اللهم صل على محمد وآل محمد
رُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "بِئْسَ الاخْتِيارُ الرِّضا بِالنَّقْصِ"
الرِّضا بالموجود خُلُقٌ محمود، إلا الرِّضا بالنقص فإنه مذموم، وصفة قبيحة، واختيار بئيس، مَنْ يختر لنفسه النقص على الكمال فهو غبي بلا رَيب، ومَنْ يُفَضِّل أن يبقى على حاله دون تغيير إلى الأفضل فإنه يفضِّل الجهل على العلم، والعجز على القدرة، والضَّعف على القُوَّة، والفقر على الغنى، فهو أغبى من كل غَبيٍّ. ومن لا يراقب نفسه فيتمّم نقائصها، ويهذبها من عيوبها، وينمّي فضائلها، فهو أحمق بلا شك، ومن لا يزدد كل يوم في كمالاته فهو متخلِّف بلا خلاف، ومن يرضى بأقل من أعلى المراتب والمَراقي في مختلف المجالات فهو معدوم الطموح والهمة.
الحياة لا تقبل النقص ولا تعطي فرصة للناقص، الحياة حركة ونُمُوٌّ، وكلاهما تقدُّم وتطور، وزيادة وارتقاء، وعلى الإنسان أن يساير الحياة في نموها وتقدمها، وأن يواكب الدنيا في تغيرها وتكاملها. وألّا يقبل عن الكمال بَدَلاً.
مَنْ يُقَدِّرْ ذاته ويحترم عقله ويؤمن بأهمية دوره في الحياة كمستخلَف عن الله في الأرض لا يمكن أن يقبل بنقص أبداً، وإنه ليسعى بكل جهده إلى رفعه، فإن كان نقصاً في العلم طلب المزيد منه ولم يكتفِ بحَدٍّ إذ العلم لا حَدَّ له، وإن كان نقصاً في المعرفة بذل عمره في طلبها، وإن كان نقصا في الأخلاق لم يَنَمْ ليلة واحدة حتى يعالجه بالتزكية، وإن كان نقصاً في أي مجال مادي بذل وسعه في تخطيه.
العاقل الذي يحترم ذاته ويرى كم كرَّمها الله هو في طلب الكمال المادي والكمال المعنوي ليله ونهاره، حتى ولو كانت كل الظروف تعاكسه في طلبه الكمال، أو صدَّته عن ذلك موانع وسدود، فهو متحفِّزٌ لتكميل نقصه عندما تسنح له الفرصة المناسبة، على أنه إن كانت موانع تمنعه من التكامل في أحواله المادية فلن تمنعه موانع من تكميل نقصه المعنوي، ففي إمكانه أن يزيد في علمه ومعارفه وأخلاقه وفضائله وقربه من الله تعالى. ولا عذر لأحد اليوم في الرضا بالنقص العلمي والمعرفي مع وفرة فرَص ووسائل تحصيله.
لذلك عليك قارئي الكريم أن تحسن الاختيار لنفسك، وألا ترضى بأي نقص يكون فيك، فاسعَ في زيادة علمك، وتطوير مهاراتك، واستفد من مواهبك، وحَسِّن في تجاربك، وكن اليوم أفضل منك بالأمس، وكن غدا أفضل منك اليوم وإياك أن تتساوى أيامك فإن من تساوى يوماه فهو مغبون.
------------------
منقول عن - السيد بلال وهبي
تعليق