عضو نشيط
- تاريخ التسجيل: 07-07-2011
- المشاركات: 213
#1
الفرق بين الاستماع والانصات
07-07-2014, 02:20 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِّ على محمد وآل محمد
الفرق بين الاستماع والانصات
{ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}
[1]
اللهم صلِّ على محمد وآل محمد
الفرق بين الاستماع والانصات
{ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}
[1]
ما الفرق بين السَّماع * والاستماع * والإنصات.[2]
1ـ السَّماع: هو مجرَّد استقبال الأذن لذبذباتٍ صوتية من مصدر مُعيَّن أو مصادر ، دون الانتباه لها بقصد أو بدون قصد.
2ـ الاستماع: هو مهارةٌ يُعطي فيها المستمِعُ اهتماماً خاصًّا ، واهتماماً مقصوداً لما تتلقَّاه أُذنه من أصوات ؛ ليتمكَّن من استيعاب ما يُقال.
فنلحظ هنا أنَّ مرتبة الاستماع أعلى من السَّماع ؛ لأنَّ الاستماع لا بدَّ أن يتوفَّر فيه القصد. ولذلك أَمَرَنا اللهُ تعالى ـ عند تلاوة القرآن علينا بقوله: { وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ }. ولم يقل: " اسمعوا ".
أقول: يتوفر القصد بعد الاستماع ؛ قال تعالى: { قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا }[3] أي بعد ما سمعوا من القرآن تولد لديهم الاهتمام .. والله أعلم. [**]
3ـ الإنصات: هو المرتبة الأعلى؛ لأنَّ فيه تركيزاً أكبر، من الانتباه والإصغاء والسُّكون ، من أجل هدفٍ محدَّد.[*]
أقول: المكان مهيأ الى الانصات كصلاة الجماعة او صلاة الجمعة أو دروس قرآنية كالتلاوة . بينما الاستماع يحدث في مكان خير مهيأ كالسير في الشارع وانت تسمع صوت القرآن من مأذنة الجامع او الحسينية ، أو من دار او من محل ...[**]
فلا بأس في عرض تفسير هذه الآية ، قال تعالى: { وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } ، للتبرك والمعرفة .. وهذا التفسير مأخوذ من كتب التفاسير المدرجة في أدناه.
بالرغم من أنّ المفسّرين ذكروا أسباباً لنزول هذه الآية الشريفة التي هي محل بحثنا ، فقد روي عن ابن عباس وجماعة آخرين ، أن المصلين في بادىء أمرهم كانوا يتكلمون في الصلاة ، وربما ورد شخص (جديد) أثناء الصلاة فيسأل المصلين وهم مشغولون يصلاتهم: كم ركعةٍ صليتم ؟ فيجيبوة . فنزلت الآية ومنعتهم أو نهتهم عن ذلك. [4]
كما نقل الزهري سبباً آخر لنزول هذه الآية ، قال: نزلت هذه الآية في فتى من الأنصار كان رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم كلّما قرَأ شيئاً قرَأهُ ، فنزلت: { وإذا قرىء }[5] ، ولعل صوت الفتى كان مرتفع ...
وقد اختلف المفسرون في أنّ الانصات والسكوت هنا في الآية ، هل هو عند قراءة القرآن في جميع الموارد ؟ أم منحصر وقت الصلاة وعند قراءة إمام الجماعة ؟ أم هو عندما يقرأ إمام الجمعة – في خطبة الجمعة – القرآن ؟
كما أنّ هناك أحاديث شتى في هذا الصدد في كتب الفريقين في تفسير هذه الآية ، والذي يستفاد من ظاهر الآية أن هذا الحكم عام خير مختص بحالٍ ما ولا وقت معين .
إلا أنّ الروايات المتعددة الواردة عن الأئمة الطاهرين عليهم السلام ، بالإضافة إلى إجماع العلماء واتفاقهم على ان عدم وجوب الإستماع عند قراءة القرآن في أية حال ، ويستدل من ذلك على أنّ هذا الحكم بصورة كليّة حكم استحبابي ، أي ينبغي إن قُرىء القرآن – حيثما كان ، وكيف كان – أن يستمع الآخرون وينصتوا احتراماً للقرآن ، لأن القرآن ليس كتاب قراءة فحسب بل هو كتاب فهم وإدراك وتدبر ، ثمّ هو كتاب عمل ايضاً .
إذ ورود عن الإمام الصادق عليه السلام قوله: "" يجب الإنصات للقرآن في الصلاة وفي غيرها "" وعن عبد الله ابن يعفور ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلتُ له: الرجل يقرأ القُرآن ، أيجب على من سمعه الإنصاتُ والاستماعُ ؟ قال: "" نعم ، إذا قرىء القرآن وجب عليك الإنصات والإستماع ""[6].
حتى أنّه يستفاد من بعض الروايات أن لو كان إمام الجماعة مشغولاً بالقراءة في الصلاة ، وقرآ شخص آخر أية من القرآن فيستحب للإمام بالسكوت حتى ينهي قراءة الآية ، ثم يكمل الإمام قراءته . حيث ورد عن الإمام الصادق عليه السلام أنّ أمير المؤمنين علياً سلام الله عليه كان مشغولاً بصلاة الصبح ، وكان ابن الكوّا – ذلك المنافق الفظّ القلب – خلف الإمام مشغولاً بالصلاة ، فقرأ فُجأةً { وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ }[7] وكان هدفه من قراءة الآية أن يعترض على الإمام عليّ عليه السلام مكنيّاً قبول الحكم في صفين – كما احتملوا ذلك – لكن الإمام سكت إحتراماً للقرآن حتى ينتهي ابن الكوّا من قراءة الآية ، ثم رجع الإمام الى قراءته فأعادة ابن الكوّا عمله مرّة ثانية ، فسكت الإمام أيضاً ، فكرر ابن الكوّا القراءة ثالثة فسكت الإمام سلام الله عليه أيضاً ، ثم تلا قوله تعالى: { فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ۖ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ }[8] وهو يشير الى أنّ عذاب الله وعقابه الأليم في إنتظار المنافقين وغير المؤمنين ، وينبغي أن يتحمل الإنسان أذاهم ، ثم إنّ الإمام أكمل السورة وهوى إلى الركوع[9].
ويستفاد من جميع ما تقدّم ، ولا سيما من البحث آنف الذكر ، أنّ الإستماع والسكوت عند قراءة آيات القرآن أمر حسن جدّاً إلا أنّه بشكل عام غير واجب ... و لعلّ جملة { لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } إضافة إلى الروايات والإجماع ، تشير إلى استحباب هذا الحكم أيضاً.
والمورد الوحيد الذي يجب فيه السكوت أو يكون حكم السكوت فيه واجباً ، هو في صلاة الجماعة ، إذ على المأموم أن يسكت ويستمع لقراءة الإمام .
ومن جملة الروايات الدالة على هذا الحكم ما روي من حديث عن الإمام أبي جعفر عليه السلام: "" وإذا قرىء القرآن في الفريضة خلف الإمام فستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون ""[10].
وأما استعمال ((لعل)) في هذه الجملة ، فهو لغرض أن تشملكم رحمة الله تعالى .
ولا بأس أن نذكر الملاحظة التي بيّنها الفقيه المقداد السيوري في كتابه (( كنز العرفان )) إذ فسّر الآية تفسيراً آخر فقال: إنّ المراد من الآية هو الإصغاء للآيات وإدراك مفاهيمها والإذعان لإعجازها[11] .
من خلال هذا البحث ننظر الى أنفسنا ماذا نقدم عند سماعنا للقرآن الكريم ، ولا سيما في مجالس الفاتحة ، هل نتفاعل مع كلام الله سبحانه كما تفاعل امامنا المفدى أمير المؤمنين سلام الله عليه ، وهل اذا سمعنا أو قرءنا الكتاب العزيز سوف نتدبر آياته ؟
تعليق