قصة توبة الصحابي ثعلبة بن عبد الرحمن:
--------------
السؤال:
ما مدى صحة قصة توبة الصحابي ثعلبة بن عبد الرحمن ؟
الجواب:
هذه القصة رواها أهل السنة, وقام علماؤهم باتهام الحديث أنه موضوع – يعني مكذوب-, وبينوا نقاطًا عديدة في ضعف رجال السند, ونقاطًا في ضعف المتن. وقالوا لا يوجد ذكر لهذه الشخصية إلا في هذا الحديث, وكذلك لا يوجد ذكر لشخصية اسمها (دفافة).
وفي هذه القصة دور لعمر بن الخطاب, فجاء شخص أراد ترويج الحديث بين صفوف الشيعة فأخفى دور عمر بن الخطاب في القصة, وأجرى بعض التعديلات ونشرها ليتم قبولها بين الشيعة.
وإليك نص القصة الأصلي مع رأي ابن الجوزي فيها:
قال ابن الجوزي: ((باب توبة ثعلبة بن عبد الرحمن
أنبأنا المحمدان ابن ناصر وابن عبد الباقي قالا أنبأنا حمد بن أحمد أنبأنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصفهاني حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد المفيد حدثنا موسى بن هارون ومحمد بن الليث الجوهري قالا حدثنا سليم بن منصور بن عمار حدثنا أبي عن المنكدر بن محمد بن المنكدر عن أبيه عن جابر بن عبد الله " أن فتى من الأنصار يقال له ثعلبة بن عبد الرحمن أسلم وكان يخدم النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم، وأن رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم بعثه في حاجة فمر بباب رجل من الأنصار فرأى امرأة الأنصاري تغتسل فكرر إليها النظر وخاف أن ينزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم ، فخرج هاربًا على وجهه ، فأتى جبالا بين مكة والمدنية فولجها، ففقده رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين يومًا وهي الأيام التي قالوا ودّعه ربه وقلى، وأنّ جبريل نزل على رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم فقال : يا محمد إن ربك يقرئك السلام, ويقول إن الهارب من أمتك بين هذه الجبال يتعوذ بي من ناري، فقال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم : يا عمر ويا سلمان انطلقا فأتياني بثعلبة بن عبد الرحمن فخرجا في - أبعاد - [ أنقاب ] المدينة فلقيهما راع من رعاة المدينة يقال له دفافة ، فقال له عمر : يا دفافة هل لك على بشاب بين هذه الجبال، فقال له دفافة: لعلك تريد الهارب من جهنم ، فقال عمر: وما علمك أنه هارب من جهنم، قال : لأنه إذا كان في جوف الليل خرج علينا من هذه الجبال واضعًا يده على أم رأسه وهو يقول: ليتك قبضت روحي في الأرواح وجسدي في الأجساد ولم تجردني لفصل القضاء.
قال: فغدا عليه عمر فاحتضنه، فقال : الأمان الأمان، الخلاص من النار، فقال له عمر: أنا عمر بن الخطاب ، فقال: يا عمر هل علم رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم؟ قال: لا علم لي إلا أنه ذكرك بالأمس فبكى رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم فأرسلني أنا وسلمان في طلبك، فقال : يا عمر لا تدخلني عليه إلا وهو يصلى أو بلال يقول : قد قامت الصلاة، قال : أفعل ، فأقبلوا به إلى المدينة فوافقوا رسول الله صلى الله علية [وآله] وسلم وهو في صلاة الغداة، فبدر عمر وسلمان الصف، فما سمع قراءة رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم حتى خر مغشيا عليه، فلما سلم رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم قال : يا عمر ويا سلمان ما فعل ثعلبة بن عبد الرحمن ؟ قالا : هاهو ذا يا رسول الله ، قال : أفلا أدلك على أنه يمحو الذنوب والخطايا ، قال : بلى يا رسول الله ، قال قل : اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ، قال : ذنبي أعظم يا رسول الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم: بل كلام الله أعظم ، ثم أمره رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم بالانصراف إلى منزله، فمرض ثمانية أيام، فجاء سلمان إلى رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم فقال: يا رسول الله هل لك في ثعلبة فإنه لما به .
فقال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم : قوموا بنا إليه، فلما دخل عليه أخذ رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم رأسه فوضعه في حجره، فأزال رأسه عن حجر رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم : فقال له رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم : لم أزلت رأسك عن حجري؟ فقال : إنه من الذنوب ملآن ، قال : ما تجد ؟ قال : أجد مثل دبيب النمل بين جلدي وعظمي، قال : فما تشتهى ؟ قال : مغفرة ربى ، قال : فنزل جبريل على رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم فقال : إن ربك يقرأ عليك السلام يقول : لو أن عبدي هذا لقيني بقراب الأرض خطيئة لقيته بقرابها مغفرة ، فقال له رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم : أفلا أعلمه ذلك ؟ قال : بلى ، فأعلمه رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم ذلك ، فصاح صيحة فمات ، فأمر رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم بغسله وكفنه وصلى عليه ، فجعل رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم يمشي على أطراف أنامله ، فقالوا : يا رسول الله رأيناك تمشى على أطراف أناملك ، قال : والذي بعثني بالحق ما قدرت أن أضع رجلي على الأرض من كثرة أجنحة لتشييعه من الملائكة " .
هذا حديث موضوع شديد البرودة، ولقد فضح نفسه من وضعه بقوله: وذلك حين نزل عليه ( ما ودعك ربك وما قلى ) وهذا إنما أنزل عليه بمكة بلا خلاف، وليس في الصحابة من اسمه دفافة ، وقد اجتمع في إسناده جماعة ضعفاء منهم المنكدر، قال يحيى : ليس بشئ ، وقال ابن حبان : كان يأتي بالشئ توهمًا فبطل الاحتجاج بأخباره . ومنهم سليم بن منصور فإنهم قد تكلموا فيه ، ومنهم أبو بكر المفيد، قال البرقاني : ليس بحجة ، قال وسمعت عليه الموطأ ، فقال لي أبو بكر بن أبي سعد : أخلف الله نفقتك ، فأخذت عوضه بياضا . وقد روى هذا الحديث أبو عبد الرحمن السلمي عن جده إسماعيل بن نجيد عن أبي عبد الله محمد بن إبراهيم العبدي عن سليم ، و - هآولا - [ هؤلاء ] لا تقوم بهم حجة)) انتهى.
المصدر: الموضوعات ج 3 - ص 121 - 124
والحمد لله رب العالمين
10/ جمادى الأولى / 1436 هـ
--------------
السؤال:
ما مدى صحة قصة توبة الصحابي ثعلبة بن عبد الرحمن ؟
الجواب:
هذه القصة رواها أهل السنة, وقام علماؤهم باتهام الحديث أنه موضوع – يعني مكذوب-, وبينوا نقاطًا عديدة في ضعف رجال السند, ونقاطًا في ضعف المتن. وقالوا لا يوجد ذكر لهذه الشخصية إلا في هذا الحديث, وكذلك لا يوجد ذكر لشخصية اسمها (دفافة).
وفي هذه القصة دور لعمر بن الخطاب, فجاء شخص أراد ترويج الحديث بين صفوف الشيعة فأخفى دور عمر بن الخطاب في القصة, وأجرى بعض التعديلات ونشرها ليتم قبولها بين الشيعة.
وإليك نص القصة الأصلي مع رأي ابن الجوزي فيها:
قال ابن الجوزي: ((باب توبة ثعلبة بن عبد الرحمن
أنبأنا المحمدان ابن ناصر وابن عبد الباقي قالا أنبأنا حمد بن أحمد أنبأنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصفهاني حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد المفيد حدثنا موسى بن هارون ومحمد بن الليث الجوهري قالا حدثنا سليم بن منصور بن عمار حدثنا أبي عن المنكدر بن محمد بن المنكدر عن أبيه عن جابر بن عبد الله " أن فتى من الأنصار يقال له ثعلبة بن عبد الرحمن أسلم وكان يخدم النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم، وأن رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم بعثه في حاجة فمر بباب رجل من الأنصار فرأى امرأة الأنصاري تغتسل فكرر إليها النظر وخاف أن ينزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم ، فخرج هاربًا على وجهه ، فأتى جبالا بين مكة والمدنية فولجها، ففقده رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين يومًا وهي الأيام التي قالوا ودّعه ربه وقلى، وأنّ جبريل نزل على رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم فقال : يا محمد إن ربك يقرئك السلام, ويقول إن الهارب من أمتك بين هذه الجبال يتعوذ بي من ناري، فقال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم : يا عمر ويا سلمان انطلقا فأتياني بثعلبة بن عبد الرحمن فخرجا في - أبعاد - [ أنقاب ] المدينة فلقيهما راع من رعاة المدينة يقال له دفافة ، فقال له عمر : يا دفافة هل لك على بشاب بين هذه الجبال، فقال له دفافة: لعلك تريد الهارب من جهنم ، فقال عمر: وما علمك أنه هارب من جهنم، قال : لأنه إذا كان في جوف الليل خرج علينا من هذه الجبال واضعًا يده على أم رأسه وهو يقول: ليتك قبضت روحي في الأرواح وجسدي في الأجساد ولم تجردني لفصل القضاء.
قال: فغدا عليه عمر فاحتضنه، فقال : الأمان الأمان، الخلاص من النار، فقال له عمر: أنا عمر بن الخطاب ، فقال: يا عمر هل علم رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم؟ قال: لا علم لي إلا أنه ذكرك بالأمس فبكى رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم فأرسلني أنا وسلمان في طلبك، فقال : يا عمر لا تدخلني عليه إلا وهو يصلى أو بلال يقول : قد قامت الصلاة، قال : أفعل ، فأقبلوا به إلى المدينة فوافقوا رسول الله صلى الله علية [وآله] وسلم وهو في صلاة الغداة، فبدر عمر وسلمان الصف، فما سمع قراءة رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم حتى خر مغشيا عليه، فلما سلم رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم قال : يا عمر ويا سلمان ما فعل ثعلبة بن عبد الرحمن ؟ قالا : هاهو ذا يا رسول الله ، قال : أفلا أدلك على أنه يمحو الذنوب والخطايا ، قال : بلى يا رسول الله ، قال قل : اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ، قال : ذنبي أعظم يا رسول الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم: بل كلام الله أعظم ، ثم أمره رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم بالانصراف إلى منزله، فمرض ثمانية أيام، فجاء سلمان إلى رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم فقال: يا رسول الله هل لك في ثعلبة فإنه لما به .
فقال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم : قوموا بنا إليه، فلما دخل عليه أخذ رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم رأسه فوضعه في حجره، فأزال رأسه عن حجر رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم : فقال له رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم : لم أزلت رأسك عن حجري؟ فقال : إنه من الذنوب ملآن ، قال : ما تجد ؟ قال : أجد مثل دبيب النمل بين جلدي وعظمي، قال : فما تشتهى ؟ قال : مغفرة ربى ، قال : فنزل جبريل على رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم فقال : إن ربك يقرأ عليك السلام يقول : لو أن عبدي هذا لقيني بقراب الأرض خطيئة لقيته بقرابها مغفرة ، فقال له رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم : أفلا أعلمه ذلك ؟ قال : بلى ، فأعلمه رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم ذلك ، فصاح صيحة فمات ، فأمر رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم بغسله وكفنه وصلى عليه ، فجعل رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم يمشي على أطراف أنامله ، فقالوا : يا رسول الله رأيناك تمشى على أطراف أناملك ، قال : والذي بعثني بالحق ما قدرت أن أضع رجلي على الأرض من كثرة أجنحة لتشييعه من الملائكة " .
هذا حديث موضوع شديد البرودة، ولقد فضح نفسه من وضعه بقوله: وذلك حين نزل عليه ( ما ودعك ربك وما قلى ) وهذا إنما أنزل عليه بمكة بلا خلاف، وليس في الصحابة من اسمه دفافة ، وقد اجتمع في إسناده جماعة ضعفاء منهم المنكدر، قال يحيى : ليس بشئ ، وقال ابن حبان : كان يأتي بالشئ توهمًا فبطل الاحتجاج بأخباره . ومنهم سليم بن منصور فإنهم قد تكلموا فيه ، ومنهم أبو بكر المفيد، قال البرقاني : ليس بحجة ، قال وسمعت عليه الموطأ ، فقال لي أبو بكر بن أبي سعد : أخلف الله نفقتك ، فأخذت عوضه بياضا . وقد روى هذا الحديث أبو عبد الرحمن السلمي عن جده إسماعيل بن نجيد عن أبي عبد الله محمد بن إبراهيم العبدي عن سليم ، و - هآولا - [ هؤلاء ] لا تقوم بهم حجة)) انتهى.
المصدر: الموضوعات ج 3 - ص 121 - 124
والحمد لله رب العالمين
10/ جمادى الأولى / 1436 هـ
تعليق