اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
في نص (عظيم أنت ياسيدي) للكاتبة المبدعة زهراء حكمت
مدخل روائي لاستنطاق أجواء كربلاء
وهي تستقبل ملحمة الحزن التي تسربلت عبر الزمان والمكان فكان
".. كل شيء أصبح فيها مختلفاً
مبانيها.. ناسها.. زوارها.. أضواؤها.. هواؤها.. وماؤها.."
عشق كربلاء المتنامي في أروقة الروح
يجعلك تستشعر وتستنطق وتتحسس الأشياء من حولك
"..الجو مشحونٌ بشيء غريب..!! تشعره طاقة تتزود بها لكل العام
وتراه بعين البصيرة حشوداً من الملائكة
تترك ثقلها بالجو.. تختلف على قبر الحبيب وسبط الحبيب (ص).."
الطاقة.. البصيرة.. الملائكة.. مفردات أضفت على النص الأدبي شحنات روحانية
تجعلك تعيش تلك اللحظات بأحاسيسها ومشاعرها الانسانية
فكربلاء مركز ثقل العالم الوجداني.. الذي شع من واقع التضحية وعقيدة الفداء
وهجاً جاذباً لكل من يبتغي النقاء والثورة على الذات والعودة للفطرة
"..اللافتات السوداء تطالع قلبك وروحك عندما تدخل لحضرته المباركة.."
ثم دلالة اللون الأسود الذي يملأ المكان سارية للأسى.. فقد اصطبغت به القلوب
وتلونت به الروح.. في مشهد الدخول للحضرة المقدسة..
والذي كنا نتمنى أن يمتزج بالأصوات العزائية
كالحناجر الموالية التي تصدح بأليم الفاجعة
ونشيج اللوعة الذي يملأ أصداء المكان..
فتزيده الدموع سرمدية الحزن.. وقافية الوجع اللامتناهي
ولكن شفع للموقف الأحاديث الشريفة
التي حثت على الزيارة والبكاء والجزع على الحسين عليه السلام
ثم تتساءل الكاتبة وتتعجب من
"..جرأة هؤلاء الأوباش الهمج الجاهليين.. على انتهاك تلك الحرمة
وتخضيب ذلك الشيب والوجه الذي طالما أشبعه رسول الله (ص) لثماً وتقبيلا..!!"
وهي إشارة واضحة للعلاقة الأبوية والرابطة الإلهية القوية
التي تمثلت في السيرة النبوية العطرة
في علاقة النبي الأعظم (ص) بسيد الشهداء (عليه السلام)
ثم تستدرك الكاتبة في خلاصة تلك المشاعر والتأملات..
حيث.. "..يبدأ ميزاب الدمع وشآبيبه بالانهمار الذي لا يقبل التوقف أبداً
لوعة ونحيباً وبكاء وعزاء لابن الزهراء (عليها لسلام)
وقصة عشق لا تنتهي فصولها إلا بانتهاء سنوات العمر.."
ثم الأمل بالشفاعة العظمى كنتيجة حتمية لكل ذلك التعلق والإيمان المطلق
بعظمة وشأن الإمام ومنزلته عند الباري (عز وجل)
"..وقوفٌ خجل بين يدي المعشوق.. وتذكر لكل القصور والتقصير
وطأطأة للرأس من الخجل.."
وهي كلمات تجسد في الحقيقة درساً حياتياً وموقفاً لا نحسد عليه
إذا وقفنا بين يديه عليه السلام وقد ملأنا صحيفتنا بالذنوب والآثام
ولكن الأمل الحقيقي يكون في..
"..ظن حسن بأنه الكريم.. وهل يرجع الكريم وافداً إلا بالفيض والعطاء.."
وهو الأمر الذي يجب أن يؤكد كل الكتّاب في رسم حالة المعالجة
والتفاؤل والأمل بأن هناك بصيص ضوء.. وهو حتمي يقيني..
فأبو الأحرار (عليه السلام) ما جاء إلا رحمة للعالمين
وهو امتداد للشجرة الطيبة التي من تعلق بأغصانها نجا..
وحقيقة هو نص فيه جنبة فكرية أدبية وتأملات من شأنها تعيد المتلقي
وتحثه على ترتيب أوراقه وحساباته في علاقته بالإمام (عليه السلام)
كل الموفقية للأخت الكاتبة مقدمة البرنامج
والأمل معقود بأن يسهم الجميع في إثراء هذا الملف العاشورائي
حباً بالحسين.. ورجاء لشفاعته
ولكي نكون جزءاً من سفره وملحمته الإنسانية الخالدة
تعليق