الرابع والستون إحياء مدركة
الرابع والستون إحياء مدركة 157 - السيد المرتضى في عيون المعجزات: قال: حدثني أبو التحف علي بن محمد بن إبراهيم المصري - رحمه الله - قال: حدثني الاشعث بن مرة، عن المثنى بن سعيد، عن هلال بن كيسان الكوفي الجزار، عن الطيب الغراجري (1)، عن عبد الله بن سلمة المفنجي (2)، عن شقادة بن الاصيد العطار البغدادي، قال: حدثني عبد المنعم بن الطيب القدوري، قال: حدثني العلاء بن وهب، عن (3) قيس، عن الوزير أبي محمد بن سايلويه - رضي الله عنه - فإنه كان من أصحاب أمير المؤمنين العارفين، وروى جماعتهم، عن أبي جرير (4)، عن أبي الفتح المغازلي - رحمه الله -، عن أبي جعفر ميثم التمار - آنس الله به قلوب العارفين - قال: كنت بين يدي مولاي أمير النحل جلت معالمه، وثبتت كلمته بالكوفة وجماعة من وجوه العرب حافون به كأنهم الكواكب اللامعة في السماء الصاحية، إذ دخل علينا من الباب رجل عليه قباء خز أدكن، قد اعتم بعمامة اتحمية صفراء، وقد تقلد بسيفين، فنزل من غير سلام، ولم ينطق بكلام، فتطاول إليه الناس بالاعناق، ونظروا إليه بالامآق (5)، ووقفت إليه الناس من جميع الآفاق ومولانا أمير المؤمنين - عليه السلام - لم يرفع رأسه إليه، فلما هدأت من الناس الحواس، فصح عن لسان كأنه حسام صيقل (6) جذب من غمده وقال أيكم المجتبى في (1) في المصدر: الطلب الفواجري، وفي النوادر: الفواخري. (2) في المصدر: القبحي، وفي النوادر: الفتحي. (3) في النوادر: بن. (4) في النوادر: ابن حريز. (5) جمع المأق: مجرى الدمع من العين أي من طرفها مما يلي الانف. (6) في المصدر: صيقل. [ * ]
[ 248 ]
الشجاعة، والمعمم بالبراعة (1)، والمدرع بالقناعة ؟ (أيكم) (2) المولود في الحرم، والعالي في الشيم، والموصوف بالكرم ؟ أيكم أصلع الرأس، والثابت بالاساس، والبطل الدعاس، والمضيق الانفاس، والآخذ بالقصاص ؟ أيكم غصن أبي طالب الرطيب، وبطله المهيب، والسهم المصيب، والقاسم المجيب ؟ أيكم الذي نصر به محمد في زمانه، واعتز به سلطانه، وعظم به شأنه ؟ أيكم قاتل العمروين وأسر العمروين، العمروان اللذان قتلهما عمرو ابن عبد ود وعمرو بن الاشعث المخزومي، والعمروان اللذان أسرهما فأبو ثور عمرو بن معدي كرب وعمرو بن سعيد الغساني أسره في يوم بدر. قال أبو جعفر ميثم التمار - أسعده الله برضوانه - (3): قال أمير المؤمنين - عليه السلام -: أنا يا سعيد بن الفضل بن الربيع بن مدركة بن الصليب بن الاشعث بن (أبي السمعمع ابن الاحيل بن فزارة بن دهيل بن عمرو الدويني) (4)، قال: لبيك يا علي. فقال - عليه السلام -: سل عما بدالك فأنا كنز الملهوف، وأنا الموصوف بالمعروف. أنا الذي قرعتني الصم الصلاب، وهلل بأمري صوت السحاب (5)، وأنا المنعوت في الكتاب. أنا الطود ذو الاسباب، أنا ق والقرآن المجيد، أنا النبأ العظيم، أنا الصراط
(1) برع براعة: علما أو فضيلة أو جمالا. (2 و 3) ليس في المصدر. (4) كذا في المصدر. وفي الاصل: السمعمع بن الاخيل بن مرارة بن عمر الدوي. (5) في المصدر: وهطل بأمري صوت السحاب. [ * ]
[ 249 ]
المستقيم، أنا البارع، أنا العشوش (1)، أنا القلمس، أنا العفوس، أنا المداعس، أنا ذو النبوة والسطوة، أنا العليم، أنا الحكيم، أنا الحفيظ، أنا [ أنا ] (2) الرفيع، بفضلي نطق كل كتاب، وبعلمي شهد ذو الالباب، أنا علي أخو رسول الله - صلى الله عليه وآله - وزوج ابنته. فقال الاعرابي: لا بتسميتك ولارمزك. فقال - صلوات الله عليه وآله -: اقرأ يا أخا العرب { لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون } (3). ثم قال الاعرابي: بلغنا عنك أنك تحيي الموتى، وتميت الاحياء، وتفقر وتغني وتقضي في الارض وتمضي، وليس لك مطاول يطاولك، ولا مصاول فيصاولك، أفهو كما بلغنا يافتى قومه ؟ فقال - عليه السلام -: قل ما بدالك. فقال: إني رسول إليك من ستين ألف رجل يقال لهم (العقيمة) وقد حملوا معي ميتا قد مات منذ مدة، وقد اختلفوا في سبب موته، وهو على باب المسجد، فإن أحييته علمنا أنك صادق نجيب الاصل، وتحققنا أنك حجة الله في أرضه، وإن لم تقدر على ذلك رددته إلى قومه، وعلمنا أنك [ تدعي ] (4) غير الصواب، وتظهر من نفسك مالاتقدر عليه. فقال - صلوات الله عليه وآله -: يا أبا جعفر ميثم، اركب بعيرا وطف في شوارع الكوفة ومحالها، وناد: من أراد أن ينظر إلى ما أعطى الله عليا أخا رسول الله - صلى الله عليه وآله -، وبعل فاطمة [ وابن فاطمة ] (5) من الفضل وما أودعه رسول الله
(1) في المصدر: العسوس، وفي نسخة " خ ": البشوش. (2) من المصدر. (3) الانبياء: 21. (4 و 5) من المصدر. [ * ]
[ 250 ]
- صلى الله عليه وآله - من العلم فليخرج إلى النجف غدا، فلما رجع ميثم - قدس الله سره - فقال له أمير المؤمنين: يا أبا جعفر خذ الاعرابي إلى ضيافتك فغداة غد سيأتيك الله بالفرج. فقال أبو جعفر ميثم: فأخذت الاعرابي ومعه محمل فيه الميت، وأنزلته منزلي، وأخدمته أهلي، فلما صلى أمير المؤمنين - عليه السلام - صلاة الفجر خرج وخرجت معه، ولم يبق في الكوفة بر ولافاجر إلا وقد خرج إلى النجف. ثم قال الامام - عليه السلام -: ائت يا أبا جعفر بالاعرابي وصاحبه الميت، وهو راجل بجنب (1) القبة التي فيها الميت، فأتيت (2) به النجف، ثم قال أمير المؤمنين - عليه السلام - جلت نعمته يا أهل الكوفة قولوا فينا ما ترونه منا وارووا عنا ما تسمعونه منا، ثم قال - عليه السلام -: أبرك يا أعرابي جملك (3)، ثم قال: لتخرج صاحبك أنت وجماعة من المسلمين. فقال ميثم - رضي الله عنه -: فاخرج من التابوت عصب ديباج أصفر، فأحل فإذا تحته عصب ديباج أخضر، فأحل فإذا تحته بدنة (4) من اللؤلؤ فيها غلام تم إعذاره بذوائب كذوائب المرأة الحسناء. فقال - عليه السلام -: كم لميتك هذا ؟ فقال: أحد وأربعين يوما. قال: فما كانت ميتته ؟ فقال [ الاعرابي ] (5): إن أهله يريدون أن تحييه ليعلموا من قتله لانه بات سالما وأصبح مذبوحا من اذنه إلى اذنه. فقال - عليه السلام -: ومن يطلب بدمه ؟ فقال: خمسون رجلا من قومه يقصد بعضهم بعضا في طلب دمه، فاكشف الشك والريب يا أخا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب.
(1) كذا في المصدر ونسخة " خ "، وفي الاصل: تحت. (2) في المصدر: فأت. (3) كذا في المصدر، وفي الاصل: انزل يا اعرابي عن جملك. (4) كذا في المصدر، وفي الاصل: ندية. (5) من المصدر ونسخة " خ ". [ * ]
[ 251 ]
فقال - عليه السلام -: قتله عمه لانه زوجه بابنته فخلاها وتزوج غيرها فقتله حنقا عليه. فقال: لسنا نرضى بقولك فإنما نريد أن يشهد الغلام بنفسه عند أهله من قتله فيرتفع من بينهم السيف والفتنة، فقام - عليه السلام - فحمد الله تعالى وأثنى عليه وصلى على النبي - صلى الله عليه وآله -. ثم قال: يا أهل الكوفة ما بقرة بني إسرائيل [ عند الله ] (1)، بأجل من علي أخى رسول الله - صلى الله عليه وآله - وانها أحيت ميتا بعد سبعة أيام، ثم دنا - عليه السلام - من الميت وقال: (إن بقرة بني اسرائيل ضرب بعضها الميت فعاش، وإني لاضربه ببعضي لان بعضي عند الله خير من البقرة، ثم هزه برجله وقال: قم بإذن الله) (2) يا مدركة بن حنظلة بن غسان ابن بحير بن قهر بن سلامة بن طيب بن الاشعث بن الاحوص بن ذاهلة ابن عمرو بن الفضل بن حباب، قم فقد أحياك علي بإذن الله تعالى. فقال أبو جعفر ميثم - رفع الله درجته -: فنهض غلام أحسن من الشمس ومن القمر أوصافا، وقال: لبيك يا محيي العظام وحجة الله في الانام، والمتفرد (3) بالفضل والانعام، لبيك يا علي يا علام. فقال أمير المؤمنين - عليه السلام -: من قتلك يا غلام ؟ فقال: عمي حريث بن زمعة ابن شكال بن الاصم (4)، ثم قال - عليه السلام - للغلام: أتمضي إلى أهلك ؟ فقال: لا حاجة لي في القوم، فقال - عليه السلام -: ولم ؟ قال أخاف أن يقتلني ثانيا ولا تكون أنت فمن يحييني، فالتفت - عليه السلام - إلى الاعرابي [ صاحبه ] (5) فقال:
(1) من المصدر. (2) مابين القوسين ليس في نسخة " خ ". (3) كذا في المصدر، وفي الاصل: المنفرد. (4) في البحار عن الفضائل والروضة: قتلني عمي الحارث بن غسان، ولعله هو الصحيح. (5) من المصدر. [ * ]
[ 252 ]
امض أنت إلى أهلك واخبرهم بما رأيت. فقال: معك ومعه إلى أن يأتي اليقين، لعن الله من اتجه له الحق ووضح وجعل بينه وبينه سترا، وكانا مع أمير المؤمنين إلى أن قتلا بصفين - رحمهما الله -، فصار أهل الكوفة إلى أماكنهم، واختلفوا في أمير المؤمنين - عليه االسلام -، واختلفت أقاويلهم فيه - عليه السلام -. (1) وروى هذا الحديث البرسي: قال: حدثني الفقيه أبو الفضل شاذان ابن جبرئيل بن إسماعيل القمي، قال: حدثني الشيخ محمد بن أبي مسلم ابن أبي الفوارس الداري قد رواه كثير من الاصحاب حتى انتهى إلى أبي جعفر ميثم التمار - رضي الله عنه - قال: بينما نحن بين يدي مولانا علي بن أبي طالب - عليه السلام - بالكوفة وجماعة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وآله - محدقين به كأنه البدر [ في تمامه ] (2) بين الكواكب (في السماء الصاحية) (3) إذ دخل عليه من الباب رجل عليه قباء خز أدكن، متعمم بعمامة صفراء (اتحمية) (4) - وساق الحديث بعينه ببعض التغير -. (5)
تعليق