من سلسلة تائهات في الطريق
وزّعت المدرسة علينا أوراق الامتحان وكانت النتيجة أنني نجحتُ في الدرس الذي كان صعباً، تباينت درجات
النجاح والفشل لدى الطالبات إذ كانت الناجحات تملأهنّ مشاعر السرور والابتهاج، وكانت تعلو وجوههنّ
الابتسامات والضحكات، وفي عيونهنّ تبرق ومضات الفرح الحقيقي..
أمّا أنا فكانت فرحتي يشوبها نوع من الحزن وتُخالط ابتساماتي قطرات دموعي التي تُوشك أن تُولد، ويختلج
بداخلي خجل أقامه رغماً عني ضميري، أمسكتُ بورقتي التي كانت ترتجف بين يديّ، إنه نجاح غير متوقع،
فالدرس صعب مستصعب، ويقف دماغي أمامه عاجزاً عن الفهم، مشلول القوى.. رَمَقَتْ نظراتي ورقتي وتقدمتْ
خطواتي مترددةً وهي تحدو خجلي لتقدّمه بوجل إلى مدرّستي، فتلجلج لساني وأنا مطرقة الرأس لا أعرف ماذا
أقول.. انعكستْ حيرتي في عيون المدرّسة فأدركتْ بأن هناك خطباً ما فقالت لي: ما بكِ يا حنين؟ لم أعهدك
هكذا من قبل، ألستِ فرحة بنجاحك؟ لقد حققتِ درجة عالية.. فأجبتُها بصوتٍ بدّد صفاءه نشيج بكائي: أنا آسفة
لقد تعمدتُ أن أغشّ في الامتحان وأنا لا أستحق هذه الدرجة؛ لأنني تذكرتُ قول رسول الله صلى الله عليه وآله: "مَن غَشَّنا فليس منّا"..
توقعتُ أن تستشيط غضباً وأن تفعل بي ما أستحق وأن تجعلني عِبرة لمن لا يعتبر، ولكنها جابهتني بهدوء الأم
الرؤوم، وتساءلت: لماذا؟ أجبتها ببساطة: لأن المادة مستعصية على فهمي ولهذا استخدمتُ الغشّ للنجاح. وفجأة
طلبتْ من الطالبات أن يتجمعنّ في الصف بسرعة، خفق قلبي بشدة لقد أتت الساعة التي لا بدّ منها سوف تُشهّر
بي أمام الطالبات، فطار قلبي من ضلوعي وشُلَّ لساني واختفى لون الدم من وجهي وارتجفت أطرافي وأصبحت
الأخماس تضرب الأسداس في رأسي إلى أن قطع صوت المدرسة ما يجول في داخلي وهي تتحدث معنا: من
الآن وصاعداً سأدخلكنّ في دورة التقوية للمادة التي أدرس فيها وأريد منكنّ المثابرة وبذل الجهد والاجتهاد،
وبالنسبة لامتحان اليوم فسوف أُعيده عليكنّ بعد إكمال دورة التقوية.. والتفتت إليّ وهمست قائلة: أعجبتني
شجاعتكِ في الاعتراف وأعجبني أكثر أنكِ لم تقبلي أن تأخذي درجة لا تستحقينها واحتراماً مني لكِ ولصراحتكِ
سأعيد الامتحان لكي تستطيعي أن تعوضي ما فاتكِ، بوركتِ يا ابنتي.
وزّعت المدرسة علينا أوراق الامتحان وكانت النتيجة أنني نجحتُ في الدرس الذي كان صعباً، تباينت درجات
النجاح والفشل لدى الطالبات إذ كانت الناجحات تملأهنّ مشاعر السرور والابتهاج، وكانت تعلو وجوههنّ
الابتسامات والضحكات، وفي عيونهنّ تبرق ومضات الفرح الحقيقي..
أمّا أنا فكانت فرحتي يشوبها نوع من الحزن وتُخالط ابتساماتي قطرات دموعي التي تُوشك أن تُولد، ويختلج
بداخلي خجل أقامه رغماً عني ضميري، أمسكتُ بورقتي التي كانت ترتجف بين يديّ، إنه نجاح غير متوقع،
فالدرس صعب مستصعب، ويقف دماغي أمامه عاجزاً عن الفهم، مشلول القوى.. رَمَقَتْ نظراتي ورقتي وتقدمتْ
خطواتي مترددةً وهي تحدو خجلي لتقدّمه بوجل إلى مدرّستي، فتلجلج لساني وأنا مطرقة الرأس لا أعرف ماذا
أقول.. انعكستْ حيرتي في عيون المدرّسة فأدركتْ بأن هناك خطباً ما فقالت لي: ما بكِ يا حنين؟ لم أعهدك
هكذا من قبل، ألستِ فرحة بنجاحك؟ لقد حققتِ درجة عالية.. فأجبتُها بصوتٍ بدّد صفاءه نشيج بكائي: أنا آسفة
لقد تعمدتُ أن أغشّ في الامتحان وأنا لا أستحق هذه الدرجة؛ لأنني تذكرتُ قول رسول الله صلى الله عليه وآله: "مَن غَشَّنا فليس منّا"..
توقعتُ أن تستشيط غضباً وأن تفعل بي ما أستحق وأن تجعلني عِبرة لمن لا يعتبر، ولكنها جابهتني بهدوء الأم
الرؤوم، وتساءلت: لماذا؟ أجبتها ببساطة: لأن المادة مستعصية على فهمي ولهذا استخدمتُ الغشّ للنجاح. وفجأة
طلبتْ من الطالبات أن يتجمعنّ في الصف بسرعة، خفق قلبي بشدة لقد أتت الساعة التي لا بدّ منها سوف تُشهّر
بي أمام الطالبات، فطار قلبي من ضلوعي وشُلَّ لساني واختفى لون الدم من وجهي وارتجفت أطرافي وأصبحت
الأخماس تضرب الأسداس في رأسي إلى أن قطع صوت المدرسة ما يجول في داخلي وهي تتحدث معنا: من
الآن وصاعداً سأدخلكنّ في دورة التقوية للمادة التي أدرس فيها وأريد منكنّ المثابرة وبذل الجهد والاجتهاد،
وبالنسبة لامتحان اليوم فسوف أُعيده عليكنّ بعد إكمال دورة التقوية.. والتفتت إليّ وهمست قائلة: أعجبتني
شجاعتكِ في الاعتراف وأعجبني أكثر أنكِ لم تقبلي أن تأخذي درجة لا تستحقينها واحتراماً مني لكِ ولصراحتكِ
سأعيد الامتحان لكي تستطيعي أن تعوضي ما فاتكِ، بوركتِ يا ابنتي.
تعليق