اخرج ابن عبد ربه
الأندلسي في العقد الفريد ج 1 ص130
من واقف الشيعة بوجه الطغات
عن
العباس بن مكار قال: حدثني عبد الله بن سليمان المدني وأبو بكر الهذلي:
أن أروى بنت الحارث بن عبد المطلب
دخلت على معاوية، وهي عجوز كبيرة، فلما رآها معاوية قال: مرحباً بك وأهلاً يا عمة، فكيف كنت بعدنا؟ فقالت: يا بن أخي، لقد كفرت يد النعمة، وأسأت لابن عمك الصحبة، وتسميت بغير اسمك، وأخذت غير حقك، من غير بلاء كان منك، ولا من آبائك، ولا سابقة في الإسلام، بعد أن كفرتم برسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتعس الله منك الجدود، وأضرع منكم الخدود، ورد الحق إلى أهله، ولو كره المشركون، وكانت كلمتنا هي العليا، ونبينا صلى الله عليه وسلم هو المنصور، فوليتم علينا من بعده، تحتجون بقرابتكم من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحن أقرب إليه منكم، وأولى بهذا الأمر، فكنا فيكم بمنزلة بني إسرائيل في آل فرعون، وكان علي بن أبي طالب رحمه الله بعد نبينا صلى الله عليه وسلم بمنزلة هارون من موسى، فغايتنا الجنة وغايتكم النار. فقال لها عمرو بن العاص: كفى أيتها العجوز الضالة، وأقصري من قولك مع ذهاب عقلك، إذ لا تجوز شهادتك وحدك! فقالت له: وأنت يا بن النابغة، تتكلم وأمك كانت أشهر امرأة تغني بمكة وآخذهن لأجرة؛ ادعاك خمسة نفر من قريش، فسئلت أمك عنهم، فقالت: كلهم أتاني، فانظروا أشبههم به فألحقوه به، فغلب عليك شبه العاص بن وائل، فلحقت به. فقال مروان: كفى أيتها العجوز، واقصدي لما جئت له. فقالت: وأنت أيضاً يا بن الزرقاء تتكلم! ثم التفتت إلى معاوية، فقالت: والله ما جرأ علي هؤلاء غيرك، فإن أمك القائلة في قتل حمزة:
نحن جزيناكم بيوم بدر ... والحرب بعد الحرب ذات سعر
ما كان لي عن عتبة من صبر ... وشكر وحشى علي دهري
حتى ترم أعظمي في قبري
فأجابتها بنت عمي،
وهي تقول:
خزيت في بدر وبعد بدر ... يا بنة جبار عظيم الكفر
فقال معاوية:
عفا الله عما سلف، يا عمة، هات حاجتك؛ قالت: مالي إليك حاجة؛ وخرجت عنه.
الأندلسي في العقد الفريد ج 1 ص130
من واقف الشيعة بوجه الطغات
عن
العباس بن مكار قال: حدثني عبد الله بن سليمان المدني وأبو بكر الهذلي:
أن أروى بنت الحارث بن عبد المطلب
دخلت على معاوية، وهي عجوز كبيرة، فلما رآها معاوية قال: مرحباً بك وأهلاً يا عمة، فكيف كنت بعدنا؟ فقالت: يا بن أخي، لقد كفرت يد النعمة، وأسأت لابن عمك الصحبة، وتسميت بغير اسمك، وأخذت غير حقك، من غير بلاء كان منك، ولا من آبائك، ولا سابقة في الإسلام، بعد أن كفرتم برسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتعس الله منك الجدود، وأضرع منكم الخدود، ورد الحق إلى أهله، ولو كره المشركون، وكانت كلمتنا هي العليا، ونبينا صلى الله عليه وسلم هو المنصور، فوليتم علينا من بعده، تحتجون بقرابتكم من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحن أقرب إليه منكم، وأولى بهذا الأمر، فكنا فيكم بمنزلة بني إسرائيل في آل فرعون، وكان علي بن أبي طالب رحمه الله بعد نبينا صلى الله عليه وسلم بمنزلة هارون من موسى، فغايتنا الجنة وغايتكم النار. فقال لها عمرو بن العاص: كفى أيتها العجوز الضالة، وأقصري من قولك مع ذهاب عقلك، إذ لا تجوز شهادتك وحدك! فقالت له: وأنت يا بن النابغة، تتكلم وأمك كانت أشهر امرأة تغني بمكة وآخذهن لأجرة؛ ادعاك خمسة نفر من قريش، فسئلت أمك عنهم، فقالت: كلهم أتاني، فانظروا أشبههم به فألحقوه به، فغلب عليك شبه العاص بن وائل، فلحقت به. فقال مروان: كفى أيتها العجوز، واقصدي لما جئت له. فقالت: وأنت أيضاً يا بن الزرقاء تتكلم! ثم التفتت إلى معاوية، فقالت: والله ما جرأ علي هؤلاء غيرك، فإن أمك القائلة في قتل حمزة:
نحن جزيناكم بيوم بدر ... والحرب بعد الحرب ذات سعر
ما كان لي عن عتبة من صبر ... وشكر وحشى علي دهري
حتى ترم أعظمي في قبري
فأجابتها بنت عمي،
وهي تقول:
خزيت في بدر وبعد بدر ... يا بنة جبار عظيم الكفر
فقال معاوية:
عفا الله عما سلف، يا عمة، هات حاجتك؛ قالت: مالي إليك حاجة؛ وخرجت عنه.
تعليق