أنقل لكم هذه القصة التي ذكرها العلامة المجلسي في البحار عن الصحابي أبي طلحة وزوجته الصابرة أم سليم ، فقال :
( كان أبو طلحة يحب ابنه حبا شديدا، فمرض فخافت ام سليم على أبي طلحة الجزع، حين قرب موت الولد، فبعثته إلى النبي صلى الله عليه واله فلما خرج أبو طلحة من داره توفي الولد ؟ فسجته ام سليم بثوب، وعزلته في ناحية من البيت، ثم تقدمت إلى أهل بيتها وقالت لهم لا تخبروا أبا طلحة بشئ ثم إنها صنعت طعاما ثم مست شيئا من الطيب .
فجاء أبو طلحة من عند رسول الله (صلى الله عليه واله) فقال: ما فعل ابني ؟ فقالت له: هدأت نفسه، ثم قال: هل لنا ما نأكل ؟ فقامت فقربت إليه الطعام. ثم تعرضت له فوقع عليها، فلما اطمأن قالت له: يا أبا طلحة أتغضب من وديعة كانت عندنا فرددناها إلى أهلها ؟ فقال: سبحان الله لا، فقالت: ابنك كان عندنا وديعة فقبضه الله تعالى فقال أبو طلحة فأنا أحق بالصبر منك، ثم قام من مكانه فاغتسل وصلى ركعتين ثم انطلق إلى النبي (صلى الله عليه واله) فأخبره بصنيعها فقال له رسول الله (صلى الله عليه واله):
" فبارك الله لكما في وقعتكما "
ثم قال رسول الله (صلى الله عليه واله):
" الحمد لله الذي جعل في امتي مثل صابرة بني إسرائيل "
فقيل: يا رسول الله (صلى الله عليه واله ) ما كان من خبرها ؟ فقال (صلى الله عليه واله ) :
" كان في بني إسرائيل امرءة وكان لها زوج، ولها منه غلامان، فأمرها بطعام ليدعو عليه الناس ففعلت، واجتمع الناس في داره فانطلق الغلامان يلعبان، فوقعا في بئر كانت في الدار فكرهت أن تنغص على زوجها الضيافة، فأدخلتهما البيت وسجتهما بثوب، فلما فرغوا دخل زوجها فقال:
أين ابناي ؟
قالت: هما في البيت، وإنها كانت تمسحت بشئ من الطيب وتعرضت للرجل حتى وقع عليها، ثم قال أين ابناي ؟
قالت: هما في البيت، فناداهما أبوهما فخرجا يسعيان، فقالت المرءة : سبحان الله، والله لقد كانا ميتين، ولكن الله تعالى أحياهما ثوابا لصبري " ) (1)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
(1) بحار الأنوار - (79 / 150)
قال أمير المؤمنين (عليه السلام):
" إن للنكبات غايات لابد أن ينتهي إليها، فإذا حكم على أحدكم بها فليتطأطأ لها، ويصبر حتى يجوز، فان إعمال الحيلة فيها عند إقبالها زائد في مكروهها "
وكان يقول (عليه السلام) :
" الصبر من الايمان بمنزلة الرأس من الجسد، فمن لاصبر له لاإيمان له "
وكان يقول (عليه السلام) :
" الصبر ثلاثة: الصبر على المصيبة، والصبر على الطاعة والصبر عن المعصية "
بحار الأنوار - العلامة المجلسي - (68 / 95)
نسأل الله تعالى أن يلهمنا الصّبر على
البلاء والشدّة ويجعلنا من الصّابرين
بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الْطّاَهِرِين
اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ
تعليق