اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين وعجل فرجهم يا كريم
اسمحوا لي اقحامي لنفسي بالرد على هذا الموضوع الهام الذي تم تناوله في البحث والمناقشة
واعتذر عن كل ما سيرد ويسبب أي إزعاج في مداخلتي الذي سأطرحها هنا
واسمحوا لي أيضا أن استبدل لفظة مدرس بمعلم على اعتبار أن المدرس "المعلم" مهما يكن إنسان ولن يكتفي بطرح مادة علمية أو تدريس منهج ومن ثم استرجاعه من الطلاب بأي طريقة من طرق التقييم فقط
بإسلوب مجرد من أي قيم حياتية دون أن يعمقها وجدانيا ومعنويا أو يربطها بواقع الحياة ودون أن يتفاعل مع طلابه إنسانيا و يشعرهم بجانب تفاعله معهم كأخ أو أب أو أم أو مربي
وإن جئنا للتعليم كمهنة فهمي مهنة تختلف عن كل المهن الأخرى لأن المعلم يتعامل مع الكثير من أصناف البشر المختلفي الطباع و الأمزجة والنفسيات والمشاعر والقدرات في وقت واحد وتتغير هذه الأصناف في فترات متلاحقة وهو في ذات الوقت إنسان له نفسية وقدرة وطاقة محددة
فالشخص الذي يقوم بهذه المهنة ويؤديها بحقوقها كاملة حتما هو انسان غير عادي بل مختلف ومميز ويمتلك قدرة من الصبر والتحمل ما يعجز عنه أي موظف في أي قطاع آخر أو حتى في قطاع التعليم ولكنه لا يدرس
بالإضافة إلى ذلك يفترض أن يكون المعلم يمتلك هدف ورسالة ورؤية يرغب في أن يحققها ومع امتلاك خبرة يكون قد اكتسب مرونة وقدرة على تحقيقها بسهولة وبراعة في التعامل مع الطلاب
وأيضا المدرس شخص يفترض أنه هو من اختار لنفسه هذه الوظيفة طواعية وامتهنها ليس لأجل طلب الرزق والحصول على راتب نهاية كل شهر فقط وليس لأنها الخيار الوحيد لديه بل اختارها ليكون معلما عارفا بخطورة وظيفته في تخريج أجيال للمجتمع هذه الأجيال هي ركيزة الوطن وبانية حاضرة ومستقبله
الكثير من المعلمين في كثير من الدول العربية وليس في العراق فقط يعانون من ضغوطات تصل إلى حد القهر أحيانا
إن لم نقل الظلم وضياع الحقوق والاستسلام لهذه الضغوط كان من أهم الأسباب التي أثرت في مستوى التعليم في الكثير من تلك الدول
... ولكن
ماذا عن الهدف والرسالة التي يجب أن تحقق على يد صاحب هذه الرسالة والهدف ؟
هل تعطل لمجرد تعرض هذا المعلم لضغط أو لتأثره بهذا الضغط ؟
وما ذنب الطلاب في ذلك ؟ فهو جرب طعم الضغط والقهر وربما الظلم حتى فهل سيجعل طلابه يجربونه معه أيضا وعلى يديه؟
مع العلم أن المعلم مدرك أنه موجود لأجل تعليم هؤلاء الطلاب ولو على أقل تقدير لنقل لتدريسهم ويستلم رابت لأجل ذلك
وحتى على مستوى ايصال المعلومة المدرس أو المعلم يفترض أنه موجود ليعلم أو يدرس منهج ويفترض أن ينهيه حسب خطة دراسية ورادة أو هو أنشاءها هو بنفسه فمن الأمانة ولو على مستوى الوظيفية أن يتحقق من ايصال المعلومة الأساسية على الأقل لجميع الطلاب ويختبر مدى وصول هذه المعلومة لهم
وإن وجد طلاب متأخرين أو لم تصلهم المعلومة لابد أن يقف ليبحث عن السبب أو الأسباب بهدف ايجاد حل أو حلول قبل أن يحاسب أو يعاتب أو يلوم هؤلاء المتأخرين عن بقية زملائهم
فلربما السبب أو جزء منه يكون المعلم نفسه ليس كمعلومة في الغالب وإنما الاسلوب المستخدم في نقل المعلومة من جعبة المعلم إلى عقل طلابه وتقبلهم لها أو تفاعلهم معها ...
فمن الظلم أن نلقي على الطلاب اللوم في الاخفاق دائما -إلا إذا وجدت مشكلة حقيقية لدى الطالب في ذلك -
ولعل المعلومة تكون سهلة وبسيطة للغاية ولكن ماذا يوجد في عقل الطالب يا ترى حين تلقيها ؟ وكيف هي نفسيته ؟ وما هي ظروفه التي يعيشها؟ وما مدى تقبله لهذا المعلم ؟
فمدى تقبل الطالب للمعلم و نوعية الأفكار التي صورها الطالب للمعلم في مخيلته لها دور كبير ليس في اقباله على المقرر فقط بل حتى على طريقة فهم واستيعاب المقرر وسرعة حفظه
وماذا عن احتواء المعلم لهؤلاء الطلاب ؟ ومدى تقبله هو نفسه لهم ؟ ومدى قدرته على التعامل مع اسئلتهم وإن تكررت ؟ وتكيفه مع شخصياتهم؟
الكثير من المعلمين ينتظرون الوزارة أو من تحتها كي يقوم بحل مشاكلهم أو بتطوير مهاراتهم أو حتى تساعدهم في زيادة نموهم المهني ولكن إن كانت الوزارة سلحفاة أو غير مبالية لماذا يقبل المعلم على نفسه الانتظار في طابور التأخر لم لا يسعى هو بنفسه لتطوير ذاته على الأقل مهنيا
و سبل التعلم والتطور بالنسبة للتعليم وأساليبه واستراتيجياته وحتى فنون التعامل مع الطلاب متاحة ومتوفرة على امتداد الشبكة سواء في مواقع وشبكات عامة أو من خلال مواقع متخصصة
هذا إن لم تتوفر مراكز تدريب متخصصة في هذا المجال
وبصدق حين نتحدث عن معلم موظف يستلم راتب آخر الشهر سيختلف الحديث عنه حين يكون المعلم إنسان يحمل هدف ويسعى لتحقيق رسالة
فمصيبتنا العظمى في التعليم بشكل عام هي غلبة الأنا على الكثير من المعلمين وهذه أهم مشكلة لابد أن يتغلب عليها المعلم كي يكون معلم حقيقيا يستحق حمل هذا اللقب وخصوصا وأن الرسالة التي يؤديها وهي رسالة أشبه ما تكون برسالة الأنبياء وفي ذات الوقت هو عنصر مؤثر في الآخرين وقد ينقل عدوى الأنا حتى للطلاب وليس للزملاء فقط
فلابد حين يقوم بمهمة التعليم أن يفصل بين كونه معلم عليه واجبات وكونه موظف له حقوق
وهذا الأمر يتطلب أن ينصهر مع هدفه وينكر ذاته كي يحقق هذا الهدف وهو تخريج أجيال تبني لا تهدم أجيال تخلو من أمراض النفس لا أجيال تنشر فيروسات في المجتمع وتخرب بدلا من أن تعمر..
أجيال تقدس العلم والتعليم وتحترم هذا المعلم الإنسان الذي علمها فكان بحق معلم ومخرج لأجيال بانية للوطن متعددة المهن انطلقت كلها من بين يدي شخص اسمه معلم
بنى فيها الروح وشيد المعرفة و دعم القيم وثبت الأخلاق جنبا إلى جنب مع الأسرة أو حتى قوم ما عجزت عن تقويمه الأسرة
لا أقول أن المعلم يمتلك عصا سحرية يستطيع أن يحقق بها معجزات وقفزات تعليمية ولكن
سلامة الهدفة ورقيه وصدق النية مع الله في تحقيقه لهما أثرهما ومردودهما بلا شك
والله يوفقكم ويعطيكم ألف عافية
وتحية أجلال وتقدير كبيرة من القلب لكل معلم أو مدرس غرس في نفوس الأجيال
بذرة من عطاء ستنمو أو نمت و غذت المجتمع والوطن بثمار أو ظلال أو جمال
ودمتم بحفظ الله ورعايته وبألف خير
وعذرا بصدق ع الاطالة
تعليق