بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
اللهم صل على محمد وآل محمد
الظلم من الامور القبيحة التي تصدر من الظالم لقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ﴾[1]، أما المظلوم المستشعر لظلم ما فيقول الباري عز وجل بحقه: ﴿إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ﴾[2]، فيكون لديه تفكير وهموم في مسألة هذا الظلم فيغتم لأنه لا يقدر أن يصل الى مرحلة الدفاع عن نفسه أو عن المظلوم فيعيش في حالتي هموم لهذه المظلومية، هنا جاءت الروايات وتحدثت عن ظلم كبير وعظيم ومؤثر في عالم الوجود ألا وهو الظلم لأهل البيت سلام الله عليهم.
هذا المحب الملتزم بخطهم باعتبار أنهم سفينة النجاة والصراط المستقيم وباب حطة وملاذ المؤمنين، فيكون لديه هم فيسمى مهموم وقد وردت رواية بهذا الخصوص عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ: ((نَفَسُ اَلْمَهْمُومِ لِظُلْمِنَا تَسْبِيحٌ وَهَمُّهُ لَنَا عِبَادَةٌ وَ كِتْمَانُ سِرِّنَا جِهَادٌ فِي سَبِيلِ اَللَّهِ ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَجِبُ أَنْ يُكْتَبَ هَذَا اَلْحَدِيثُ بِالذَّهَبِ))[3].
وهذا المعنى وهو نفس مهموم أي نفس المتفكر في أمرنا في أمر أهل البيت المتفكر والطالب لفرج أهل البيت سلام الله عليهم أو المهتم لعدم وصوله اليهم أو المهتم بمظلوميتهم سلام الله عليه فَنَفَسه هذا تسبيح؛ بما معناه يكتب لكل نفس ثواب تسبيح وهم أي اهتمام بخروج القائم عجل الله فرجه شريف والسعي في اسباب التمهيد لخروج الامام والدعاء لهذا الامر وتعجيل ظهوره؛ سيكون عبادة أي أن ثوابه ثواب المشتغل بالعبادة وأيضا عندما يكتم سرأهل البيت عليهم السلام وهذا الكتمان لا يحصل إلّا من خلال مجاهدة النفس لقوله تعالى: ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾[4]، وعدم السماح لها بان تكون خارج اطار الاهتمام بمظلومية أهل البيت سلام الله عليهم من ابعادهم عن مراكزهم التي حددها الله عز وجل وقتلهم بالسيف كالحسين أو بالسم عليهم السلام وتشريدهم وعزلهم عنادا وخلافا لقوله تعالى في الكتاب المجيد: ﴿ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾[5] .
وقد ذكرت الروايات التي تتحدث عن مظلومية اهل البيت فورد قول الإمام الصادق عليه السلامـ لِمِسمَعِ بنِ عَبدِ المَلِكِ ـ : ((يا مِسمَعُ، إنَّ الأَرضَ وَالسَّماءَ لَتَبكي مُنذُ قُتِلَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام رَحمَةً لَنا، وما بَكى لَنا مِنَ المَلائِكَةِ أكثَرُ، وما رَقَأَت دُموعُ المَلائِكَةِ مُنذُ قُتِلنا، وما بَكى أحَدٌ رَحمَةً لَنا ولِما لَقينا إلّا رَحِمَهُ اللّهُ تَعالى قَبلَ أن تَخرُجَ الدَّمعَةُ مِن عَينِهِ، فَإِذا سالَت دُموعُهُ عَلى خَدِّهِ فَلَو أنَّ قَطرَةً مِن دُموعِهِ سَقَطَت في جَهَنَّمَ لَأَطفَأَت حَرَّها حَتّى لا يوجَدَ لَها حَرٌّ، وإنَّ الموجَعَ قَلبُهُ لَنا لَيَفرَحُ يَومَ يَرانا عِندَ مَوتِهِ فَرحَةً لا تَزالُ تِلكَ الفَرحَةُ في قَلبِهِ حَتّى يَرِدَ عَلَينَا الحَوضَ))[6].
فأهل البيت يذكرون الحالة المثلى عند شيعتهم ومحبيهم كما روي عن الإمام الرضا عليه السلام: ((مَن تَذَكَّرَ مُصابَنا وبَكى لِمَا ارتُكِبَ مِنّا كانَ مَعَنا في دَرَجَتِنا يَومَ القِيامَةِ، ومَن ذَكَّرَ بِمُصابِنا فَبَكى وأبكى، لَم تَبكِ عَينُهُ يَومَ تَبكِي العُيونُ، ومَن جَلَسَ مَجلِسا يُحيي فيهِ أمرَنا، لَم يَمُت قَلبُهُ يَومَ تَموتُ القُلوبُ))[7].
فهذه الروايات تدلل وتشير لمن يحب أهل البيت عليهم السلام كيف يكون أمره من جهة تحصيل الثواب ومن جهة مجاهدة النفس ويكون ثوابه كثواب المشتغل بالعبادة.
__________________________________________________
[1] سورة آل عمران، الآية:135.
[2] سورة الشعراء، الآية: 227.
[3] الأمالي (للمفید)، ج 1، ص 338.
[4] سورة النازعات، الآيتان: 40-41.
[5] سورة المائدة، الآية: 55.
[6] كامل الزيارات، ص 203، ح 291.
[7] الأمالي للصدوق، ص 131، ح 119.
تعليق