكَ ٱللهُ رَبُّ ٱلۡعَالَمِین. ۞ "
ـ قلتُ : أشهَدُ أنَّكَ حُجَّةُ الله ، وابْنُ حَـجَّتِـهِ علی عِبادِهِ . (ص / 41 - 42)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(4)
( خالق كل شيء )
ـ قال أبو هاشم : خَـطَـرَ ببالي أنَّ القرآن مخلوق أم غير مخلوق ؟
ـ فقال أبو محمد : " يا أبا هاشم ! أللهُ خالقُ كُلِّ شيء ، ومَا سِواهُ مخلوق . "
(ص / 42)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(5)
( النبيّ صلی الله عليه وآله وسورة الفاتحة )
ـ إن الله خصَّ بسورة الفاتحة محمداً صلى الله عليه وآله وشَـرَّفهُ [ بها ] ، ولم يُشرِك معه فيها أحداً من أنبيائه ما خلا سليمان عليه السلام فإنه أعطاه منها ۞ بِسۡمِ ٱللهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیم ۞
ـ ألا تری أنَّه يحكی عن بلقيس حين قالت :
۞ قَالَتۡ یَاأَیُّهَا ٱلۡمَلأ إِنِّي أُلۡقِيَ إِلَيَّ كِتَابࣱ كَرِیمٌ ۞ إِنَّهُ مِن سُلَیۡمَانَ وَإِنَّهُ بِسۡمِ ٱللهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیم ۞
(سُورَةُ النَّمۡل/ 29 - 30 )
(ص / 51)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(6)
( المؤمن يُـصَـدِّقنا )
ـ عن أبي هاشم الجعفري ، قال :
كنتُ عند أبي محمد عليه السلام فسألهُ محمد بن صالح الأرمني عن قول الله : ۞ ۞ وَإِذۡ أَخَذَ رَبُّكَ مِنۢ بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمۡ ذُرِّیَّتَهُمۡ وَأَشۡهَدَهُمۡ عَلَىٰۤ أَنفُسِهِمۡ أَلَسۡتُ بِرَبِّكُمۡ قَالُوا بَلَى شَهِدۡنَا ....۞
[سُورَةُ الأَعۡرَاف/172]
ـ قال أبو محمد عليه السلام :
" ثَـبَـتَتْ المعرفة ، ونَسوا ذلك الموقف ، وسَـيَذكُرونَـهُ ، ولولا ذلكَ لَمْ يَـدْرِ أحَدٌ مَـنْ خالِقهُ ولا مَنْ رازقُه ."
ـ قال أبو هاشم : فَـجَـعَلْتُ أتَـعَـجَّبُ في نفْسي مِنْ عظيمِ ما أعطی اللهُ ولِيَّـهُ وجزيل ما حَـمَّـلَهُ ،
ـ قأقبَلَ أبو محمد عَـلَيَّ فقال : " ألأمرُ أعجَب مِـمَّا عجبتَ مِنْـهُ يا أبا هاشم وأعظم ! ما ظَـنُّكَ بقومٍ مَـنْ عَـرَفَـهُم عرفَ الله ، ومَـنْ أنكَـرَهُم أنْـكَـرَ الله ، فلا مؤمن إلا وهو بِـهِـمْ مُـصَـدِّق ، وبِمَـعْرِفَتِهُم موقِن ." (ص / 86)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(7)
( معيار الولاية )
عن أبي محمد العسكري ، عن آبائه عليهم السلام
ـ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله لبعض أصحابه ذات يوم :
" يا عبد الله ! أحْبِبْ في الله ، وأبْغِضْ في الله ، ووالِ في الله ، وعادِ في الله ، فإنَّـهُ لا تُنالُ ولايةُ الله إلا بذلك ، ولا يَجِدُ رَجُلٌ طَعم الايمان ، وإنْ كَـثُـرَت صلاتُه وصيامُه حتَّى يكُون كذلك ، وقد صارت مواخاة الناس يومكم هذا أكثرها في الدنيا ، عليها يَـتَوادون ، وعليها يتباغضون وذلك لا يُغني عنهم مِنَ اللهِ شيئاً ، "
ـ فقال له : وكيف لي أن أعلم أني قد والَـيْـتُ وعادَيْتُ في الله عز وجل ؟ ومَنْ وَلِيُّ اللهِ عز وجل حتى أوالِيه ، ومَن عَـدُوُّه حتى أعادِيه ؟
ـ فأشار لَـهُ رسول الله صلى الله عليه وآله إلى عليٍّ عليه السلام
ـ فقال : " أتَرى هذا ؟ " فقال : بلى ،
ـ قال :
" ولِيُّ هذا وَلِيُّ الله ، فَـوَالِـهِ ، وعَـدُوُّ هذا عَـدُوُّ اللهِ فَعادِهِ ، ووالِ ولِيّ هذا ولو أنَّـهُ قاتل أبيك وولدك ، وعادِ عَـدُوّ هذا ولو أنه أبوك وولدك . " (ص / 136 - 137)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(8)
( الجنان تستبشر )
ـ قال علي بن الحسين عليه السلام : قال رسول الله صلی الله عليه وآله :
" مَنْ أدمَنَ مَـحَـبَّتنا أهل البيت فتح الله عزّ وجلّ لهُ من الجنّة ثمانِية أبوابها ، وأباحه جميعها يدخل مِمّا شاء منها ، وكلّ أبواب الجِنان تُناديه : يا ولِيَّ الله ! ألم تدخلني ؟ ألم تَخُصَّني مِنْ بينها ؟ "(ص / 138)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(9)
( أهلُ البيت عليهم السلام الملجأ والمفزع )
ـ روي عن علي بن الحسن بن سابور قال : قَحَـطَ (1) الناس بِسُرَّ مَن رأى في زمن الحسن الأخير عليه السلام ، فأمر الخليفة الحاجب ، وأهل المملكة أن يخرجوا إلى الإستسقاء ، فخرجوا ثلاثة أيام مُـتَوالِية إلى المُـصَلَّى يستسقون ويَدْعون فَما سُقوا .
فخرج الجاثليق (2) في اليوم الرابع إلى الصحراء ، ومعه النصارى والرهبان وكانَ فيهِم راهب فَـلَـمّا مَدَّ يَدَهُ هَطلتِ السماء بالمطر ، وخرجَ في اليوم الثاني ، وهطل ت السماء بالمطر ، فَـشَكَّ أكثرُ الناس ، وتَـعَجَّبوا وصبوا إلى دِين النصرانية ،
فأنْـفَـذَ الخليفة إلى الحسن عليه السلام ، ـ وكانَ محبوساً ـ ، فاستَخرَجَه من حَبْسِه وقال : إلْحَقْ أمَّةَ جَـدِّك فَـقَـد هَـلَـكَـتْ ! فقال : " إنّي خارجٌ في الغَد ومُزِيلٌ الشكّ إن شاء الله تعالى . "
فخرج الجاثليق في اليوم الثالث والرُّهْبان معه . وخرج الحسن عليه السلام عليه السلام في نَـفَرٍ من أصحابه ، فلما بَـصُـرَ بالراهب ، وقد مَـدَّ يَـدَهُ ، أمَـرَ بعض مَماليكه أن يَـقْـبِضَ على يَدِه اليُمنى ، ويأخذ ما بين إصبَعَـيْهِ ، فَـفَـعَل ،
وأخذ مِنْ بَـيْنِ سَـبّابَـتِهِ والوسطی عَظْماً أسود ، فأخذه الحسنُ عليه السلام بِـيَدِه ثم قال له : إسْـتَـسْقِ الآن ! فاستسقى وكانتِ السماء مُـتَـغَـيِّمة ، فَـتَـقَـشَّـعَت (3) ، وطلعتِ الشمس بيضاء .
فقال الخليفة : ما هذا العظم يا أبا محمد؟ فقال عليه السلام : هذا رجل مَـرَّ بِقَـبْرِ نَبِيٍّ من أنبياء الله ، فَوَقَعَ في يَدِه هذا العظم ، وما كُشِفَ عنْ عَظْمِ نَبِـيٍّ إلا وهَطَـلَتِ السَّماءُ بالمطر .(ص / 140 - 141)
................................
[ شرح ]
(1) ـ قَحَـطَ الناس : إحتبسَ عنهُـمُ المطر .
(2) ـ جاثَليقُ : رَئيسٌ للنَّصارَى في بِلادِ الإِسْلامِ بِمدينةِ السلامِ ، ويكونُ تحتَ يَدِ بِطْرِيقِ أنْطاكيَةَ ، ثم المَطْرانُ تحتَ يدِهِ ، ثم الأسْقُفُّ يكونُ في كلِّ بَلَدٍ من تحتِ المَطْرانِ ، ثم القِسِّيسُ ، ثم الشَّمَّاسُ.
(3) ـ فَـتَـقَـشَّـعَت : تَـقَـشَّع السَّحابُ : إنْـقَـشَعَ ، زال شَيْئاً فشيئاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(10)
( التوسل بأهل البيت عليهم السلام )
ـ روي أن رجلاً من موالي أبي محمد العسكري عليه السلام دخل عليه يوماً وكان حكّاك الفصوص ، فقال : يا ابن رسول الله ! إنَّ الخليفةَ دَفَـعَ إليَّ فيروزجاً كأكبر ما يكون ، وأحسن ما يكون ، وقال : أنقش عليه كذا وكذا ، فلما وضعتُ عليه الحديد صار نِصفَين ، وفيه هلاكي ، فادعُ الله لي ،
فقال : " لا خوفَ عليك إن شاء الله."
قال : فخرجتُ إلى بيتي ، فلمّا كان مِنَ الغَد دَعاني الخليفة ، وقال لي : إنَّ حظِـيَتَـيْن(1) اختَـصَـمَتا في ذلك الفصّ ، ولَـمْ تَرضَيا إلا أن تجعل ذلك نِصفَـيْن بينهما فاجْـعَـلْـهُ ، فَانصرفتُ ، وأخذتُ ذلك ، وقد صار قطعَـتَـيْن ، فأخذتُهما ، ورجعتُ بِـهِما إلى دار الخلافة ، فَـرَضِيَتا بذلك ، وأحسَنَ الخليفةُ إلَيَّ(2) بِسَـبَبِ ذلكَ ، فَحَمَـدتُ الله تعالی . (ص / 141 - 142)
................................
[ شرح ]
(1) ـ حظِـيَتَـيْن : حَظِيَتِ الْمَرْأةُ عِنْدَ زَوْجِهَا : تَمَكَّنَتْ مِنْ قَلْبِهِ وَأحَبَّهَا .
(2) ـ أَحْسَنَ إِلَيَّ: أَعْطَاني الحَسَنَة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(11)
( مَنْ أحبَّنا كان معنا )
ـ عن محمد بن الحسن بن ميمون قال :
كتبتُ إليه ، أشكو الفقر ، ثم قلتُ في نفسي : أليس قد قال أبو عبد الله عليه السلام : الفقرُ مَـعَـنَا خَـيْرٌ مِنَ الغِنى مع غَـيْرِنا ، والقَـتلُ معنا خيرٌ مِنَ الحياةِ مع عدوّنا ،
ـ فرجع الجواب : " إنَّ اللهَ عز وجل مَحَّصَ أولِياءَنا إذا تَكَاثَـفَتْ ذنوبهم بالفقر ، وقد يعفو عن كثير مِنهُم ، كما حدثتكَ نفسك : الفقر معنا خير من الغنى مع غيرنا ، والقَـتلُ معنا خيرٌ مِنَ الحياةِ مع عدوّنا ، ونَحْنُ كَـهْـفٌ لِمَـنْ التَجَأ إلَـيْـنَا ، ونورٌ لِمَنْ استَـبْـصَرَ بِنا ، وعِصْمَـةٌ لِمَنْ اعْـتَـصَمَ بِنَا ، مَنْ أحَـبَّـنا كانَ مَـعَـنَا في السّنامِ الأعلى ، ومَنِ انْحَرفَ عَـنَّا فإلى النار ."
(ص/144)
................................
ـ السّنام : السَّنَامُ من كل شيءٍ : أَعلاه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(12)
( نوم الإمام )
ـ عن محمد بن أحمد بن الأقرع قال : كتبتُ إلى أبي محمد عليه السلام أسأله عن الإمام هل يَحْـتَلِم ؟ وقلتُ في نفسي : الاحتلام شَـيْـطَـنَة ، وقد أعاذَ اللهُ أولياءَهُ مِنْ ذلك ،
فَوَردَ الجواب : " حالُ الأئمةِ في المَنام حالُهم في اليقظة ، لا يُـغَـيِّر النومُ منهم شيئاً . وقد أعاذَ اللهُ أولياءَهُ مِنْ لمّة الشيطان كما حدثتك نفسك."
(ص / 162)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(13)
( شرف الملائكة بالولاية )
ـ سأل المنافقون النبي صلی الله عليه وآله ، فقالوا : يا رسول الله ! أخبِرنا عن علِيّ عليه السلام أهُوَ أفضلُ أم ملائكةْ الله المقرَّبون ؟
ـ فقال رسول الله : " وهل شُرِّفَتِ الملائكة إلا بِحُـبِّها لِمُـحَـمّدٍ وعلي ، وقبولها لوِلايتهما ؟! وأنّه لا أحد مِنْ مُحِبّي عَلِيّ عليه السلام قد نَـظَّفَ قَـلْـبَهُ مِنْ قَذَرِ الغشّ والدغل(1) ونجاسةِ الذنوب إلا كانَ أطهر وأفضل مِنَ الملائكة ."
(ص/164)
................................
[ شرح ]
(1) ـ الدَّغَل : ما يَدخُلُ في الأمرِ يُخالِفُهُ ويُـفْسِدُهُ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(14)
( نفقة الشتاء )
ـ روي عن أبي هاشم أنَّهُ قال : ركب أبو محمد عليه السلام يوماً إلى الصحراء فركبتُ معه ، فبينما يسير قدّامي وأنا خَلفَـهُ ، إذ عَـرَضَ لي فِكر في دَيْن - كان عَـلَيَّ - قد حانَ أجَـلُـهُ ، فَجَـعَـلْتُ أفكِّر في أي وجه قضاؤه ، فالتفتَ إليَّ ، وقال : أللهُ يَقضِيه ،
ثم انحنى على قَـرَبوسِ سَرجِـهِ (1) فَـخَـطَّ بسَوطه خطة في الأرض ، فقال : يا أبا هاشم ! إنزِل فَـخُذ واكْـتُمْ .
فنزلتُ فإذا سَبيكة (2) ذهب ، قال : فوضعتُها في خُفّي (3) وسِرنا ، فَـعَـرَضَ لي الفكر ، فقلتُ : إنْ كان فيها تَـمَام الدِّين ، وإلا فإني أرضي صاحِبَهُ بها ، ويجب أن ننظر في وجه نَـفَـقَة الشتاء ، وما نحتاج إليه فيه من كِسْوة (4) وغيرها ، فالتفتَ إليَّ ، ثُـمَّ انْـحَـنَى ثانيةً فَـخَـطَّ بِسَوْطِهِ خَطَّةً في الأرض مِثْلَ الأولى ، ثم قال : إنزَلْ وخُذْ واكْـتُـمْ .
قال : فَـنَـزَلْتُ ، فإذا بِسَبيكة فضة فَـجَـعَـلْـتُها في الخُفِّ الآخَر . وسِرنا يسيراً ، ثم انْصَرَفَ إلى مَـنْزِلهِ ، وانصرفتُ إلى منزلي ، فَجَـلَسْتُ ، وحَـسـبْـتُ ذلكَ الدَّين ، وعرفتُ مَـبْـلَـغَـهُ ، ثم وَزَنْتُ سبيكةَ الذهب ، فَخرجَ بِـقِسْطِ (5) ذلكَ الدَين ما زادت ولا نَـقُـصَـتْ ، ثم نظرتُ فيما نحتاج إليه لِـشَـتْـوَتي مِنْ كُلِّ وَجهٍ ، فعرفتُ مبلغه الذي لم يكن بد منه ، على الاقتصاد بلا تقتير ولا إسراف ، ثم وزنتُ سبيكة الفضة ، فخَرَجَتْ على ما قَـدَّرتُه ما زادت ولا نقصت .
(ص / 171 - 172)
................................
[ شرح ]
(1) ـ قَرَبوس : حِنْوُ السَّرْج ،
ـ سَرجِـهِ : السَّرْج : رَحْل الدابّة / الرَّحْل : ما يُـجْـعَـلُ علی ظهرِ البعير .
(2) ـ سَبيكة : كتلة من الذهب أَو الفضة مصبوبة على صورة معلومة كالقضبان ونحوها .
(3) ـ خُفّي : الخُـفّ : ما يُلْبَسُ في الرِّجْل من جِلْد رقيق / ما أَصاب الأَرض من باطن قدم الإِنسان .
(4) ـ كِسْوة : الثوب يُسْتَـتَـرُ بِـهِ ويُـتَحَـلَّى .
(5) ـ قِسْط : مِـقْدار .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(15)
( بين الحُجة والمحجوج )
ـ روي عن أبي حمزة نصير الخادم قال : سمعتُ أبا محمد عليه السلام غير مَـرَّة يُكَـلِّمُ غِلْمانَه وغيرَهم بِلُغاتِهم وفيهم روم وتُرك وصقالبة (1) ،
فَـتَـعَجَّبْتُ مِنْ ذلكَ ، وقلتُ هذا وُلِدَ هنا ، ولَـمْ يَظهر لأحَدٍ حتى مضى أبو الحسن ولا رآهُ أحَدٌ فكيف هذا ؟ أحَدِّثُ بهذا نفْسي ، فَأقبَلَ عَـلَيَّ
وقال : " إنَّ اللهَ بَـيَّنَ (2) حُجَّتَـهُ مِنْ بَـيْنِ سائرِ خَـلْقِـهِ ، وأعطاه معرفةَ كُـلِّ شيء ، فهو يَـعْـرِفُ اللغات ، والأسباب والحوادث . ولولا ذلك لَـمْ يكُنْ بين الحُجَّة والمَحْجوج فَرق ."
(ص / 172 - 173)
................................
[ شرح ]
(1) - صَقالِبة : جِيلٌ من الناس كانت مساكنهم إِلى الشمال من بلاد البُلْغار وانتشروا الآن في كثير من شرقيّ أوربة ، وهم المسمَّوْن الآن بالسُّلاف.
(2) ـ بَـيَّـنَ : وَضَّحَ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(16)
( عباد الله المكرَمون )
ـ إدريس بن زياد الكفرتوثائي قال : كنتُ أقول فيهم قولاً عظيماً ( أي : يقول في أهل البيت بالغلو ) . فخرجتُ إلى العسكر للقاء أبي محمد عليه السلام فقدِمْتُ ، وعَـلَيَّ أثَر السَّفَرِ وَوَعْـثاؤه (1) ، فألْـقَـيْتُ نفسي على دكان حمام فذهب بي النوم ،
فما انتبهتُ إلا بمقرعة (2) أبي محمد عليه السلام ، قد قَـرَعَـني (3) بها حتى استيقظت ، فعرفته صلى الله عليه
فقمت قائماً اقَـبِّل قَـدَمَهُ وهو راكب ، والغلمان من حوله .
فكان أول ما تلقّاني به أن قال : " يا إدريس ۞......بَلۡ عِبَادࣱ مُّكۡرَمُونَ ۞ لَا یَسۡبِقُونَهُ بِٱلۡقَوۡلِ وَهُم بِأَمۡرِهِ یَعۡمَلُون.۞ "
[سُورَةُ الأَنبِيَاء/26 - 27] فقلت : حسبي يا مولاي ! وإنما جئتُ أسألُكَ عن هذا . قال : فَـتَركَني ومَضى .
(ص / 173)
................................
[ شرح ]
(1) ـ وَعْـثاء : وَعْثَاءُ السَّفَر : مَـشَـقَّـتُـهُ ، تَـعَـبُـهُ ، شِدَّتُـهُ.
(2) ـ مقرعة : سَوط ، وهو ما يُضرَب به من جلْدٍ .
(3) ـ قَـرَعَني : ضَـرَبَني .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(17)
( هذا صاحبكم )
ـ عن أبي غانم الخادم قال : وِلِدَ لأبي محمد عليه السلام ولدٌ فَـسَـمّاهُ محمداً ، فَـعَرَضَهُ علی أصحابه يوم الثالث ،
- وقال : " هذا صاحبكم مِنْ بَـعْدي وخليفتي عليكم ، وهو القائِمُ الذي تَـمْـتَـدُّ إلَـيْهِ الأعناق بالانتظار . فإذَا امتلأتِ الأرض جوراً وظلماً خَرجَ فَملأها قِـسْطاً وعدلاً . " (ص / 176 - 177)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(18)
( لا يحتمله من حلاوته )
ـ عن بعض أهل المدائن ، قال : كتبتُ إلی أبي محمد عليه السلام : روي لنا عن آبائكم عليهم السلام أنَّ حديثكم صعب مُـسْـتَـصْـعَب ، لا يَـحْـتَمِلُـهُ مَـلَـكٌ مُـقَـرَّب ، ولا نبيٌّ مُرسَل ، ولا مؤمِنٌ امتَحَنَ اللهُ قَـلْـبهُ للإيمان . قال : فجاء الجواب :
" إنَّما معناهُ : أنَّ الملك لا يحتمله في جَـوْفه (1) حتى يُخرِجهُ إلى مَلَكٍ مِثلهۢ ، ولا يحتمله نبيٌّ حتى يُخرِجه إلى نبيّ مثله ، ولا يحتمله مؤمن حتى يُخرجه إلى مؤمن مثله . إنَّما مَعناهُ : أن لا يحتمله في قلبه مِن حلاوة ما هو في صدره حتى يخرجه إلى غيره " .
(ص / 183)
................................
(1) ـ جَـوْفِه : بطـنِـهِ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(19)
( لا تجزع )
ـ عن سيف بن الليث قال : خَـلَّـفْتُ إبناً عليلاً بمِصر عند خروجي منها وإبناً لي آخر أسنّ مِنْـهُ كان وصيّي وقيِّمي على عيالي وفي ضياعي فكتبت إلى أبي محمد (عليه السلام) أسأله الدعاء لابني العليل ،
فكتب إلي : قد عوفيَ الصغير ، ومات الكبير الذي هو وصِيُّك وقـيِّمك ، فاحْـمُـدِ اللهَ ، ولا تَـجْـزَع فيحبط أجْـرُك (1) ،
ـ فَـوَردَ عَـلَيَّ الخبر أنَّ ابني الصغير عوفي من عِـلَّـتِه ، ومات إبني الكبير يوم وَرَدَ عَـلَيَّ جواب أبي محمد عليه السلام .
(ص / 190 - 191)
................................
[ شرح ]
(1) ـ لا تَـجْـزَعْ : إصبِر علی ما أصابَكَ .
ـ يحبط أجرُكَ : يَـبْطُل ويَـذْهَبُ سُدیً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(20)
( أجر التواضع )
ـ مَن رضي بدون الشرف مِنَ المجلس لَـمْ يَزَل الله وملائكته يُصَلّون عَلَيهِ حتی يقوم .(ص / 192)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(21)
( سهام الإرث )
ـ قال أبو هاشم سأله الفهفكيّ : ما بالُ المرأة المسكينة الضعيفة تأخذ سهماً واحداً ، ويأخذ الرّجُلُ القويّ سَهمَين ؟
ـ قال : " لأنَّ المرأةَ ليس عليها جهاد ، ولا نفقة ، ولا عليها معقلة (1) ، انّما ذلك علی الرجال . " (....) (ص/ 208)
................................
(1) ـ معقلة : قد يكون معناها : دية ، ثمن دم القتيل .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(22)
( نتائج المشورة )
عن أبي بكر قال : عَـرَضَ عَـلَـيَّ صدِيقٌ أن أدخلَ معه في شراء ثمار من نواحي شَـتّى . فكتبتُ إلى أبي محمد عليه السلام أشاوِرُهُ ، فكتب :
" لا تدخلْ في شيء من ذلك ، ما أغفلكَ عنِ الجراد والحَـشَف (1)؟ فوقع الجراد فأفسده وما بقي مِنه تَـحَـشَّـفَ (2) ، وأعاذني مِن ذلك ببركته. "
(ص/ 217)
................................
[ شرح ]
ـ (1) - الحَـشَف : أرَدأ أنواع التمر ./ الحَشَفُ من التمر : أَرْدَؤُّهُ ، وهو الذي يجفُ ويَصْلُبُ ويَتَقَبَّضُ قبل نُضْجه فلا يكونُ له نوًى ولا لِحاءٌ ولا حلاوة ولا لحمٌ .
ـ (2) - تَـحَـشَّـفَ : حَشَفَ التَّمْرُ : يَـبِسَ ، تَـقَـبَّضَ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(23)
( نفع الإخوان )
ـ خصلتان ليس فوقهما شيء : الإيمان بالله ونفع الإخوان . (ص / 221)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(24)
( إظهار الفرح )
ـ ليس مِنَ الأدب إظهار الفرح عند المحزون . (ص / 222)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(25)
( كيف تنصح أخاك ؟ )
ـ مَـنْ وَعَـظَ أخاهُ سِرّاً فقد زانَـهُ ،
ومن وعظه علانيّةً فقد شانَـهُ . (ص/ 222)
................................
ـ زانَـهُ : عكس شانَـهُ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(26)
( الجمَال )
ـ حُسن الصورة جمَال ظاهر ، وحسن العقل جمَال باطن . (ص/ 249)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(27)
( تدبَّر كلامك )
ـ قلب الأحمق في فَمِـهِ ، وفَمُ الحكيم في قلبِه . (ص / 249)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(28)
( أصل العبادة )
ـ ليستِ العبادة كثرة الصيام والصلاة ، وإنّما العبادة كثرة التفكُّر في أمر الله .
(ص/249)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(29)
( مفتاح الشرور )
ـ الغضب مفتاح كلّ شر .(ص/250)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(30)
( الحَقود )
ـ أقلّ الناس راحةً الحَقود .(ص/250)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(31)
( التواضع نعمة )
ـ التواضع نعمة ، لا يُحسَد عليها .
(ص/ 251)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(32)
( ركوب ونزول )
ـ مَنْ رَكِبَ ظَهرَ الباطلِ نَـزَلَ بِـهِ دارَ النَّدامة .
(ص/ 252 )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(33)
( الوصول إلی الله )
ـ إنَّ الوصولَ إلى اللهِ عز وجل سَـفَـرٌ لا يُدرَكُ إلا بامتِطاءِ الليل (....) .(ص/ 252)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(34)
( إحفظوا ما وصّيتكم به )
ـ وقال عليه السلام لشيعته : أوصيكم بتقوى الله ، والورع في دِينكم ، والاجتهاد لله ، وصِدقِ الحديث ، وأداء الأمانة إلى مَنِ ائتَـمَـنَـكُم مِنْ بِـرٍّ أو فاجر ، وطولِ السجود ، وحُـسْنِ الجوار ،
فبهذا جاء محمد صلى الله عليه وآله ، فإنَّ الرَّجل؟منكم إذا وَرَعَ في دِينِه وصَدَق في حديثه ، وأدّی الأمانة وحَسَّنَ خُـلُقَهُ مع الناس قيل : هذا شيعيّ فَيَسُرُّني ذلك .
اِتقوا الله وكونوا زَيناً ولا تكونوا شَيناً ، جُـرّوا إلينا كل مَوَدَّة ، وادفعوا عَـنّا كُـلَّ قبيح ، فإنَّـهُ ما قيلَ فِينا مِنْ حَسَنٍ فَـنَـحْنُ أهلُـهُ ، وما قيل فينا مِنْ سوءٍ فما نحن كذلك . لَـنَا حَـقٌّ في كتابِ الله ، وقرابةٌ مِنْ رسولِ اللهِ ، وتطهيرٌ مِنَ اللهِ لا يَدَّعِيهِ أحَدٌ غيرنا إلا كذّاب .
أكثروا ذِكْـرَ الله وذِكْرَ الموت ، وتلاوة القرآن ، والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله ، فإنَّ الصلاة على رسول الله عشر حسنات . اِحفَظوا ما وصَّـيْـتُكُم بِـهِ ، وأستَودِعُـكُم الله ، وأقرأ عليكم السلام . (ص/ 253)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
[ موسوعة الكلمة (20) كلمة الإمام العسكري عليه السلام . تأليف السيد حسن الحسيني الشيرازي . دار العلوم ]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
[ لا تَـنْسوني وَوالِدَيَّ مِنْ خالِصِ دُعائِكُم ]
وآخِرُ دَعوَانَا
۞ أَنِ ٱلۡحَمۡدُ لِلهِ رَبِّ ٱلۡعَالَمِین ۞
تعليق