الثبات في الحق وابتداع اساليب مبتكرة للمقاومة
نجد عند الزهراء ثباتًا في المواقف وصبرًا عظيمًا على الشدائد، إذ لم يشغلها مرضها وألمها وحزنها على والدها عن الوقوف مع الحق لتدافع عنه بكل ما آتاها من قوة، فوقفت وخطبت وتكلمت واحتجّت بكل الوسائل لإثبات الحق.
لم تيأس فاطمة عندما وجدت أن ردّ الظلم صعب، ولم تستسلم بعدما شعرت أنها خسرت معركة بعد تلك الخطبة حين رفضت الجماعة الاقرار بحقوقها بالرغم من المنطق الذي ساقته، بل اعتبرت ان معركة الحق مستمرة، وان المقاومة تكون في كل ما هو متاح. لذلك نجد أنها مارست جميع الأساليب الممكنة في التعبير عن رأيها ومظلوميتها أمام معاشر المسلمين من كبار الصحابة من النصارى والمهاجرين وأمام النساء، وساقت جميع الحجج والبراهين لإثبات حقها ونصرة زوجها.
وهكذا أعطت فاطمة درسًا مهمًا في المقاومة، وهو ان خسارة معركة، أو الشعور بالعجز الآني لا يجب أن يقعدنا عن ممارسة واجبنا بالمقاومة، ولا يكون ذريعة للابتعاد عن مسؤولياتنا.
المقاومة رد فعل دفاعي على ظلم وقع، وهو يكون من خلال يدٍ تتحدى وكلمة تثور وقلب يرفض، وكلها تتعلق بإنسان حي، أما أن تكون مقاومة واحتجاج بعد الموت، فهي المقاومة التي انفردت بها فاطمة الزهراء دون غيرها حين أوصت بأن تدفن ليلاً، ولا يعرف مكان قبرها، ولا يشارك في تشييعها الذين ظلموها، وهو أبلغ درس في دروس المقاومة ورفض الظلم يمكن أن يقدمه انسان أو يعتمده في حياته، ثم بعد مماته.
تعليق