الفصل : 21
((تَمَامِ الْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ زِيَارَةَ قُبُورِهِمْ))
((تَمَامِ الْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ زِيَارَةَ قُبُورِهِمْ))
واخيرا وصلنا الى اول موقف للجيش واذا بجندي بملابس خاصة اوقفنا بين قضبان حديدية وقال اخرجوا كل ما في جيوبكم من محفظات النقود والاقلام والجوالات واجعلوها هنا قبل دخولكم ؛ فقلنا له ليس معنا اي شيئ من هذه الاشياء ؛ لان السائق نبهنا لهذا الامر ؛ ففتشنا بدقة ثم رحب بنا ؛ فتذكرت التفتيش ايام الحكم البائد بقيادة عدو الحسين عليه السلام ؛ وكم كنا نقرء آية الكرسي وآية وجعلنا من بين ايديهم سدا .. لنمر بسلام ؛ وكلما اتجهت نظرات الجندي لاحد الركاب كان يصفر وجهه لانه لا يعلم ان اخذه ما سيكون مصيرة ؛ فلما سمح لنا الجندي ان نذهب لداخل الممر الطويل والرمال والتراب تحيط بنا من كل الجهات ونسير من بين الخرائب الموحشة الى ان وصلنا الى طريق على يسار الداخل وهناك الجنود واقفون فدخلنا من خلال قضبان حديدية اخرى ؛ وكان الجنود عندها يستقبلونا بابتسامات ترفع عنا وحشت ما نرى ورحبوا بنا ثم فتشونا تفتيشا كاملا وقال مرة اخرى اخرجوا كل ما معكم من تلك الامور التي نبهنا السائق لها جزاه الله خيرا .فلما اجاز لنا بعد التفتيش لندخل الى الصحن الشريف والذى هو بالحقيقة بيت الامام الهادي عليه السلام لانه روحي فداه دفن في بيته .قرائي الاعزاء حيث انني في الكاظمية لم افطر ولم اتناول شيئا لانني كنت اتصور ان سامراء كما كانت سابقا لوجود الكباب اللذيذ فيه فوعدت نفسي ان اكل هناك في سامراء ولما وصلت الى سامراء واذا بها اطلال دارسة من غضب الله تعالى عليهم لانهم لم يحفظوا جوار الائمة عليهم السلام ولم يدافعوا عن جارهم وهم الائمة الهداة المعصومين عليهم صلوات الله اجمعين ؛ فالح الجوع علىّ ؛ وكنت احب ان ادخل للحرم لا جائعا ليشغلني الجوع عن العبادة ولا بطنانا ليقسو قلبي عن العبادة
الكافي 5 73
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه واله : بَارِكْ لَنَا فِي الْخُبْزِ وَ لَا تُفَرِّقْ بَيْنَنَا وَ بَيْنَهُ فَلَوْ لَا الْخُبْزُ مَا صَلَّيْنَا وَ لَا صُمْنَا وَ لَا أَدَّيْنَا فَرَائِضَ رَبِّنَا .
مستدركالوسائل 16 210
عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه واله أَنَّهُ قَالَ: إِيَّاكُمْ وَ الْبِطْنَةَ فَإِنَّهَا مَفْسَدَةٌ لِلْبَدَنِ وَ مَوْرَثَةٌ لِلسَّقَمِ وَ مَكْسَلَةٌ عَنِ الْعِبَادَةِ .
وانا افكر واذا بي اجد امامي منصة وضع عليها الشاي والكعك العراقي اللذيذ وزاده لذة انها في بيت الامام الهادي عليه السلام فهرعت مسلما عليهم :وقد تسال قارئي العزيز كيف لا يشغلك جوعك عن السلام ؟لانني انما تادبت بادب امامي الذي عشقته حينما شربت دموع امي مع الحليب الذي ارضعنتيه فدخل حبه في كل خلية من خلايا وجودي تُشربني الحليب وهي مكسورة القلب لِما اصاب امامنا الحسين عليه السلام آه..يا حسين .... قال سيدي الشهيد في كتاب :
مستدركالوسائل 8 358 عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عليه السلام أَنَّهُ قَالَ لَهُ رَجُلٌ ابْتِدَاءً كَيْفَ أَنْتَ عَافَاكَ اللَّهُ فَقَالَ لَهُ: السَّلَامُ قَبْلَ الْكَلَامِ عَافَاكَ اللَّهُ ثُمَّ قَالَ : لَا تَأْذَنُوا لِأَحَدٍ حَتَّى يُسَلِّمَ .ولما شربت الشاي واكلت الكعك ؛ شكرت الله تعالى ان افتتحت الزيارة بما اكلته في بيت امامي روحي فداه وتفاءلت بذلك بانها زيارة مقبولة ان شاء الله تعالى ذات دعاء مستجاب وبدأت ادعو بهذا الدعاء :
اللهم اقضي حوائج جميع اخواني واخواتي الذين اوصوني بالدعاء وجميع اخواني واخواتي الموالين والشيعة و المؤمنين والمؤمنات الموالين لاهل البيت عليهم السلام والمخالفين لاعدائهم ؛ اللهم وحقق لهم جميعا ما ياملون منك وفوق ما يتمنون من رحمتك ؛ فانه لا يعجزك شيئ يارب بحق هذه البقعة المباركة ومن دفن فيها .ثم نظرت الى الصحن الشريف وبدأت اقيسه بما كنت اعلمه منه حينما زرت اواخر حكم الطاغية فوجدت الصحن نفسه ولم يتغير منه شيئ الا ان الباب السابق الذي كنا ندخل منه للصحن الشريف قد اغلقوه وفتحوا الباب الداخل من زقاق جنب الحرم المبارك.وتجد في اطراف الصحن المواد الانشائية المعدة للبناء والمهم الذي يدهشك وجود العدد الهائل من الزائرين وما كان هكذا فيما سلف بل عادة كان زوار العسكريين عليهم السلام قليل نسبة للائمة الباقين عليهم السلام لوجود مخالفين اهل البيت عليهم السلام هناك ولكن الناس الآن وكأنهم يشعرون بانهم مقصرون في حق ائمتهم في التكاسل عن زيارتهم روحي فداهم والذي سبب تحريك اطماع اعدائهم في التجاسر على هذه البقعة الشريفة .
ومن تمام الوفاء بالعهد زيارة قبورهم كما قال الامام الرضا عليه السلام :
الكافي 4 567
عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَشَّاءِ قَالَ سَمِعْتُ الرِّضَا عليه السلام يَقُولُ :
إِنَّ لِكُلِّ إِمَامٍ عَهْداً فِي عُنُقِ أَوْلِيَائِهِ وَ شِيعَتِهِ وَ إِنَّ مِنْ تَمَامِ الْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ وَ حُسْنِ الْأَدَاءِ زِيَارَةَ قُبُورِهِمْ فَمَنْ زَارَهُمْ رَغْبَةً فِي زِيَارَتِهِمْ وَ تَصْدِيقاً بِمَا رَغِبُوا فِيهِ كَانَ أَئِمَّتُهُمْ شُفَعَاءَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ .
تعليق