المشاركة الأصلية بواسطة maleka
مشاهدة المشاركة
أما الرجال فقد ذبحوا على يد العصبة الأموية ! ؟
وإذا لم يتورع آل أمية من إراقة دم الحسين سبط رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، هكذا ، وفي وضح النهار ، وهو من هو ! فمن سوف يأمن بغيهم وسطوتهم ! ؟
إن الإمام السجاد عليه السلام ، وهو الوارث الشرعي لدماء كل المقتولين ، الشهداء الذين ذبحوا في كربلاء ، وهو الشاهد الوحيد على كل ما جرى في تلك الواقعة الرهيبة ، لا بد أن عين الرقابة تلاحقه ، وتتربص به ، وتنظر إلى تصرفاته بريبة واتهام .
والناس - على عادتهم في الابتعاد والتخوف من مواضع التهمة ، ومواقع الخطر - قد تركوا علي بن الحسين ، وابتعدوا عنه ، حتى من كان يعلن الحب لأهل البيت عليهم السلام قبل كربلاء ، لم يكد يفصح عن وده بعد كربلاء . وقد عبر الإمام السجاد عليه السلام عن ذلك بقوله : ( ما بمكة والمدينة عشرون رجلا يحبنا ) وإذا كان عدد الملتزمين بالولاء الصادق لأهل البيت ، في عاصمة الإسلام قليلا إلى هذا الحد ،
فكيف بالبلدان القاصية عن مركز وجود أهل البيت عليهم السلام ؟ !
وقد رجع الإمام السجاد عليه السلام حاملا معه أعباءا ثقالا :
فأعباء كربلاء ، بمآسيها ، وذكرياتها ، وأتعابها ، وجروحها ، والأثقل من كل ذلك ( أهدافها ) ونتائجها ، فقد هبط المدينة وهو الوحيد الباقي من رجال تلك المعركة ، فعليه أداء رسالتها العظيمة . وأعباء العائلة المهضومة ، المكثورة ، ما بين ثكالى وأرامل وأيتام ، ودموع لا بد أن يكفكفها ، وعواطف مخدوشة ، وقلوب صغيرة مروعة ، وعيون موحشة ، وجروح وأمراض وآلام ، تحتاج إلى مداراة ومداواة والتيام !
ولا بد أن يسترجع القوى ! وأعباء الإمامة ، تلك المسؤولية الإلهية ، والتاريخية الملقاة على عاتقه ، والتي لا بد أن ينهض بها ، فيلملم كوادرها ويردم الصدمات العنيفة التي هز كيانها ، ويرأب الصدع الذي أصاب بناء نظام الإمامة الشامخ ، الذي يمثل الخط الصحيح للإسلام .
ولقد حمل الإمام السجاد عليه السلام ، في وحدته ، كل هذه الأعباء ، وبفضل حكمته وتدبيره خرج من عهدتها بأفضل الأشكال . ففي السنين الأولى : وقبل كل هذه المهمات الهائلة الثقال ، وبعدها : كانت ملاحقة الدولة ، أهم ما كان على الإمام السجاد عليه السلام أن يوقفها عند حد ، حتى يتمكن من أداء واجب تلك الأعباء
تعليق