إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

سؤال وجواب ( تجميعي ومتجدد )

تقليص
هذا موضوع مثبت
X
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • سؤال

    : كيف نفسر اختصاص أمير المؤمنين «عليه السلام» ، بكرامة الولادة في الكعبة ، دون رسول الله «صلى الله عليه وآله»؟!


    إننا قبل كل شيء ، نحب التذكير بأن بين النبوة والإمامة ، والنبي والإمام ، فرقاً ، فيما يرتبط بترتيب الأحكام الظاهرية على من يؤمن بذلك وينكر ، ومن يتيقن ويشك ، ومن يحب ويبغض . .
    فأما بالنسبة للنبوة والنبي «صلى الله عليه وآله» ، فإن أدنى شك أو شبهة بها ، وكذلك أدنى ريب في الرسول «صلى الله عليه وآله» يوجب الكفر والخروج من الدين ، كما أن بغض الرسول «صلى الله عليه وآله» بأي مرتبة كان ، يخرج الإنسان من الإسلام واقعاً ، ويلحقه بالكفر ، وتترتب عليه أحكامه في مرحلة الظاهر ، فيحكم عليه بالنجاسة ، وبأنه لا يرث من المسلم ، وبأن زوجته تبين منه ، وتعتد ، وبغير ذلك . .
    وأما الإمامة والإمام «عليه السلام» ، فإن الحكمة ، والرحمة الإلهية ، وحب الله تعالى للناس ، ورفقه بهم ، قد اقتضى : أن لا تترتب الأحكام الظاهرية على من أنكر الإمامة ، أو شك فيها ، أو في الإمام «عليه السلام» ، أو قصر في حبه . . ولكن بشرطين . .
    أحدهما : أن يكون ذلك الإنكار ، أو الشك ، أو التقصير ناشئاً عن شبهة ، إذ مع اليقين بثبوت النص وفي دلالته ، يكون المنكر أو الشاك مكذباً لرسول الله «صلى الله عليه وآله» ، راداً على الله سبحانه ، ومن كان كذلك فهو كافر جزماً . .
    الثاني : أن لا يكون معلناً ببغض الإمام ، ناصباً العداء له ، لأن الناصب حكمه حكم الكافر أيضاً . .
    النبي (صلى الله عليه وآله) لا يقتل أحداً ؛ لماذا؟
    وبعدما تقدم نقول :
    لا ريب في أن قيام الإسلام وحفظه يحتاج إلى جهاد وتضحيات ، وأن في الجهاد قتلاً ويتماً ، ومصائب ومصاعب ، ولم يكن يمكن لرسول الله «صلى الله عليه وآله» أن يتولى بنفسه كسر شوكة الشرك ، وقتل فراعنته وصناديده . . لأن ذلك يوجب أن ينصب الحقد عليه ، وأن تمتلئ نفوس ذوي القتلى ومحبيهم ، ومن يرون أنفسهم في موقع المهزوم ، بغضاً له ، وحنقاً عليه . .
    وهذا يؤدي إلى حرمان هؤلاء من فرصة الفوز بالتشرف بالإسلام ، وسيؤثر ذلك على تمكّن بنيهم ، وسائر ذويهم ومحبيهم من ذلك أيضاً . . فقضت الرحمة الإلهية أن يتولى مناجزتهم من هو كنفس الرسول «صلى الله عليه وآله» ، الذي يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله ، ألا وهو أمير المؤمنين «عليه السلام" . .
    واقتضت هذه الرحمة أيضاً رفع بعض الأحكام الظاهرية ـ دون الواقعية ـ المرتبطة بحبه وبغضه ، وبأمر إمامته «عليه السلام» ، تسهيلاً من الله على الناس ، ورفقاً بهم ـ رفعها ـ عن منكر إمامته «عليه السلام» ، وعن المقصر في حبه ، ولكن بالشرطين المتقدمين وهما : وجود الشبهة وعدم نصب العداء له ، لأنه مع عدم الشبهة يكون من قبيل تعمد تكذيب الرسول «صلى الله عليه وآله» ، ومع نصب العداء يتحقق التمرد والرد على الله سبحانه ، كما قلنا . .
    معالجة قضايا الروح والنفس :
    ثم إن معالجة قضايا الحب والبغض ، والرضا والغضب ، والإنفعالات النفسية ، تحتاج إلى اتصال بالروح ، وبالوجدان ، وإلى إيقاظ الضمير ، وإثارة العاطفة ، بالإضافة إلى زيادة البصيرة في الدين ، وترسيخ اليقين بحقائقه . .
    وهذا بالذات هو ما يتراءى لنا في مفردات السياسة الإلهية ، في معالجة الأحقاد التي علم الله سبحانه أنها سوف تنشأ ، وقد نشأت بالفعل ، كنتيجة لجهاد الإمام علي «عليه السلام» ، في سبيل هذا الدين . .
    ونحن نعتقد : أن قضية ولادة الإمام علي «عليه السلام» في جوف الكعبة ، واحدة من مفردات هذه السياسة الربانية ، الحكيمة ، والرائعة . .
    ولادة علي عليه السلام في الكعبة صنع الله :
    ويمكن توضيح ذلك بأن نقول :
    إن ولادته «عليه السلام» ، في الكعبة المشرفة ، أمر صنعه الله تعالى له ، لأنه يريد أن تكون هذه الولادة رحمة للأمة ، وسبباً من أسباب هدايتها . . وهي ليست أمراً صنعه الإمام علي «عليه السلام» لنفسه ، ولا هي مما سعى إليه الآخرون ، ليمكن اتهامهم بأنهم يدبرون لأمر قد لا يكون لهم الحق به ، أو اتهامهم بالسعي لتأييد مفهوم اعتقادي ، أو لواقع سياسي ، أو الانتصار لجهة أو لفريق بعينه ، في صراع ديني ، أو اجتماعي ، أو غيره . .
    ويلاحظ : أن الله تعالى قد شق جدار الكعبة لوالدته «عليه السلام» حين دخلت ، وحين خرجت ، بعد أن وضعته في جوف الكعبة الشريفة . .
    وقد جرى هذا الصنع الإلهي له «عليه السلام» حيث كان لايزال في طور الخلق والنشوء في هذا العالم الجديد . . ليدل دلالة واضحة على اصطفائه تعالى له ، وعنايته به . .
    وذلك من شأنه أن يجعل أمر الإهتداء إلى نور ولايته أيسر ، ويكون الإنسان في إمامته أبصر . .
    ويتأكد هذا الأمر بالنسبة لأولئك الذين سوف تترك لمسات ذباب سيفه «ذي الفقار» آثارها في أعناق المستكبرين والطغاة من إخوانهم ، وآبائهم ، وعشائرهم ، أو من لهم بهم صلة أو رابطة من أي نوع . .
    الرصيد الوجداني آثار وسمات :
    ثم إن هذا الرصيد الوجداني ، قد هيأه الله لهم ليختزنوه في قلوبهم وعقولهم من خلال النصوص القرآنية والنبوية التي تؤكد فضل علي «عليه السلام» وإمامته ، ثم جاء الواقع العملي ليعطيها المزيد من الرسوخ والتجذر في قلوبهم وعقولهم من خلال مشاهداتهم ، ووقوفهم على ما حباه الله به من ألطاف إلهية ، وإحساسهم بعمق وجدانهم بأنه وليد مبارك ، وبأنه من صفوة خلق الله ، ومن عباده المخلصين .
    وذلك سيجعلهم يدركون : أنه «عليه السلام» ، لا يريد بما بذله من جهد وجهاد في مسيرة الإسلام ، إلا رضا الله سبحانه ، وإلا حفظ مسيرة الحياة الإنسانية ، على حالة السلامة ، وفي خط الاعتدال . . لأنها مسيرة سيكون جميع الناس ـ بدون استثناء ـ عناصر فاعلة ومؤثرة فيها ، ومتأثرة بها . .
    وبذلك يصبح الذين يريدون الكون في موقع المخاصم له «عليه السلام» ، أو المؤلب عليه ، أمام صراع مع النفس ومع الوجدان ، والضمير ، وسيرون أنهم حين يحاربونه إنما يحاربون الله ورسوله . . ويسعون في هدم ما شيده للدين من أركان ، وما أقامه من أجل سعادتهم ، وسلامة حياتهم ، من بنيان . .
    ولادة علي عليه السلام في الكعبة لطف بالأمة :
    فولادة الإمام علي «عليه السلام» ، في الكعبة المشرفة ، لطف إلهي ، بالأمة بأسرها ، حتى بأولئك الذين وترهم الإسلام ، وهو سبيل هداية لهم ولها ، وسبب انضباط وجداني ، ومعدن خير وصلاح ، ينتج الإيمان ، والعمل الصالح ، ويكف من يستجيب لنداء الوجدان ، عن الإمعان في الطغيان ، والعدوان ، وعن الإنسياق وراء الأهواء ، والعواطف ، من دون تأمل وتدبر . .
    وغني عن البيان ، أن مقام الإمام علي «عليه السلام» وفضله ، أعظم وأجل من أن تكون ولادته «عليه السلام» ، في الكعبة سبباً أو منشأً لإعطاء المقام والشرف له . . بل الكعبة هي التي تعتز ، وتزيد قداستها ، وتتأكد حرمتها بولادته فيها صلوات الله وسلامه عليه . .
    وأما رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، فإن معجزته الظاهرة التي تهدي الناس إلى الله تعالى ، وإلى صفاته ، وإلى النبوة ، وتدلهم على النبي ، وتؤكد صدقه ، وتلزم الناس كلهم بالإيمان به ، وتأخذ بيدهم إلى التسليم باليوم الآخر ـ إن هذه المعجزة ـ هي هذا القرآن العظيم ، الذي يهدي إلى الرشد من أراده ، والذي لا بد أن يدخل هذه الحقائق إلى القلوب والعقول أولاً ، من باب الاستدلال ، والانجذاب الفطري إلى الحق بما هو حق . . من دون تأثر بالعاطفة ، وبعيداً عن احتمالات الإنبهار بأية مؤثرات أخرى مهما كانت . .
    إذ إن القضية هي قضية إيمان وكفر ، وحق وباطل ، لا بد لإدراكهما من الكون على حالة من الصفاء والنقاء ، وتفريغ القلب من أي داع آخر ، قد يكون سبباً في التساهل في رصد الحقيقة ، أو في التعامل مع وسائل الحصول عليها ، والوصول إليها . .
    فالله لا يريد أن تكون مظاهر الكرامة ، سبباً في إعاقة العقل عن دوره الأصيل في إدراك الحق ، وفي تحديد حدوده ، وتَلَمُّس دقائقه ، وحقائقه والتبيُّن لها إلى حد تصير معه أوضح من الشمس ، وأبين من الأمس . .
    ولذلك فإن الله تعالى لم يصنع لرسوله «صلى الله عليه وآله» ، ما يدعوهم إلى تقديسه كشخص ، ولا ربط الناس به قبل بعثته بما هو فرد بعينه ، لا بد لهم من الخضوع والبخوع له ، وتمجيد مقامه ، لأن هذا قد لا يكون هو الأسلوب الأمثل ، ولا الطريقة الفضلى ، في سياسية الهداية الإلهية إلى الأمور الإعتقادية ، التي هي أساس الدين ، والتي تحتاج إلى تفريغ النفس ، وإعطاء الدور ، كل الدور ، للدليل وللبرهان ، وللآيات والبينات ، وإلى أن يكون التعاطي مع الآيات والدلائل بسلامة تامة ، وبوعي كامل ، وتأمل عميق ، وملاحظة دقيقة . .
    وهذا هو ما نلاحظه في إثارات الآيات القرآنية لقضايا الإيمان الكبرى ، خصوصاً تلك التي نزلت في الفترة المكية للدعوة . فإنها إثارات جاءت بالغة الدقة ، رائعة في دلالاتها وبياناتها ، التي تضع العقل والفطرة أمام الأمر الواقع الذي لا يمكن القفز عنه ، إلا بتعطيل دورهما ، وإسقاط سلطانهما ، لمصلحة سلطان الهوى ، ونزوات الشهوات ، والغرائز . .
    وهذا الذي قلناه ، لا ينسحب ولا يشمل إظهار المعجزات والآيات الدالة على الرسولية ، وعلى النبوة ، فإنها آيات يستطيع العقل أن يتخذ منها وسائل وأدوات ترشده إلى الحق ، وتوصله إليه . . وتضع يده عليه . . وليست هي فوق العقل ، ولا هي من موجبات تعطيله ، أو إضعافه .
    [لا ننسى هنا أيضا ان نذكّر السائل أن ولادة الرسول صلى الله عليه و آله رافقتها الكثير من المعجزات و التي لا شك أنه يعرفها و قرأ عنها .]

    السيد جعفر مرتضى العاملي​
    المصدر: مركز الإشعاع الإسلامي


    تعليق



    • السؤال
      أبرز هذه الركائز التي سطرها امير المؤمنين (عليه السلام) في عهده الخالد الى واليه في مصر:



      الجواب
      - "اشعر قلبك الرحمة للرعية والمحبة لهم واللطف بهم": وفيها يصبح الحاكم قادرا على مداراة الرعية ومعرفة متطلبات الحكم القائم على نشر العدل والسلام والرفاهية بين الافراد، وان السلطة مجرد وسيلة لتحقيق الحكم الصالح من خلال الرحمة والمحبة واللطف التي يستشعرها الحاكم في قلبه ويجعل منها أسلوب للحكم.

      - "اعطهم من عفوك وصفحك مثل الذي تحب ان يعطيك الله من عفوه وصفحه": ومن خلالها يدرك الحاكم ان الحاجة الى العفو والمغفرة تشمل الطرفين، فكما يحتاجها المواطن يحتاجها الحاكم أيضا، ولا يتصور انه بمعزل عن الحاجة الى العفو والصفح، فهو يخطئ كما يخطأ الاخرون، وبالتالي التدريب على ثقافة العفو والتسامح تمكن الحاكم من الحكم بلا فوقية سلطوية اكراهية.

      - "لا تندمن على عفو ولا تبجحن بعقوبة": غاية في الإنسانية والرقي الأخلاقي ان تكون قادراً على العفو يقول تعالى "والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين" ال عمران (134)، خصوصا عند الاستطاعة والقدرة على الحاق الضرر بالأخرين، فمنطق العفو والتسامح اقوى من منطق العنف والقوة.

      - "أنصف الله وأنصف الناس من نفسك ومن خاصة اهلك ومن لك فيه هوى": العدل والانصاف من نفسك وخاصتك والمقربين منك، حتى يتحقق العدل والمساواة بين الجميع، ولا تنخر آفة الفساد والمحسوبية والمنسوبية جسد الدولة وتحولها الى نهب لكل الطامعين.

      - "وليكن أحب الأمور اليك اوسطها في الحق واعمها في العدل واجمعها لرضى الرعية": الوسطية تؤدي الى التوازن بين الأمور والمحافظة على الاعتدال والاستقامة في جميع الخيارات والخطوات التي تخطوها الدولة ومؤسساتها، وفي مقدمتها الحاكم.

      - "شر وزرائك من كان للأشرار وزيرا ومن شركهم في الآثام فلا يكونن لك بطانة": لأنه سيقودك الى الهلكة كما كان مصير غيرك، فهم من يصنع الدكتاتورية والاستبداد في نفوس الحكام، كما انهم غير قادرين على الاندماج في نظام سياسي جديد قائم على الديمقراطية والشورى بعد ان كانوا جزء من نظام سياسي متصلب ومستبد.

      - "ولا يكون المحسن والمسيء عندك بمنزلة سواء": وفيها ايجاز مهم لطبيعة التعاطي مع المخلصين من أبناء الشعب، إضافة الى أصحاب الكفاءات والخبرة وعدم مساواتهم بمن يسعون الى الهدم والإساءة، وعدم وضعهم بمرتبة واحدة، ففيه غبن للمخلصين وتعظيم من شأن المسيئين.

      - "وليكن نظرك في عمارة الأرض ابلغ من نظرك في استجلاب الخراج": وفيه ينصح الحاكم في التركيز على توفير الخدمات العامة والبنى التحتية للرعية حتى يستقيم الامر وتتحقق الرفاهية والسعادة والعيش الكريم للمجتمع، بدلاً من التركيز على تحصيل الأموال من المواطنين بمختلف الطرق وعدم الاستفادة منها في المنافع العامة، او استنزافها في أمور عبثية لا طائل منها كالحروب مثلاً.

      - "اياك والدماء وسفكها بغير حلها": وفيها يصبح الحاكم غير قادر على تعديل مسير حكمه إذا نهج طريق إراقة الدماء بغير وجه حق، خصوصا إذا تحول الحاكم الى دكتاتور يسجن ويعذب ويقتل على الشبه والظن، وبالتالي الدماء ستجلب المزيد من الدماء والدمار.
      *

      باحث في مركز الامام الشيرازي للدراسات والبحوث/2002–
      Ⓒ2023


      تعليق


      • السؤال

        من هي أم داوود صاحبة الدعاء المعروف في رجب ؟!!


        الجواب
        هي مرضعة الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، كان قد سُجِنَ ابنُها داوود أيام ثورة الحسنيين فسُجِنَ مع من سُجِنَ من الطالبيين ، فعلَّمها الإمام ( عليه السلام ) هذا الدُعاءَ لإخراجِ ابنِها من السجن ،

        وهذه قصتُها يرويها لنا الشيخُ الصدوق ( قدس سره ) في كتاب " فضائل الأشهر الثلاثة " ، قال بسنده عن إبراهيم بن عبيد الله بن العلاء : حدَّثتني فاطمةُ بنتُ عبد الله بن إبراهيم بن الحسين قالتْ: لما قتلَ أبو الدوانيق عبدَ الله بن الحسن بن الحسين بعد قتل ابنيه محمد وإبراهيم حمَلَ ابني داودَ بنَ الحسين من المدينة مكبَّلاً بالحديد مع بني عمِّهِ الحسنيين إلى العراق فغاب عني حينا وكان هناك مسجونا فانقطع خبرُهُ وأُعْمِي أثرُهُ وكنتُ أدعو الله وأتضرَّع إليه وأسأله خلاصه وأستعين بإخواني من الزُّهَاد والعُبَّاد وأهل الجد والاجتهاد وأسألهم أن يدعوا الله لي أن يجمع بيني وبين ولدي قبل موتي، فكانوا يفعلون ولا يقصرون في ذلك، وكان يَصِلُ إليَّ انه قد قُتِلَ ويقول قوم لا ، قد بني عليه أسطوانة مع بني عمه فتعظمُ مصيبتي ويشتدُّ حزني ولا أرى لدعائي إجابة ولا لمسألتي نجْحَا، فضاق بذلك ذرعي وكبر سني ورقَّ عظمي وصرت إلى حد الياس من ولدي لضعفي وانقضاء عمري قالت : ثم إني دخلت على بي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام وكان عليلا فلما سألتُهُ عن حاله ودعوتُ له وهممتُ بالانصراف قال لي : يا أم داود - ما الذي بلغك عن داود ؟ - وكنتُ قد أرضعتُ جعفرَ بن محمد بلبنه - فلما ذكره لي بكيتُ وقلتُ : جُعِلتُ فِداكَ أينَ داود ؟ داودُ مُحتَبَسٌ في العراق وقد انقطع عني خبره ويئست من الاجتماع معه وأني لشديدة الشوق إليه والتلهف عليه وأنا أسألك الدعاء له فإنه أخوك من الرضاعة قالت : فقال لي أبو عبد الله : يا أمَّ داود فأين أنت عن دعاء الاستفتاح والإجابة والنجاح ؟ وهو الدعاء الذي يفتح اللهُ عزَّ وجلَّ له أبواب السماء وتتلقى الملائكة وتبشر بالإجابة وهو الدعاء المستجاب الذي لا يحجب عن الله عز وجل ولا لصاحبه عند الله تبارك وتعالى ثواب دون الجنة قالتْ : قلتُ : وكيف لي يا بن الأطهار الصادقين ؟ قال يا أم داود : فقد دنى هذا الشهر الحرام - يريد عليه السلام شهر رجب -

        وهو شهرٌ مباركٌ عظيمُ الحُرْمَةِ مسموع الدعاء فيه فصومي منه ثلاثة أيام الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر وهي الأيام البيض، ثم اغتسلي في يوم النصف منه عند زوال الشمس وصلي الزوال ثمان ركعات ترسلين فيهن وتحسنين ركوعهن وسجودهن وقنوتهن تقرأين في الركعة الأولى بفاتحة الكتاب وقل يا أيها الكافرون وفي الثانية قل هو الله أحد، وفي الستِّ البواقي من السور القصار ما أحببت ثم تصلين الظهر ثم تركعين بعد الظهر ثمان ركعات تحسنين ركوعهن وسجودهن وقنوتهن، ولتكن صلاتك في أطهر أثوابك في بيتٍ نظيفٍ على حصيرٍ نظيفٍ، واستعملي الطيب فإنه تحبه الملائكة واجتهدي ان لا يدخل عليك أحد يكلمك أو يشغلك - الباقي ذكر في كتاب عمل السنة ما كتبت هاهنا من أراد أن يكتب فليكتب من عمل السنة - فإذا فرغت من الدعاء فاسجدي على الأرض وعفري خديك على الأرض وقولي : ( لك سجدت وبك آمنت فارحم ذلي وفاقتي وكبوتي لوجهي )

        وأجهدي أن تسيح عيناك ولو مقدار رأس الذباب دموعا فإنه آية إجابة هذا الدعاء حرقة القلب وانسكاب العبرة فاحفظي ما علمتك ثم احذري أن يخرج عن يديك إلى يد غيرك ممن يدعو به لغير حق فإنه دعاءٌ شريف وفيه اسمُ الله الأعظم الذي إذا دُعِيَ به أجاب وأعطى ولو أن السماوات والأرض كانتا رتقا والبحار بأجمعها من دونها وكان ذلك كله بينك وبين حاجتك يسهل الله عز وجل الوصول إلى ما تريدين وأعطاك طلبتك وقضى لك حاجتك وبلَّغك آمالَكِ ولكل من دعا بهذا الدعاء الإجابة من الله تعالى ذكرا كان أو أنثى، ولو أنَّ الجِنَّ والإنس أعداءٌ لولدك لكفاك الله مؤنتهم وأخرس عنك ألسنتهم وذلَّل لك رقابهم إنْ شاء الله. قالت أم داود : فكتب لي هذا الدعاء وانصرفتُ إلى منزلي ودخل شهر رجب فتوخيتُ الأيامَ وصمتُها ودعوتُ كما أمرني وصليتُ المغرب والعشاء الآخرة وأفطرت ثم صليت من الليل ما سنح لي مرتب في ليلي ورأيت في نومي كما صليت عليه من الملائكة والأنبياء والشهداء والابدال والعباد ورأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وآله فإذا هو يقول لي : يا بينة يا أم داود أبشري فكلُّ من تريْنَ أعوانك وإخوانك وشفعاؤك وكل من ترين يستغفرون لك ويبشرونك بنجح حاجتك فأبشري بمغفرة الله ورضوانه فجزيت خيرا عن نفسك وابشري بحفظ الله لولدك ورده عليك إنْ شاء الله .

        قالت أم داود : فانتبهت عن نومي فوالله ما مكثت بعد ذلك إلا مقدار مسافة الطريق من العراق للراكب المجد المسرع حتى قدِمَ عليَّ داود فقال يا أماه : إني لمحتَبَس بالعراق في أضيق المحابس وعليَّ ثقلُ الحديد وأنا في حال اليأس من الخلاص إذ نمتُ في ليلة النِّصف من رجبٍ فرأيتُ الدُّنيا قد خفضت لي حتى رأيتُكِ في حصيرٍ في صلاتِكِ وحولك رجال رؤوسهم في السماء وأرجلهم في الأرض عليهم ثيابٌ خضر يسبِّحُونَ من حولِك وقال قائلٌ جميلُ الوجهِ حلية النبي صلى الله عليه وآله نظيف الثوب طيب الريح حسن الكلام فقال : يا ابن العجوز الصالحة ابشر فقد أجاب الله عز وجل دعاء أمك! فانتبهتُ فإذا أنا برسول أبي الدوانيق فأدخلت عليه من الليل فأمر بفك حديدي والاحسان إلى وأمر لي بعشرة آلاف درهم وأنا أحمل على نجيب واستسعى بأشدّ السير فأسرعتُ حتى دخلتُ إلى المدينة قالت أم داود : فمضيتُ به إلى به أبي عبد الله عليه السلام فسلَّمَ عليه وحدَّثَهُ بحديثِهِ فقال له الصادق عليه السلام : ان أبا الدوانيق رأى في النوم علياً عليه السلام يقول له : أطلِق ولدي وإلا لألقيَنَّك في النار ورأى كأنَّ تحت قدميه النيران فاستيقظ وقد سقطَ في يده فأطلقك . [ فضائل الأشهر الثلاثة : 37]

        ودمتم سالمين
        ​من مركز الرصد العقائدي

        تعليق


        • السؤال

          هل السيّدة زينب عليها السّلام مفسّرة القرآن

          الجواب
          ذكر أهلُ السِّيَر أنّ العقيلة زينب عليها السّلام كان لها مجلس خاصّ لتفسير القرآن الكريم تحضره النساء، وليس هذا بمُستكثَر عليها، فقد نزل القرآن في بيتها، وأهلُ البيت أدرى بالذي فيه، وخليقٌ بامرأةٍ عاشت في ظِلال أصحاب الكساء وتأدّبت بآدابهم وتعلّمت من علومهم أن تحظى بهذه المنزلة السامية والمرتبة الرفيعة.

          ذكر السيّد نور الله الجزائري في كتاب "الخصائص الزينبيّة " أنّ السيّدة زينب عليها السّلام كان لها مجالس في بيتها في الكوفة أيّام خلافة أبيها أمير المؤمنين عليه السّلام، وكانت تفسّر القرآن للنساء. وفي بعض الأيّام كانت تفسّر "كهيعص " إذ دخل عليها أمير المؤمنين عليه السّلام فقال لها: يا قرّةَ عيني، سمعتكِ تفسّرين "كهيعص " للنساء، فقالت: نعم.

          فقال عليه السّلام: هذا رمز لمصيبة تُصيبكم عترة رسول الله صلّى الله عليه وآله. ثمّ شرح لها تلك المصائب، فبكت بكاءً عالياً9.
          الخصائص الزينبيّة للسيّد نور الدين الجزائري 68 و 69: تراجم أعلام النساء للأعلمي 170:2؛ "خاتون دوسرا " 143 و 144.

          تعليق


          • السؤال
            كم المدة التي سجن الامام الكاظم عليه السلام ؟

            الجواب



            السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
            لا يخفى عليكم أن مدة إمامة الإمام الكاظم (ع) كانت (35) سنة , عاصر فيها مجموعة من حكام الجور من بني العباس , آخرهم هارون الرشيد , الذي نقله في عدة سجون حتى أمر بدس السم اليه فقتله .
            ومدة سجنه (ع) غير معلومة بالدقة , فبعض المؤرخين من يقول أربع سنوات , والآخر يقول : سبع سنوات , وثالث يقول : أربعة عشر سنة .
            وعلى كل حال نحن نعلم أن الإمام (ع) قد قضى فترة ليست بقليلة في السجن حتى قتل مظلوماً محتسبا .
            ودمتم في رعاية الله
            مركز الابحاث العقائدية

            تعليق


            • السؤال

              ما ذاك الثوب الّذي أراه كلّ يوم في ذلك الموضع؟

              الجواب


              لمّا كان الإمام الكاظم عليه السلام في سجن الفضل بن الرّبيع، كان الرّشيد يراقب حال الإمام بنفسه، فأطلّ يوماً من أعلى القصر على السّجن، فرأى ثوباً مطروحاً في مكان لم يتغيّر عن موضعه، فقال للفضل: ما ذاك الثوب الّذي أراه كلّ يوم في ذلك الموضع؟ قال الفضل: ما ذاك بثوب، وإنّما هو موسى بن جعفر، له في كلّ يوم سجدة بعد طلوع الشّمس إلى وقت الزّوال. فقال هارون: أما إنّ هذا من رهبان بني هاشم، فقال له الفضل: ما لك قد ضيّقت عليه بالحبس؟ قال: هيهات، لا بدّ من ذلك. وكان الطّاغية يطلب بين الحين والآخر من الفضل أن يفتك بالإمام موسى بن جعفر، والفضل لم يجبه إلى ذلك، ولمّا طال بقاء الإمام في السّجن، قام في غلس اللّيل فجدّد طهوره، وصلّى لربّه أربع ركعات، وأخذ يناجي الله ويدعوه: يا سيّدي، نجّني من حبس هارون، وخلّصني من يده، يا مخلّص الشّجر من بين رمل وطين، ويا مخلّص النّار من بين الحديد والحجر، ويا مخلّص اللّبن من بين فرث ودم، ويا مخلّص الولد من بين مشيمة ورحم، ويا مخلّص الرّوح من بين الأحشاء والأمعاء، خلّصني من يدي هارون.

              *مجالس الأئمة المعصومين(ع)1 ، سلسلة مجالس العترة، نشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية​

              تعليق


              • السؤال

                سبب خروج الإمام الكاظم من المدينة إلى بغداد


                الجواب

                سبب خروج الإمام الكاظم من المدينة إلى بغداد



                الباحث: محمد حمزة الخفاجي

                إن وجود شخصية كشخصية الإمام الكاظم (عليه السَّلَام) تسبب قلقًا كبيراً على السلطة في الدولة العباسية، فهو إمام زمانه والحُجَّة عليهم، وإن أنكروا ذلك ظاهراً إلا أنهم يعلمون جيداً أنَّه الحجة الذي أمر الله بطاعته، فالملامح ظاهرة لا تخفى على الجميع؛ إذ السكينة والطمأنينة تلوح للناظر، فذلك راهب آل البيت (عليهم السَّلَام)، ولكن حبّ الجاه والسَّلطان أفسد حالهم فعمت قلوبهم، وصمت آذانهم، حتى صاروا يقتلون الحجج كما أنَّ اليهود قتلوا أنبياءهم طمعاً بالدنيا.
                لقد قام هارون (لعنه الله) بإخراج الإمام الكاظم (عليه السَّلَام) من المدينة إلى بغداد، وقد جعل عليه عيونًا يراقبونه ويراقبون شيعته؛ لأنَّه كان يراه المنافس الأول له على السلطان، ولذا بعث له من رجاله فنقلوه في الليل سرًّا خوفًا من انقلاب الناس عليه، فكم من ثورة أججت على تلك الحكومة الفاسدة، ولكن للأسف كل المحاولات لم تنتهِ بأهدافها إلى ما كانت تصبوا إليه من اسقاط الحكومة الفاسدة، ولذا كان هارون خائفًا من انقلاب الناس عليه وعلى حكومة بني العبَّاس .
                يروى: أنَّ السبب كان في إحضار الإمام موسى بن جعفر (عليه السَّلَام) إلى بغداد أنَّ هارون أراد أن يعقد الأمر لابنه محمد بن زبيدة، وكان له من البنين أربعة عشر ابنا فاختار منهم ثلاثة: محمد بن زبيدة، وجعله ولي عهده، وعبد الله المأمون، وجعل الأمر له بعد ابن زبيدة، والقاسم المؤتمن، وجعل الأمر له بعد المأمون، فأراد أن يحكم الأمر في ذلك، ويشهره شهرة يقف عليها الخاص والعام[1].
                ولمَّا عزم هارون (لعنه الله) على أمره صار يكيد للإمام (عليه السَّلَام) وينصب له حبائله كي يزجه في السجن، من أجل أن يطمأن قلبه، ويحفظ ملكه؛ لأنَّ وجود الإمام بين الناس يسبب له اضطرابات لا يكاد يسيطر عليها إلا بسجن الإمام أو قتله.
                روى إبراهيم بن أبي البلاد أنَّه: (كان يعقوب بن داود يخبرني قد قال بالإمامة فدخلت عليه بالمدينة في الليلة التي أخذ فيها موسى بن جعفر (عليهما السَّلَام)، في صبيحتها فقال لي: كنت عند الوزير السَّاعة يعنى يحيى بن خالد فحدثني أنَّه سمع الرشيد يقول عند قبر رسول الله (صلَّى الله عليه وآله)، كالمخاطب له: بأبي أنت وأمي يا رسول الله إنِّي أعتذر إليك من أمر قد عزمت عليه؛ فإنَّي أريد أن آخذ موسى بن جعفر فأحبسه؛ لأنِّي قد خشيت أن يلقى بين أمتك حربًا تسفك فيها دماؤهم، وأنا أحسب أنَّه سيأخذه غدًا فلمَّا كان من الغد أرسل إليه الفضل الرَّبيع، وهو قائم يصلّي في مقام رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) فأمر بالقبض عليه وحبسه)[2].
                هذا هو النفاق بعينه، فهؤلاء الشياطين يقتلون أبناءه ويستأذنونه بحبسهم وإيذائهم، وكان هارون (لعنه الله تعالى) يعلم جيداً مكانة أبناء فاطمة (عليهم السَّلَام) عند الله تعالى ورسوله (صلَّى الله تعالى عليه وآله)، فقد روي عن الفضل أنَّه قال لهارون: (أردت أن تعاقبه [يعني للإمام الكاظم (صلوات الله تعالى وسلامه عليه)] فخلعت عليه وأكرمته؟! فقال لي: يا فضل، إنَّك لمَّا مضيت لتجيئني به رأيت أقوامًا قد أحدقوا بداري بأيديهم حراب قد غرسوها في أصل الدار يقولون: إن آذى ابن رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) خسفنا به، وإن أحسن إليه انصرفنا عنه وتركناه، فتبعته (عليه السَّلَام) فقلت له: ما الذي قلت حتى كفيت أمر الرشيد؟ فقال: دعاء جدِّيّ عَلِيّ بن أبي طالب (عليه السَّلَام) كان إذا دعا به ما برز إلى عسكر إلا هزمه، ولا إلى فارس إلا قهره، وهو دعاء كفاية البلاء.
                قلت: وما هو؟ قال: قلت: اللهم بك أساور، وبك أحاول، وبك أجاور، وبك أصول، وبك أنتصر، وبك أموت، وبك أحيا، أسلمت نفسي إليك، وفوضت أمري إليك، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم . اللهمَّ إنَّك خلقتني ورزقتني وسترتني، وعن العباد بلطف ما خولتني وأغنيتني، وإذا هويت رددتني، وإذا عثرت قومتني، وإذا مرضت شفيتني، وإذا دعوت أجبتني، يا سيدي ارض عنِّي فقد أرضيتني)[3].
                وفي رواية أُخرى أنَّ هارون (لعنه الله تعالى) رأى في منامه رجلًا اسود قد سلَّ سيفه وقعد على صدره، وأمره بإطلاق سراح الإمام؛ فخاف هارون وأمر بإطلاق سراحه[4].
                وعلى رغم من تلك الحجج التي راها هارون إلا أنَّه رجع على ضلالته فقتل الإمام غيلة وهو في السجن فكان ذلك من أبشع ما اقترفه هذا الحاكم الجائر، ذلك أنَّه أراد أن يطفأ نور الولاية؛ ولكنَّ الله يأبى إلا أن يتمَّ نوره بالحجج الكرام.
                فنسأل الله تعالى التَّعجيل بظهور صاحب الزَّمان؛ ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملأت ظلماً وجورًا.

                الهوامش:
                [1] - ينظر: بحار الأنوار: 48/207.
                [2] - عيون أخبار الرِّضا (صلوات الله تعالى وسلامه عليه) الشيخ الصَّدوق: 1/73.
                [3] - مدينة المعاجز: 6 / 323.
                [4] - ينظر بحار الأنوار: 48 / 413.

                تعليق


                • السؤال

                  كانت هناك هجمتان بربريّتان لمحو آثار البقعة الطاهرة ( ائمة البقيع ).ماهي

                  الجواب


                  اليوم الثامن من شهر شوّال المعظّم ذكرى الجريمة النكراء، التي اقترفتها أيدي الطغمة الظالمة من أعداء ومبغضي أئمّة أهل البيت(عليهم السلام) ومحبّيهم، بهدم مشاهد وقبور أئمّة الهدى(عليهم السلام) في البقيع الغرقد وانتهاك حرمتها وقدسيّتها. ومقبرةُ البقيع الغرقد مثوى لعددٍ كبير من الصحابة وآل بيت النبيّ والمسلمين الآخرين، وفي طليعتهم الأئمّة الأربعة وهم: (الإمام الحسن بن علي الزكيّ، والإمام علي بن الحسين السجّاد، والإمام محمد بن علي الباقر، والإمام جعفر بن محمد الصادق -عليهم الصلاة والسلام-). ويذكر لنا التاريخ أنّه نتيجة الحقد الدفين الذي هو امتدادٌ لحقد أسلافهم من الطغاة والخوارج الجهلاء، كانت هناك هجمتان بربريّتان لمحو آثار هذه البقعة الطاهرة. الأولى: كانت عام (1220هـ / 1805م) وقد أعاد المسلمون بعد مجيء الدولة العثمانيّة بناءها على أحسن هيأةٍ من تبرّعاتهم، فبُنِيت القببُ والمساجد بشكلٍ فنيّ رائع، حيث عادت هذه القبور المقدّسة محطّ رحال المؤمنين. ويقول أحدُ الرحّالة الإنجليز حين وصف المدينة المنوّرة بعد تعميرها، بأنّها تُشبه إسطنبول أو أيّ مدينةٍ أخرى من المدن الجميلة في العالم، وكان هذا في عام (1877 - 1878م). الثانية: عام (1344هـ / 1925م) فقد عاودت تلك العصاباتُ هجومها مرّةً أخرى، فقاموا بتهديم المشاهد المقدّسة للأئمّة الأطهار(عليهم السلام) وأهل بيت رسول الله(صلّى الله عليه وآله)، بعد تعريضها للإهانة والتحقير بفتوىً من وعّاظهم، فأصبح البقيعُ ذلك المزارُ المهيب قاعاً صفصفاً لا تكاد تعرف بوجود قبرٍ فيه فضلاً عن أن تعرفَ صاحبَه. ويصف الرحّالةُ الغربيّ (ايلدون رتر) المدينةَ المنوّرة بعد الجريمة الثانية التي نفّذها الوهابيّون المجرمون عند استيلائهم على المدينة وقتلهم الآلاف من الأبرياء: "لقد هُدمت واختفت عن الأنظار القبابُ البيضاء التي كانت تدلّ على قبور آل البيت النبويّ.. وأصاب القبور الأُخَر نفسُ المصير فسُحقت وهُشّمت". ويبقى البقيعُ جرحاً لم ولن يندمل مهما مرّت اﻷزمنةُ وتعاقبت الدهور.. ويبقى شاهداً ماثلاً للعيان يروي ظلامة قادةٍ هداةٍ اختارتهم السماءُ ليُخرِجوا البشريّة من الظلمات إلى النور، فحاربتهم خفافيشُ الكهوف الظلاميّة وأبالسةُ بني آدم، فعمدت إليهم تشريداً وتقتيلاً ولمزاراتهم تهديماً، ولكنّنا على يقينٍ أنّ كلّ جرحٍ بعد جرح البقيع يأبى أن يُسكنه وينسى مرارةَ ألمه، مهما كان شديد الوطأة وهكذا هو الحال اليوم.


                  ​من شبكة الكفيل العالمية - بتصرف

                  تعليق


                  • هل تبحث عن كتب تتحدث عن حياة المعصومين (ع)؟
                    الجواب


                    كثيرةٌ هي الكتب التي تتحدَّثُ عن حياة المعصومين – عليهم السَّلام – ومنها القديمة ومنها الحديثة، ومنها ما يتحدَّثُ عن حياتهم كمجموعة، ومنها ما يتحدَّثُ عن حياتهم كأفراد، ومنها ما يكون في مناقبهم عامَّة، وأخرى ما يكون في معاجزهم خاصَّة، وفيها ما تناول أحاديثَهم وحكمهم وأقوالهم، وفيها ما فيه غير ذلك.



                    وهناك كتب متخصصة في وقائع معيَّنة من حياة المعصومين – عليهم السلام – كمعاركهم وحروبهم وحيواتهم كالسير النبويَّة، وككتب "الجمل -النّصرة لسيد العترة" و " مقاتل الحسين – عليه السلام" وغير ذلك.

                    وهناك كتبٌ تخصَّصت في مكاتيبهم – عليهم السَّلام - ومن الكتب ما سطرها مؤلّفوها للذود عن حياض الولاية والكفاح عن حريم الإمامة، فهي - على نحوٍ ما - تُعدُّ من كتب السيرة بهذا المقدار؛ لأنَّها تُسلّط الضوء على جانبٍ من حقوقهم التي كانت لهم في حياتهم ولزمتهم بعد استشهادهم.

                    كتبٌ في المعصومين بأقلام الآخرين

                    ومن هذه الكتب ما ألَّفه غيرُ علماء الشيعة، وهذه تكون قراتُها غير صحيحةٍ بالمرَّة لحياة المعصوم – عليه السَّلام – لأنها تفتقد الشرط الأهم للكتابة في حياة المعصوم – عليه السَّلام - ألا وهو النظرة لحياته من خلال منظار العصمة، فهي تكتب عنه إما بعنوان الصحابيّ كما في أمير المؤمنين والزهراء والسبطين – عليهم السلام، أو كونه من التَّابعين كما في الإمام زين العابدين – عليه السَّلام – أو صاحب مدرسةٍ ومذهبٍ فقهيٍّ في قبال المدارس والفقهاء الآخرين كما كُتِب عن حياة الإمام الصادق – عليه السلام -.

                    وما يُخيَّل للبعض أن بعض دراساتهم موضوعية فتلك قراءةٌ تاريخيَّة تعتمد على رؤية المؤلّف للأحداث وتحليله لها من خلال هذه الرؤية غير المُتحيزة، ولكنَّ غير المتحيز – لو أحسنَّا به الظنَّ مادام لا يأخذ عصمة المعصوم بنظر الاعتبار – فمن الممكن جداً أن يقع في خطأ التحليل.

                    نعم، هناك بعضٌ من كتبهم القديمة التي تُعدُّ مصادر تصلح للاحتجاج عليهم وإلزامهم بما في مضمونها، فيحسن مطالعتها من هذا الجانب لا أكثر.

                    أما كتب علمائنا فهي تكتب عن المعصوم من خلال كونه معصوما مستهدين بمصابيح تعاليمهم، مستنطقين بيانات أحاديثهم.

                    وهذا سردٌ للكتب التي تناولت حياة المعصومين عليهم السلام، على نحو المجموع، أو الأفراد، سيرةً، وأحاديث، وكتباً، ورسائل ومعاجز، وكراماتٍ، وأخلاقاً، وعقيدةً وردَّ شبهة، والنّصوص الدَّالَّة عليهم، وطبّهم، وأدعيتهم؛ ليكون النَّفع أعم والفائدة أتمّ.
                    قائمة الكتب

                    كتاب سليم بن قيس الهلالي، وهو من المؤلَّفات التاريخيَّة القديمة التي أصحرت بظلامة أهل البيت - عليهم السَّلام -

                    الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد للشيخ المفيد محمّد بن محمّد بن النعمان العكبري البغدادي.

                    الجمل و النصرة لسيد العترة في حرب البصرة، للشيخ المفيد أيضاً.

                    علام الورى بأعلام الهدى، للشيخ الفضل بن الحسن الطبرسي

                    مناقب آل أبي طالب - للشيخ أبي جعفر محمد بن علي بن شهرأشوب السروي المازندراني

                    موسوعة عوالم العلوم والمعارف والأحوال من الأيات والأخبار والأقوال ، ومستدركاتها.للشيخ عبدالله بن نور البحراني.

                    بحار الأنوار - خصوصاً المجلَّدات المتعلّقة بسيرة المعصومين - عليهم السّلام - للشيخ محمد باقر المجلسيّ.

                    إثبات الهداة بالنصوص و المعجزات -للشيخ محمد بن الحسن الحرّ العاملي.

                    مدينة المعاجز المؤلف: السيد هاشم البحرانيّ

                    السيرة النَّبوية برواية أئمَّة أهل البيت - عليهم السَّلام - للشيخ علي دعموش العامليّ.

                    السيرة النبوية برواية أهل البيت - عليهم السلام - للشيخ علي الكوراني العامليّ.

                    الصحيح من سيرة النبيّ الأعظم - صلى الله عليه وآله - للسيد جعفر مرتضى العامليّ

                    خاتم النبيين - صلى الله عليه وآله - الإدارة، الثقافة البيانية، المبادئ · المؤلف: السيد محمد سعيد الطباطبائي الحكيم

                    سيد المرسلين - صلى الله عليه وآله - دراسة تحليلية شاملة للشخصية والسيرة المحمدية، للشيخ جعفر السبحانيّ

                    في رحاب الرسول - صلى الله عليه وآله - للشيخ محمد حسن آل ياسين

                    سيرة المصطفى - صلى الله عليه وآله - "نظرة جديدة" للسيد هاشم معروف الحسينيّ

                    مكاتيب الرسول - صلى الله عليه وآله - للشيخ علي الأحمدي الميانجي

                    البشرى ببعثة البشير. للشيخ عبد الواحد المظفر

                    حياة المحرر الاعظم الرسول الاكرم محمد - صلى الله عليه وآله - للشيخ باقر شريف القرشى

                    الحق المبين في معرفة المعصومين للشيخ علي الكورانيّ من بحوث الشيخ الوحيد الخراسانيّ

                    أهل البيت -عليهم السلام- تنوع أدوار ووحدة هدف، للسيد محمد باقر الصدر

                    مكاتيب الأئمة - عليهم السلام - - للشيخ علي الأحمدي الميانجي

                    الصحيح من سيرة الإمام علي - عليه السلام - "المرتضى من سيرة المرتضى" للسيد جعفر مرتضى العاملي.

                    الإمام علي - عليه السلام - من المهد إلى اللحد، للسيد محمد كاظم القزويني

                    مناهج حكومة الإمام أمير المؤمنين -عليه السلام - للشيخ باقر شريف القرشي

                    عليٌّ - عليه السَّلام - إمام البررة، نظم السيد الخوئيّ، شرح السيد محمد مهدي الخرسان

                    الغدير في الكتاب والسُّنَّة للشيخ أحمد عبد الحسين الأمينيّ

                    المراجعات للسيد عبد الحسين شرف الدّين

                    موسوعة سيرة أهل البيت - عليهم السلام - الإمام علي بن أبي طالبٍ - عليهما السَّلام - للشيخ باقر شريف القرشي

                    صوت الإمام علي - عليه السلام - في نهج البلاغة للسيد حسن القبانجي

                    ولأي الأمور تُدفن سراً بضعة المصطفى ويُعفى ثراها، للسيد مرتضى الرضوي

                    مأساة الزهراء للسيد جعفر مرتضى العاملي

                    خلفيات كتاب "مأساة الزهراء" للسيد جعفر مرتضى العاملي

                    إشراقات فكرية في شرح الخطبة الفدكية للشيخ حبيب الهديبي

                    حياة الزهراء - عليها السلام - بعد أبيها الرسول - صلى الله عليه وآله - للشيخ فضل علي القزويني

                    سيرة الأئمة الاثني عشر - عليهم السلام - للسيد هاشم معروف الحسني

                    سيرة الأئمة الاثني عشر - عليهم السلام - للشيخ محمد حسن ال ياسين

                    قادتنا كيف نعرفهم؟ للسيد محمد هادي الحسيني الميلانيّ

                    صلح الإمام الحسن - عليه السلام - للشيخ راضي آل ياسين

                    حياة الإمام الحسن بن علي - عليهما السلام - للشيخ باقر شريف القرشي

                    سيرة الإمام الحسن - عليه السلام - في الحديث والتاريخ للسيد جعفر مرتضى العاملي

                    ثورة الإمام الحسن - عليه السلام - لسيد محمد الحسيني الشيرازي

                    الحسن بن علي - عليهما السلام - رجل الحرب والسَّلام - للسيد محمد علي الحلو

                    فاجعة الطف للسيد محمد سعيد الحكيم

                    سيد الشهداء - عليه السلام - للسيد عبد الحسين دستغيب

                    السياسة الحسينية للشيخ عبد العظيم الربيعي رحمه الله.

                    مقتل الإمامِ الحسين - عليه السلام - للسيد عبد الرزاق المقرَّم المقرم رحمه الله.

                    مع الركب الحسينيّ في ستة أجزاء لستة مؤلفين.

                    اتفاق الحسن وكربلاء الحسين - عليهما السلام - للشيخ عبد العزيز المصلي،

                    - الإمام الحسين - عليه السلام - وأصحابه للشيخ فضل علي القزويني.

                    رجوع الركب بعد الكرب للسيد محمد علي القاضي الطباطبائي.

                    السياسة الحسينية للشيخ محمد كاشف الغطاء

                    مقتل الإمام الحسين عليه السلام للسيد محمد تقي بحر العلوم

                    الثورة الحسينية جذورها ومعطياتها للسيد حسين بحر العلوم

                    نافذة على التاريخ في ربع قرن، للسيد محمد مهدي الخرسان، يتناول حياة الأئمة الثلاثة الأوائل

                    حياة الامام زين العابدين عليه السلام، للسيد عبد الرزاق المقرَّم

                    جهاد الإمام السجاد - عليه السلام - للسيد محمد رضا الجلالي

                    الإمام زين العابدين: صاحب الصحيفة الربانية وحامل الآلام المضيئة، للسيد هادي المدرسي

                    حياة الإمام زين العابدين ؛ دراسة وتحليل للشيخ باقر شريف القرشي

                    شرح رسالة الحقوق، للسيد حسن القبانجيّ

                    الإمام محمد الباقر - عليه السلام- قدوة و أسوة، للسيد تقي المدرسي

                    حياة الإمام محمّد الباقر عليه السلام دراسة وتحليل، للشيخ باقر شريف القرشي

                    الإمام محمد بن علي خامس الوصيين و باقر علم النبيين عليه السلام، يوسف فخر الدين

                    معالم مشعّة من حياة الإمام الباقر عليه السلام، للدكتور حسين إبراهيم الحاج حسن

                    الإمام الصادق - عليه السلام - والمذاهب الأربعة، للشيخ أسد حيدر

                    الإمام الصادق - عليه السلام - من المهد إلى اللحد للسيد محمد كاظم القزويني

                    الأخلاق عند الإمام الصادق - عليه السلام - للشيخ محمد أمين زين الدين

                    الإمام جعفر بن محمد الصادق - عليهما السلام - للشيخ محمد الحسين المظفر

                    في رحاب الإمام الصادق - عليه السلام - للشيخ فوزي آل سيف

                    موسوعة الإمام الكاظم - عليه السلام - للسيد محمد الحسينيّ القزوينيّ

                    القول المعتبر في مولد الإمام موسى بن جعفر - عليهما السلام - ، للسيد محمد باقر موحد الأبطحي

                    الإمام موسى الكاظم - عليه السلام - وعيٌّ و تربيةٌ ونضال، للسيد مهدي الحسيني

                    فرحة الأعاظم بمولد الكاظم -عليه السلام - للشيخ أمين حبيب آل درويش

                    حياة الامام موسى بن جعفر - عليهما السلام- دراسة وتحليل، للشيخ باقر شريف القرشي

                    موسوعة الإمام الرضا - عليه السلام - للسيد محمد الحسيني القزويني

                    الرّضا -عليه السلام - والمأمون و ولاية العهد، للسيد حسن الأمين

                    الإمام علي الرضا وولاية العهد، اسحق شاكر العيشى

                    حياة الإمام الرضا - عليه السلام - للشيخ باقر شريف القرشي

                    الحياة السياسية للإمام الرضا - عليه السلام - للسيد جعفر مرتضى العاملي

                    الإمام الجواد - عليه السلام - من المهد إلى اللحد للسيد محمد كاظم القزويني

                    موسوعة الإمام الجواد - عليه السلام - بإشراف الشيخ إبي القاسم الخزعلي

                    حياة الإمام الجواد - عليه السلام - دراسةٌ وتحليل، للشيخ باقر شريف القرشي

                    الإمام الجواد - عليه السلام - سيرةٌ وتاريخ، للسيد عدنان الحسينيّ

                    الإمام الجواد - عليه السلام - الإمامة المبكرة وتداعيات الصراع العباسي للسيد محمد علي الحلو

                    في رحاب الإمامين الجواد والهادي - عليهما السلام - للشيخ فوزي آل سيف

                    حياة الإمام الهادي - عليه السلام - دراسة وتحليل للشيخ باقر شريف القرشي

                    الإمام الهادي - عليه السلام - من المهد إلى اللحد للسيد محمد كاظم القزويني

                    حياة الإمام الهادي - عليه السلام - للشيخ محمد جواد طبسي

                    الإمام علي الهادي - عليه السلام - سيرة وتاريخ،علي موسى الكعبي

                    الحياة السياسية للإمامين العسكريين - عليهما السلام - للشيخ محمد السند

                    الإمام العسكري - عليه السلام - من المهد إلى اللحد للسيد محمد كاظم القزويني

                    موسوعة الإمام العسكري - عليه السّلام - بإشراف الشيخ أبي القاسم الخزعلي

                    حياة الإمام العسكري - عليه السلام - للشيخ محمد جواد الطبسي

                    حياة الإمام العسكري - عليه السلام - للشيخ باقر شريف القرشي

                    إلزام النَّاصب في إثبات الحجة الغائب للشيخ علي اليزدي الحائري

                    منتخب الأثر في الإمام الثاني عشر للشيخ لطف الله الصافي الكلبيكاني

                    من هو المهدي - عليه السلام -؟ للشيخ أبي طالب التجليل التبريزي

                    ولادة الإمام المهدي - عليه السلام - للشيخ بشير النَّجفي

                    الامام المهدي (عليه السلام) بين التواتر وحساب الاحتمال. للشيخ محمد باقر الايرواني

                    عمر الإمام المهدي - عليه السلام - للسيد علي السبزواري

                    بحث حول المهدي - عليه السلام - للسيد محمد باقر الصدر

                    الغيبة والانتظار للسيد محمد علي الحلو

                    تعليق




                    • كان الرسول الأكرم يعرف من هم المنافقون فلماذا لم يشخصهم على الملأ؟


                      الجواب


                      كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في تلك الظروف العصيبة التي أحاطتْ بالإسلام حريصاً جداً على مصلحة الإسلام وتأليف الناس إليه وعدم إبداء أي منفر ينفرهم عنْ قبول الإسلام والدخول فيه، والناس كانوا قريبي عهد بالجاهلية والعصبية القبلية ما زالتْ متجذرةً فيهم بأعماقهم، لذا كان يقدم الأهم على المهم في هذا الموضوع، فالأهم هو الحفاظ على الإسلام وزيادة عدد الداخلين فيه، والمهم هو كشف المنافقين وفضحهم، ولنأخذْ مثالين في هذا الموضوع حتى تتضح الصورة أكثر:

                      (1) صلاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على رأس المنافقين عبد الله بن أبي سلول:

                      روى البخاري في صحيحه: عن ابن عمر رضي الله عنهما أن عبد الله بن أبي سلول لما توفي جاء ابنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أعطني قميصك أكفنه فيه وصل عليه واستغفرْ له فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم قميصه فقال: آذني أصلي عليه فآذنه فلما أراد أنْ يصلي عليه جذبه عمر رضي الله عنه فقال: أليس الله نهاك أنْ تصلي على المنافقين؟ فقال: أنا بين خيرتين قال الله تعالى: استغفرْ لهم أو لا تستغفر لهم إنْ تستغفرْ لهم سبعين مرةً فلنْ يغفر الله لهم فصلى عليه. انتهى [صحيح البخاري 2: 76].

                      فلماذا فعل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هذا الفعل حتى اندفع عمر بن الخطاب يصده عن ذلك [والنبي صلى الله عليه وآله أعرف بما يفعله فهو الرسول المسدد من الله]؟!! نترك القسطلاني في "إرشاد الساري" يجيبنا على هذا السؤال.. قال في كتاب اللباس: (إنما فعل ذلك -أي صلاته صلى الله عليه وآله على أبن أبي- على ظاهر الإسلام واستئلافاً لقومه، مع أنه لمْ يقعْ نهي صريح، وروي أنه أسلم ألف رجل من الخزرج). [إرشاد الساري 8: 423].

                      وينقل ابن حجر في "فتح الباري" عن النبي (صلى الله عليه وآله) قوله في الحادثة نفسها: (وما يغني عنه قميص من الله وإني لأرجو أنْ يسلم بذلك ألف منْ قومه). انتهى [فتح الباري 8: 254].

                      (2) سكوته (صلى الله عليه وآله) عن المنافقين الذين أرادوا اغتياله:

                      ذكر ابن كثير في "السيرة النبوية": عنْ عروة بن الزبير قال: لما قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم منْ تبوك إلى المدينة هم جماعة من المنافقين بالفتك به وأنْ يطرحوه منْ رأس عقبة في الطريق، فأخبر بخبرهم، فأمر الناس بالمسير من الوادي وصعد هو العقبة، وسلكها معه أولئك النفر وقد تلثموا، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عمار بن ياسر وحذيفة بن اليمان أن يمشيا معه، عمار آخذ بزمام الناقة وحذيفة يسوقها.

                      فبينما همْ يسيرون إذْ سمعوا بالقوم قدْ غشوهمْ. فغضب رسول الله وأبصر حذيفة غضبه فرجع إليهم ومعه محجن فاستقبل وجوه رواحلهم بمحجنه، فلما رأوا حذيفة ظنوا أنْ قدْ أظهر على ما أضمروه من الأمر العظيم، فأسرعوا حتى خالطوا الناس.

                      وأقبل حذيفة حتى أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرهما فأسرعا حتى قطعوا العقبة ووقفوا ينتظرون الناس، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحذيفة: "هلْ عرفت هؤلاء القوم؟ "قال: ما عرفت إلا رواحلهمْ في ظلمة الليل حين غشيتهمْ. ثم قال: "علمتما ما كان من شأن هؤلاء الركب؟ "قالا: لا. فأخبرهما بما كانوا تمالوا عليه وسماهم لهما واستكتمهما ذلك.

                      فقالا: يا رسول الله أفلا تأمر بقتلهم؟ فقال: "أكره أنْ يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه".

                      وقدْ ذكر ابن إسحاق هذه القصة إلا أنه ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أعلم بأسمائهم حذيفة بن اليمان وحده. وهذا هو الأشبه والله أعلم. انتهى [السيرة النبوية 4: 34].

                      ونحو هذه القصة منْ جهة امتناع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن قتل المنافقين لئلا يقول الناس أن محمداً يقتل أصحابه، ذكرها البخاري في حق ابن أبي سلول الذي قال: لئنْ رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل. [صحيح البخاري 4: 160].

                      فكما ترى أن الدوافع التي منعت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) منْ قتل هؤلاء المنافقين وفضحهم على الملأ هو المحافظة على سمعة الإسلام وهو ما زال بعد غضاً طرياً، فتحمل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بقاءهم بين المسلمين وتحمل أذاهم حتى يجتاز الإسلام مرحلته التأسيسية الأولى ثم تبدأ بعد ذلك مرحلة التصفية، وهي المهمة التي قام بها من بعده أمير المؤمنين علي (عليه السلام) حين قلده (صلى الله عليه وآله وسلم) ذلك الوسام الرفيع جداً حين جعل محبته عنوان الإيمان وبغضه علامة النفاق [كما في صحيح مسلم]، فعرفت الأمة المؤمنين من المنافقين بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بهذه العلامة الفارقة وهي محبة علي (عليه السلام) وبغضه، وكفى بها علامةً ترشد الطالبين إلى مبتغاهمْ.
                      من قناة الائمة الاثنى عشر

                      تعليق

                      المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                      حفظ-تلقائي
                      Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
                      x
                      يعمل...
                      X