إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

شرح دعاء العهد

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #11
    ما هو العرش؟

    أشير في القرآن الكريم عشرون مرّة إلى "عرش الله". وفي اللغة "العرش" بمعنى المكان المُعَدّ للجلوس ذي القوائم المرتفعة، والكرسيّ هو المقعد المُعَدّ للجلوس ذي القوائم المنخفضة.



    عندما نقرأ: ﴿وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ﴾, يعني كرسيّه يسع هذا الوجود، فكيف بعرشه؟



    و"العرش" إمّا كناية عن مركز القدرة الإلهيّة، وإمّا مركز صدور الأحكام الإلهيّة. والمراد من حاملي العرش, الملائكة الذين عددهم ثمانية، كما تحدّثت الآية الكريمة: ﴿وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ﴾[1].



    [1] سورة الحاقة، الآية: 17.



    62

    43

    3. إبلاغ السلام


    قيل: إنّ حقيقة العرش ليست واضحة لدينا، ولكن من مجموع الآيات يمكن استفادة هذا المعنى: إنّ عالم الوجود له مركز، والله سبحانه لديه إحاطة كاملة بهذا المركز: ﴿اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾. وإجراء الإرادة الإلهيّة يكون عن طريق الملائكة المحيطين بمركز الأمر.



    عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: "العرش هو العلم الذي أطلع الله عليه أنبياءه ورسله"[1].



    ذكرت الآيات التي تعرضت للعرش أموراً إلى جانبه، توصل الإنسان من خلال جمعها إلى مركز الأمر، نظير:

    ﴿اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ﴾[2], ﴿يُدَبِّرُ الأَمْرَ﴾[3], ﴿يُفَصِّلُ الآيَاتِ﴾[4], ﴿يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا﴾[5].



    تبديل الليل بالنهار، وتدبير الأمور، وتفصيل الآيات، والعلم بجميع ذرّات الوجود، وما ينزل من السماء وما يعرج فيها، دليلٌ على أنّ جميع هذه الأمور تقع في العرش الإلهيّ.



    يقول المرحوم العلامة الطباطبائيّ قدس سره: العرش حقيقة من الحقائق العينيّة، وأمر من الأمور الخارجيّة. ويرى قدس سره أنّ العرش مركز تدبير أمور العالم[6].





    [1] معاني الأخبار، الصدوق، ص29.

    [2] سورة الأعراف، الآية: 54.

    [3] سورة يونس، الآية: 3.

    [4] سورة الرعد، الآية: 2.

    [5] سورة الحديد، الآية: 4.

    [6] الميزان في تفسير القرآن، الطباطبائيّ، ج 8، ص156- 158.



    63

    44

    3. إبلاغ السلام


    وعن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: "العرش والكرسيّ بابان من أكبر أبواب الغيوب"[1].



    والمراد من "العرش" ليس تختاً أو سريراً جسمانيّاً, لكونه لا يعلو فوق الماء، والله تعالى يقول: ﴿وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء﴾[2], بل المراد أنّه في الوقت الذي لم يكن هناك أرض ولا سماء، وكان العالم كلّه ماءً، كان مركز الأمر الإلهيّ على الماء، ثمّ بعد خلق السماوات والأرض انتقل مركز أمر العالم إلى السماوات.



    10- وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ

    يقول تعالى في سورة لقمان (الآية 27): ﴿وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾.



    ولعلّ المراد بـ "سبعة أبحر" في هذه الآية هو الكثرة، ولا خصوصيّة للعدد سبعة, فيكون المعنى: لو أنّ جميع ماء البحار مُزج بعضه ببعض، فلا يمكن أن تنفد كلمات الله أيضاً.



    إنّ منهج الأنبياء عليهم السلام هو إخراج الإنسان من السذاجة والمحدوديّة، وربطه باللامتناهي.



    وفي (الآية 109) من سورة الكهف، نقرأ أيضاً: ﴿قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا﴾.



    معنى "كلمة الله" في القرآن

    أمّا "كلمة الله" التي وردت في هذا الدعاء، فقد أُشير إليها في القرآن الكريم في الموارد الآتية:



    [1] التوحيد، الصدوق، ص321.

    [2] سورة هود، الآية: 7.



    64

    45

    3. إبلاغ السلام


    1- النعم الإلهيّة: ﴿لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي﴾[1].



    2- السُنَن الإلهيّة: ﴿وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ﴾[2], ﴿وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ﴾[3].



    3- المخلوق الإلهيّ الخاصّ: ﴿إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ﴾[4].



    4- الحوادث التي يُبتلى بها الإنسان: ﴿وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ﴾[5].



    5- الآيات الإلهيّة في حقّ السيدة مريم عليها السلام: ﴿وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا﴾[6].



    6- أسباب انتصار الحق على الباطل: ﴿وَيُرِيدُ اللّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ﴾[7], ﴿وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ﴾[8].



    نستفيد من جميع ما تقدّم، أنّ المراد من "الكلمة" ليس اللفظ فقط، بل المراد السنن، والمخلوقات، والإرادة والألطاف الإلهيّة التي تتجلّى في الوجود.



    [1] سورة الكهف، الآية: 109.

    [2] سورة الصافات، الآيتان: 171 - 172.

    [3] سورة الشورى، الآية: 21.

    [4] سورة النساء، الآية: 171.

    [5] سورة البقرة، الآية: 124.

    [6] سورة التحريم، الآية: 12.

    [7] سورة الأنفال، الآية: 7.

    [8] سورة الشورى، الآية: 24.



    65

    46

    3. إبلاغ السلام


    وعليه، لو أنّ جميع الأشجار كانت أقلاماً، وجميع البحار مزجت بعضها ببعض، ما نفدت كلمات الله, فمخلوقات الله وألطافه وسننه عبر التاريخ لا يمكن أن تنفد، سواءٌ التي وجدت للإنسان أو لجميع المخلوقات.



    وفي الرواية عن الإمام الكاظم عليه السلام أنّه قال: "نحن الكلمات التي لا تُدرك فضائلنا ولا تُستقصى"[1].



    نعم، إنّ أولياء الله هم وسائط الفيض من جهة الذات المقدّسة، وكلّ لطف أو كمال يصل إلى الآخرين إنّما هو بوساطة هؤلاء العظماء.



    11- وَمَا أَحْصَاهُ عِلْمُهُ

    العدّ والإحصاء بمعنى واحد، إلّا أنّ الإحصاء يكون مع الدقّة بحيث لا يفوت القلم شيء. والله تعالى يعلم كلّ شيء بدقّة، حتّى عدد أنفاس الخلائق التي تنفّستها أو تتنفسها.



    نقرأ في سورة مريم (الآية 84): ﴿فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا﴾, أي لا تعجل بعذابهم فنحن نحصي لهم اليوم والساعات والأعمال وحتّى النفَس، إلى أن يأتي ميعادهم.



    وعن عبد الأعلى مولى آل سامّ، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: قول الله عزّ وجلّ: ﴿إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا﴾, قال: ما هو عندك؟ قلت: عدد الأيّام، قال: "إنّ الآباء والأمّهات يحصون ذلك، لا ولكنّه عدد الأنفاس"[2].



    وجاء في سورة مريم (الآية 94): ﴿لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا﴾.



    [1] تفسير نور الثقلين، الحويزيّ، ج 5، ص788.

    [2] الكافي، الكلينيّ، ج 3، ص259.



    66

    47

    3. إبلاغ السلام


    وعلى هذا الأساس، فإنّ الإحصاء الدقيق لكلّ أجزاء الوجود بيده تبارك وتعالى، وعلم الله تعالى لا يحيط بالكلّيّات فقط، بل يحيط بالجزئيّات أيضاً.



    12. وَأَحَاطَ بِهِ كِتَابُهُ

    الله تعالى عالم بكلّ شيء، وفي الأحوال كلّها، ﴿يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ﴾[1], فهو محيط بكل شيء، أمّا سواه: ﴿وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء﴾[2].



    ونقرأ في سورة النساء (الآية 126): ﴿ وَللّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطًا﴾.



    نعم، الله تعالى لديه إحاطة كاملة بجميع مخلوقاته، وهي إحاطة قهر وتسخير، وإحاطة علم وتدبير، وإحاطة خلق وتغيير.



    وجاء في سورة الأنعام أيضاً: ﴿ وَهُوَ اللّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ﴾[3].



    وعن الإمام الصادق عليه السلام حول هذه الآية أنّه قال: "محيط بما خلق علماً وقدرةً وإحاطةً وسلطاناً وملكاً"[4].



    إنّ ذكر هذا المقطع، والتوجّه به في هذا الدعاء، أمران مهمّان, لأنّ الإيمان بالإحاطة العلميّة لله تعالى، باعثٌ على العمل الحسن من جهة، وزاجر عن العمل السيّئ من جهة أخرى. لذا، اهتمّ القرآن الكريم كثيراً بهذا الأمر: ﴿يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهرَكُمْ﴾[5].



    [1] سورة البقرة، الآية: 255.

    [2] الآية نفسها.

    [3] سورة الأنعام، الآية: 3.

    [4] التوحيد، الصدوق، ص133.

    [5] سورة الأنعام، الآية: 3.



    67

    48

    3. إبلاغ السلام


    تعليق


    • #12
      3. إبلاغ السلام


      نعم، لله تعالى إحاطة بجميع الناس، ﴿وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ﴾[1]. ونقرأ في سورة الكهف (الآية 91): ﴿كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا﴾, فالإله المستحقّ للعبادة هو الذي يحيط علماً بكلّ شيء: ﴿وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾[2].



      فعلمه تعالى متعلّق بجميع الجزئيّات، وعلمه دقيق: ﴿أَحْصَاهُ اللَّهُ﴾[3], وعلمه حضوريّ: ﴿وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾[4], وعلمه لا يعلوه غبار النسيان: ﴿أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ﴾[5], وبوساطة علمه يُطلع الآخرين على أعمالهم التي نسوها: ﴿وَنَسُوهُ﴾[6], ﴿فَيُنَبِّئُهُم﴾[7], كما أنّ الإحاطة العلميّة لله تعالى بكلّ شيء دائمة وأزليّة: ﴿هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا﴾[8], وعلمه دائمي وليس بموسمي "يعلم"، "عليم"، وعلمه تعالى بالسماوات والأرض واحد: ﴿يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾[9].



      الخلاصة

      إنّ علمه تعالى ليس علماً إجماليّاً, بل لديه إحاطة وإحصاء كامل بكلّ شيء.





      [1] سورة الإسراء، الآية: 60.

      [2] سورة طه، الآية: 98.

      [3] سورة المجادلة، الآية: 6.

      [4] الآية نفسها.

      [5] الآية نفسها.

      [6] الآية نفسها.

      [7] الآية نفسها.

      [8] سورة المجادلة، الآية: 7.

      [9] سورة التغابن، الآية 4.



      68

      49

      4. العهد المهدويّ


      اللَّهُمَّ إِنِّي أُجَدِّدُ لَهُ فِي صَبِيحَةِ يَوْمِي هذَا،

      وَمَا عِشْتُ مِنْ أَيَّامِي،

      عَهْداً وَعَقْدَاً، وَبَيْعَةً لَهُ فِي عُنُقِي، لا أَحُولُ عَنْهَا وَلا أَزُولُ أَبَداً



      العهد والميثاق مع إمام العصر عجل الله تعالى فرجه الشريف

      "العهد" في حياة المنتظِر لا بدّ من أن يكون موجوداً بشكل دائم. فعندما تُصمَّم الحياة على أساس الانتظار، فالعهد سيكون دائميّاً ومستمرّاً، والمنتظِر الواقعي هو الذي لا يحول عن عهده مع إمامه.



      إن قراءة هذا الدعاء في صبيحة كلّ يوم توجب أن لا ننسى - أكثر من أيّ أحد - أنّنا عاهدنا إمامنا، ولا بدّ من حفظ هذا العهد, لأنّ هذا العهد أولى من أيّ عهد آخر.



      العهد مع إمام الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف يعني أن تكون الحياة مبنيّة على أساس رضى الإمام المهديّعجل الله تعالى فرجه الشريف. والشخص الذي يمدّ يد البيعة لإمامه، لا يأخذ بعين الاعتبار إلّا رضى إمامه, وعليه فالعمل المبنيّ على أساس التوجُّه وطلب رضى الإمام لا بدّ من أن يكون هو أولويّة المنتظرين.



      مقامات عهد المنتظرين

      في هذا القسم من الدعاء، يبيّن المنتظرون للإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف عهدهم في مقامات عدّة:

      1- اللَّهُمَّ إِنِّي أُجَدِّدُ لَهُ فِي صَبِيحَةِ يَوْمِي هَذَا



      الميثاق مع الإمام من هدايا يوم الغدير القيّمة, فعندما نصَّب



      71

      50

      4. العهد المهدويّ


      النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أمير المؤمنين عليه السلام في يوم الغدير، كان على المسلمين أن يقوموا بوظيفتهم ويبايعوه. كذلك الحال في كلّ واحد من الأئمّة عند تسلُّم الإمامة، كان على الناس أن يبايعوه.



      البيعة مع الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف كانت في التاسع من ربيع الأوّل عام 260 للهجرة (أي بعد شهادة أبيه الإمام العسكريّ عليه السلام)، ومع ذلك يلاحظ في هذا القسم الحديث عن تجديد العهد والبيعة, لأنّ المنتظرين الحقيقيّين هم من يجدّدون العهد والبيعة مع إمام زمانهم في كلّ يوم.



      2- وَمَا عِشْتُ مِنْ أَيَّامِي

      العلاقة مع الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف، في هذا الدعاء، تتجدّد دائماً, لأنّ الداعي يقول: "في يومي هذا وفي كلّ يوم".



      أحياناً يقول لك شخصٌ: "أنا أحبّك"، ثمّ يغيب عن الأنظار ولا تعود تسمع له حسّاً. وتارةً، هناك شخصٌ يتّصل بك كلّ يوم ويقول: "فلان، أنا أحبّك".



      في هذا الدعاء، يقول الداعي: أيّها المهديّ الحبيب، اليوم وفي كلّ يوم، أجدّد بيعتي لك.



      72

      51

      4. العهد المهدويّ


      في عهدي وعقدي وبيعتي لإمام زماني لن أسمح لشيء من داخلي أنْ يغيّرني، ولن أضعف أمام أيٍّ من الشدائد والظروف



      3- عَهْداً وَعَقْداً وَبَيْعَةً

      يا إمام زماننا، نحن نعاهدك، بل أكثر من ذلك، نعقد معك عقداً، بل أكثر من ذلك أيضاً، نبايعك على أن كلّ ما تطلبه منّا سننفّذه، وسنكون كما تريد.



      قيل: إنّ "العهد" هو الحدّ الأقل، و"العقد" هو الحدّ المتوسط، و"البيعة" هي الحدّ الكامل للارتباط بالإمام. فالعلاقة في هذا الدعاء تتّجه بنا نحو الرشد, لأنّ الداعي في البداية يقول: أنا أعاهدك، ثمّ أجري معك عقداً، ثمّ أبايعك. فقد يقوم شخصان بتشكيل عهد بينهما ويعد أحدهما الآخر، ولكن لا يجريان عقداً، ويمكن أن يتحقّق عهدٌ وعقد، ولكن لا يوجد تسليم، بينما في الدعاء يقول الداعي: "وبيعةً"، يعني تسليماً. فقوله: "عهداً" يعني التعهّد للإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف، وقوله: "عقداً" يعني إجراء العقد مع إمام الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف، وقوله: "وبيعةً" يعني البيعة له عجل الله تعالى فرجه الشريف.



      4- لَهُ فِي عُنُقِي

      العلاقة في هذا الدعاء حتميّة, لأنّ الداعي يقول: إنّ هذه العلاقة في رقبتي، وكم هو جميل إبراز هذه العلاقة! يقول: "في رقبتي"، فمن الممكن أن يكون للشخص علاقةٌ ما بآخر، ولكنّه لا يفتخر بها.



      5- لا أَحُولُ عَنْهَا

      الحَول بمعنى التغيير والتبديل. وفي هذه الفقرة من الدعاء والتي تليها، علامة على ثبات قدم المنتظِر, لأنّ إحدى السمات الأساس للحياة المهدويّة هي الصمود في مسير الحقّ، والثبات على الصراط المستقيم في الحوادث والوقائع وعند بروز الفتن.



      73

      52

      4. العهد المهدويّ


      6- وَلَا أَزُولُ أَبَدَاً

      الزوال بمعنى الانعدام وذهاب الشيء. وهذه العبارة تعني أنّني في عهدي وعقدي وبيعتي لإمام زماني لن أسمح لشيء من داخلي أنْ يغيّرني، ولن أضعف أمام أيٍّ من الشدائد والظروف الخارجيّة التي قد تعوق حركتي. فأنا في مسيري هذا سأبقى ثابتاً وصامداً ولن أنكث بعهدي، فالوفاء بالعهد من صفات المؤمنين.



      74


      53

      5. معنى العهد والعقد


      اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ أَنْصَارِهِ وَأَعْوَانِهِ وَالذَّابِّينَ عَنْهُ، وَالْمُسَارِعِينَ إِلَيْهِ فِي قَضَاءِ حَوَائِجِهِ، وَالْمُمْتَثِلِينَ لأَوَامِرِهِ، وَالْمُحَامِينَ عَنْهُ، وَالسَّابِقِينَ إِلَى إِرَادَتِهِ، وَالْمُسْتَشْهَدِينَ بَيْنَ يَدَيْهِ.



      في هذا الدعاء، بعد السلام على الإمام وتجديد العهد معه عجل الله تعالى فرجه الشريف، نطلب من الله تعالى ثمانية مقامات لأجل الوصول إلى الأهداف العالميّة:

      وعلى أساس هذه التعاليم، ينبغي للمنتظِر أن يبني حياته، ليكون من أنصار الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف. ولازم هذه النصرة هو معرفة إمام الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف، فمن يريد أن ينصر الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف عليه أن يتعرّف على أهداف الإمام أوّلاً.



      أما مفاد هذا القسم من الدعاء، فهو:

      1- اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ أَنْصَارِهِ

      الحياة المهدويّة تتّخذ شكلها وطابعها على أساس نصرة الحجّة.

      وقد جاء في القرآن الكريم حول نصرة أولياء الله قوله تعالى في سورة آل عمران (الآية 81): ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ﴾.



      وعلى هذا الأساس، الإيمان وحده ليس كافياً، بل لا بدّ من



      77

      54

      5. معنى العهد والعقد


      النصرة والدفاع. فالمنتظِر للإمام مع كونه معتقداً به، لا بدّ من أن يطيع - أيضاً - في مقام العمل، وأن يقوم بنصرته ومؤازرته.



      شيعتنا حواريّونا

      ونقرأ في سورة آل عمران (الآية 52) قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾.



      كلمة "الحواريّون" تُطلق على الأنصار الخاصّين للنبيّ عيسى عليه السلام، وقد كانوا اثني عشر شخصاً. وأصل هذه الكلمة مأخوذ من "الحور" بمعنى النقاء والبياض الخالص. وقد أطلق عليهم هذا الاسم إمّا لكونهم كانوا يلبسون اللباس الأبيض وقلوبهم نقيّة بيضاء، وإمّا لكون باطنهم نقيّاً أبيض، وكانوا يدعون غيرهم ليكون نقيّاً مثلهم.



      عن الإمام أبي عبد الله عليه السلام أنّه قال: "إنّ حواريّي عيسى عليه السلام كانوا شيعته، وإنّ شيعتنا حواريّونا، وما كان حواريّو عيسى بأطوع له من حواريِّينا لنا، وإنّما قال عيسى عليه السلام للحواريّين: ﴿قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ﴾. فلا - والله - ما نصروه من اليهود ولا قاتلوهم دونه، وشيعتنا – والله -لم يزالوا منذ قبض الله عزَّ ذكره رسولَه صلى الله عليه وآله وسلم ينصروننا، ويقاتلون دوننا، ويُحرَقون ويعذَّبون ويشرَّدون في البلدان، جزاهم الله عنّا خيراً"[1].



      مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّه؟

      جاء في سورة الصف (الآية 14) قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي



      [1] الكافي، الكلينيّ، ج 8، ص268.



      78

      55

      5. معنى العهد والعقد


      إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ فَآَمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ﴾.



      وفي هذه الآية ثمّة بعض النكات، وهي:

      1- على المؤمن أن يسير نحو الكمال خطوة خطوة, ففي الآيات التي سبقت هذه الآية ثمّة دعوة إلى التجارة مع الله تعالى، بينما في هذه الآية ثمّة دعوة إلى مرتبة أعلى، فهي تدعو المؤمن بشكل رسميّ إلى أن يكون من "أنصار الله", ﴿كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ﴾, أي أن يكون حاضراً دائماً لنصرة الدين وأولياء الله.



      2- إنّ الله تعالى غنيٌّ عن نصرنا, لأنَّ الانتصارات كلّها منه سبحانه, ﴿نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ﴾. فالكون من أنصار الله - في حدّ نفسه - فخر بالنسبة إلينا.



      3- إنّ الأنبياء الإلهيّين عليهم السلام يريدون الناس لله، لا لأجل أنفسهم أو لأجل جماعة أو حزب, ﴿مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ﴾.



      4- يسلك الأنبياء عليهم السلام في مجال الغلبة على الأعداء الطرق العاديّة والطبيعيّة، ويستفيدون من الأسباب الظاهريّة وقوّة الناس, ﴿مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ﴾.



      5- على القائد أن يكون لديه تقييمٌ دقيقٌ عن أنصاره, ﴿مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ﴾.



      6- أخذ الإقرار من الأنصار نوعٌ من تجديد البيعة وإعلان الوفاء, ﴿مَنْ أَنصَارِي﴾، ﴿نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ﴾.



      7- لا بدّ من إجابة دعوة القادة الدينيّين, ﴿مَنْ أَنصَارِي﴾، ﴿نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ﴾.



      8- الإنسان مختار في أن يقبل دعوة الأنبياء عليهم السلام فيسعد، أو يردّها فيشقى, ﴿فَآَمَنَت طَّائِفَةٌ﴾, ﴿وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ﴾.



      79

      56

      5. معنى العهد والعقد

      تعليق


      • #13
        5. معنى العهد والعقد


        9- لا يؤمن جميع الناس - عادةً - بدعوة نبيّ واحد، بل بعضهم يؤمن وبعضهم يكفر. ونحن علينا أن لا نتوقّع أن يؤمن جميع الناس أيضاً, ﴿فَآَمَنَت طَّائِفَةٌ﴾, ﴿وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ﴾.



        10- إنّ معرفة القوّات الوفيّة، والتخطيط المسبَّق لها، وتوجيهها، والفصل بين جبهة الحقّ وجبهة الباطل، ضروريّ للقائد ولاستمرار حركته, ﴿مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ﴾.



        11- إنّ تجديد البيعة مع القائد الإلهيّ، له قيمة سياسيّة واجتماعيّة ودينيّة, ﴿مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ﴾.



        12- إنّ نصرة المنادين الإلهيّين هي نصرة لله تعالى, ﴿نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ﴾.



        13- ثمّة قيمة عالية للسبق في الدفاع عن القادة الدينيّين، فمع أنّ عيسى عليه السلام كان لديه أتباع، ولكن الله تعالى امتدح إيمان الحواريّين، وذلك لسابقتهم وصراحتهم, ﴿مَنْ أَنصَارِي﴾ ، قالوا: ﴿نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ﴾.



        2- وَأَعْوَانِهِ

        أكّدت الآيات والروايات على تقديم الإعانة والمساعدة للمسلمين والمؤمنين، وأوصت بذلك، وذكرت في هذا المجال الثواب الجزيل. وبناءً عليه، فلو أنّ شخصاً قدّم العون لأعظم فرد في هذا الوجود، فأيّ قدر لهذا العمل سيكون حينئذٍ؟



        أحد مصاديق الإعانة للإمام هي الإعانة المادّيّة, فعن الإمام الرضا عليه السلام أنّه قال: "إنّ الخمس عونُنا... فلا تزووه عنّا، ولا تحرموا أنفسكم دعاءنا ما قدرتم عليه"[1].




        [1] الوافي، الفيض الكاشانيّ، ج 10، ص334, الكافي، الكلينيّ، ج 1، ص548.



        80

        57

        5. معنى العهد والعقد


        وعن إمام الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف أنّه قال: "فلا يحلّ لأحد أن يتصرّف في مال غيره بغير إذنه، فكيف يحلّ ذلك في مالنا؟! مَن فعل شيئاً من ذلك لغير أمرنا فقد استحلّ منا ما حُرّم عليه، ومَن أكل من مالنا شيئاً فإنّما يأكل في بطنه ناراً وسيصلى سعيراً"[1].



        الشخص المنتظِر، الذي يريد الدفاع بتمام وجوده عن الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف، عليه أن يعرف أعداءه وجنوده، وأن يتحلّى بالبصيرة المطلوبة



        ونقرأ في بعض الروايات: "لا يُعذر عبدٌ اشترى من الخمس شيئاً أن يقول: ربّ اشتريته بمالي، حتّى يأذن له أهل الخمس"[2].



        وعن الإمام الباقر عليه السلام أنّه قال: "لا يحلّ لأحد أن يشتري من الخمس شيئاً حتّى يصل إلينا حقُّنا"[3].



        ويقول الإمام الخميني قدس سره في (تحرير الوسيلة): "ومن منع منه درهماً كان من الظالمين لهم والغاصبين لحقِّهم"[4].



        3- وَالذَّابِّينَ عَنْهُ

        الدفاع عن الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف هو أحد دروس الحياة المهدويّة التي يقدّمها لنا هذا الدعاء.



        فالدفاع عن المعصومين أمر واجب، ويجب أن لا يُسمح للأيدي السيّئة باستهدافهم والنيل منهم.



        والدفاع عن العظماء له مظاهر عدّة, تارةً يكون باللسان، وأخرى بالقلم، وثالثة بالسيف.



        [1] وسائل الشيعة، الحرّ العامليّ، ج 9، ص541, كمال الدين وتمام النعمة، الصدوق، ج 2، ص521.

        [2] الوافي، الفيض الكاشانيّ، ج 10، ص337, تحرير الوسيلة، الإمام الخمينيّ، ج 1، ص334، بتفاوت بسيط, تفسير العيّاشيّ، العيّاشيّ، ج 2، ص63.

        [3] الكافي، الكلينيّ، ج 1، ص545.

        [4] تحرير الوسيلة، الإمام الخمينيّ، ج 1، كتاب الخمس.



        81

        58

        5. معنى العهد والعقد


        وعن الإمام الحسين عليه السلام: "هل من ذابّ يذبّ عن حرم رسول الله؟".



        فالشخص المنتظِر، الذي يريد الدفاع بتمام وجوده عن الإمام المهديّعجل الله تعالى فرجه الشريف، عليه أن يعرف أعداءه وجنوده، وأن يتحلّى بالبصيرة المطلوبة. فاليوم مَن يقوم بتحريف المهدويّة الأصيلة وتغييرها، هو في صدد العداء مع الإمام، كما أنّ من يحارب فرع هذه الشجرة - شجرة طوبى - أي ولاية الفقيه، هو عدوٌّ أيضاً.



        4- وَالْمُسَارِعِينَ إِلَيْهِ فِي قَضَاءِ حَوَائِجِهِ

        في هذا الفقرة من الدعاء، لا نطلب من الله تعالى أن يجعلنا من المدافعين عن الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف فحسب، بل نطلب منه سبحانه أن يجعلنا من المسارعين إليه في قضاء حوائجه.



        ويستفاد من هذا المقطع أمران:

        أ- السرعة

        السرعة والسبق في أعمال الخير تزيدان في قيمتها، ففي القرآن الكريم وردت في أعمال الخير أمثال هذه التعابير: ﴿وَسَارِعُواْ﴾، ﴿سَابِقُوا﴾, ﴿فَاسْتَبِقُواْ﴾.. ويثني الله في القرآن الكريم على الأنبياء عليهم السلام بقوله: ﴿يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ﴾[1]. وفي سورة آل عمران (الآية 114)، يقول تعالى: ﴿يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾.



        ب- حوائج إمام الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف

        بدايةً، لا بدّ من أن يُعلم أنّ ما يطلبه الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف هو ما



        [1] سورة الأنبياء، الآية: 90.



        82

        59

        5. معنى العهد والعقد


        يطلبه سائر أهل البيت عليهم السلام, وهو التوجُّه إلى الأمور الحسنة والابتعاد عن الأمور السيّئة, لأنّ هذه العائلة هي أصل وفرع ومعدن ومنشأ الأمور الحسنة كلّها، وطلبهم الوحيد هو رعاية التقوى، لكن مع ذلك، فقد ذكر للإمام بعضٌ من المطالب الخاصّة، كالاهتمام بالفقراء والمحتاجين فكريّاً ومادّيّاً. وسنذكر في المقاطع اللاحقة توضيحات أكثر حول هذا النقطة.



        5- وَالْمُمْتَثِلِينَ لأَوَامِرِهِ

        هذا المقطع فيه أمران:

        أ- أوامر إمام الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف:

        تتجلّى أوامر الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف في التوقيعات والتشرّفات الصحيحة بلقائه, كقصّة الحاجّ علي البغداديّ والسيّد الرشتيّ التي جاءت في مفاتيح الجنان، أو ملاقاة ابن مهزيار التي أوصاه فيها وجميع الشيعة بضرورة رعاية مسائل ثلاث:

        - صلة الأرحام.

        - الاهتمام بالضعفاء.

        - عدم جمع الأموال واحتكارها.



        ب- الطاعة لإمام الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف:

        يقول تعالى في سورة النساء (الآية 59): ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً﴾.



        تُشير هذه الآية إلى وظائف الناس أمام الله تعالى ورسوله, وبوجود هذه المراجع الثلاثة: الله، والرسول، وأولو الأمر، لن





        83

        60

        5. معنى العهد والعقد


        يواجهوا طريقاً مسدوداً. ومجيء هذه المراجع الثلاثة للطاعة لا ينافي التوحيد القرآنيّ, لأنّ إطاعة الرسول وأولي الأمر هي - أيضاً - شعاع من إطاعة الله وفي طولها لا في عرضها، وبأمر من الله تعالى فإنَّ إطاعة الأمرَين الآخرَين لازمة.



        وتَكرار الأمر "أطيعوا" وإن كان علامة على تنوّع القوانين، لكن من المقطوع به أنّ من أطاع أوامر القرآن والرسول وأهل البيت عليهم السلام فقد أطاع إمام الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف.



        عن الحسين بن أبي العلاء قال: ذكرت لأبي عبد الله عليه السلام قولنا في الأوصياء: أنّ طاعتهم مفترضة، قال: فقال: "نعم، هم الذين قال الله تعالى: ﴿أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ﴾[1], وهم الذين قال الله عزّ وجلّ: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ﴾[2]"[3].



        لكن لماذا يطلب المنتظِر من الله تعالى مرّةً أخرى مثل هذا الطلب ويقول: اللهمّ اجعلني من الممتثلين لأوامر الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف؟!



        والجواب: على طول التاريخ يوجد أفراد يظهرون الاعتقاد، لكنّهم في مقام العمل لديهم ضعف وتقصير. وفي هذا المجال، نقرأ في سورة الأنفال (الآية 20) قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ﴾, وفي (الآية 21)، نقرأ قوله تعالى كذلك: ﴿وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ﴾.



        [1] سورة النساء، الآية: 59.

        [2] سورة المائدة، الآية: 55.

        [3] الكافي، الكلينيّ، ج 1، ص187.



        84

        61

        5. معنى العهد والعقد


        وفي القرآن الكريم، أينما وردت إطاعة الله ورد معها إطاعة رسول الله. وفي أحد عشر مورداً بعد قوله: "اتقوا الله" جاء قوله: "أطيعون", وهذا يعني أنّ لازم تقوى الله هو الطاعة للرسول.



        ومع كون إطاعة الله تعالى وإطاعة رسوله كلاهما لازمة، ففي هذه الآية نهى تعالى عن التولّي عن الرسول فقط، حيث من المعلوم أنّ هؤلاء كانت مشكلتهم في إطاعة الرسول.



        وبعد هذا التوضيح، نقول: يحتمل أنّ بعض المنتظِرين يقصّرون في إطاعة إمام الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف.



        والنقاط التي تؤكّد عليها هذه الآيات هي:

        1- حاجة المؤمنين إلى التحذير عن التعرّض لمخالفة أوامر الله تعالى ورسوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ﴾.



        2- إنّ معصية أوامر الرسول هي معصية لأوامر الله، قال تعالى: ﴿وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ﴾, ولم يقل: عنهما. فأوامر الله ورسوله لها هويّة واحدة، وإطاعة الله تعالى هي رهن إطاعة رسوله.



        3- السمع والفهم من أسباب المسؤوليّة: ﴿وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ﴾.



        4- الاطلاع على تاريخ وأخبار الماضين الذين تخلّفوا أساس للعِبرة: ﴿لاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ...﴾.



        5- في مجال الإطاعة للقائد، لا بدّ من الصدق والثبات على العهد، وأن لا ندّعي الإيمان بدون العمل: ﴿وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ﴾.



        6- إنّ طاعة الوصيّ وخليفة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم واجبة، قال تعالى:

        ﴿فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي﴾. وبسبب بروز الفتن في هذا العصر أو بسبب صعوبة الشروط والظروف نسبيّاً في عصر



        85

        62

        5. معنى العهد والعقد


        الظهور، فسوف تكون الإطاعة وعدم التولّي أشدّ إلزاماً وأكثر صعوبة.



        وللأئمّة عليهم السلام هدف واحد، وهو هدف النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أيضاً، لكن بحسب مقتضيات كلّ زمان، فإنّ لكل واحد منهم عليهم السلام سلوكه الخاصّ به, فأحدهم يقاتل، والآخر يصالح، والثالث يواجه الجهل والأعداء من خلال الدعاء والتوسّل، والرابع يقوم بتربية الناس من خلال إقامة صفّ الدرس ومجالس البحث والمناظرة... ففي الظاهر، نجد أنّ لكل واحد منهم عليهم السلام دوراً يختلف عن الآخر، لكن هدف الجميع واحد, تماماً كاليدين اللتين لهما حركتان مختلفتان أثناء غسل الثوب وتتحرّكان باتجاهين متعاكسين، إلّا أنّ لهما هدفاً واحداً، وهو الوصول إلى نظافة الثوب وطهارته.



        وقد جاء في الروايات أنّ عصر الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف أصعب من عصر النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم, لأنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم سار بآيات القرآن النورانيّة إلى القتال بالعصا والحجارة، لكن في عصر ظهور الإمام ستوجد فرقة تحاربه بالاستفادة السيّئة من الآيات القرآنيّة، وتقوم بتأويل آيات القرآن الكريم ضدّه.





        86

        63

        5. معنى العهد والعقد


        6- وَالْمُحَامِينَ عَنْهُ

        تعليق


        • #14
          5. معنى العهد والعقد


          وعن إمام الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف أنّه قال: "فلا يحلّ لأحد أن يتصرّف في مال غيره بغير إذنه، فكيف يحلّ ذلك في مالنا؟! مَن فعل شيئاً من ذلك لغير أمرنا فقد استحلّ منا ما حُرّم عليه، ومَن أكل من مالنا شيئاً فإنّما يأكل في بطنه ناراً وسيصلى سعيراً"[1].



          الشخص المنتظِر، الذي يريد الدفاع بتمام وجوده عن الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف، عليه أن يعرف أعداءه وجنوده، وأن يتحلّى بالبصيرة المطلوبة



          ونقرأ في بعض الروايات: "لا يُعذر عبدٌ اشترى من الخمس شيئاً أن يقول: ربّ اشتريته بمالي، حتّى يأذن له أهل الخمس"[2].



          وعن الإمام الباقر عليه السلام أنّه قال: "لا يحلّ لأحد أن يشتري من الخمس شيئاً حتّى يصل إلينا حقُّنا"[3].



          ويقول الإمام الخميني قدس سره في (تحرير الوسيلة): "ومن منع منه درهماً كان من الظالمين لهم والغاصبين لحقِّهم"[4].



          3- وَالذَّابِّينَ عَنْهُ

          الدفاع عن الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف هو أحد دروس الحياة المهدويّة التي يقدّمها لنا هذا الدعاء.



          فالدفاع عن المعصومين أمر واجب، ويجب أن لا يُسمح للأيدي السيّئة باستهدافهم والنيل منهم.



          والدفاع عن العظماء له مظاهر عدّة, تارةً يكون باللسان، وأخرى بالقلم، وثالثة بالسيف.



          [1] وسائل الشيعة، الحرّ العامليّ، ج 9، ص541, كمال الدين وتمام النعمة، الصدوق، ج 2، ص521.

          [2] الوافي، الفيض الكاشانيّ، ج 10، ص337, تحرير الوسيلة، الإمام الخمينيّ، ج 1، ص334، بتفاوت بسيط, تفسير العيّاشيّ، العيّاشيّ، ج 2، ص63.

          [3] الكافي، الكلينيّ، ج 1، ص545.

          [4] تحرير الوسيلة، الإمام الخمينيّ، ج 1، كتاب الخمس.



          81

          58

          5. معنى العهد والعقد


          وعن الإمام الحسين عليه السلام: "هل من ذابّ يذبّ عن حرم رسول الله؟".



          فالشخص المنتظِر، الذي يريد الدفاع بتمام وجوده عن الإمام المهديّعجل الله تعالى فرجه الشريف، عليه أن يعرف أعداءه وجنوده، وأن يتحلّى بالبصيرة المطلوبة. فاليوم مَن يقوم بتحريف المهدويّة الأصيلة وتغييرها، هو في صدد العداء مع الإمام، كما أنّ من يحارب فرع هذه الشجرة - شجرة طوبى - أي ولاية الفقيه، هو عدوٌّ أيضاً.



          4- وَالْمُسَارِعِينَ إِلَيْهِ فِي قَضَاءِ حَوَائِجِهِ

          في هذا الفقرة من الدعاء، لا نطلب من الله تعالى أن يجعلنا من المدافعين عن الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف فحسب، بل نطلب منه سبحانه أن يجعلنا من المسارعين إليه في قضاء حوائجه.



          ويستفاد من هذا المقطع أمران:

          أ- السرعة

          السرعة والسبق في أعمال الخير تزيدان في قيمتها، ففي القرآن الكريم وردت في أعمال الخير أمثال هذه التعابير: ﴿وَسَارِعُواْ﴾، ﴿سَابِقُوا﴾, ﴿فَاسْتَبِقُواْ﴾.. ويثني الله في القرآن الكريم على الأنبياء عليهم السلام بقوله: ﴿يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ﴾[1]. وفي سورة آل عمران (الآية 114)، يقول تعالى: ﴿يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾.



          ب- حوائج إمام الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف

          بدايةً، لا بدّ من أن يُعلم أنّ ما يطلبه الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف هو ما



          [1] سورة الأنبياء، الآية: 90.



          82

          59

          5. معنى العهد والعقد


          يطلبه سائر أهل البيت عليهم السلام, وهو التوجُّه إلى الأمور الحسنة والابتعاد عن الأمور السيّئة, لأنّ هذه العائلة هي أصل وفرع ومعدن ومنشأ الأمور الحسنة كلّها، وطلبهم الوحيد هو رعاية التقوى، لكن مع ذلك، فقد ذكر للإمام بعضٌ من المطالب الخاصّة، كالاهتمام بالفقراء والمحتاجين فكريّاً ومادّيّاً. وسنذكر في المقاطع اللاحقة توضيحات أكثر حول هذا النقطة.



          5- وَالْمُمْتَثِلِينَ لأَوَامِرِهِ

          هذا المقطع فيه أمران:

          أ- أوامر إمام الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف:

          تتجلّى أوامر الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف في التوقيعات والتشرّفات الصحيحة بلقائه, كقصّة الحاجّ علي البغداديّ والسيّد الرشتيّ التي جاءت في مفاتيح الجنان، أو ملاقاة ابن مهزيار التي أوصاه فيها وجميع الشيعة بضرورة رعاية مسائل ثلاث:

          - صلة الأرحام.

          - الاهتمام بالضعفاء.

          - عدم جمع الأموال واحتكارها.



          ب- الطاعة لإمام الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف:

          يقول تعالى في سورة النساء (الآية 59): ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً﴾.



          تُشير هذه الآية إلى وظائف الناس أمام الله تعالى ورسوله, وبوجود هذه المراجع الثلاثة: الله، والرسول، وأولو الأمر، لن





          83

          60

          5. معنى العهد والعقد


          يواجهوا طريقاً مسدوداً. ومجيء هذه المراجع الثلاثة للطاعة لا ينافي التوحيد القرآنيّ, لأنّ إطاعة الرسول وأولي الأمر هي - أيضاً - شعاع من إطاعة الله وفي طولها لا في عرضها، وبأمر من الله تعالى فإنَّ إطاعة الأمرَين الآخرَين لازمة.



          وتَكرار الأمر "أطيعوا" وإن كان علامة على تنوّع القوانين، لكن من المقطوع به أنّ من أطاع أوامر القرآن والرسول وأهل البيت عليهم السلام فقد أطاع إمام الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف.



          عن الحسين بن أبي العلاء قال: ذكرت لأبي عبد الله عليه السلام قولنا في الأوصياء: أنّ طاعتهم مفترضة، قال: فقال: "نعم، هم الذين قال الله تعالى: ﴿أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ﴾[1], وهم الذين قال الله عزّ وجلّ: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ﴾[2]"[3].



          لكن لماذا يطلب المنتظِر من الله تعالى مرّةً أخرى مثل هذا الطلب ويقول: اللهمّ اجعلني من الممتثلين لأوامر الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف؟!



          والجواب: على طول التاريخ يوجد أفراد يظهرون الاعتقاد، لكنّهم في مقام العمل لديهم ضعف وتقصير. وفي هذا المجال، نقرأ في سورة الأنفال (الآية 20) قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ﴾, وفي (الآية 21)، نقرأ قوله تعالى كذلك: ﴿وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ﴾.



          [1] سورة النساء، الآية: 59.

          [2] سورة المائدة، الآية: 55.

          [3] الكافي، الكلينيّ، ج 1، ص187.



          84

          61

          5. معنى العهد والعقد


          وفي القرآن الكريم، أينما وردت إطاعة الله ورد معها إطاعة رسول الله. وفي أحد عشر مورداً بعد قوله: "اتقوا الله" جاء قوله: "أطيعون", وهذا يعني أنّ لازم تقوى الله هو الطاعة للرسول.



          ومع كون إطاعة الله تعالى وإطاعة رسوله كلاهما لازمة، ففي هذه الآية نهى تعالى عن التولّي عن الرسول فقط، حيث من المعلوم أنّ هؤلاء كانت مشكلتهم في إطاعة الرسول.



          وبعد هذا التوضيح، نقول: يحتمل أنّ بعض المنتظِرين يقصّرون في إطاعة إمام الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف.



          والنقاط التي تؤكّد عليها هذه الآيات هي:

          1- حاجة المؤمنين إلى التحذير عن التعرّض لمخالفة أوامر الله تعالى ورسوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ﴾.



          2- إنّ معصية أوامر الرسول هي معصية لأوامر الله، قال تعالى: ﴿وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ﴾, ولم يقل: عنهما. فأوامر الله ورسوله لها هويّة واحدة، وإطاعة الله تعالى هي رهن إطاعة رسوله.



          3- السمع والفهم من أسباب المسؤوليّة: ﴿وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ﴾.



          4- الاطلاع على تاريخ وأخبار الماضين الذين تخلّفوا أساس للعِبرة: ﴿لاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ...﴾.



          5- في مجال الإطاعة للقائد، لا بدّ من الصدق والثبات على العهد، وأن لا ندّعي الإيمان بدون العمل: ﴿وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ﴾.



          6- إنّ طاعة الوصيّ وخليفة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم واجبة، قال تعالى:

          ﴿فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي﴾. وبسبب بروز الفتن في هذا العصر أو بسبب صعوبة الشروط والظروف نسبيّاً في عصر



          85

          62

          5. معنى العهد والعقد


          الظهور، فسوف تكون الإطاعة وعدم التولّي أشدّ إلزاماً وأكثر صعوبة.



          وللأئمّة عليهم السلام هدف واحد، وهو هدف النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أيضاً، لكن بحسب مقتضيات كلّ زمان، فإنّ لكل واحد منهم عليهم السلام سلوكه الخاصّ به, فأحدهم يقاتل، والآخر يصالح، والثالث يواجه الجهل والأعداء من خلال الدعاء والتوسّل، والرابع يقوم بتربية الناس من خلال إقامة صفّ الدرس ومجالس البحث والمناظرة... ففي الظاهر، نجد أنّ لكل واحد منهم عليهم السلام دوراً يختلف عن الآخر، لكن هدف الجميع واحد, تماماً كاليدين اللتين لهما حركتان مختلفتان أثناء غسل الثوب وتتحرّكان باتجاهين متعاكسين، إلّا أنّ لهما هدفاً واحداً، وهو الوصول إلى نظافة الثوب وطهارته.



          وقد جاء في الروايات أنّ عصر الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف أصعب من عصر النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم, لأنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم سار بآيات القرآن النورانيّة إلى القتال بالعصا والحجارة، لكن في عصر ظهور الإمام ستوجد فرقة تحاربه بالاستفادة السيّئة من الآيات القرآنيّة، وتقوم بتأويل آيات القرآن الكريم ضدّه.





          86

          63

          5. معنى العهد والعقد


          6- وَالْمُحَامِينَ عَنْهُ

          تعليق


          • #15
            5. معنى العهد والعقد


            6- وَالْمُحَامِينَ عَنْهُ

            الدفاع عن الفكرة المهدويّة أمر لازم وضروريّ للجميع, فالشخص الذي يُحبّ أن تصطبغ حياته باللون المهدويّ، عليه أن يدافع عن الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف دفاع العارف العاشق. صحيح أنّ الله تعالى في سورة البقرة (الآية 137)، يعلن للنبيّ حمايته دون المسلمين وكفايته المشركين: ﴿فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللّهُ﴾, وبالتالي فإنّه تعالى سيحمي خليفته (الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف)، ويحفظه قطعاً، لكن تبقى علينا وظيفتنا، ونحن نقوم بإعلانها من خلال هذه الفقرة من الدعاء.



            وقد جاء في سورة آل عمران (الآية 52) نموذج من حماية وليّ الله: ﴿فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾.



            وأحد النماذج الأسوة في حماية الدين والأولياء الإلهيّين هو أبو طالب عليه السلام, فأبو طالب كبير مكّة وقريش، وقد حمى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بلسانه وبكلّ ما لديه من قوّة، حتّى قدّم الرسولَ على أولاده، وكان يواجه التهديدات التي يتعرّض لها النبيّ من مخالفيه بكلّ ما لديه من قوّة.



            فعندما حوصر النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم مع بعض أصحابه اجتماعيّاً واقتصاديّاً، كان أبو طالب يقوم بتغيير مكان مبيت النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ليلاً، ويجعل ولده عليّاً عليه السلام يبيت مكانه، حتّى إذا قصده أحد بسوء يَسلَم رسول الله[1] صلى الله عليه وآله وسلم.



            وكان أبو طالب - أحياناً - يُشهر سيفه مدافعاً عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، وحيث إنّ كفار مكّة كانوا يرونه كبير مكّة وحامي النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، فقد كانوا يكفّون عن إيذاء النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ويتفرّقون[2].





            [1] الصحيح من سيرة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، السيد جعفر مرتضى العاملي، ج 1، ص125.

            [2] المصدر نفسه.





            87

            64

            5. معنى العهد والعقد


            وقد افتقد النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم مرّةً فلم يجده، فجمع الهاشميّين، وسلَّحهم، وأراد أن يجعل كلّ واحد منهم إلى جانب عظيم من عظماء قريش ليفتك به، لو ثبت أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أصابه شرّ.



            وقد تصوّر بعضهم أنّ كلّ هذه الحماية لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم التي قام بها أبو طالب عليه السلام، إنّما كانت لأجل كونه ابن أخيه، وبسبب العلاقة العاطفيّة بينهما.



            المحور هو حجّة الله، وعــــــــــــــليهم أن لا يحسبوا أيّ حساب لأيّ أمر آخر في سبيل حمايته



            وقد غفل هذا القائل عن الآتي:

            أوّلاً: إنّ عاطفة الإنسان على أولاده أشدّ منها على أولاد أخيه، ونحن نجد أنّ أبا طالب قد فدى رسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم بولده[1].



            ثانياً: لو كانت العمومة سبباً لهذه المحبّة كلّها، فلماذا كان أبو لهب العمّ الآخر لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على تلك العداوة كلّها؟



            ثالثاً: إنّ سائر بني هاشم هم من قبيلة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وبعضهم آمن به، وشاركه في محنه وابتلاءاته، لكنّ أحداً من هؤلاء لم يكن كأبي طالب في الفداء والإيثار عنه صلى الله عليه وآله وسلم.



            وعليه، فلا يوجد أيّ تحليل أو تفسير آخر لهذا الإيثار كلّه بحقّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، إلّا الإيمان القلبيّ به.



            هكذا كان عشق أتباع النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم لدينهم، حيث لا يحسبون للمسائل العاطفيّة حساباً، إلّا في الموارد التي يحثّهم الإسلام نفسه عليها.



            ولا بدّ للمنتظِرين - أيضاً - أن يكونوا كذلك، فالمحور هو حجّة الله، وعليهم أن لا يحسبوا أيّ حساب لأيّ أمر آخر في سبيل حمايته.




            [1] الصحيح من سيرة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، السيد جعفر مرتضى العاملي، ج 1، ص125.



            88

            65

            5. معنى العهد والعقد


            7- وَالسَّابِقِينَ إِلَى إِرَادَتِهِ

            بما أنّ الفقرات المتقدّمة كان الحديث فيها حول السرعة، فهذه الفقرة تتحدّث عن السَبق.

            من الامتيازات الخاصّة للمنتظِر، أنّ لديه خبرة جيّدة في الأعمال الحسنة، سبّاق ومسارع إلى الصالحات والخيرات

            السرعة تكون في الانتهاء، والسبق يكون في العمل نفسه وعدم تضييع الفرص، وهذان أمران من تعاليم هذا الدعاء للحياة المهدويّة. فمن الامتيازات الخاصّة للمنتظِر، أنّ لديه خبرة جيّدة في الأعمال الحسنة، سبّاق ومسارع إلى الصالحات والخيرات.



            إنّ التأكيد على ﴿وَسَارِعُوا﴾[1] و ﴿سَابِقُوا﴾[2] في القرآن والأحاديث، دليل على أنّ السرعة والسبق أساس في كمال العبادة.



            فالمنتظِر سابق في عمل الخير. ومن سمات المجتمع المنتظِر هو السبق إلى الخيرات, ﴿وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ﴾[3]، بينما من سمات مجتمع الكفر والنفاق السبق إلى الفساد، يقول تعالى في هذا المجال: ﴿وَتَرَى كَثِيرًا مِّنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾[4].



            وقد بيّن القرآن الكريم للسبق على الآخرين مصاديق عديدة، منها:

            - السبق في الإيمان, ﴿سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ﴾[5].



            [1] سورة آل عمران، الآية: 133.

            [2] سورة الحديد، الآية: 21.

            [3] سورة المؤمنون، الآية: 61.

            [4] سورة المائدة، الآية: 62.

            [5] سورة الحشر، الآية: 10.



            89

            66

            5. معنى العهد والعقد


            - السبق في الإنفاق والجهاد, ﴿لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا﴾[1], وفـي آية أخـرى يقول سبحــانه: ﴿خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ﴾[2].



            إنّ القرآن الكريم، في موارد أعمال الخير، يحثّ على قانون السبق والمسابقة: ﴿فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ﴾[3], ويمدح الأشخاص الذين يسارعون في إنجاز الأعمال الخيّرة: ﴿يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ﴾[4].



            السبق سبيلُ القرب

            إنّ القرب من الله لا يحصل بمجرّد الادعاء، بل له طريقه ونهجه ودليله, فاليهود كانوا يدّعون أنّهم مقرّبون من الله تعالى: ﴿نَحْنُ أَبْنَاء اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ﴾[5]، لكنّ القرآن يقول: إنّ المقرّبين هم الذين يتقدّمون في الكمالات: ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ﴾[6]. والمراد من القرب في هذه الآية هو القرب المعنويّ والمقام، لا القرب المكانيّ.



            وقد جاء ذكر "السابقون" في سورة الواقعة مسبوقاً بفرقتين, ولعلّ ذلك لقلّة عدد السابقين، لكن في مقام التجليل ابتدأت الآيات بتجليل "السابقون"، ثمّ عطفت عليهم أصحاب اليمين وغيرهم, لأنّ مقام "السابقون" أعلى من مقام غيرهم.



            وفي دعاء كميل يطلب أمير المؤمنين عليه السلام من الله تعالى أن




            [1] سورة الحديد، الآية: 10.

            [2] سورة المطفّفين، الآية: 26.

            [3] سورة البقرة، الآية: 148.

            [4] سورة الأنعام، الآية: 90.

            [5] سورة المائدة، الآية: 18.

            [6] سورة الواقعة، الآيتان: 10 - 11.



            90

            67

            5. معنى العهد والعقد


            يجعله في ميدان المسابقة إلى الخيرات: "وأُسرع إليك في ميادين السابقين".



            ونقرأ في القرآن الكريم، الدعوة إلى المسارعة لنيل المغفرة الإلهيّة: ﴿وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ﴾[1].



            وفي الآذان - الذي هو الشعار الرسميّ للمسلمين - تدعو الجملتان: "حيَّ على الصلاة"، و"حيَّ على الفلاح"، الناس إلى المسارعة والسبق إلى الصلاة.



            كما أنّ النبيّ موسى عليه السلام سأله الله تعالى: ﴿وَمَا أَعْجَلَكَ عَن قَوْمِكَ يَا مُوسَى * قَالَ هُمْ أُولَاء عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى﴾[2].



            وعن الإمام الصادق عليه السلام: "المشتاق لا يشتهي طعاماً ولا يلتذّ شراباً، ولا يستطيب رقاداً، ولا يأنس حميماً، ولا يأوي داراً، ولا يسكن عمراناً، ولا يلبس ليّناً، ولا يقرّ قراراً، ويعبد الله ليلاً ونهاراً، راجياً بأن يصل إلى ما اشتاق إليه ويناجيه بلسان الشوق، معبّراً عمّا في سريرته، كما أخبر الله تعالى عن موسى عليه السلام في ميعاد ربّه: ﴿وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى﴾"[3].



            8- وَالْمُسْتَشْهَدِينَ بَيْنَ يَدَيْهِ

            إنّ الميل نحو العاقبة الحسنة والشوق إلى الشهادة، من خصائص الحياة والممات المهدويّين. وهذه الفقرة من الدعاء هي علامة على روح التسليم وقَبول الحقّ وبذل الروح. وقد لا تتوافر للكثير في ميدان العمل ويوم الظهور فرصة الحصول على شراب الشهادة بالضرورة، لكنّ وجود هذه الروحيّة للمنتظِر أمر لازم.





            [1] سورة آل عمران، الآية: 133.

            [2] سورة طه، الآيتان: 83 - 84.

            [3] مصباح الشريعة المنسوب إلى الإمام الصادق عليه السلام، ص196.



            91

            68

            5. معنى العهد والعقد


            الاستعداد للشهادة

            إنّ نيل الشهادة أمر، والاستعداد للشهادة أمر آخر، فالله تعالى لم يرد إراقة دم إسماعيل عليه السلام، لكنّه أراد الاستعداد الكامل من إبراهيم عليه السلام لتقديم ولده قرباناً, فمن الممكن لنا أن لا ندرك زمان ظهور الإمام المهديّعجل الله تعالى فرجه الشريف، لكنّ انتظار الظهور، والعشق والأنس والاستعداد للحضور في ركابه عجل الله تعالى فرجه الشريف أمر لازم للحياة المهدويّة. وإذا أردنا أن يكون لنا حضور في زمان الرجعة، فعلينا في هذا الوقت أن نكتسب روحيّة الشهادة، وأن نقوم بإعلانها.



            من مقامات الشهيد والشهادة

            للشهيد والشهادة مقام مميّز في الثقافة الإسلاميّة, إذ يقول تعالى في القرآن الكريم عن الشهداء: ﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾[1].



            وقد كان أئمتنا عليهم السلام شهداء، وكان كثيرٌ من الأنبياء عليهم السلام وأتباعهم وأنصارهم شهداء كذلك.



            وتفيض الروايات - أيضاً - بالتعرض لثقافة الشهادة، ونكتفي بذكر نموذج منها:

            - عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "للشهيد سبع خصال من الله: أوّل قطرة من دمه مغفور له كلّ ذنب، والثانية يقع رأسه في حجر زوجتَيه من الحور العين، وتمسحان الغبار عن وجهه، وتقولان: مرحباً بك، ويقول هو مثل ذلك لهما، والثالثة يُكسى من كسوة الجنّة، والرابعة تبتدره خزنة الجنّة بكلّ ريح طيّبة أيُّهم يأخذه معه، والخامسة أن يرى منزله، والسادسة يقال لروحه: اسرح في الجنّة



            [1] سورة آل عمران، الآية: 169.



            92

            69

            5. معنى العهد والعقد


            حيث شئت، والسابعة أن ينظر في وجه الله، وإنّها لراحة لكلّ نبيّ وشهيد"[1].



            - ورأى صلى الله عليه وآله وسلم رجلاً يدعو ويقول: اللهمّ إنّي أسألك خير ما تُسأل، فأعطني أفضل ما تُعطي، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: "إنِ استجيب لك أُهريق دمُك في سبيل الله"[2].



            - وعنه صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "فوق كلّ ذي برٍّ برٌّ حتّى يقتل الرجل في سبيل الله فليس فوقه برّ"[3].



            - وعنه صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "ثلاثة يشفعون إلى الله يوم القيامة فيشفّعهم: الأنبياء، ثمّ العلماء، ثمّ الشهداء"[4].



            - وعن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: "مَن قُتل في سبيل الله لم يعرّفه الله شيئاً من سيّئاته"[5].



            - وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "أفضل الشهداء الذين يقاتلون في الصفّ الأوّل"[6].



            - وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: "للجنّة باب يقال له: باب المجاهدين"[7]، و"أوّل من يدخل الجنّة شهيد"[8]، و"عدن دار الله التي لم ترها عين ولم تخطر على قلب بشر، لا يسكنها غير ثلاثة: النبيّين والصدّيقين والشهداء، يقول الله: طوبى لمن دخلك"[9].



            [1] وسائل الشيعة، الحرّ العامليّ، ج 10، ص11.

            [2] مستدرك الوسائل، الميرزا النوريّ، ج 11، ص13.

            [3] بحار الأنوار، المجلسيّ، ج 71، ص61.

            [4] المصدر نفسه، ج 2، ص15, قرب الإسناد، ص64.

            [5] وسائل الشيعة، الحرّ العامليّ، ج 10، ص9.

            [6] ميزان الحكمة، ج 2، ص1518.

            [7] بحار الأنوار، المجلسيّ، ج 97، ص8، الكافي، الكلينيّ، ج 5، ص2.

            [8] بحار الأنوار، المجلسيّ، ج 97، ص11, عيون أخبار الرضا، الصدوق، ج 2، ص28.

            [9] تفسير نور الثقلين، الحويزيّ، ج 2، ص241.



            93

            70

            5. معنى العهد والعقد


            - وعن أمير المؤمنين عليه السلام: "إنّ أفضل الموت القتل"[1].



            - وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "ما من قطرة أحبّ إلى الله عزّ وجلّ من قطرة دمٍ في سبيل الله"[2].



            - وعن أمير المؤمنين عليه السلام في وصف الشهيد يوم القيامة: "وإذا كان يوم القيامة يخرج من قبره شاهراً سيفه تشخب أوداجه دماً، اللون لون الدم، والرائحة (رائحة) المسك، يخطو في عرصة القيامة"[3].



            - ومع أن ّلأمير المؤمنين عليه السلام عشرات الفضائل التي اختُصّ بها، لكنّه - فقط - في وقت اقتراب الشهادة قال: "فزتُ وربِّ الكعبة". فهو أوّل من آمن، وبات في فراش النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، والوحيد الذي لم يُسَدّ باب داره إلى مسجد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، ووالد الأئمّة عليهم السلام وزوج الزهراء عليها السلام، ومحطّم الأصنام، وضربته يوم الخندق أفضل من عمل الثقلين، ومع ذلك لم يقل: "فزتُ وربِّ الكعبة" في أيٍّ من هذه الموارد.




            [1] بحار الأنوار، المجلسيّ، ج 100، ص8, الأمالي، الطوسيّ، ص488.

            [2] وسائل الشيعة، الحرّ العامليّ، ج 11، ص6.

            [3] بحار الأنوار، المجلسيّ، ج 97، ص13.



            94

            71

            6. طلب الرجعة


            تعليق

            المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
            حفظ-تلقائي
            Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
            x
            يعمل...
            X