بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِّ على محمد وآل محمد
{.... وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }
{....اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً..}
قال السيد الخامنئي حفظه الله (( أنظروا إلى شخصية أمير المؤمنين عليه السلام من أي طرف سترون أن فيها عجائب مخفية وهذا ليس مبالغة ))
نعم ليس في هذا مبالغة يا سيدي فقد تظافرت الجهود وإنبرى العلماء والشعراء عبر الأجيال للإحاطة بكنه شخصية هذا الأمير والكل إعترف وأقرّ بعجزه أمام هذا البحر اللجيّ المتلاطم من الصفات والمناقب
من هنا سأتطرق لمسألة لها إرتباط وثيق بما تقدم من آيات قرآنية أعلاه
إن أي متأمل لحياة علي عليه السلام يجد أن هناك إرتباط عجيب بينه وبين المسجد يكاد يصح معه القول أن علي والمسجد توأمان
علي وليد الكعبة والمسجد الحرام الذي جعله مثابةً للناس وأمنا وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره اليس في هذا إشارة أن يا أيها الناس علي والمسجد الحرام توأمان فالمسجد الحرام كعبة الله الصامته وعلي كعبة الله الناطقة فولوا وجوهكم شطره وطوفوا حوله وإغترفوا من معينه فهو قبلة الأحرار ودليل المتحيرين في المسالك إلى الله
تأملوا قوله في الآية الأولى { ولأتم نعمتي عليكم } وقوله في الآية الثانية { أتممت عليكم نعمتي }
فمتى أتم الله نعمته أليس هذا يوم البيعة والولاية لعلي (ع) في غدير خمّ ؟
يا أيها الناس وعدتكم أن أتم نعمتي وولاية علي نعمتي التي أتممتها
أليس في هذا الإقتران اللفظي دليل وحجة ؟ قد يسال سأئل ويقول ان المقصود بالنعمة هنا هو الإسلام وجوابنا أن هذا لا يستقيم مع بلاغة القرآن الكريم الذي هو كلام الله تعالى
لاحظوا قوله تعالى {...وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً..}
فإتمام النعمة جاء قبل إرتضاء الإسلام أي أن هذه النعمة شرط أساسي لإرتضاء هذا الإسلام
بعد هذا الإستطراد الضروري نواصل رحلة علي مع المسجد في المدينة حيث كان بيته وحيث سُدت الأبواب إلا بابه بقي مشرعاً على المسجد
عن إبن عباس قال " أمر رسول الله (ص) بأبواب المسجد فسدت إلا باب علي "
وعندما سُئل النبي (ص) عن ذلك أجاب " والله ما فتحته وما سددته ولكن اُمرت فإتبعته "
اي أن الله أمرني فإتبعت فإرتباط علي بالمسجد امر إلهي منذ الولادة
وبعد سيشهد المسجد بآية أخرى لعلي عليه السلام يوم تصدق بالخاتم وهو راكع فنزل قوله تعالى
{إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ }
قال أحدهم :" تصدقت بأربعين خاتماً في صلاتي لينزل ما نزل في عليّ فلم ينزل "
فلخاتم عليّ (ع) سرّ حتى إستحق هذا وقطعاً لم يكن في قيمته المادية كما فهم البعض ولهذا حديث آخر
إنتقلت علاقة عليّ (ع) بالمسجد إلى الكوفة حيث كان يجلس في دكة القضاء وفيها ظهرت آيات ومعاجز قضائه وعلى منبره قال قولته الشهيرة التي لم ولن يجرؤ على قولها أحد
" سلوني قبل أن تفقدوني فتاذيي فلق الحبة وبرأ النسمة لو سالتموني عن أية آية لأخبرتكم بوقت نزولها وفيمن نزلت يا معشر الناس سلوني قبل أن تفقدوني سلوني فإن عندي علم الأولين والآخرين .... "
لتنتهي رحلة عليّ مع المسجد في المسجد حيث كانت شهادته التي ختمها بقوله
" فزت ورب الكعبة "
لاحظوا البداية الكعبة والخاتمة الكعبة
عن الباقر عليه السلام أنه قال : كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول :" ما لله عزّ وجلّ آية هي أكبر مني ولا لله من نبأ أعظم مني "
وأختم بالمسك قول لرسول الله (ص) :" يا علي مثلك مثل قل هو الله أحد من أحبك بقلبه فكأنما قرأ ثلث القرآن ومن أحبك بقلبه وأعانك بلسانه فكأنما قرأ ثلثي القرآن ومن أحبك بقلبه وأعانك بلسانه ونصرك بيده فكأنما قرا القرآن كله
تعليق