كلماته تخرج من فم عذب، تأنقت بالجمال..
تدخل إلى القلب بلا استئذان، تأسره..
وتُغيّب دور العقل، هل الكلمات المعسولة لها هذا الدور الخطير؟
نعم، لها ذلك الدور، وهل تأثير الكلمة شيء هيّن؟
تفقدته في أوقات الصلاة فلم تجد لهذه الأوقات وجوداً في حياته، فهو يعيشها بعبثية وفوضى دائمة، ليس هناك وقت مخصّص لأيّ شيء،
فكلّ الوقت مفتوح للمزاح واللّعب والتنقّل في مواقع التواصل الاجتماعي من موقع إلى آخر..
هنا اشتدّ الصّراع بين القلب والعقل، وزادت وتيرة الخلاف لدرجة قرّرت أن تصمّ آذانها وترقب من بعيد لترى لمَن الغلبة..
في خضم الصراعات توالت انتصارات العقل تارة، ثم عاود القلب الغلبة تارة أخرى، كلّ منهما يضع خططه..
لم تتوقع أن ترى كلّ هذه الخطط العسكرية والتكتيكات القتالية تجري في داخل نفسها..
كانت أسلحة القلب (الجنون – الحرقة – الدموع – الحزن – الشوق – الذوبان)..
أمّا أسلحة العقل (المنطق – التعقل – الرّزانة – الحزم – الرؤيا البعيدة – قوة الرأي)..
تلاقى الطرفان وبدأ الجنون هجومه الانتحاري، لكن كان التعقل له بالمرصاد..
قادت الرزانة المعركة وضربت الجنون بالمنطق، وسدّدت سهام الهدوء إلى الحرقة، ووجهت رمح الحزم إلى الدموع،
وأطلقت الرؤى البعيدة نيرانها على الحزن، وانتصرت قوة الرأي على الشوق والذوبان..
انتهت المعركة الطاحنة التي دارت في جولتها الأولى، وبعد أخذ قسط من الراحة عادت صولات المعارك من جديد، ولكن بشراسة أقل،
وبقي العقل يمدّ فريقه بالإمدادات اللّازمة إلى أن تنتهي الحرب، وأنّى لها أن تنتهي ما دامت الحياة مستمرة والمغريات فيها كثيرة..
كانت تتابع تطورات هذه المعارك باهتمام وشغف، وأخيراً استقرّ رأيها بعد أن رأت قوة العقل وحججه الدامغة،
فرفضت من جاء يخطبها الذي لا يملك غير الكلمات المعسولة.
تعليق