إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

محور برنامج منتدى الكفيل 36

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #11
    المشاركة الأصلية بواسطة صادق مهدي حسن مشاهدة المشاركة
    من قصيدة للسيد محمد مهدي بحر العلوم الطباطبائي

    عين جودي لمسلم بن عقيل ... * ... لرسول الحسين سبط الرسول
    لشهيد بين الأعادي وحيد ... * ... وقتيل لنصر خير قتيل
    جاد بالنفس للحسين فجودي ... * ... لجواد بنفسه مقتول
    فقليل من مسلم طلُّ دمع ... * ... لدم بعد مسلم مطلول
    أخبر الطهر أنه لقتيل ... * ... في وداد الحسين خير سليل
    وعليه العيون تسبل دمعا ... * ... هو للمؤمنين قصد السبيل
    وبكاه النبي شجوا بفيض ... * ... من جوى صدره عليه هطول
    قائلاً : إنني إلى الله أشكو ... * ... ما ترى عترتي عقيب رحيلي
    فابك من قد بكاه أحمد شجوا ... * ... قبل ميلاده بعهد طويل
    وبكاه الحسين والآل لما ... * ... جاءهم نعيه بدمع همول
    كان يوما على الحسين عظيما ... * ... وعلى الآل أي يوم مهول
    منذرا بالذي يحل بيوم ... * ... بعده في الطفوف قبل الحلول
    ويح ناعيه قد أتى حيث يرجى ... * ... أن يجيء البشير بالمأمول
    أبدل الدهر بالبشير نعيا ... * ... هكذا الدهر آفة من خليل
    فأحثّوا الركاب للثأر لكن ... * ... ثأروه بكل ثأر قتيل
    فيهم ولْدُه وولْد أبيه ... * ... كم لهم في الطفوف من مقتول
    خصّه المصطفى بحبّين حبٍّ ... * ... من أبيه له وحب أصيل
    قال فيه الحسين أي مقال ... * ... كشف الستر عن مقام جليل
    ابن عمي أخي ومن أهل بيتي ... * ... ثقتي قد أتاكم ورسولي
    فأتاهم وقد أتى أهل غدر ... * ... بايعوه وأسرعوا في النكول
    تركوه لدى الهياج وحيدا ... * ... لعدو مطالب بذحول
    لست أنساه اذ تسارع قوم ... * ... نحوه من طغاة كل قبيل
    وأحاطوا به فكان نذيرا ... * ... باقتحام الرجال وقع الخيول
    صال كالليث ضاربا كل جمع ... * ... بشبا حد سيفه المسلول
    واذا اشتد جمعهم شد فيهم ... * ... بحسام بقرعهم مفلول
    فنرأى القوم منه كر عليّ ... * ... عمه في النزال عند النزول

    اللهم صل على محمد وال محمد

    وشاكرة القصيدة الشجية عن مولانا مسلم بن عقيل (عليه السلام )

    وسارد بقصيدة عليها تبين مدى حب اصحاب الحسين وهيامهم بذكرة وهو قد ملك قلوبهم والعقول ....


    للشاعر :عبد الله علي الاقزم





    خُذني الى معنى الهوى الوضاحِ
    حيثُ الحسين ِ شُـعــاعُ كــلِّ صـبـــاح ِ
    خُـذني إلى جنباتِ قدسهِ ماطراً
    بالحبِّ بالقبلات ِ بالأفراح ِ
    خُذني إلى أضواءِ مجدِه ذائباً
    ليلي يذوبُ على فــم ِ المــصــبــاح ِ
    قد قال ليلي أيـنَ يــجـتـمـعُ الهوى
    أين الوصول ُ لملتـقى الأرواح ِ
    فأجبتهُ إنَّ الحسين َ هو الهوى
    و هوَ الوصولُ لبابِ كل ِّ صلاح ِ
    و هوَ اشتعالُ حقائق ٍ ذهبيَّةٍ
    و هوَ التقاء ُ جداول ٍ و فلاح ِ
    و هوَ الضميُر الحي ُّحين تعذرتْ
    مرآتنا السَّودا عنْ الإفصاح ِ
    وهوَ الطهارةُ حين يبدأ غيثــُها
    في موكب ِ الإعمار ِ و الإصلاح ِ
    و هوَ السماءُ فلا تـُرى في أفقِنـا
    إلا إباءَ الطائر ِ الصداحِ
    و هوَ الفِداءُ على امتداداتِ المدى
    يُـغنيكَ عن شرحٍ و عن إيضاح ِ
    و هـوَ الذي نشر الـدُّعاءَ بكفِّه
    رحلاتِ نور ٍ عـاطـر ٍ فـوَّاح ِ
    قصدتهُ أضواءُ الخلودِ و لم يزلْ
    في الليلة ِ الظلماءِ خيرَ صباح ِ
    نـشرتْ طـلائـعُ نـورهِ أنـشودةً
    فـيـهـا انـدحـارُ الـلـيـل ِ بين رماح ِ
    فـيـهـا انـبـعـاثُ الـحقِّ بين ريـاحـِهِ
    فـيـهـا الـتـئـامُ الـجـرح ِ بين جراح ِ
    فيها سراحُ شـوطئ ٍ محبوسةٍ
    فيها مُناخاتٌ لأكـرم ِ راح ِ
    هـذا هوَ الملكوتُ في تسبـيـحِهِ
    و الوجِهـةُ الأخرى لأجمل ِ ساح ِ
    أذكـارُهُ أنـفـاسُـهُ و فـعـالُـهُ
    نـظراتُ بـرق ٍ مـاطر ٍ لـمَّـاح ِ
    جعلَ الصلاةَ يمينَهُ و شمالَهُ
    و علوَّهُ و شـموخَ كـلِّ جـنـاح ِ
    فتحَ السماءَ مدائناً نوريةً
    بالصبر ِ بالإيمان ِ بالإلحاح ِ
    هـذي مـدائـنـُـهُ بداخل ِ جـنَّـتـي
    عـيـدي و مـيـلادي و روحُ كـفـاحـي
    هيهاتَ تُغلقُ جنَّتي و هوى الحسي
    ن ِ لأيِّ بـابٍ مُغلق ٍ مـفـتـاحـي
    خُذني إلى معنى الحبيب ِ سباحةً
    معناهُ دونَ العشقِ غيرُ مُتــاح ِ
    قـد أبـحـرتْ نحوَ الحبيبِ مشاعري
    شـوقَ الـقـصـيـدِ لـقـُبـْلـة ِ الـملاح ِ
    فـحـضـنـْتُ فـيـهِ كواكـبـاً قـدسيَّةً
    تُـثري الوجودَ بـنـورهِا الـوضَّاح ِ
    إنَّ الحسينَ كما يـشـاءُ هو المدى
    و هو الصدى الحاكي لكل نجاح ِ















    التعديل الأخير تم بواسطة مقدمة البرنامج; الساعة 30-09-2014, 09:32 AM.

    تعليق


    • #12
      المشاركة الأصلية بواسطة صادق مهدي حسن مشاهدة المشاركة
      فقرة من دعاء الإمام زين العابدين (عليه السلام) يوم عرفة:
      أللَّهُمَّ هَذَا يَوْمُ عَرَفَةَ، يَوْمٌ شَرَّفْتَهُ وَكَرَّمْتَهُ وَعَظَّمْتَهُ، نَشَرْتَ فِيهِ رَحْمَتَكَ، وَمَنَنْتَ فِيهِ بِعَفْوِكَ وَأَجْزَلْتَ فِيهِ عَطِيَّتَكَ، وَتَفَضَّلْتَ بِهِ عَلَى عِبَادِكَ. أللَّهُمَّ وَأَنَا عَبْدُكَ الَّذِي أَنْعَمْتَ عَلَيْهِ قَبْلَ خَلْقِكَ لَهُ، وَبَعْدَ خَلْقِكَ إيَّاهُ، فَجَعَلْتَهُ مِمَّنْ هَدَيْتَهُ لِدِينِكَ، وَوَفَّقْتَهُ لِحَقِّكَ، وَعَصَمْتَهُ بِحَبْلِكَ، وَأَدْخَلْتَهُ فِيْ حِزْبِكَ، وَأَرْشَدْتَهُ لِمُوَالاَةِ أَوْليآئِكَ، وَمُعَادَاةِ أَعْدَائِكَ، ثُمَّ أَمَرْتَهُ فَلَمْ يَأْتَمِرْ، وَزَجَرْتَهُ فَلَمْ يَنْزَجِرْ، وَنَهَيْتَهُ عَنْ مَعْصِيَتِكَ فَخَالَفَ أَمْرَكَ إلَى نَهْيِكَ، لاَ مُعَانَدَةً لَكَ وَلاَ اسْتِكْبَاراً عَلَيْكَ، بَلْ دَعَاهُ هَوَاهُ إلَى مَا زَيَّلْتَهُ، وَإلَى مَا حَذَّرْتَهُ، وَأَعَانَهُ عَلَى ذالِكَ عَدُوُّكَ وَعَدُوُّهُ، فَأَقْدَمَ عَلَيْهِ عَارِفاً بِوَعِيْدِكَ، رَاجِياً لِعَفْوِكَ، وَاثِقاً بِتَجَاوُزِكَ، وَكَانَ أَحَقَّ عِبَادِكَ ـ مَعَ مَا مَنَنْتَ عَلَيْهِ ـ أَلاَّ يَفْعَلَ، وَهَا أَنَا ذَا بَيْنَ يَدَيْكَ صَاغِراً، ذَلِيلاً، خَاضِعَاً، خَاشِعاً، خَائِفَاً، مُعْتَرِفاً بِعَظِيم مِنَ الذُّنُوبِ تَحَمَّلْتُهُ، وَجَلِيْل مِنَ الْخَطَايَااجْتَرَمْتُهُ، مُسْتَجِيراً بِصَفْحِكَ، لائِذاً بِرَحْمَتِكَ، مُوقِناً أَنَّهُ لاَ يُجِيرُنِي مِنْكَ مُجِيرٌ، وَلاَ يَمْنَعُنِي مِنْكَ مَانِعٌ. فَعُدْ عَلَيَّ بِمَا تَعُودُ بِهِ عَلَى مَنِ اقْتَرَفَ مِنْ تَغَمُّدِكَ، وَجُدْ عَلَيَّ بِمَا تَجُودُ بِهِ عَلَى مَنْ أَلْقَى بِيَدِهِ إلَيْكَ مِنْ عَفْوِكَ، وَامْنُنْ عَلَيَّ بِمَا لاَ يَتَعَاظَمُكَ أَنْ تَمُنَّ بِهِ عَلَى مَنْ أَمَّلَكَ مِنْ غُفْرَانِكَ، وَاجْعَلْ لِي فِي هَذَا الْيَوْمِ نَصِيباً أَنَالُ بِهِ حَظّاً مِنْ رِضْوَانِكَ، وَلاَ تَرُدَّنِي صِفْراً مِمَّا يَنْقَلِبُ بِهِ الْمُتَعَبِّدُونَ لَكَ مِنْ عِبَادِكَ


      اللهم صل على محمد وال محمد

      سلمت الايادي اخي الفاضل (صادق هدي حسن )

      وسارد باروع دعاء ووان كانت كل ادعية اهل البيت (عليهم الاف التحية والسلام )

      رائعة لانها منحدرة من معدن البلاغة ومن ذوي النهى والبلاغة

      لكن هو دعاء له طعم خاص وروحانية مختلفة وكلنا قد قرانا من فقراته وابحرنا في عالم مفرداتة وكلماته

      هو ((دعاء الحسين يوم عرفة ))

      وساقف معه بوقفات متعددة لبيان كنوزه بمستوى علمنا القاصر والضئيل...

      ووالله حرت اي فقرة اقتطع من هذا الدعاء البديع وكل كلمة منه تحوي صنوف البلاغة والتوجه لله


      اِبْتَدَأتَنى بِنِعْمَتِكَ قَبْلَ اَنْ اَكُونَ شَيْئاًمَذكوراً، وَخَلَقْتَنى مِنَ التُّرابِ، ثُمَّ اَسْكَنْتَنِى الاَْصْلابَ، آمِناً لِرَيْبِ الْمَنُونِ، وَاخْتِلافِ الدُّهُورِ والسِّنينَ، فَلَمْ اَزَلْ ظاعِناً مِنْ صُلْب اِلى رَحِم، فى تَقادُم مِنَ الاَْيّامِ الْماضِيَةِ، وَالْقُرُونِ الْخالِيَةِ، لَمْ تُخْرِجْنى لِرَأفَتِكَ بى، وَلُطْفِكَ لى، وَاِحْسانِكَ اِلَىَّ، فى دَوْلَةِ اَئِمَّةِ الْكُفْرِ الَّذينَ نَقَضُوا عَهْدَكَ، وَكَذَّبُوا رُسُلَكَ، لكِنَّكَ اَخْرَجْتَنى للَّذى سَبَقَ لى مِنَ الْهُدى، الَّذى لَهُ يَسَّرْتَنى، وَفيهِ اَنْشَأْتَنى، وَمِنْ قَبْلِ رَؤُفْتَ بى بِجَميلِ صُنْعِكَ، وَسَوابِغِ نِعَمِكَ، فابْتَدَعْتَ خَلْقى مِنْ مَنِىّ يُمْنى، وَاَسْكَنْتَنى فى ظُلُمات ثَلاث، بَيْنَ لَحْم وَدَم وَجِلْد، لَمْ تُشْهِدْنى خَلْقى، وَلَمْ تَجْعَلْ اِلَىَّ شَيْئاً مِنْ اَمْرى، ثُمَّ اَخْرَجْتَنى لِلَّذى سَبَقَ لى مِنَ الْهُدى اِلَى الدُّنْيا تآمّاً سَوِيّاً، وَحَفِظْتَنى فِى الْمَهْدِ طِفْلاً صَبِيّاً، وَرَزَقْتَنى مِنَ الْغِذآءِ لَبَناً مَرِيّاً، وَعَطَفْتَ عَلَىَّ قُلُوبَ الْحَواضِنِ، وَكَفَّلْتَنِى الاُْمَّهاتِ الرَّواحِمَ، وَكَلاْتَنى مِنْ طَوارِقِ الْجآنِّ، وَسَلَّمْتَنى مِنَ الزِّيادَةِ وَالنُّقْصانِ، فَتَعالَيْتَ يا رَحيمُ يا رَحْمنُ، حتّى اِذَا اسْتَهْلَلْتُ ناطِقاً بِالْكَلامِ، اَتْمَمْتَ عَلَىَّ سَوابِغَ الانْعامِ، وَرَبَّيْتَنى آيِداً فى كُلِّ عام، حَتّى إذَا اكْتَمَلَتْ فِطْرَتى، وَاعْتَدَلَتْ مِرَّتى، اَوْجَبْتَ عَلَىَّ حُجَتَّكَ، بِاَنْ اَلْهَمْتَنى مَعْرِفَتَكَ، وَرَوَّعْتَنى بِعَجايِبِ حِكْمَتِكَ، وَاَيْقَظْتَنى لِما ذَرَأتَ فى سَمآئِكَ وَاَرْضِكَ مِنْ بَدائِعِ خَلْقِكَ، وَنَبَّهْتَنى لِشُكْرِكَ، وَذِكْرِكَ، وَاَوجَبْتَ عَلَىَّ طاعَتَكَ وَعِبادَتَكَ، وَفَهَّمْتَنى ما جاءَتْ بِهِ رُسُلُكَ، وَيَسَّرْتَ لى تَقَبُّلَ مَرْضاتِكَ، وَمَنَنْتَ عَلَىَّ فى جَميعِ ذلِكَ بِعَونِكَ وَلُطْفِكَ، ثُمَّ اِذْ خَلَقْتَنى مِنْ خَيْرِ الثَّرى، لَمْ تَرْضَ لى يا اِلهى نِعْمَةً دُونَ اُخرى


      وهاهو الامام بابي هو وامي يتدرج وباروع اسلوب بذكر نعم الخالق والبارئ عليه

      وكثيرا مانجد الناس ان دخلوا على ملك او ذو جاه لحاجة عندهم بسيطة ودنيوية وزائلة

      يبداون بالمدح والثناء والاجلال والتعظيم وذكر الايادي والنعم له عليهم

      وطبعا ابدا لاقياس بين مقام الباري وعطاياه ومقام البشر الضئيل ....

      والائمة (عليهم الاف التحايا والسلام )

      هم اكثر من تمثل بذكر والبدء بنعم الله لديهم

      ليعلمونا ادب الخطاب مع رب الكون والارباب

      خاصة ونحن نريد الطلب منه ونطلب المزيد من عفوه وكرمه ونيل جنة عرضها السموات والارض

      في خُلود دائم لازوال له ولا اضمحلال .....

      بوركتم ونسال الله لكم ولنا وللجميع السكن بجنان الخلد مع محمد واله الاطهار









      تعليق


      • #13
        بسمه تعالى
        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
        نسأل الله ان يوفق القائمين و المشاركين و المستمعين لهذا البرنامج المبارك و ان يجعلهم من العبيد المخلصين لله و رسوله و أوصياءه.
        المذهب الشيعي يمتاز بأمور عديدة ومنها كثرة المناسبات الدينية على طوال السنة , حيث تعتبر من الامور الايجابية في تاريخ التشيع و يرجع ذلك لأسباب منها:
        1. المناسبات الدينية فيها شد و تواصل روحي مع الباري عز وجل.
        2. التواصل الاجتماعي للمؤمنين و اطلاعهم على احوال بعض .
        3. هناك تجدد في الوعي لدى المؤمنين بين مناسبة واخرى بغض النظر عن عددهم.
        4. رسالة اعلامية محمدية متجددة مضمونها السلام و المحبة لكل الانسانية.
        5. التوبة مفتوحة لكل انسان مهما ثقلت موازينه و خصوصا في المناسبات الدينية.

        هناك الكثير من الاسباب التي تجعل من هذه الزيارات مدخل لتجديد الامل لدى الانسان بالرجوع الى الله و الاخلاص له في العبادة.

        مفهوم التوبة في القرآن:
        لقد جاء مفهوم التوبة في القرآن الكريم في مواضع عديدة يبين امكانية التوبة و الرجوع الى طريق الحق و الاستقامة و من هذه الآيات قوله تعالى:
        (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى) طه: 82
        الآية الكريمة تتوعد المستغفرين بالتوبة و المغفرة لكنها تشترط بالتوبة الواقع العملي للمؤمن , حيث جعل الله عز وجل التوبة مقرونة بالعمل الصالح و الالتزام بالتعاليم التي جاءت بها الرسالة المحمدية لتنقل الناس من ساحات الظلام الى ساحت مشرقة من الايمان و الاستقرار المادي و الروحي.
        ان ابواب الملكوت الالهي مفتحة لكل من يسعى الى دخولها و التنعم بالخيرات التي وعد الله بها عباده المخلصين.
        وقد ذكر صاحب تفسير الكاشف (محمد جواد مغنية ) ان التوبة واجبة واستدل على ذلك بقوله تعالى:
        (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ)
        وقوله : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا )
        (وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا )
        (وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)
        ولصاحب تفسير الكاشف تفصيل في وجوب التوبة :
        والحقيقة ان وجوب التوبة لا يحتاج إلى دليل ، لأنه من القضايا التي تحمل دليلها معها ، فكل انسان يدرك بفطرته ان على المسيء أن يعتذر عن إساءته ، ويطلب الصفح ممن أساء إليه ، وقد جرى على ذلك عرف الدول والشعوب ، حتى ولو حصل التعدي خطأ ، ومن غير قصد ، فإذا اخترقت طائرة دولة أجواء دولة أخرى ، أو تجاوز زورق من زوارقها المياه الإقليمية ، دون إذن سابق وجب أن تعلن اعتذارها ، والا أدانها العرف والقانون . . إذن ، كل آية أو رواية دلت على وجوب التوبة فهي تقرير وتعبير عن حكم الفطرة ، وليست تأسيسا وتشريعا جديدا لوجوب التوبة .
        وعلى هذا فمن أذنب ، ولم يثب فقد أساء مرتين : مرة على فعل الذئب ، ومرة على ترك التوبة ، وأسوأ حالا ممن ترك التوبة من فسخها ، وعاد إلى الذنب بعد أن عاهد اللَّه على الوفاء بالطاعة والامتثال ، قال تعالى : {عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ} [المائدة: 95] . وفي الحديث : « المقيم على الذنب . وهو مستغفر منه كالمستهزئ » . . اللَّه يستهزئ بهم ، ويمدهم في طغيانهم يعمهون . ويتحقق الذنب بترك ما أمر اللَّه به ، أو فعل ما نهى عنه عن قصد وتصميم . .وبديهة ان أحكام العقل هي أحكام اللَّه بالذات ، لأنه جل وعز يبلغ أحكامه بوسيلتين : العقل ، ولسان رسله وأنبيائه . . والنتيجة الحتمية لهذا المبدأ انه لا ذنب ولا عقاب بلا بيان ، على حد تعبير الفقهاء المسلمين ، أو بلا نص على حد تعبير أهل القوانين الوضعية .
        إذا تمهد هذا تبين معنا ان الإنسان انما يكون مذنبا وعاصيا إذا فعل ما نهى اللَّه عنه ، أو ترك ما أمر اللَّه به عن تعمد وعلم ، فإذا فعل أو ترك ناسيا ، أو مكرها ، أو جاهلا من غير تقصير وإهمال فلا يعد مذنبا ، وينتفي السبب الموجب للتوبة ، قال : {فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ } [المائدة: 39] أي بعد ذنبه ، لأن كل من أقدم على الذنب فقد ظلم نفسه بتعريضها للحساب والعقاب .
        أما تحديد التوبة فهي أن يندم المذنب على ما كان منه ، ويطلب من اللَّه العفو والمغفرة ، ولا يعود إلى الذنب ثانية ، فإن عاد بطلت التوبة ، واحتاج إلى استئنافها بعهد أحكم ، وقلب أسلم ، قال الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) : « اللهم ان يكن الندم توبة إليك فأنا أول التائبين ، وان يكن الترك لمعصيتك إنابة فأنا أول المنيبين ، وان يكن الاستغفار حطة للذنوب فإني لك من المستغفرين » .
        والمراد بالاستغفار الاستغفار بالفعل ، لا بالقول ، فيبدأ قبل كل شيء بتأدية حقوق الناس ، ورد ظلامتهم ، فإذا كان قد اغتصب درهما من انسان أعاده إليه ، وان كان قد أساء إليه بقول أو فعل طلب منه السماحة . . ثم يقضي ما فاته من الفرائض ، كالحج والصوم والصلاة ، سمع أمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) رجلا يقول : أستغفر اللَّه . فقال الإمام : أتدري ما الاستغفار ؟ انه درجة العليين ، وهو واقع على ستة معان . . وذكرها الإمام ، منها العزم على ترك العودة إلى الذنب ، وتأدية الحقوق إلى المخلوقين ، وقضاء الفرائض ، ومتى توافرت هذه العناصر للتائب كان من الذين عناهم اللَّه بقوله : { وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} [طه: 82] أي استمر على الهداية ، وهي الإيمان والعمل الصالح ، وفي الحديث : « التائب من الذنب كمن لا ذنب له » . بل يصبح من المحسنين ، قال تعالى : {تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا } [هود: 3]. وقال : إِنَّ اللَّهً يُحِبُّ التَّوَّابِينَ . وقال الرسول الأعظم (صلى الله عليه واله) : من رأى انه مسيء فهو محسن .
        أما السر لا حسان التائب ، وعظيم منزلته عند اللَّه سبحانه فهو معرفته بنفسه ،
        ومحاسبتها على كل عيب ونقص ، وجهادها على الكمال والطاعة ، هذا الجهاد الذي عبّر عنه رسول اللَّه (صلى الله عليه واله) بالجهاد الأكبر . . وقديما قال الأنبياء والحكماء :
        اعرف نفسك . ومرادهم ان يعرف الإنسان ما في نفسه من عيوب ، ويعمل على تطهيرها من كل شائبة .
        وقد يقول قائل : ان الإنسان نتيجة لعوامل كثيرة : منها أبواه ومدرسته ، ومجتمعه ومناخه ، وما إلى ذلك مما يؤثر في تكوين شخصيته ، ولا حول معه ولا طول ، وعليه فلا يتصف الإنسان بأنه أذنب وأساء ، لأن الذنب ذنب المجتمع والظروف ، ومتى انتفى الذنب انتفى موضوع التوبة من الأساس ؟ .
        الجواب : صحيح ان محيط الإنسان وظروفه تؤثر به . . ولكن صحيح أيضا ان ذات الإنسان وإرادته تؤثر في ظروفه وبيئته ، كما يتأثر هو بها ، لأن لكل من الإنسان وظروفه واقعا ملموسا ، وكل شيء له واقع ملموس لا بد أن يكون له أثر كذلك ، وإلا لم يكن شيئا ، وعلى هذا يستطيع الإنسان أن يؤثر في ظروفه ، بل يستطيع أن يقلبها رأسا على عقب ، إذا كان عبقريا . . والشاهد الحس والوجدان .
        ان شأن الظروف التي يعيشها الإنسان أن تبعث في نفسه الميل والرغبة في ثمار الظروف ونتاجها ، وعلى الإنسان أن ينظر ويراقب هذه الثمار ، وتلك الرغبة ، فإن كانت متجهة إلى الحسن من الثمار اندفع مع رغبته ، وإلا أوقفها وكبح جماحها . . وليس هذا بالأمر العسير . . ولو لم يكن للإنسان مع ظروفه حول وطول لما اتصف بأنه محسن ، وبأنه سئ ، ولبطل العقاب والثواب ، وسقط المدح والذم ، ولما كان لوجود الأديان والأخلاق والشرائع والقوانين وجه ومبرر .
        سؤال ثان : قلت : ان التوبة فرع الذنب ، مع العلم بأن الأنبياء والأئمة كانوا يتوبون إلى اللَّه ، وهم مبرو أن عن العيوب والذنوب .
        الجواب : ان الأنبياء والأئمة مطهرون من الدنس والمعاصي ، ما في ذلك ريب . . ولكنهم كانوا لمعرفتهم باللَّه ، وشدة خوفهم منه يتصورون أنفسهم مذنبين ، فيتوبون من ذنب وهمي لا وجود له . . وهذا مظهر وأثر من آثار عصمتهم وعلو مكانتهم . . لأن العظيم من لا يرى نفسه عظيما ، بل لا يراها
        شيئا مذكورا في جنب اللَّه ، ويتهمها دائما بالتقصير في طاعته وعباده ، ومن أجل هذا يسأله العفو ، ويستعين به على حسن العاقبة ، على العكس من {الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} [الكهف: 104].
        وخير ما قرأته في هذا الباب قطعة من مناجاة الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) ، يطلب فيها من اللَّه أن يسخر له عبدا من عباده الصالحين مستجاب الدعوة لديه تعالى . . كي يرى هذا العبد سوء حال الإمام من شدة خوفه من اللَّه ، فيتأثر ، وتأخذه الرقة على الإمام ، ويتوسل إلى الخالق الجليل ان يرفق بالإمام ، فيسمع اللَّه دعوة هذا العبد الصالح ، وينجو الإمام من غضب اللَّه وسخطه ، ويفوز برضاه ومغفرته ، وهذا ما قاله الإمام بالحرف : « فلعل بعضهم برحمتك يرحمني لسوء موقفي ، وتدركه الرقة عليّ لسوء حالي ، فينالني منه بدعوة هي أسمع لديك من دعائي ، أو شفاعة أوكد عندك من شفاعتي تكون بها نجاتي من غضبك ، وفوزي برضاك .
        قال الإمام زين العابدين ، وسيد الساجدين مخاطبا ربه : ( لعل بعضهم أوكد عندك من شفاعتي تكون بدعوته نجاتي ) قال هذا يوم لا أحد على وجه الأرض يدانيه في فضيلة واحدة من فضائله الجلى . . وهنا يكمن سر الجلال والعظمة والكمال .


        تعليق


        • #14
          المشاركة الأصلية بواسطة الشاب المؤمن مشاهدة المشاركة
          السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
          أخوتي أخواتي سأدخل في هذا المحور معكم بموضوع التوبة بكل تفاصيلها سائلا الله أن يوفقنا للتوبة أنه سميع مجيب الدعاء .
          والشكر الجزيل والثناء الجميل لصاحبة البرنامج الرائع الاخت مقدمة البرنامج على سعيها الحثيث في بذل الجهد من اجل خدمة الدين وفقها الله العلي العظيم لكل خير.
          وبعد ... أقول .


          التوبة : هي الندم على القبيح مع العزم على ألا يعود إلى مثله في القبح، وفي الناس من قال: يكفي الندم على ما مضى من القبيح، والعزم على ألا يعود إلى مثله، والاول أقوى، لاجماع الامة على أنها إذا حصلت على ذلك الوجه أسقطت العقاب، وإذا حصلت على الوجه الثاني ففي سقوط العقاب عنها خلاف،
          تفسير مجمع البيان-للطبرسي ج3 ص34
          التوبة : أصل التوبة الرجوع و حقيقتها الندم على القبيح مع العزم على أن لا يعود إلى مثله في القبح و قيل يكفي في حدها الندم على القبيح و العزم على أن لا يعود إلى مثله .
          تفسير الميزان العلامة الطباطبائي ج 4 ص 59
          التوبة:هي الرجوع، و هي رجوع من العبد إلى الله سبحانه بالندامة و الانصراف عن الإعراض عن العبودية، و رجوع من الله إلى العبد رحمة بتوفيقه للرجوع إلى ربه أو بغفران ذنبه، و قد مر مرارا أن توبة واحدة من العبد محفوفة بتوبتين من الله سبحانه على ما يفيده القرآن الكريم.
          و ذلك أن التوبة من العبد حسنة تحتاج إلى قوة و الحسنات من الله، و القوة لله جميعا فمن الله توفيق الأسباب حتى يتمكن العبد من التوبة و يتمشى له الانصراف عن التوغل في غمرات البعد و الرجوع إلى ربه ثم إذا وفق للتوبة و الرجوع احتاج في التطهر من هذه الألواث، و زوال هذه القذارات، و الورود و الاستقرار في ساحة القرب إلى رجوع آخر من ربه إليه بالرحمة و الحنان و العفو و المغفرة. و هذان الرجوعان من الله سبحانه هما التوبتان الحافتان لتوبة العبد و رجوعه قال تعالى: ثم تاب عليهم ليتوبوا: "التوبة: 118" و هذه هي التوبة الأولى، و قال تعالى: فأولئك أتوب عليهم: "البقرة: 160" و هذه هي التوبة الثانية...


          فلسفة التوبة
          إنَّ الذي عصى في هذه الدنيا وتحدَّى إرادة الله سبحانه، يكون قد ابتعد عن مقام الإنسانيّة واقترب من مقام الحيوانيّة، وعندئذٍ يحرم هذا الإنسان من بركات القرب من الله في الجنّة، ولا يبقى أمامه سوى التوبة والاستغفار، والذي أمر بالتوبة هو الذي يقبل التوبة، يقول تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ.
          أركان التوبة:
          هناك أركان وشرائط لا يمكن أن تكون توبة الإنسان صحيحة ومقبولة إذا لم تتوفر فيها هذه الشروط والأركان، وسنذكر هنا أهمها:
          1- الشعور بالندم القلبي على ما ارتكبه من ذنوب ومعاصي، وعلى تقصيره في أداء التكاليف الشرعية، ويعمل على تقوية الندامة في قلبه ويضرم النار فيه على غرار نَارُ اللهِ الْمُوقَدَةُ فتحترق بنار الندامة هذه جميع المعاصي وتزول كدورة القلب وصدئه. وليعلم أنه إن لم يحرق قلبه بنار الندم التي هي باب من أبواب الجنة، فعليه أن يستقبل في ذلك العالم النار العاتية حيث ستفتح في وجهه أبواب جهنم!.
          2- العزم على عدم العودة إلى الذنوب نهائياً.
          تذكير النفس:
          لتحقيق هذين الركنين يجب على الإنسان أن يتذكر دائماً تأثير معاصيه في روحه، وقد ذكرت الروايات أن المعصية تحدث نقطة سوداء في قلب الإنسان وتأخذ هذه النقطة بالتوسع وتغطية القلب حتى يصل إلى مرحلة الشقاوة الأبدية التي لا رجعة فيها!
          وتذكر عواقب المعاصي في عالم البرزخ ويوم القيامة كما ورد في الروايات الشرعية والأدلة العقلية، فإن للمعاصي في عالم البرزخ والقيامة صوراً تتناسب معها، تملك الإرادة والشعور، ويكون شغلها الشاغل تعذيب الإنسان المذنب والإساءة إليه! بل إن نار جهنم أيضاً تحرق الإنسان وتعذبه عن شعور وإرادة ووعي! هَلْ مِنْ مَزِيدٍ. فإذا استطاع من خلال ذلك تحقيق ركني التوبة هذين يتيسر أمر سلوكه طريق الآخرة، وتغمره التوفيقات الإلهية ليصبح مصداقاً لقوله تعالى: إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ، ومصداقاً لرواية الإمام الصادق عليه السلام التي ذكرناها في بداية الدرس.
          حقيقة التوبة وشروطها
          إنَّ الندم على الذنب هو توبة، لكن المقصود هنا يكون الندم الحقيقيّ، الذي يكون له آثاره ونتائجه على المستوى العمليّ، قد يتصوّر البعض أنَّ مجرَّد قوله "تبت إلى الله" يكفي لتحقق التوبة، وهو غير صحيح لأنَّ التوبة لها شروط لا تتحقَّق إلاَّ بها وهي:
          1- أن يشعر بالنفور من ذنبه وتغلبه الحسرة عليه.
          2- أن يصمِّم على عدم العودة إلى الذنب مجدَّداً.
          3- أن يسعى لجبران ما أمكن جبرانه، كأن يؤدّي حقَّ أحد من الناس كان قد غصبه حقَّه، أو أن يطلب المسامحة ممّن استغابه، أو أن يُرضي من ظلمه، أو أن يقضي ما فاته من فرائض وواجبات، كالصلاة والصوم، وهكذا..
          يقول الإمام علي عليه السلام بعد أن سمع قائلاً يقول استغفر الله: "ثكلتك أمُّك، أتدري ما الاستغفار؟ الاستغفار درجة العليين، وهو اسم واقع على ستة معان، أوّلها: الندم على ما مضى، والثاني: العزم على ترك العود إليه أبداً، والثالث: أن تؤدّي إلى المخلوقين حقّهم حتى تلقى الله أملس ليس عليك تبعة، والرابع: أن تعمد إلى كلّ فريضة عليك ضيَّعتها فتؤدّي حقّها، والخامس: أن تعمد إلى اللحم الذي نبت على السحت فتذيبه بالأحزان، حتى يلصق الجلد بالعظم وينشأ بينهما لحم جديد، والسادس: أن تذيق الجسم ألم الطاعة كما أذقته حلاوة المعصية، فعند ذلك تقول: استغفر الله".
          سهولة التوبة لولا الوسوسة:
          وعليك أن لا تيأس من رحمة الله ولطفه ولا تسمح للشيطان والنفس الأمارة بالهيمنة والوسوسة في قلبك،فيصوران التوبة أمراً شاقاً وصعباً ويصرفانك عنها، حتى وإن كانت الذنوب والتقصيرات كثيرة وجسيمة، فإن الله تعالى يسهل عليك الطريق، ويأخذ بيدك إن بدأت السير ولو كانت بدايتك بخطوات قليلة حسب استطاعتك، واعلم أن اليأس من رحمة الله تعالى من أعظم الذنوب.
          شروط كمال التوبة:
          إذا تحققت الأركان والشروط المتقدمة فإن التوبة ستكون مقبولة بإذن الله تعالى، ولكن مع ذلك هناك شروط يمكن إضافتها إلى التوبة لتوصلها إلى الكمال وتجعلها على أفضل وجه فلكل منزل من منازل السالكين مراتب ودرجات تختلف حسب اختلاف قلوبهم وهما شرطان أيضاً، ورد ذكرهما عن علي عليه السلام في الرواية السابقة:
          1- محو آثار الذنوب النفسية: إن لكل معصية ولهو انعكاس وأثر في الروح، فإن هذه المتعة الطبيعية التي عاشها الإنسان مع المعصية ستبقى تلقي بظلالها على نفسه وروحه وتجذبها إلى المعاصي، وما دامت هذه الظلال عالقة بها فإن النفس ترغب إليها، ويعشقها القلب، ويُخشى من لحظة طغيان النفس وتمردها على صاحبها والعياذ بالله وهذه الآثار ستبقى حتى بعد زوال المعصية، فعلى الإنسان أن يهتم بإزالتها أيضاً، فيتدارك أي نقص طرأ على نفسه نتيجة حالة اللهو التي عاشها مع المعصية، فلا بد على السالك لسبيل الآخرة والتائب عن المعاصي أن يذيق الروح ألم الرياضة الروحية ومشقة العبادة، فإذا سهر ليلة في المعصية تداركها بليلة من العبادة، وإذا عاش يوماً واحداً مع اللذائذ المادية تداركه بالصوم والمستحبات المناسبة حتى تطهر النفس من كل آثار المعاصي وتبعاتها،فتعود النفس إلى صفائها كما كانت قبل المعصية، وتعود الفطرة إلى روحانيتها الأصيلة. وتحصل له الطهارة الكاملة. فلا بد للتائب أن ينتفض ويستأصل تلك الآثار ويقوم بالرياضة الروحية من العبادات والمناسك حتى تزول معها كل تبعات ومضاعفات الخطايا والآثام.


          2- محو اثار الذنوب الجسمية: إن بعض الذنوب بالإضافة لأثارها النفسية لها آثار بدنية أيضاً، كأكل المال الحرام الذي ينبت اللحم من خلاله، إن هذه الآثار البدنية التي نشأت بفعل الذنوب والمعاصي ينبغي استئصالها أيضاً كما يستأصل الآثار النفسية، وذلك من خلال ممارسة الرياضة الجسمية كالإمساك عن أكل المقويات والمنشطات والصيام المستحب أو الواجب إذا كان في ذمته صيام واجب، فيذيب اللحوم التي نشأت على جسمه من الحرام والمعصية أيام الخطايا والآثام.
          ولا بد في غضون اشتغاله بهذه الأمور من التفكر والتدبر في نتائج المعاصي وشدة عقاب الحق المتعالي ودقة الميزان وألم البرزخ، وليشعر قلبه أن كل ذلك نتيجة الأعمال القبيحة والمخالفة لمالك الملك، لعله يحصل له نفور من المعاصي وارتداع نهائي عنها.
          ما هو المطلوب في التوبة:
          ليس المطلوب في التوبة بدايةً الحصول على مراتب الكمال التي ذكرناها، فهي من متممات التوبة ولكنها قد تصعب على البعض، فيظن أن عملية التوبة أمر شاق، فيعرض عنها ويتركها! أو يقع في موضوع التسويف والتأجيل حتى يكتب من الأشقياء!
          إن كل خطوة مهما كانت صغيرة في طريق السلوك إلى الآخرة هي أمر مطلوب ومحبوب عند الله سبحانه وتعالى، وعندما يضع الإنسان قدمه على الطريق فإن الله سيأخذ بيده ويسهل له الأمور بعد ذلك. وقارن الأمور الأخروية بالأمور الدنيوية، فإن العقلاء إذا لم يستطيعوا أن يحققوا هدفهم الأعلى والأرفع، فهم يطمحون بالحصول على المرتبة الأقل ولا يستسلمون أبداً. وأنت أيضاً إذا لم تستطع أن تحقق التوبة الكاملة، فلا تعدل عن التوبة ولا تعرض عنها وحاول أن تحقق المستوى المستطاع منها.
          إن صعوبة الطريق يجب أن لا تمنع الإنسان من السير، فإن الهدف مهم وعظيم جداً، وكلما عظم الهدف في عين الإنسان سهلت عليه الطريق وهانت في عينه مهما كانت صعبة، وأي شي‏ء أعظم من النجاة الأبدية والروح والريحان الدائميان؟ وأي بلاء أعظم من الهلاك الدائمي والشقاء السرمدي؟ إن هذه التوبة ستنقل الإنسان من الشقاء الأبدي إلى السعادة المطلقة، فإذا كان الهدف عظيماً إلى هذا المستوى، فلا بأس بالمعاناة والتعب لأيام قليلة.


          الاستغفار:
          إن طرق باب مغفرة الله تعالى واللجوء إلى صفة الغفارية في الله تعالى من الأمور الهامة التي يجب أن يقدم عليها التائب، ويطلب فتح هذا الباب له للحصول على هذا المقام، بلسان مقاله وحاله في السر والعلن وفي الخلوات، والطلب منه تعالى بكل مذلة ومسكنة وتضرع وبكاء أن يستر عليه ذنوبه وآثارها، فإن مقام الغفارية والستارية للذات المقدسة يستدعي ستر العيوب وغفران تبعات الذنوب، فإن الصور المعنوية للإنسان أشبه بالولد الذي يولد له في الدنيا، بالأشد التصاقاً به! وحقيقة التوبة والاستغفار بمثابة قطع كل صلة مع هذا المولود ونفيه.
          إن الله سبحانه وتعالى بسبب مغفرته وستره يقطع كل صلة بين هذا الوليد المشؤوم وبين الإنسان، ويحجب عن تلك المعصية كل المخلوقات التي اطلعت عليه من الملائكة، وكتّاب صحائف المعاصي، والزمان والمكان وأعضاء نفس الإنسان وجوارحه، وينسيهم جميعاً تلك المعصية كما أشير إليه في الحديث الشريف "يُنسي ملكيه ما كتبا عليه من الذنوب"ويحتمل أن يكون معنى النسيان هنا هو الوحي لهذه المخلوقات بكتمان المعاصي، والوحي يتحقق بأحد شكلين: إما إصدار الأمر لهذه المخلوقات بعدم الإدلاء بالشهادة، أو رفع الآثار التي تركتها المعاصي على الأعضاء والتي بها تتم الشهادة التكوينية. فمع عدم التوبة يمكن أن يشهد عليه كل عضو بلسان مقاله أو حاله.
          جميع الموجودات ذات علم وحياة:
          إن لكل واحد من الموجودات علم وحياة ومعرفة، بل أنها جميعاً تحظى بالمعرفة لمقام الحق المقدس جل وعلا، فإن الوحي لبقاع الأرض والأعضاء والجوارح بالكتمان وإطاعتها للأمر الإلهي، وتسبيح الموجودات بأسرها الذي نص عليه القران الكريم وأوردته الأحاديث الشريفة كثيراً، كل ذلك يدل على علم وشعور وحياة الموجودات، بل دليل على الارتباط الخاص بين الخالق والمخلوق. يُسَبِّحُ للهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ1.
          ضرورة التوبة
          إذا كنَّا ندرك تلك الآثار الخطيرة للذنوب في الدنيا والآخرة، كأن تنزل النقم وتحبس النعم وتمنع الرزق وتجرّنا إلى العذاب الأليم، فإنَّ العاقل المؤمن بالمعاد وبربِّ العباد، لا بدّ أن يبادر إلى إعلان توبته، وتطهير نفسه حتى لا يكون محروماً في الدنيا وشقيّاً في الآخرة، وإنَّ التوبة من الذنوب تؤدّي إلى تطهير القلوب.
          عن ابي جعفر عليه السلام: "ما من عبدٍ إلاَّ وفي قلبه نكتة بيضاء، فإذا أذنب خرج في النكتة نكتة سوداء، فإن تاب ذهب ذلك السواد، وإن تمادى في الذنوب زاد ذلك السواد حتى يغطّي البياض، فإذا غطىّ البياض لم يرجع صاحبه إلى خير أبداً وهو قول الله: كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ5"6.
          الامور التي يجب التوبة منها
          يجب على الإنسان أن يتوب من كلّ ما يحول بينه وبين السير والسلوك إلى الله تعالى ويجعله متعلقاً بالدنيا، ويمكن تقسيم الذنوب التي يجب أن نتوب منها إلى قسمين: أخلاقيَّة وعمليَّة:
          أ- الذنوب الأخلاقيّة: والمراد بها الأخلاق السيّئة والصفات القبيحة، التي تلوّث النفس وتجعل الحجب بينها وبين الله تعالى، كالرياء، والنفاق، والغضب، والتكبر، والعجب، والمكر، والخداع، والغيبة، والبهتان، والكذب، وخلف الوعد، وعقوق الوالدين، وقطع الرحم، والتبذير، والإسراف، والحسد، والفحش، والسباب، وسوء الظنِّ، وتتبّع عيوب الناس، واحتقار المؤمن وإذلاله، وغير ذلك من الصفات السيّئة.
          ب- الذنوب العمليّة: وهي كلّ الذنوب التي ترتبط بالأعمال كالسرّقة، وقتل النفس، والزنا، ودفع الربا وأخذه، وغصب أموال الناس، والغشّ في المعاملة، والفرار من الجهاد، وخيانة الأمَّانة، وشربّ الخمر، وترك الصلاة والصيام والحجّ والخمس، وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأكلّ الطعام النجس وغير ذلك من المحرّمات.
          ثمار التوبة للتوبة ثمار جليلة في الدنيا وفي الآخرة أهمّها:
          أ- تكفير السيّئات ودخول الجنّة: إنَّ التوبة تؤدّي إلى إزالة سيّئات الإنسان من صحيفة أعماله، يقول تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ7.
          ب- محبة الله: إنَّ التائب الحقيقيّ سوف يحصل على محبّة الله تعالى وينال رضاه، يقول تعالى: إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ8.
          ج- الستر: إنَّ توبة العبد تؤدّي إلى الستر عليه، فيأتي يوم القيامة لا يُدرى بذنبه، يقول الإمام الصادق عليه السلام: "إذا تاب العبد توبةً نصوحاً أحبَّه الله فسترَ عليه، فقلت: وكيف يستر عليه؟ قال: ينسي ملكيه ما كانا يكتبان عليه، ويوحي الله إلى جوارحه وإلى بقاع الأرض أن اكتمي عليه ذنوبه، فيلقى الله عزَّ وجل حين يلقاه وليس شيء يشهد عليه بشيء من الذنوب".

          اللهم صل على محمد وال محمد

          اهلا بالاخ الفاضل والتواصل مع محوره دائما
          (الشاب المؤمن )

          وموضوع طيب جدا ونشر راقي عن التوبة كشفتم فيه عن كثير من خفاياها واهميتها وشروطها

          وايات كثيرة من القران الكريم توكد على امر التوبة ومنها قوله تعالى


          ((وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ ))


          وعن قوله (( وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُواْ واتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِّنْ عِندِ اللَّه خَيْرٌ لَّوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ ... )).

          وايات كثيرة اخرى توكد على ان لتوبة العباد وصلاحهم اثر كبير في صلاح الامة والمجتمع ونزول بركات الارض والسماء

          واصلاح حتى الابناء في الاصلاب

          وكلنا يعرف فرح الباري بالتائبين والعائدين الى حضرة قدسه وعز جلاله وتلك القصة للحمامة التي كانت فرحة بعودة فراخها

          فخاطب النبي اصحابه بان الله اكثر فرحا منها بعودة التائب اليه .....

          نسال الله ان نكون دائما من المستذكرين والمتاملين بما لنا وما علينا ....

          بوركتم وشاكرة تواصلكم الواعي .....













          تعليق


          • #15
            تَسويفُ التَّوبَة.. لماذا ؟!
            ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
            وَرَدَعن الإمام الباقر -عليه السلام-: (إيّاكَ وَالتَّسويفِ، فَإنَّهُ بَحْرٌ يَغْرَقُ فيه الهَلكى)..
            غالباً ما يقع الإنسان فريسةً للتسويف (التأخير) وإضاعة فرص الخير وتراه يكرر بعجز وحسرة (لو كان كذا لفعلت كذا وكذا)) ودائماً ما يكون ذلك بعد فوات الأوان واستحالة التدارك..فيكون مستاءًً لما فرط في حق نفسه.. ومن أسوأ موارد التسويف التي يورط نفسه فيها هو تأخير التوبة عن المعاصي وارتكاب الآثام حتى يقع بين أنياب الموت الذي لا مفرَّ منه وعندها لا تقبل التوبة وهذا ما نصَّ عليه القرآن الكريم ((وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآَنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا))/(النساء:18) ،ويقول أمير المؤمنين –عليه السلام-: (لا دين لمسوّف بتوبته) ولقد أمر الباري تعالى عباده بالتوبة في كل لحظة ، وفرض عليهم التعجيل بها ، وبالتالي فإن تأخيرها هو تأخر عن أداء الأمر الإلهي ومن يؤخر التوبة يعد في كل لحظة عاصياً لأمر الله ، وتاركاً لطاعته.. وكل فرد- مهما عظمت سيئاته ومعاصيه- يتردد في قلبه نزوع إلى التوبة والصلاح، أو على الأقل ينتابه أحيانا شعور بالرغبة إلى العودة إلى رحاب الطاعة والالتزام، بل إنه قد لا يوجد فرد بحكم العقل إلا وهو يعلم يقينا أن الاستقامة والطاعة خير من المعصية والفجور،وأن إتباع الشهوات يفضي بالعبد إلى نار تلظى وعذاب لا تطيقه الجبال.لكن هذا الشعور ضعيف لا يستطيع مقاومة تيار الهوى الرابض على الفؤاد والجوارح بل إن المعاقر للفاحشة والمعصية يشعر وهو متلبس بها بظلمة في قلبه وشعور بالأسى يلذع فؤاده في حين تؤزه الشياطين ونفسه المتخاذلة عن الطاعة والإنقياد إلى نسيان ذلك الألم حتى لا يؤول هذا إلى ندم ثم توبة..إذا تقرر هذا نعود للسؤال: تسويف التوبة..لماذا ؟ و لماذا لا تتحول هذه المشاعر التي تخفق في القلوب إلى توبة صادقة وعودة حقيقة إلى أفياء الاستقامة والطاعة ؟
            يذكر علماء الأخلاق جملة من الأسباب ومنها :
            1- الحسابات الخاطئة التي تقلب الموازين وتجعل لذة المعصية وطعم الشهوة أغلى وأحلى من جنة عرضها السموات والأرض وتجعل من العاجل مهما كان حقيرا أضمن من الآجل فأي خسران أعظم من هذا ؟!
            2- مد حبال الأمل و عدم ورود الموت على الفكر أبداً وكأن العبد خلق للخلود على الرغم من أن هذا أمر محال .. وعندما تهب أنسام التوبة يصدّها بالقول لا زال في العمر متسع والحياة أمامنا طويلة نتوب في المستقبل وليس لنا في هذه الجموع الراحلة من البشر عظة وعبرة.
            3-القنوط :فإن التاريخ الطويل من السير في معصية الله يقع حاجزاً دون توبة الكثير من الناس أي أن باب التوفيق للتوبة يغلق عليهم بسبب سوء أعمالهم ، فحين تخطر له التوبة يذكره الشيطان بسجلاته السوداء وتاريخه المظلم ومعاصيه وفجوره ، وفواحشه ومنكراته ويقول له: ما لك وللتوبة والاستقامة وأين أنت منها يا صاحب المنكرات، فما يزال به حتى يحول بينه وبين التوبة وقد نادي الله عباده بنداء واضح ليس فيه لبس ولا غموض ولا يحتاج إلى تفسير وبيان فقال جل ذكره: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)

            4-أمن مكر الله و التعويل على عفوه ومغفرته مع نسيان شدة أخذه وعقابه :فالإنسان مجبول على المبادرة والإسراع بأداء ما يطلب منه عندما يخاف، وعلى التواني والتفريط إذا أمن، ولقد أشار رب العزة إلى هذا السبب عند حديثه عن الكفار ومضيهم في كفرهم وباطلهم، فقال سبحانه: (أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ ۝أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ * أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ).. ومن جانبٍ آخر فالإنسان يعول غالباً على أن الله غفور رحيم ولكن ينسى أو يتناسى أن الله شديد العقاب و(إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ).ولنتذكر قول أمير المؤمنين (عليه السلام) ((إياك أن تسلف المعصية و تسوف بالتوبة فتعظم لك العقوبة)).

            بقلم : صادق مهدي حسن
            يا أرحم الراحمين

            تعليق


            • #16
              المشاركة الأصلية بواسطة الشاب المؤمن مشاهدة المشاركة
              التائبون في مدرسة الحسين (عليه السلام) عنوان آخر أطل به عليكم من أجل أن نتوجه الى الله عز وجل بالتوبة في يوم عرفة ونسأل الله ان يوفقنا لذلك .
              قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا.
              بيت الله
              من أحكام الإسلام الحنيف أنّه يحرِّم تنجيس المسجد، وإذا تنجّس فيجب تطهيره فوراً.. لماذا شرَّع الله تعالى هذا الحكم؟
              والجواب: لأنّه بيّن الله عز وجلّ.
              لكن عند مراجعة الروايات نجدها تتحدّث عن بيتٍ لله هو أولى من المسجد بل أولى من الأرض، إنّه بيت الله الحقيقيّ الذي أخبرنا الله تعالى عنه في الحديث القدسيّ القائل: "لا تسَعُني أرضي ولا سمائي، ولكن يسعُني قلبُ عبديَ المؤمن". وورد أنّ الله تعالى أوحى إلى نبيّه داود عليه السلام:"فرِّغ لي بيتاً أسكن فيه، فقال: يا رب، إنك تجلّ عن المسكن، فأوحى إليه فرِّغ لي قلبك" .
              فقلب المؤمن هو بيت الله الحقيقيّ، فإذا كان المسجد يحرُم تنجيسه لأنّه بيت الله الاعتباريّ، فمن بابٍ أولى يحرُم تنجيس قلب المؤمن لأنّه بيت الله الحقيقي، وإذا كان المسجد يجب تطهيره فوراً عند تنجُّسه، فمن باب أولى يجب تطهير قلب المؤمن فوراً لأنّه بيت الله الحقيقي.

              والمسجد يتنجّس بالميتة والدم ونحوهما.. والقلب يتنجّس بالذنوب، فقد ورد أنّ قلب الإنسان حينما يولد يكون كالصفحة البيضاء، كلّما أذنب ذنباً طُبع في تلك الصفحة البيضاء نُقطةٌ سوداء، والويل لمن امتلأ قلبه سواداً.. والمسجد يُطهَّر بالماء..

              لكن بماذ نُطهِّر قلوبنا؟
              يجيب أمير المؤمنين علي عليه السلام عن هذا السؤال بقوله: "التوبة تُطهِّر القلوب وتُغسِّل الذنوب".
              مَن التائب وإلى مَن يتوب؟
              إنّ ما يدفع الإنسان نحو التوبة إلى الله هو التفاته إلى نفسه.. من هو؟ إنّه العبد المملوك، وإلى من يتوب؟، إلى الله المالك لكلّ شي‏ء..

              وعن هذه الإلتفاتة الإنسانيّة تحدث الإمام الحسين عليه السلام مع ذلك الرجل الذي كان يحاول أن يتوب إلى الله، لكنّ هواه يغلبه فيرجعه إلى الذنوب. إلتفت هذا الرجل إلى مرضه فذهب يُفتش عن طبيب لروحه فكان المقصد هو طبيب أهل البيت الإمام الحسين عليه السلام
              تائب في مدرسة الحسين عليه السلام
              ونصُّ الرواية أنَّ رجلاً تكرّرت منه المعاصي، وكلّما حاول التوبة غلبته نفسه، إلتفت إلى مرض حلَّ في روحه، فجاء إلى طبيب الروح الإمام الحسين عليه السلام قال له: يا ابن رسول الله، إنّي مسرف على نفسي، فاعرض عليَّ ما يكون لها زاجراً أو مستنقذاً...

              قال الحسين عليه السلام:"إنْ قبلت مني خمس خصال فقدرت عليها، لم تَضُرَّك المعصية..".
              قال الرجل: جاء الفرج.
              قال الحسين عليه السلام:"إذا أردت أن تعصي الله عزَّ وجلّ فلا تأكل رزقه".
              قال الرجل: كيف؟ إذاً من أين آكل، وكل ما في الأرض رزقه؟
              قال الحسين عليه السلام:"أفيحسن بك أن تأكل رزقه وتعصيه"؟
              قال الرجل: لا بأس هاتِ الثانية فربّما كانت فرجاً ومخرجاً.
              قال الحسين عليه السلام:"إذا أردت أن تعصيه فلا تسكن شيئاً في بلاده".
              قال الرجل: يا سبحان الله! هذه أعظم من تلك، فأين أسكن، وله المشرق والمغرب وما بينهما؟
              قال الحسين عليه السلام:"يا هذا، أيليق بك أن تأكل رزقه وتسكن بلاده وتعصيَه"؟
              قال الرجل: "لا حول ولا قوة إلاَّ بالله، هاتِ الثالثة، فربّما كانت أهون الثلاث".
              قال الحسين عليه السلام:"إذا أردت أن تعصيَه فانظر موضعاً لا يراك فيه، وهناك افعل ما شئت".
              قال الرجل: ماذا تقول؟! ولا تخفى على الله خافية.
              قال الحسين عليه السلام:"أتأكل رزقه وتسكن بلاده ثم تعصيه، وهو بمرأى منك ومسمع"؟!
              قال الرجل: هاتِ الرابعة، وإلى الله المشتكى.
              قال الحسين عليه السلام:"إذا جاءك ملك الموت ليقبض روحك فقل له أخّرني حتى أتوب".
              قال الرجل: لا يقبل منّي ذلك.
              قال الحسين عليه السلام:"أكرهه على القبول".
              قال الرجل: كيف ولا أملك لنفسي معه شي‏ء؟
              قال عليه السلام:"إذا كنت لا تقدر أن تدفعه عنك، فتُب قبل فوات الأوان".
              قال الرجل: على أيّ حال بقيت الخامسة فهاتِها.
              قال الحسين عليه السلام:"إذا جاء الزبانية يوم القيامة ليأخذوك إلى الجحيم فلا تذهب معهم".
              فقال الرجل: حسبي حسبي، أستغفر الله وأتوب إليه، ولن يراني بعد اليوم في ما يكره.
              عرف هذا الرجل من هو، وإلى من يتوب، فتاب إلى الله تعالى.
              هل يقبل الله تعالى توبة عبده؟
              ويُخطى‏ء الإنسان مع الرَّبِّ الجليل، ويعود إليه تائباً، تُرى على يُسامحه؟ إنّ الجواب يستوقف الإنسان أمام عظمة الله، فالله تعالى لا يقول للتائب: إنّي قد سامحتك فحسب، بل يقول له: إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ.
              التائب حبيب الله
              الإنسان يعصي... والله ينادي للعودة إليه فإذا عاد يُصبح التائب حبيباً له.. وأيّ حبٍّ هو؟!!
              فعن النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم:"لَله أشدُّ فرحاً بتوبة عبده من العقيم الوالد ومن الضالّ الواجد ومن الظمآن الوارد".
              وعن الإمام الباقر عليه السلام:"إنّ الله أشدُّ فرحاً بتوبة عبده من رجل أضلَّ راحلته وزاده في ليلة ظلماء فوجدها".
              باب التوبة
              وفتح الله باب التوبة لأحبّائه بأوسع ما يمكن أن يتصوّره الإنسان، فقد ورد عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم:"من تاب قبل موته بسنة قَبِلَ الله توبته، ثمّ قال: إنّ السنة لكثيرة، من تاب قبل موته بشهر قَبِلَ الله توبته، ثمّ قال: إنّ الشهر لكثير، من تاب قبل موته بجمعة قَبِلَ الله توبته، ثمّ قال: إنّ الجمعة لكثير، من تاب قبل موته بيوم قَبِلَ الله توبته، ثمّ قال: إنّ اليوم لكثير، من تاب قبل أن يُعايِنَ قَبِلَ الله توبته".

              ومعنى التوبة قبْلَ المعاينة أي قبل معاينة الموت، قبل أن يعرف الإنسان أنّه سيموت، وإلاَّ فلا تنفعه التوبة، بل يكون مصيره كمصير فرعون حينما أعلن إيمانه بربّ موسى عليه السلام وهارون عليه السلام حينما أحاطت به أمواج البحر.

              توبة الحُرّ في عاشوراء

              كان لهذا الرجل دور كبير في مأساة كربلاء. الإمام الحسين عليه السلام بدأ بحوار هادى‏ء يُذكّره بالله فأثّر كلام الإمام الحسين عليه السلام أثره في إحياء ضمير "الحُرّ" فأخذ يفكّر ويتأمّل في وضعه، ثمَّ ذهب إلى "عمر بن سعد" وسأله: أمقاتل أنت هذا الرجل؟،أي الحسين عليه السلام.

              فأجابه "عمر": أي والله قتالاً أيسره أن تطيح الأيدي وتتقطع الرؤوس وتتطاير الأكفّ.
              هنا اشتدّ الصراع في داخل "الحُرّ" وظلَّ يُفكّر في مصيره. وفيما هو يُفكّر أصابته رعشة فارتعد، ممّا أثار دهشة أحد رفاقه، فقال له:
              إنّ أمرك لعجيب، فوالله لو سُئلت عن أشجع أهل الكوفة أو العراق لما عَدوْتُك، فماذا أصابك؟

              فأجابه: إنّي مُخيّرٌ بين الجنّة والنار، فوالله لا أختار على الجنّة شيئاً أبداً، وإن قُطِّعتُ ومُزِّقتُ وأُحرقتُ.

              بعد ذلك ذهب "الحُرّ" إلى خيمة الإمام الحسين عليه السلام وجاء منادياً: "اللهمَّ إليك تبتُ فتب عليَّ، لقد أرعبتُ قُلوب أوليائك وأولاد نبيّك.."

              وعندما وقف أمام خيمة الإمام كان رأسه منحنياً على سرج فرسه، فقال للإمام: "أنا صاحبك الذي حبستك عن الرجوع وسايرتك في الطريق وجعجعت بك الطريق، سيّدي ومولاي، جئتك تائباً إلى الله ممّا كانت منّي، فهل ترى لي من توبة؟ فقال له الإمام: نعم، يتوب الله عليك فأنت الحرّ في الدنيا وأنت الحرّ في الآخرة إن شاء الله".
              فلنعاهد الحسين عليه السلام
              ليلة عرفة ليلة التوبة إلى الله..
              ليلة الإنقلاب مع الحسين عليه السلام..
              ليلة تركِ الدنيا القبيحة والتوجّه لجنّة الخلد..
              فلنعاهد الله في هذه الليلة، أن نتوب إلى الله كما تاب "الحر الرياحي"..
              فلنعاهد الله..
              أن نترك الحرام الذي غرزت رماحه في صدر أبي عبد الله الحسين عليه السلام..
              أن نترك المعاصي التي قطعت سيوفها رأس أبي عبد الله الحسين عليه السلام..
              أن نترك الحرام الذي رمت سهامه "عبد الله الرضيع"..
              أن نترك المعاصي التي سبَّبت قتل "أبي الفضل العباس" وتقطيع "علي الأكبر" إرباً إرباً..
              أن نترك الآثام التي هتكت خِدْرَ "زينب" عليها السلام وحجاب بنات رسول الله المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم.
              في ليلة عرفة
              فلنعاهد الإمام الحسين عليه السلام أن نتوب إلى الله ونسير على خُطاه، فبذلك يتحقّق الهدف من إحياء ذكر الحسين واصحابه.




              اللهم صل على محمد وال محمد

              ورد طيب وراقي جدا اخي الفاضل الواعي (الشاب المؤمن )

              وقد شملتم به كثيرا من التسلسل والربط الجميل مع الاستدلال العقلي والنقلي الراقي

              والتدرج بالاثبات للمقابل باسلوب يحمل البساطة مع النفع وهذا رقي نفخر به كثيرا

              ونشد على الايادي والجهود المتظافرة من اعضائنا الكرام للرقي بمستوى الطرح بمحورهم المبارك

              ونسال الله ان يبارك لكم وفيكم وفي اهلكم وعوائلكم وذراريكم انه سميع مجيب

              والحقيقة ردكم لم يبقي لي حديثا لكن فقط هي اضافة بسيطة اُدلي بها ....

              بان لله كثيرا من المحطات الزمانية والمكانية والتي تختصر على الانسان سنينا بل اعواما من الاجر والثواب

              وللعامل بها اجرا عظيما لايحصيه مُحصي ولا يعدّه عاد

              وهي فرص الله وجوائزه لعباده وقال امير المؤمنين علي (عليه الاف التحية والسلام )

              ((انتهزوا الفرص فانها تمُر مر السحاب ))

              ومنها مانحن مقبلين عليه من ليلة عرفة ويومها

              وكذلك ايام العشرة الاولى من شهر ذي الحجة المبارك

              وقد ورد ان تفسير ((والفجر وليال عشر ))

              هي الليالي العشرة الاولى من شهر نا المبارك

              فنسالكم الدعاء

              وتقبل الله من الجميع خالص الطاعات وعوضهم بانواع العطايا والهبات ....















              تعليق


              • #17
                السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                سوف اكون متابعة لردودكم الرائعة

                تعليق


                • #18
                  مسلم بن عقيل في بيت المختار الثقفي
                  وسار مسلم وجماعته حتى انتهى إلى الكوفة فاختار النزول في بيت المختار الثقفي وهو من اشهر أعلام الشيعة وأحد سيوفهم ومن أخلص الناس للإمام الحسين (عليه السلام ) وأحبهم له .
                  لقد اختار مسلم النزول في بيت المختار دون غيره من زعماء الشيعة وذلك لوثوقه بإخلاصه وولائه للإمام الحسين (عليه السلام) ومضافا لذلك فقد كان المختار زوجا لعمرة بنت النعمان بن بشير الأنصاري حاكم الكوفة ولاشك أن يده لا تمتد إلى مسلم طالما كان مقيما في بيت صهره وقد دل ذلك على خبرة مسلم وإحاطته بالشؤون الاجتماعية وعلى أي حال فقد فتح المختار أبواب داره لمسلم وقابله بمزيد من الحفاوة والتكريم ودعا الشيعة إلى مقابلته فاقبلوا إليه من كل حدب وصوب وهم يظهرون له الولاء والطاعة وصار بيت المختار مركزا سياسيا مناهضا للدولة الأموية ومن المؤكد أن السلطة كانت على علم بذلك وكانت تغض النظر عن ذلك فقد كان حاكم الكوفة من الناقمين على يزيد .

                  تعليق


                  • #19
                    ثورة مسلم بن عقيل
                    ولما علم بما جرى على هانئ بادر لإعلان الثورة على ابن زياد لعلمه بأنه سيلقى نفس المصير الذي لاقاه هانئا فأوعز إلى عبد الله بن حازم أن ينادي في أصحابه وقد ملأ بهم الدور فاجتمع إليه
                    أربعة آلاف (تاريخ ابن الأثير 3271 المناقب لابن شهر آشوب 5126 من مصورات مكتبة الامام امير المؤمنين )
                    أو أربعون ألفا (تهذيب التهذيب 2351 ،تذهيب التهذيب 1150 للذهبي من مصورات مكتبة الامام امير المؤمنين )
                    وهم ينادون بشعار المسلمين يوم بدر ((يا منصور أمت ))( هذا الشعار فيه تحريض الجيش على الموت في الحرب للتغلب على الاعداء وفيه تفاؤل بالنصر )
                    وقام مسلم بتنظيم جيشه وأسند القيادات العامة في الجيش إلى من عرفوا بالولاء والإخلاص لأهل البيت (عليهم السلام ) وهم :
                    1. عبد الله بن عزيز الكندي : جعله على ربع كندة .
                    2. مسلم بن عوسجة : جعله على ربع مذحج .
                    3. أبو تمامه الصائدي : جعله على ربع قبائل بني تميم وهمدان
                    4. العباس بن جعدة الجدلي : جعله على ربع المدينة .
                    واتجه مسلم بجيشه نحو قصر الإمارة فأحاطوا به (تاريخ ابن الأثير 371)
                    وكان ابن زياد قد خرج من القصر ليخطب الناس على أثر اعتقاله لهانئ فجاء إلى المسجد الأعظم فاعتلى أعواد المنبر ثم التفت إلى أصحابه فرآهم عن يمينه وشماله وفي أيديهم الأعمدة وقد شهروا سيوفهم للحفاظ عليه فهدا روعه وخاطب أهل الكوفة قائلا :
                    (( أما بعد : يا أهل الكوفة فاعتصموا بطاعة الله ورسوله وطاعة أئمتكم ولا تختلفوا ولا تفرقوا فتهلكوا وتذلوا وتندموا وتقهروا فلا يجعلن أحد على نفسه سبيلا وقد أعذر من انذر )) .
                    وما أتم الطاغية خطابه حتى سمع الضجة والأصوات قد علت فسأل فقيل له (الحذر هذا مسلم بن عقيل قد أقبل في جميع من بايعه )
                    واختطف الرعب لونه وسرت الرعدة بجميع أوصاله فأسرع الجبان إلى داخل القصر وأغلق عليه أبوابه (البداية والنهاية 8154 ،الفتوح 585)
                    وامتلأ المسجد والسوق من أصحاب مسلم وضاقت الدنيا على ابن زياد وأيقن بالهلاك إذ لم تكن عنده قوة تحميه سوى ثلاثين من الشرطة وعشرين رجلا من الأشراف الذين هم من عملائه . (تاريخ ابن الأثير 3271)
                    وقد تزايد جيش مسلم حتى بلغ فيما يقول بعض المؤرخين ثمانية عشر ألف وقد نشروا الأعلام وشهروا السيوف وقد ارتفعت أصواتهم بقذف ابن زياد وشتمه وجرى بين أتباع ابن زياد وجيش مسلم قتالا شديد كما نص على ذلك بعض المؤرخين .
                    وأمعن الطاغية في اقرب الوسائل التي تمكنه من إنقاذ حكومته من الثورة فرأى أن لا طريق سوى حرب الأعصاب ودعايات الإرهاب فسلك ذلك .

                    تعليق


                    • #20
                      المشاركة الأصلية بواسطة حسن هادي اللامي مشاهدة المشاركة
                      مسلم ابن عقيل السفير الانموذج

                      نستلهم في هذه الحلقة دورا مهما كان قد ضرب فيه الامام الحسين اروع مثال واجمل صورة لمن يريد الاقتداء ألا ! وهو صوابية اختيار سفرائه وموفديه على نحو تحققت اهداف الإمام الحسين رساليا ولم يحيدوا عن الحق قيد شعرة !
                      وجسدوا الخلق الحسيني في قيامهم مقامه
                      وانطباق صدق العنوان على عنوانه ولم يكن مجرد دعوى قد تنطبق او قد تكون مركز تشريفي شرفهم به ....بل هي حقيقة واقعية تجسدت في مواقف لا يثبت لها الا امثالهم ...
                      فقد اختار الإمام الحسين سفيرا من اهل بيته ليقوم مقامه في التعبئة الجماهيرية والإعداد لنهضة ويرتب الأمور ويحل المشكل من عويص المجتمع الكوفي لانه يتمتع بمزايا وخلال يراها الإمام الحسين في ابن عمه مسلم بن عقيل وكأن الدور يذكرنا بدور النبي الأعظم والإمام علي صلوات الله عليهم في الاستخلاف
                      فحينما ذكر الامام الحسين في كتابه الذي بعث به مع مسلم مسفرا به الى الكوفيين جاء فيه :
                      [...وأنا باعث إليكم أخي و ابن عمي وثقتي من أهل بيتي مسلم بن عقيل...]
                      فكونه اخاه فنعم وابن عمه ... ولكن ثقتي !
                      فالمعصوم مستودع أسرار الله وأمين الله على الكون وحجة الله على الخلق لا يقول لاغوا باطلا وحاشاه صلوات الله عليه فقد وضع ثقته فيمن هو اهلا لمهمته ألا وهو الولي المعظم وحجة الحسين وسفيره مـــــــسلم بن عقيل ..فطاعته طاعة الامام الحسين ...وعلمه من الامام الحسين وكل تحركاته هي تحركات الامام الحسين فطاعته واجبة وعصيانه حرام
                      نذكر مصداقا شاهدا لعظمة سفير الحسين وسيطرة الخلق الحسيني والأداء الرسالي عليه الا وهو اتفاقية اغتيال الطاغية عبيد الله بن زياد في دار هانئ بن عروة
                      الكل يعلم من ابن زياد !...من عائلة متفسخة وعفنه فمنبته من العهرولا يحمل للقيم اي بال وهو كلب مسعور من كلاب بني امية استحسن استخلافه الطاغية يزيد على الكوفيين لانه يعرف كيف يحكم شعبا لايردعه الا السيف فالكوفيين قد تعلموا من - مولاهم علي- عدم السكوت بوجه الظلم فلا يسكت الأفواه الا الحديد والنار ولا يوجد كأبن زياد مولعا في سفك الدماء والارهاب ...فحينما تم الاتفاق بين الثلاثة وهم { شريك بن الاعور - وهانيء بن عروة - ومسلم بن عقيل } على اغتيال ابن زياد في دار هانئ ، بعد فحينما يجيء ابن زياد لعيادة شريك - وكان شريك في الظاهر صاحبا لزياد بن ابيه فكان عبيد الله بن زيد يراعي تلك الصحبة لاسباب ومصالح .- فيكمن مسلم بن عقيل في ناحية من بيت هانيء- ومن ثم يخرج ليقتل الدعي بن الدعي ليريح العباد والبلاد
                      واستقر الحال بابن زياد وراح يكلم شريك عن احواله الصحية وما يشكوه بينما راح شريك يوحي بعبارة لمسلم ان حقق الغرض ولكن مسلم لم يفعل!
                      ثم ان شريك من شدة حرصه على تحقيق المحاولة
                      جعل يقول : اسقوني ماء فلما رأى ان احدا لا يخرج خشى ان يفوته فاخذ يقول : ما الانتظار بسلمى ان تحييها * كاس المنية بالتعجيل اسقوها
                      وغادرابن زياد دونما ان يقتله مسلم !
                      لماذا يابن عقيل لم تقتل الفاجر الكافر ؟!
                      استعلم - هانئ و شريك - ذلك من مسلم وهما حتما يحملان هما وأسفا على فوات الفرصة ...ماذا كان جواب مسلم ؟
                      ماذا كان رد فعل ثقة الامام الحسين ؟ سفير النهضة الحسينية ؟
                      قال مسلم بن عقيل :
                      خصلتان : أما أحدهما فكراهة هاني ان يقتل في داره ،
                      واما الأخرى فحديث حدثه الناس عن النبي صلى الله عليه وآله
                      ان الإيمان قيد الفتك ولا يفتك مؤمن }
                      فليس من اخلاق العرب ولا اهل المرؤة والدين ان يغدروا بالضيف وهو وان كان مستحق للاعدام الا انه يعد ضيفا وقتله بهذه الكيفية عار وربما ستكون سنة يستن بها الناس للغدر بضيوفهم !
                      والأخرى وهي الاهم في قلب مسلم - الايمان ومسلم - التقوى , الا وهو ان { الفتك : اي الغدر } من الأخلاق الرذيلة التي ينأى عنها المؤمن والمؤمن لايغدر
                      وقد ورث مسلم هذا من اخلاق عمه اميرالمؤمنين في ايام مواجهته مع الفاجر الغادر معاوية حيث قال والهم يملئ قلبه :
                      [ وَ اَللَّهِ مَا ؟ مُعَاوِيَةُ ؟ بِأَدْهَى مِنِّي وَ لَكِنَّهُ يَغْدِرُ وَ يَفْجُرُ وَ لَوْ لاَ كَرَاهِيَةُ اَلْغَدْرِ لكُنْتُ مِنْ أَدْهَى اَلنَّاسِ وَ لَكِنْ كُلُّ غُدَرَةٍ فُجَرَةٌ وَ كُلُّ فُجَرَةٍ كُفَرَةٌ وَ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يُعْرَفُ بِهِ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ..]

                      نعم فمسلم يحمل خلق الإسلام خلق الانبياء والاوصياء فليس الامر امر غلبة ونصر وانتقام بل الأمر امر رباني وتحرك مشروع حضاري خُطط له على منهج الوحي الاخلاق المحمدية الرفيعة التي ترى النصر في السلوك الانساني لا العدواني السبعي حتى مع اعتى عدو..
                      هذا مسلم بن عقيل ثقة الحسين ونبيل اخلاقه
                      وكم حري بنا ان ننهج هذا المنهج وان نسير خلف ال محمد في سلوكياتنا وان نحترم روابطنا و علاقاتنا مع احبابنا ومع اعدائنا في اي حال كنا ...
                      ....ماهي قراراتنا في الرضا والغضب ؟ هل هي تغاير تعاليم الإسلام وأهل الإسلام ؟ وما هي مبتنيات اختيارنا هل هو المزايا الخلقيه ؟ فليكن [ الحسين ] أسوتنا في صوابية الاختيار ؟ وان يكون اساس الاختيار هو العلم والاخلاق وليكن منهجنا هو مراعاة قراراتنا في ساعة الغضب وهيجان النفس في الحب او البغض .. وان نترك الانا ان كنا مؤمنين ..



                      اللهم صل على محمد وال محمد


                      عظم الله لكم الاجر واحسن لكم العزاء باستشهاد الثقة والانموذج وهو مسلم بن عقيل (عليه السلام )

                      وردكم راقي وواعي جدا اخي الفاضل المتواصل (حسن هادي اللامي )

                      واخذتم ابرز واهم العناوين في حياة هذا السفير الارقى وكيف اننا يجب ان نطبق تلك الصفات

                      كل بحسبه طبعا في حياتنا ومع امام زماننا (عليه السلام )

                      فتلك الطاعة التي لاتُحد بحد ...ولا تنحصر بمكان او ظرف او بمصلحة او جاه

                      بل تستمر بكل تفاصيل الزمان والمكان

                      وهذا ماميز اصحاب الحسين (عليه السلام )ليفوزوا بالحصول على هذا الوسام الارقى من الله

                      بان اقترن ذكرهم مع ذكرة واسمهم مع اسمه الطاهر



                      إستوقفتني هذه القصة كثيرا وهي قصة واقعية حصلت مع أحد كبار العلماء الشيعة

                      هناك حديث للإمام أبي عبدالله الحسين (عليه السلام) يقول فيه هذه الكلمة بحق أصحابه :

                      " ما رأيت أصحاباً أبرّ وأوفى من أصحابي "


                      أحد كبار علماء الشيعة كان جالساً يحدث نفسه وكان يشكك أن يكون هذاالحديث منسوباإ للإمام الحسين

                      وكان يستدل على عدم تصديقه لذلك النص بقوله :إني كلما فكرت في نفسي توصلت إلى أن أصحاب الإمام الحسين

                      لم يقوموا بعمل خارق للعادة . بل إن العدو هو الذي أظهر خسة ووضاعة إلى أقصى حد ...

                      فالإمام الحسين هو سبط النبي الأكرم (صلوات ربي عليه) وريحانته


                      لذا فمن الطبيعي أن ينصر الإمام الحسين أي مسلم عادي يراه في هذا الوضع .

                      فأولئك الذين نصروه لم يظهروا شجاعة فائقة أو خارقة للعادة . بل الذين لم ينصروه كانوا سيئين جداً .


                      ويتابع العالم الكبيرحديثه فيقول :

                      يبدو أن الله سبحانه وتعالى أراد أن ينقذني من هذا الضلال ومن هذه الجهالة والغفلة التي وقعت فيها .


                      فرأيت في عالم الرؤيا وكأني حاضر في واقعة الطف، فأعلنت للإمام الحسين عن إستعدادي لنصرته

                      إذ ذهبت إليه وسلمت عليه وقلت له : يا ابن رسول الله أتيتك ملبياً نداؤك لأكون من أنصارك .


                      فقال الإمام الحسين إذاً إنتظر امرنا ...

                      ثم حان وقت الصلاة فقال : نحن نريد إقامة الصلاة فقف أنت هنا حتى تحول دون وصول

                      سهام العدو إلينا حتى نتم الصلاة .


                      فقلت سأفعل ذلك يا ابن رسول الله ..

                      فشرع بالصلاة ووقفت أمامه وبعد هنيهة رأيت سهماً ينطلق نحوي بسرعة

                      فلما اقترب طأطأت رأسي دون إرادتي فإذا بالسهم يصيب الإمام الحسين

                      فقلت والحديث ما زال في عالم الرؤيا :أستغفر الله وأتوب إليه ، ما أقبح ما فعلت

                      لن أسمح بتكرار هذا الأمر بعد هذا


                      " أي وصول سهم آخر إلى الإمام "

                      وبعد هنيهة أخرى ، أتى سهم آخر فحدث مني ما حدث في المرة الأولى

                      وتكرر الحال مرة ثالثة ورابعة والسهام تصيب ابا عبداله وأنا لا أمنعها من الوصول إليه .


                      والتفت فإذا بي أرى الإمام ينظر إلي مبتسماً ثم قال لي :

                      " ما رأيت أصحاباً أبر من أصحابي"

                      إن أصحابي كانوا أهل عمل وتطبيق ولم يكونوا أهل قول مجرد من العمل .


                      شاكرة تواصلك الراقي اخي......










                      تعليق

                      المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                      حفظ-تلقائي
                      Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
                      x
                      يعمل...
                      X