استفادة من الوقت خلال شهر رمضان:
1. تنظيم خطة مقدما :
تنقسم إدارة الوقت بين التخطيط والتطبيق , حيث أن التخطيط مهم لأن التطبيق وحدة غير كافي ،وأثناء التخطيط لشهر رمضان ، نحتاج أن نكون واضحين بشأن الأهداف (المقاصد) من شهر رمضان المبارك , و وفقا للقرآن نحن نعلم أن الصيام ركن من أركان الأسلام لزيادة التقوى وهو الشهر الذي أنزل في القرآن الكريم .
هذا يعني أنه يجب أن يكون الهدف العام من شهر رمضان هو زيادة التوجه لله و التقوى , و كل الأهداف يجب أن تكون من أجل تحقيق هاتين الغايتين .
2. حساب ساعات العبادة خلال اليوم :
من الناحية المثالية ، نحن جميعا نريد قضاء شهر رمضان ف أعمال العبادة والطاعة لله عز وجل ، ولكن معظمنا يكون لديه التزامات أخرى في حاجة إلى القيام بها , كما ان الحماس للعبادة يقل عند معظمنا في منتصف شهر رمضان ، ويهتم أغلبنا بالعمل والمسؤوليات الأسرية والراحة ، مما أدى إلى اهمال العبادة لله في هذا الشهر الكريم .
يمكن تجنب ذلك من خلال العمل تحديد وقت مخصص للعبادة ، ومن ثم تحديد الأهداف للحصول على هذا القدر من العبادة يوميا ,
صيغة بسيطة هي : 24 ساعة – (وقت النوم، وقت العمل، مسؤولية الأسرة) = وقت العبادة .
على سبيل المثال، إذا كنت بحاجة إلى ست ساعات من النوم يوميا ، والعمل في وظيفة ثماني ساعات كل يوم ، وقضاء ما لا يقل عن ساعة في مساعدة الأطفال في واجباتهم المدرسية ، إضافة الى وقت تناول السحور والإفطار ، و الراحة بعد تناول الطعام , فإنه يمكن للشخص العادي أن يخصص بين 4-6 ساعات يوميا للعبادة في رمضان .
كثير من الناس لديهم مسؤوليات أخرى مثل إعداد وجبات الطعام وزيارة الأقارب ,وبالتالي يمكن جعل الحد الأدنى للعبادة ثلاث ساعات يوميا , و إذا كنت تمضي 3 ساعات من العبادة في رمضان ولمدة 29 يوم فإنك تمضي 87 ساعة من العبادة في شهر واحد يمكن أن يحول حياتك ويزياد من التقوى بشكل كبير .
هذا يعني أنه يمكن جدولة ساعة واحدة من تلاوة القرآن الكريم ، و ساعة لدراسة الإسلام وساعة للدعاء والذكر .
3. تحديد مجموعة واضحة من الأهداف :
الآن بعد أن عرفت الأهداف العامة لرمضان وكم من الوقت المتاح لديك يوميا لتحقيق هذه الأهداف ، فإن الخطوة التالية هي تحديد الأهداف الذكية لتكريس لها الوقت .
مثلا إذا كنت جعلت هدفا من الأهداف دراسة بعض التفسير في رمضان هذا العام ، والمشكلة أن هذا الهدف غامض جدا , ولكن اذا اردت أكمل دراسة كتاب من 800 صفحة خلال شهر رمضان , و لأجل استكمال 800 صفحة في 29 يوما ، عليك قراءة ما يعادل 28 صفحة في اليوم , ومن السهل قراءة 28 صفحة يوميا
إذا تم كنت تكريس ساعة للقراءة يوميا .
4. تخصيص وقت لكل هدف :
والآن بعد تحديد أهدافك في شهر رمضان بوضوح وتحديد الوقت اللازم يوميا للعبادة , فإن الخطوة التالية هي تخصيص أوقات محددة يوميا لتحقيق كل هدف , على سبيل المثال : إذا كان لديك هدف قراءة 30 صفحة من التفسير فعليك تحديد ساعة يوميا لذلك ، ويمكن أن تكون كل مساء قبل التراويح ، أو تخصيص الوقت المناسب لك .
على نحو مماثل ، تخصيص أوقات محددة لكل شيء في اليوم , حيث يمكن تعيين وقت محدد من اليوم لقراءة القرآن الكريم (ربما قبل أو بعد الفجر )، مما يجعل الدعاء (قبل الإفطار)، عمل حلقة ذكر للأسرة (ربما بعد العصر أو بعد صلاة التراويح ) وأية أهداف أخرى تسعى لتحقيقها يجب تحديد لها الوقت المناسب لك .
قد تكون هناك أيام تكون غير قادر على التمسك بالنظام نظرا لأسباب خارجة عن إرادتك ، ولكن على الأقل من خلال وجود جدول زمني ، يجعلك تلتزم به خلال الأيام الأخرى حتى لو حدث خلل في بعض الأيام وحتى في مثل هذه الأيام ، اذا كنت تخصص ساعة لقراءة كتاب التفسير يمكنك قراءة على الاقل ربع ساعة او على حسب مقدرتك في هذا اليوم حتى تكون تركته بالمرة .
5. الاستفادة من الساعات الأولى من صباح اليوم :
اعتمادا على ما إذا كان شهر رمضان يصادف الصيف أو الشتاء في بلدك ، فإن هذا يشير إلى وقت قبل أو بعد السحور , ففي البلدان التي يكون عندها الصيف فإن السحور يكون في وقت مبكر جدا وكثير من الناس لا يمكنها أن تستيقظ في وقت مبكر , و في هذه الحالة ، فإننا نوصي بتخصيص ساعة بعد السحور للعبادة .
في البلدان التي يكون عندها وقت الشتاء ، فإن السحور يكون في وقت متأخر جدا لذلك الاستيقاظ قبل السحور بساعة يكون سهل , ففي هذه البلدان يوصى بالاستيقاظ قبل السحور بساعة (ساعة أو نصف على الأقل في وقت مبكر ) وتكريس ذلك الوقت للتهجد ، والدعاء وتلاوة القرآن .
السبب في التأكيد على فترة الصباح الباكر لأن هذا الوقت معروف بالبركة ، وأنه الوقت الذي لا نكون مشغولين فيه بأي التزامات من العمل أو الأسرة , مما يجعله أفضل وقت من اليوم للعبادة .
6. تحديد حلقة للأسرة :
إذا لم يكن هذا بالفعل واحد من عاداتك ، فإننا نوصي في البدء بتطبيقه هذا العام , حيث أن شهر رمضان هو الوقت المثالي لاجتماع الأسرة وتحفيز بعضها البعض على الطاعات والعبادات .
يمكن القيام بتلك الحلقة قبل الإفطار ، وقراءة فصل من كتاب إسلامي (أو الاستماع إلى محاضرة ) ثم مناقشة محتوياته , و إشراك كل فرد من أفراد الأسرة في المناقشة ، وهذا سوف يتم تدريب العقول الشابة في العائلة إلى التفكير والتأمل ، ومساعدتهم على النمو في ممارسة تفكير المسلمين , و هذه العادة من ينبغي أن تستمر حتى بعد رمضان .
7. تحديد وقت يوميا لقراءة القرآن :
شهر رمضان هو شهر القرآن ، لذلك يجب أن يكون هناك وقت مكرس يوميا لقراءة القرآن , في بعض المجتمعات تكون هناك عادة لتلاوة القرآن الكريم بشكل سريع جدا خلال شهر رمضان للحصول على أكثر عدد من الختمات , ولكن بدلا من القيام بذلك ، يمكن ختمة مرة واحدة والتركيز على القراءة بشكل صحيح ، ودراسة التفسير والتأمل في معانيه , وسيكون لذلك تأثير أطول أمدا على إيمان المرء والتقوى .
8. تجنب تعدد المهام :
أثبتت الدراسات الحديثة أن تعدد المهام يبطئ فعلا الإنتاجية ويؤدي الى عمل غير منظم , حيث أنه عندما يكون لديك مهام متعددة ، فإن أدمغتنا تكون غير قادرة على إعطاء أي مهمة الاهتمام الكامل ، ونتيجة لذلك ،فإننا في نهاية المطاف لا نكون قد أنجزنا شيء بإتفان .
خبراء إدارة الوقت يتفقون جميعا على أن التركيز على مهمة واحدة في وقت واحد يساعد على انجاز المهمة بشكل أسرع من تعدد المهام , فإذا كنت تتحدث إلى شخص ما ، عليك التوقف عن كل شيء تقومون به ، وإعطائه الاهتمام الكامل , و إذا كنت تكتب كتابا ، عليك التركيز على الكتاب فقط , و إذا كنت تستعد لعقد اجتماع ، عليك التركيز على ذلك وحده ولا شيء غير ذلك .
هذه الطريقة يجب تطبيقها في شهر رمضان والتركيز على كل هدف واعطائه الوقت المناسب لذلك ، وتكريس الاهتمام اللازم به , مثلا لا تحاول قراءة القرآن أثناء تصفح الفيسبوك أو رعاية الأطفال في نفس الوقت , والأمر نفسه ينطبق على دراسة التفسير أو الدعاء فإنه عليك اختيار المكان والزمان والحالة التي ستكون عليها وإعطاء العبادة التركيز الغير مجزأ , و هذا هو السبب في أننا نوصي بأداء العبادات خلال ساعات الصباح الباكر حيث ان المرء يكون غير مشغول والعقل يكون أقل تشويش .
9. تقليل الإفراط في الأنشطة الاجتماعية :
هذا يشمل كل وسائل الاعلام الاجتماعية والتنشئة الاجتماعية المادية , حيث أن شهر رمضان هو شهر اعتكاف , حيث أن الإعتكاف يعتمد على أخذ استراحة من الحياة الاجتماعية حتى نتمكن من التركيز في علاقتنا مع الله , و حتى لو لم تكن قادر على الاعتكاف فإنه يمكنك الإستفادة من شهر رمضان عن طريق تقليل الأنشطة الاجتماعية وتكريس المزيد من الوقت للعبادة , حيث يمكن تقليل تسجيل الدخول إلى الفيسبوك وتويتر , والإعتذار عن التجمعات الغير ضرورية.
10. الحفاظ على صحتك :
لا يمكنك تحقيق أهدافك إذا كنت تشعر بالكسل، والضعف، أو الحرمان من النوم , حيث ان البعض يفعل الكثير خلال الأيام القليلة الأولى من شهر رمضان ، وينتهي به الأمر بأنه يفقد الطاقة التي يحتاجها للفترة المتبقية من شهر رمضان , لا تدع هذا يحدث لك هذا العام من خلال رعاية جسمك عن طريق الحصول على قسط كاف من النوم ، وتناول الطعام الصحي والبقاء رطب .
الشخص العادي يحتاج إلى ما بين 6-8 ساعات من النوم كل ليلة ، لذلك عليك التأكد من أنك تحصل عليها ، وتجنب الأطعمة السكرية والزيتية وتناول الأطعمة الصحية خلال السحور والإفطار , وشرب الكثير من الماء ليلا قبل النوم .
رمضان ربيع القرآن:
شهر رمضان المبارك هو ربيع القرآن، فعن أبي جعفر عليه السلام قال: «لكل شيء ربيع وربيع القرآن شهر رمضان».
ومن اللازم على الإنسان في هذا الشهر أن يجدد عهده بالقرآن العظيم، قراءة وفهما وتدبرا، وعملا ونشرا بين الناس ودعوة إليه.
وينبغي الاهتمام بعقد ندوات، ومؤتمرات وحلقات وهيئات حول القرآن الكريم، ومن أهم مصاديق الاهتمام بالقرآن هو السعي لنشره ثقافتاً وفكراً ومنهجاً بين الناس: المسلمين وغيرهم، فإن القرآن نزل لهداية المسلمين وغيرهم بنص القرآن نفسه حيث قال سبحانه: «إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم».
وقال تعالى: «شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس».
قراءة القرآن بتدبير:
ثم ينبغي للمؤمن أن يتلو كتاب الله وخاصة في شهر رمضان بتدبر، وأن يرتله ترتيلاً، وإذا مر بآية الجنان سألها الله عز وجل، وإذا مر بآية النيران إستعاذ بالله منها.
ففي الحديث: «كان أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم يقرأ احدهم القرآن في شهر أو اقل، إن القرآن لا يقرأ هذرمة ولكن يرتل ترتيلاً، فإذا مررت بآية فيها ذكر الجنة فقف عندها وسل الله الجنة، وإذا مررت بآية فيها ذكر النار فقف عندها وتعوذ بالله من النار».
قراءة سورتي العنكبوت والروم:
عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «من قرأ سورتي العنكبوت والروم في شهر رمضان في ليلة ثلاث وعشرين فهو والله يا أبا محمد من أهل الجنة، لا أستثني فيه أبداً ولا أخاف أن يكتب الله علي فيه إثماً، وإنَّ لهاتين السورتين من الله مكاناً».
كثرة الإستغفار والدعاء:
إنّ شهر رمضان هو شهر الدعاء والإستغفار وقيام الليل، فعن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: «عليكم في شهر رمضان بكثرة الإستغفار والدعاء، فأما الدعاء فيدفع به عنكم البلاء، وأما الإستغفار فتمحى به ذنوبكم».
وروي أنه كان على بن الحسين عليه السلام إذا كان شهر رمضان لم يتكلم إلا بالدعاء والتسبيح والإستغفار والتكبير.
تعليق