كان قلبها يناغي قلبه، كانت عيناها تسكن في عينيه، كان صوته يبعث الدفء والسكينة في نفسها، كان وجوده سبباً لوجود العالم بأسره، كان حنانه
يغرقها بالأمان، وكانت أنواره تبدد لها الظلام،كانت تعرف ما يعشق فوهبت نفسها لأوقات صلاته، تفرش له سجادة العبادة (وأي عبادة)، محلقة
معه في الفيوضات الملكوتية وأنوار القداسة التي تجلت في محياه الكريم الذي يحمل الشمائل النبوية الشريفة.
وإذا بها تفقد ما اعتادته، فقدت الأمان، والسكون، والدفء، والحنان، والأنوار، وسجادة القداسة، والأب الحنون، والمحامي عن الدين، وإمام الإنس والجان.
وإذا بها أسيرة بيد الأجلاف، وكأنها عاشت في كابوس مخيف لا يقظة معه، فلم يحتمل قلبها الرقيق المعاملة القاسية وأغلال الأسر وهمجية وحوش آل أمية.
لم تحتمل أن يهتك سترها وأن يذهب خدرها مع ذهاب أبيها هي وبنات الرسالة، لم تحتمل أن ترى الرأس المقدس مخضباً بالدماء، لم تحتمل
روحها فراقه، فماتت بغصة الفراق وآلام الحزن السرمدي واختارت اللحاق به لترافقه للأبد.
تعليق