المشاركة الأصلية بواسطة ابو محمد الذهبي
مشاهدة المشاركة
استفادة من الوقت خلال شهر رمضان:
1. تنظيم خطة مقدما :
تنقسم إدارة الوقت بين التخطيط والتطبيق , حيث أن التخطيط مهم لأن التطبيق وحدة غير كافي ،وأثناء التخطيط لشهر رمضان ، نحتاج أن نكون واضحين بشأن الأهداف (المقاصد) من شهر رمضان المبارك , و وفقا للقرآن نحن نعلم أن الصيام ركن من أركان الأسلام لزيادة التقوى وهو الشهر الذي أنزل في القرآن الكريم .
هذا يعني أنه يجب أن يكون الهدف العام من شهر رمضان هو زيادة التوجه لله و التقوى , و كل الأهداف يجب أن تكون من أجل تحقيق هاتين الغايتين .
2. حساب ساعات العبادة خلال اليوم :
من الناحية المثالية ، نحن جميعا نريد قضاء شهر رمضان ف أعمال العبادة والطاعة لله عز وجل ، ولكن معظمنا يكون لديه التزامات أخرى في حاجة إلى القيام بها , كما ان الحماس للعبادة يقل عند معظمنا في منتصف شهر رمضان ، ويهتم أغلبنا بالعمل والمسؤوليات الأسرية والراحة ، مما أدى إلى اهمال العبادة لله في هذا الشهر الكريم .
يمكن تجنب ذلك من خلال العمل تحديد وقت مخصص للعبادة ، ومن ثم تحديد الأهداف للحصول على هذا القدر من العبادة يوميا ,
صيغة بسيطة هي : 24 ساعة – (وقت النوم، وقت العمل، مسؤولية الأسرة) = وقت العبادة .
على سبيل المثال، إذا كنت بحاجة إلى ست ساعات من النوم يوميا ، والعمل في وظيفة ثماني ساعات كل يوم ، وقضاء ما لا يقل عن ساعة في مساعدة الأطفال في واجباتهم المدرسية ، إضافة الى وقت تناول السحور والإفطار ، و الراحة بعد تناول الطعام , فإنه يمكن للشخص العادي أن يخصص بين 4-6 ساعات يوميا للعبادة في رمضان .
كثير من الناس لديهم مسؤوليات أخرى مثل إعداد وجبات الطعام وزيارة الأقارب ,وبالتالي يمكن جعل الحد الأدنى للعبادة ثلاث ساعات يوميا , و إذا كنت تمضي 3 ساعات من العبادة في رمضان ولمدة 29 يوم فإنك تمضي 87 ساعة من العبادة في شهر واحد يمكن أن يحول حياتك ويزياد من التقوى بشكل كبير .
هذا يعني أنه يمكن جدولة ساعة واحدة من تلاوة القرآن الكريم ، و ساعة لدراسة الإسلام وساعة للدعاء والذكر .
3. تحديد مجموعة واضحة من الأهداف :
الآن بعد أن عرفت الأهداف العامة لرمضان وكم من الوقت المتاح لديك يوميا لتحقيق هذه الأهداف ، فإن الخطوة التالية هي تحديد الأهداف الذكية لتكريس لها الوقت .
مثلا إذا كنت جعلت هدفا من الأهداف دراسة بعض التفسير في رمضان هذا العام ، والمشكلة أن هذا الهدف غامض جدا , ولكن اذا اردت أكمل دراسة كتاب من 800 صفحة خلال شهر رمضان , و لأجل استكمال 800 صفحة في 29 يوما ، عليك قراءة ما يعادل 28 صفحة في اليوم , ومن السهل قراءة 28 صفحة يوميا
إذا تم كنت تكريس ساعة للقراءة يوميا .
4. تخصيص وقت لكل هدف :
والآن بعد تحديد أهدافك في شهر رمضان بوضوح وتحديد الوقت اللازم يوميا للعبادة , فإن الخطوة التالية هي تخصيص أوقات محددة يوميا لتحقيق كل هدف , على سبيل المثال : إذا كان لديك هدف قراءة 30 صفحة من التفسير فعليك تحديد ساعة يوميا لذلك ، ويمكن أن تكون كل مساء قبل التراويح ، أو تخصيص الوقت المناسب لك .
على نحو مماثل ، تخصيص أوقات محددة لكل شيء في اليوم , حيث يمكن تعيين وقت محدد من اليوم لقراءة القرآن الكريم (ربما قبل أو بعد الفجر )، مما يجعل الدعاء (قبل الإفطار)، عمل حلقة ذكر للأسرة (ربما بعد العصر أو بعد صلاة التراويح ) وأية أهداف أخرى تسعى لتحقيقها يجب تحديد لها الوقت المناسب لك .
قد تكون هناك أيام تكون غير قادر على التمسك بالنظام نظرا لأسباب خارجة عن إرادتك ، ولكن على الأقل من خلال وجود جدول زمني ، يجعلك تلتزم به خلال الأيام الأخرى حتى لو حدث خلل في بعض الأيام وحتى في مثل هذه الأيام ، اذا كنت تخصص ساعة لقراءة كتاب التفسير يمكنك قراءة على الاقل ربع ساعة او على حسب مقدرتك في هذا اليوم حتى تكون تركته بالمرة .
5. الاستفادة من الساعات الأولى من صباح اليوم :
اعتمادا على ما إذا كان شهر رمضان يصادف الصيف أو الشتاء في بلدك ، فإن هذا يشير إلى وقت قبل أو بعد السحور , ففي البلدان التي يكون عندها الصيف فإن السحور يكون في وقت مبكر جدا وكثير من الناس لا يمكنها أن تستيقظ في وقت مبكر , و في هذه الحالة ، فإننا نوصي بتخصيص ساعة بعد السحور للعبادة .
في البلدان التي يكون عندها وقت الشتاء ، فإن السحور يكون في وقت متأخر جدا لذلك الاستيقاظ قبل السحور بساعة يكون سهل , ففي هذه البلدان يوصى بالاستيقاظ قبل السحور بساعة (ساعة أو نصف على الأقل في وقت مبكر ) وتكريس ذلك الوقت للتهجد ، والدعاء وتلاوة القرآن .
السبب في التأكيد على فترة الصباح الباكر لأن هذا الوقت معروف بالبركة ، وأنه الوقت الذي لا نكون مشغولين فيه بأي التزامات من العمل أو الأسرة , مما يجعله أفضل وقت من اليوم للعبادة .
6. تحديد حلقة للأسرة :
إذا لم يكن هذا بالفعل واحد من عاداتك ، فإننا نوصي في البدء بتطبيقه هذا العام , حيث أن شهر رمضان هو الوقت المثالي لاجتماع الأسرة وتحفيز بعضها البعض على الطاعات والعبادات .
يمكن القيام بتلك الحلقة قبل الإفطار ، وقراءة فصل من كتاب إسلامي (أو الاستماع إلى محاضرة ) ثم مناقشة محتوياته , و إشراك كل فرد من أفراد الأسرة في المناقشة ، وهذا سوف يتم تدريب العقول الشابة في العائلة إلى التفكير والتأمل ، ومساعدتهم على النمو في ممارسة تفكير المسلمين , و هذه العادة من ينبغي أن تستمر حتى بعد رمضان .
7. تحديد وقت يوميا لقراءة القرآن :
شهر رمضان هو شهر القرآن ، لذلك يجب أن يكون هناك وقت مكرس يوميا لقراءة القرآن , في بعض المجتمعات تكون هناك عادة لتلاوة القرآن الكريم بشكل سريع جدا خلال شهر رمضان للحصول على أكثر عدد من الختمات , ولكن بدلا من القيام بذلك ، يمكن ختمة مرة واحدة والتركيز على القراءة بشكل صحيح ، ودراسة التفسير والتأمل في معانيه , وسيكون لذلك تأثير أطول أمدا على إيمان المرء والتقوى .
8. تجنب تعدد المهام :
أثبتت الدراسات الحديثة أن تعدد المهام يبطئ فعلا الإنتاجية ويؤدي الى عمل غير منظم , حيث أنه عندما يكون لديك مهام متعددة ، فإن أدمغتنا تكون غير قادرة على إعطاء أي مهمة الاهتمام الكامل ، ونتيجة لذلك ،فإننا في نهاية المطاف لا نكون قد أنجزنا شيء بإتفان .
خبراء إدارة الوقت يتفقون جميعا على أن التركيز على مهمة واحدة في وقت واحد يساعد على انجاز المهمة بشكل أسرع من تعدد المهام , فإذا كنت تتحدث إلى شخص ما ، عليك التوقف عن كل شيء تقومون به ، وإعطائه الاهتمام الكامل , و إذا كنت تكتب كتابا ، عليك التركيز على الكتاب فقط , و إذا كنت تستعد لعقد اجتماع ، عليك التركيز على ذلك وحده ولا شيء غير ذلك .
هذه الطريقة يجب تطبيقها في شهر رمضان والتركيز على كل هدف واعطائه الوقت المناسب لذلك ، وتكريس الاهتمام اللازم به , مثلا لا تحاول قراءة القرآن أثناء تصفح الفيسبوك أو رعاية الأطفال في نفس الوقت , والأمر نفسه ينطبق على دراسة التفسير أو الدعاء فإنه عليك اختيار المكان والزمان والحالة التي ستكون عليها وإعطاء العبادة التركيز الغير مجزأ , و هذا هو السبب في أننا نوصي بأداء العبادات خلال ساعات الصباح الباكر حيث ان المرء يكون غير مشغول والعقل يكون أقل تشويش .
9. تقليل الإفراط في الأنشطة الاجتماعية :
هذا يشمل كل وسائل الاعلام الاجتماعية والتنشئة الاجتماعية المادية , حيث أن شهر رمضان هو شهر اعتكاف , حيث أن الإعتكاف يعتمد على أخذ استراحة من الحياة الاجتماعية حتى نتمكن من التركيز في علاقتنا مع الله , و حتى لو لم تكن قادر على الاعتكاف فإنه يمكنك الإستفادة من شهر رمضان عن طريق تقليل الأنشطة الاجتماعية وتكريس المزيد من الوقت للعبادة , حيث يمكن تقليل تسجيل الدخول إلى الفيسبوك وتويتر , والإعتذار عن التجمعات الغير ضرورية.
10. الحفاظ على صحتك :
لا يمكنك تحقيق أهدافك إذا كنت تشعر بالكسل، والضعف، أو الحرمان من النوم , حيث ان البعض يفعل الكثير خلال الأيام القليلة الأولى من شهر رمضان ، وينتهي به الأمر بأنه يفقد الطاقة التي يحتاجها للفترة المتبقية من شهر رمضان , لا تدع هذا يحدث لك هذا العام من خلال رعاية جسمك عن طريق الحصول على قسط كاف من النوم ، وتناول الطعام الصحي والبقاء رطب .
الشخص العادي يحتاج إلى ما بين 6-8 ساعات من النوم كل ليلة ، لذلك عليك التأكد من أنك تحصل عليها ، وتجنب الأطعمة السكرية والزيتية وتناول الأطعمة الصحية خلال السحور والإفطار , وشرب الكثير من الماء ليلا قبل النوم .
رمضان ربيع القرآن:
شهر رمضان المبارك هو ربيع القرآن، فعن أبي جعفر عليه السلام قال: «لكل شيء ربيع وربيع القرآن شهر رمضان».
ومن اللازم على الإنسان في هذا الشهر أن يجدد عهده بالقرآن العظيم، قراءة وفهما وتدبرا، وعملا ونشرا بين الناس ودعوة إليه.
وينبغي الاهتمام بعقد ندوات، ومؤتمرات وحلقات وهيئات حول القرآن الكريم، ومن أهم مصاديق الاهتمام بالقرآن هو السعي لنشره ثقافتاً وفكراً ومنهجاً بين الناس: المسلمين وغيرهم، فإن القرآن نزل لهداية المسلمين وغيرهم بنص القرآن نفسه حيث قال سبحانه: «إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم».
وقال تعالى: «شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس».
قراءة القرآن بتدبير:
ثم ينبغي للمؤمن أن يتلو كتاب الله وخاصة في شهر رمضان بتدبر، وأن يرتله ترتيلاً، وإذا مر بآية الجنان سألها الله عز وجل، وإذا مر بآية النيران إستعاذ بالله منها.
ففي الحديث: «كان أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم يقرأ احدهم القرآن في شهر أو اقل، إن القرآن لا يقرأ هذرمة ولكن يرتل ترتيلاً، فإذا مررت بآية فيها ذكر الجنة فقف عندها وسل الله الجنة، وإذا مررت بآية فيها ذكر النار فقف عندها وتعوذ بالله من النار».
قراءة سورتي العنكبوت والروم:
عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «من قرأ سورتي العنكبوت والروم في شهر رمضان في ليلة ثلاث وعشرين فهو والله يا أبا محمد من أهل الجنة، لا أستثني فيه أبداً ولا أخاف أن يكتب الله علي فيه إثماً، وإنَّ لهاتين السورتين من الله مكاناً».
كثرة الإستغفار والدعاء:
إنّ شهر رمضان هو شهر الدعاء والإستغفار وقيام الليل، فعن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: «عليكم في شهر رمضان بكثرة الإستغفار والدعاء، فأما الدعاء فيدفع به عنكم البلاء، وأما الإستغفار فتمحى به ذنوبكم».
وروي أنه كان على بن الحسين عليه السلام إذا كان شهر رمضان لم يتكلم إلا بالدعاء والتسبيح والإستغفار والتكبير.
المشاركة الأصلية بواسطة ابو محمد الذهبي
مشاهدة المشاركة
نقرأ في دعاء شهر رمضان: "وَهذا شَهْرُ العِتْقِ مِنَ النَّارِ وَالفَوْزِ بِالجَنَّة". فشهر رمضان المبارك فرصةٌ للنجاة من النار والفوز بالجنّة؛ حيث إنّ النار والعذاب الإلهيّ وكذلك الجنّة والنعيم موجودة في هذه الدنيا، وما يتحقّق في الآخرة هو باطن الموجود في هذه الدنيا: ï´؟وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَï´¾ (التوبة:49)، فهي محيطة بهم في هذه الدنيا.
والعبور من النار إلى الجنّة عائدٌ إلينا، فيمكننا أن نطوي هذا السفر وهذا المسير من جهنّم العمل السيّئ، والباطن السيّئ والفكر السيّئ إلى جنّة العمل الحسن، والفكر الحسن، والسلوك الحسن والخلق الحسن، وتسمّى هذه الحركة: الإنابة والتوبة "وَهذا شَهْرُ الإنابَةِ وَهذا شَهْرُ التَوبة".
إحدى بركات شهر رمضان هي هذه الأدعية الواردة فيه. فهي تعلّمنا كيف نخاطب الله ونستعين به ونتوجّه إليه، وتعلّمنا أنواعاً من المعارف الكثيرة لن نجد لها مثيلاً حتّى في الروايات الأخلاقيّة المعروفة.
ففي دعاء اليوم الأوّل من شهر رمضان المبارك: "اللَّهُمَّ اجْعَلْنا مِمَّنْ نَوى فَعَمِلَ وَلا تَجْعَلْنا مِمَّنْ شَقِيَ فَكَسِلَ وَلا مِمَّنْ هُوَ عَلى غَيْرِ عَمَلٍ يَتَّكِل".
"اللَّهُمَّ اجْعَلْنا مِمَّنْ نَوى فَعَمِل"؛ اللهمَّ اجعلنا ممّن يقومون بالعمل بنيّة وتوجّه ومعرفة. العمل الهادف، العمل مع النيّة، العمل المعلوم وجهتُه وهدفُه مسبقاً.
"وَلا تَجْعَلْنا مِمَّنْ شَقِيَ فَكَسِل"؛ الكسل يعني التقاعس والتراخي والبطالة.
"وَلا مِمَّنْ هُوَ عَلى غَيْرِ عَمَلٍ يَتَّكِل"؛ أي لا تجعلنا من الذين يتّكلون على غير العمل. الجلوس والتمنّي والترجّي والثرثرة، وحياكة المواضيع لبعضنا بعضاً في الاجتماعات دون أنّ نُتبعها بالعمل؛ اللهم لا تجعلنا من هؤلاء. لاحظوا، هذا هو الدرس الموجود في هذا الدعاء.
يدخل المؤمن هذه الضيافة الإلهيّة في اليوم الأوّل من شهر رمضان بهذا النَفَس وبهذه الروحيّة. وهذه بحدّ ذاتها من الفوائد الكبيرة لهذه الضيافة. هذا الدعاء الأوّل.
وفي الدعاء اليوميّ لشهر رمضان المبارك: "وَأَذْهِبْ عَنِّي فِيْهِ النُّعاسَ وَالكَسَلَ وَالسَّأَمَةَ وَالفَتْرَةَ وَالقَسْوَةَ وَالغَفْلَةَ وَالغُرَّةَ". اللّهم جنّبني وأبعدني عن هذه الخصال: "النعاس"، و"الكسل" أي البطالة والتقاعس، و"السآمة" أي الملل والضجر، ثمّ "الفترة" أي القيام بالأعمال بفتور ولا مبالاة وعدم إحكامها، ثمّ "القسوة"، قسوة القلب والتحجّر والخشبيّة؛ ثمّ "الغفلة"، غفلتنا عن واقعنا ووضعنا وما يجري حولنا، و "الغُرّة"؛ الغرور والانخداع بما نقوم به وبما حقّقناه.
إنّ تطبيق هذه المفاهيم الراقية والعظيمة بالنسبة للمسؤولين والذين ينهضون بشؤون العمل والمجتمع لهو أكثر أهميّة من تطبيقها من قِبل الأفراد العاديّين. عندما ندعو الله ونقول لا تجعلنا في معرض الكسل والغفلة والقسوة، فنحن نحتاج إلى هذا الطلب الإلهيّ وإلى هذه المراقبة من الجهة الشخصيّة لأنفسنا كي لا ننزلق، ولا نخطئ، ولا نقع في المشاكل، وفي مجال عملنا ومسؤوليّتنا وما هو في عهدتنا. وهذا ما يثقل عاتقنا ويضاعف مسؤوليّتنا.
إنّ شهر رمضان في ثقافتنا الدينيّة، هو شهر المواجهة بين الشيطان والسلوك الشيطانيّ من جهة، وبين السلوك الرحماني والطاعة والعبوديّة من جهة أخرى.
إنّ غواية الشيطان للإنسان تكون بتعطيل نظام العقل، ونظام الفطرة، ونظام القياس السليم المُودَع في وجود الإنسان؛ ليوقعه في الأخطاء. أمّا عمل التقوى فهو النقطة المقابلة. يقول تعالى: ï´؟إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًï´¾ (الأنفال:29)، بمعنى أنّ التقوى تهبكم الفرقان أي العلم والفهم لفصل الحقّ عن الباطل. وفي موضعٍ آخر: ï´؟وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُï´¾ (البقرة:282). فالتقوى تفضي إلى أن يفتح الله أمامكم منافذ العلم والفهم
لإدارة الوقت في رمضان
المشاركة الأصلية بواسطة ابو محمد الذهبي
مشاهدة المشاركة
كون النفس خالصة لوجه الله سبحانه وتعالى فكثير من الصائمين لا يزيدهم إلا الجوع والعطش ولكن نحن وحسب ماتعلمناه من نبينا الأكرم ومن أئمتنا (سلام الله عليهم أجمعين) في الضرورة التقرب إلى الله وحصد الجوائز
يحل علينا شهر فضيل وكريم وهو شهر رمضان الذي دعانا الله فيه ضيافته والاستزادة من تلك الضيافة والتي في ضيافة أكرم الأكرمين وهو الله سبحانه وتعالى وقد أشار إلى ذلك نبينا الأكرم محمد(ص) في خطبة طويلة للمسلمين عن دخول شهر رمضان الكريم فيقول في جزء منها ((أيها الناس انه قد أقبل إليكم شهر الله بالبركة والرحمة والمغفرة ، شهر هو عند الله أفضل الشهور وأيامه أفضل الأيام ولياليه أفضل الليالي وساعاته أفضل الساعات هو شهر دعيتم فيه إلى ضيافة الله وجعلتم فيه من أهل كرامة الله، أنفاسكم فيه تسبيح، ونومكم فيه عبادة، وعملكم فيه مقبول، ودعاءكم فيه مستجاب.
فاسألوا الله ربكم بنيات صادقة وقلوب طاهرة ان يوفقكم لصيامه وتلاوة كتابه، فان الشقي كل الشقي من حرم غفران الله في هذا الشهر العظيم...)).
وهذه الضيافة العزيزة والكريمة على كل مؤمن ومؤمنة تتطلب أن يسارع إليها المؤمنين لأن ضيافة تعد فيها موائد الرحمن الكريم وهي ليست موائد للأكل والإفطار بل موائد رحمانية يتم فيها نشر رحمة الله الواسعة على عباده والذي يثيب فيها عباده الذين يصومون ويقومون في هذا بصيامه وقيامه وأعماله على خير وأحسن وجه والذي يجازي عباده المتقون والذي يقول في حديثه القدسي الشريف ((كل عمل ابن آدم له ، إلا الصوم فإنه لي ، وأنا أجزي به)).
وهذا الشهر شهرٌ كريم الذي نكون في ضيافة جل وعلا، شهرٌ فضله الله تعالى على بقية الشهور وسماه شهر الله وهو الذي فيه تتجلى فيه أسمى آيات العبادة والتجلي والتضرع لله جل وعلا وفيه تفتح أبواب الإجابة حيث تكون فيه الدعوات مستجابة وتفتح أبواب الجنة من الذين تعتق رقابهم من النار وتغلق فيه أبواب النار وتصفد فيه الشياطين وتصب رحمة رب العباد على الخلائق أكراماً لهذا الشهر العظيم شهر الرحمة والمغفرة.
فحري بعبادنا المؤمنين أن ينتهزوا هذه الفرصة والاستباق في طلب العفو والمغفرة والاستيراد من هذا الشهر الفضيل شهر الخير والبركة.
ومن هنا يجب أن نقبل على مائدة الله سبحانه وتعالى في هذا الشهر الكريم لكي نستزيد منها ونأخذ جوائزنا المعدة من قبله في مغفرته ورضوانه وعتق رقابنا من النار ففي الالتزام بأحكام الصوم والتأدب في هذا الشهر المبارك شهر الخير والرحمة والبركة وأن تكون إعمالنا وأوردانا كلها ورداً واحداً وأن نجازى عليها أوفر الجزاء بعمل أعمال شهر رمضان والمستحبات وأن نكون من أحسن عبيده الذين ينظر الله إليهم فيقول ويتباهى بهم أمام ملائكته ويقول(( أنهم أمرتهم بعبادتي وصوم شهري فاستجابوا وأطاعوني وأني قد غفرت لهم وعتقت رقابهم من النار)).
وهذه العبادة الروحية والمعنى الروحي لشهر رمضان وليس هو شهر فقط يتم الامتناع فيه عن الأكل والشراب وتحمل الجوع والعطش ولا يتم تأدية العبادات التي فرضها الله علينا والتقرب منه لكي يتم بذلك زيادة الأيمان وتعميقه في أرواحنا ونفوسنا لكي نكون في مواجهة إغراءات وأهواء الدنيا الفانية وما يوسوس الشيطان لإغوائنا والتي تمثل أحسن مصدات نفسيه لعدم المعصية والوقوع في حبائل الشيطان وإغراءته .
وهناك الكثير من الأمور التي تقربنا زلفى إلى رب العز والجلالة الذي لو تقربت منه خطوة فأنه يتقرب منك ملايين الأميال والذي يحب العبد المؤمن المتذلل بين يدي رحمته لكي ينال رضاها فالصوم ليس فقط الامتناع عن الأكل والشرب كما ذكرنا آنفاً بل هناك المفهوم الروحي لهذا الصوم الذي تكون النفس خالصة لوجه الله سبحانه وتعالى فكثير من الصائمين لا يزيدهم إلا الجوع والعطش ولكن نحن وحسب ماتعلمناه من نبينا الأكرم ومن أئمتنا (سلام الله عليهم أجمعين) في الضرورة التقرب إلى الله وحصد الجوائز التي يوزعها في هذا الشهر الشريف في غفران الذنوب وعتق الرقاب من النار وأن تجعل أعمالنا كلها خالصة لوجه الله عز وجل.
من هنا برزت في مذهب أهل البيت الأعمال المستحبة والمكروهة في هذا الشهر والتي تعتبر من الأمور الأساسية في صيام هذا الشهر الفضيل والتي سنمر عليها الآن
المستحبات :
يقول نبي الرحمة محمد(ص) في خطبته ((واذكروا، في جوعكم وعطشكم جوع يوم القيامة وعطشه وتصدقوا على فقرائكم ومساكينكم ،ووقروا كباركم،وارحموا صغاركم،وصلوا أرحامكم،واحفظوا ألسنتكم،وغضوا عما لا يحل النظر إليه إبصاركم وعما لا يحل الاستماع إليه أسماعكم،وتحننوا على أيتام الناس ،يُتحنن على أيتامكم ،وتوبوا إليه من ذنوبكم ،وارفعوا إليه أيديكم بالدعاء في أوقات صلواتكم فإنها أفضل الساعات،ينظر الله عزّ وجلّ فيها بالرحمة إلى عباده،يجيبهم إذا ناجوه،ويلبيهم إذا نادوه،ويستجيب لهم إذا دعوه))
أن هذه الخطبة العظيمة لخاتم الأنبياء تدلل على عظمة ديننا الذي يركز على النواحي الأخلاقية ومكارمها في صومنا وفي كل مناحي ديننا الحنيف فالمسلم الحقيقي وصيامه من سلمت جوارحه ولسانه وهنا يبدأ كما ذكرت سابقاً بالجهاد الأكبر وهو جهاد النفس فهنا يجب التأكيد على بعض الأمور المخصوصة في رمضان والتي بها يكتمل صيامه وقبول أعمال وسوف نذكرها بنقاط :
1 ـ بر الوالدين
2 ـ صلة الرحم
وهي من الأمور المهمة التي يعني مع أخيك وأختك وقراباتك وجارك وفي يومنا شائعة مسألة القطيعة ومع الأسف منتشرة مع كل الذين ذكرتهم سلفاً وترى قطع الرحم واردة وبشكل لا يعقل ولا يصدق.
وبعد هذه المقدمة لنعرف ما هو شهر رمضان الذي هو شهر الفرقان والذي ذكره في محكم كتابه عن هذا الشهر الفضيل بقوله {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}
ومن هنا كان شهر رمضان هو يوصف بشهر الفرقان والذي هو في يعني في منزلة القرآن الكريم والذي في مبحثنا هذا سوف نستزيد عن ماهية وصف شهر رمضان الفضيل بشهر الفرقان كي نفهم عظمة هذا الشهر ونزداد قرباً إلى الله سبحانه وتعالى.
ولنأتي ونعرف ماهية تسمية القرأن الكريم بالفرقان ومنها نعرف معنى الفرقان.
سبب تسمية القرآن الكريم بالفرقان :
ما الفرق بين القرآن و الفرقان ؟
للفرقان معانٍ متعددة في القرآن الكريم و الأحاديث الشريفة نذكر أهمها :
المعنى الأول : مجموع القرآن الكريم ، كما في قول الله جَلَّ جَلاله : ï´؟ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ï´¾.
سُمِّيَ القرآن الكريم بالفرقان لسببين :
السبب الأول : لنزول آياته و سوره بصورة متفرقة ، و بشكل مغاير لغيره من الكتب السماوية التي أنزلها الله عَزَّ و جَلَّ على أنبيائه ( عليهم السلام ) ، و ذلك لأن الكتب السماوية الأخرى أنزلت كل واحدة منها دفعة واحدة مكتوبة في الألواح و الأوراق ، أما القرآن الكريم فلم يُنزَل كذلك و إنما تم تنزيله خلال عشرين عاماً على قلب الرسول المصطفى ( صلى الله عليه و آله ) وحياً ، و لم ينزل مكتوباً و مجموعاً كغيره من الكتب السماوية ، فعَنْ يَزِيدَ بْنِ سَلَّامٍ أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) ، فَقَالَ : لِمَ سُمِّيَ الْفُرْقَانُ فُرْقَاناً ؟
قَالَ : " لِأَنَّهُ مُتَفَرِّقُ الْآيَاتِ وَ السُّوَرِ ، أُنْزِلَتْ فِي غَيْرِ الْأَلْوَاحِ ، وَ غَيْرُهُ مِنَ الصُّحُفِ وَ التَّوْرَاةِ وَ الْإِنْجِيلِ وَ الزَّبُورِ أُنْزِلَتْ كُلُّهَا جُمْلَةً فِي الْأَلْوَاحِ وَ الْوَرَقِ " .
السبب الثاني : لأنه كتاب يميِّز بين الحق و الباطل ، قال العلامة الطبرسي ( رحمه الله ) : " سُمِيَ بذلك لأنه يُفَرِّقُ بين الحق و الباطل بأدلته الدَّالة على صحة الحق و بطلان الباطل " .
و قال العلامة المجلسي ( رحمه الله ) : " الْفُرْقانَ : أي الكتاب الجامع لكونه فارقاً بين الحق و الباطل ، و ضياءً يُستضاء به في ظلمات الحيرة و الجهالة ، و ذِكرا يتَّعظ به المتقون ".
و قال العلامة الطريحي ( رحمه الله ) : " الفرقان : القرآن ، و كل ما فُرِّقَ به بين الحق و الباطل فهو فرقان " ، كما في قول الله عَزَّ و جَلَّ : ï´؟ وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ï´¾ و كذلك في قوله جَلَّ جَلالُه : ï´؟ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاء وَذِكْرًا لِّلْمُتَّقِينَ ï´¾.
المعنى الثاني : المراد بالفرقان الآيات المحكمات و هو معنى أخص من المعنى الأول ، فقد سُئلَ الإمام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السَّلام ) عَنِ الْقُرْآنِ وَ الْفُرْقَانِ أَ هُمَا شَيْئَانِ أَوْ شَيْءٌ وَاحِدٌ ؟
فَقَالَ ( عليه السَّلام ) : " الْقُرْآنُ جُمْلَةُ الْكِتَابِ ، وَ الْفُرْقَانُ الْمُحْكَمُ الْوَاجِبُ الْعَمَلِ بِهِ ".
فشهر رمضان: هو شهر الله.... و صوم الإنسان لله عز وجل ، كما في الحديث القدسي الذي ذكرناه آنفاً : (الصوم لي و إنا أجزي به). و هو شهر الصلاة و الطهارة و النزاهة و القداسة و التقوى.
شهر رمضان شهر القرآن، و شهر شرفّه الله ، فانزل فيه القرآن- الذي هو بيان لكل شيء- و ولهذا فهو نزل فيه الفرقان والقرآن هو الذي يميز بين الحق والباطل وهو تبيان لكل شيء ومن هنا فضّل الله شهر رمضان على سائر الشهور، فأيامه أفضل الأيام، و لياليه أفضل الليالي، و ساعاته أفضل الساعات، و خصّه الله بلية القدر، التي هي خير من إلف شهر.
هذا الشهر المبارك هو مناسبة عظيمة يعيش فيها الإنسان المسلم إسلامه حقيقية، و بكل معنى الكلمة، لان الشياطين فيه مغلولة، و الإعمال مقبولة و الأجر و الثواب مضاعف للعاملين..
هذا الشهر العظيم هو من ميّزات الدين الإسلامي الحنيف، و الأمة الإسلامية المرحومة...إذ الأنفاس فيه تسبيح و ذكر، و النوم فيه عبادة وطاعة، و هذا ما لم تنعم فيه أية امة على الإطلاق..
و هو كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله: «هو شهر الصبر.. و شهر المواساة... أوله رحمة، و أوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار»
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
أخي {أبو محمد الذهبي} تقبل الله تعالى طاعاتكم ووفقكم الى التعرض لنفحات شهر الله المبارك
سلمت أناملكم لم تتركوا لنا مجالاً للحديث لقد وفقتم وتطرقتم جوانب شتى من تحديد الوقت وقراءة الأدعية
وتحديد الهداف كما سميتموه والألتزام بجدول الزمن لكي يتسنى للمؤمن أن
يؤدي العباده على أكمل وجه ... كل ذلك صحيح وممتاز ...ولكن ؟؟؟!!!
كم من هذه الأدعيه والعبادات ستقربه الى الله تعالى ؟؟.... طبعاً كلما زادت العبادة
زاد الآجر وقراءة آية واحدة كختمة قرآن كاملة في غيره من الشهور ...نحن نسأل عن العبادة الروحية أي :
الدعاء والصلاة التي يشعر بها المؤمن إنه بمحضر الخالق سبحانه .... فكلنا يعرف النبي يونس {عليه السلام}
لقد كان في بطن الحوت ونادى بتلك السجدة التي تسمى {بالذكر اليونسي} عند العرفاء
ربما مرة واحدة ... ربما ..ولكن الله تعالى أجابه من فوره {فستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين}
هذه السجدة التي أخذت بألباب هذا النبي الممتحن فقالها روحاً قبل لسانه وستسلمت جوانحه قبل الجوارح ...فكانت
النتيجة الفرج ....السنا في شدة اليس شعبنا الجريح يعاني ؟؟....فلنقوم بالدعاء الجماعي
لكي يفرج الله تعالى عنا ...ولندعو دعاءاً نابعاً من صميم القلوب ولنتقرب الى الله تعالى
لعلنا نصيب الهدف ويستجيب الله تعالى دعاءنا ويحفظ وطننا العزيز من هذه الهجمة الوحشية ويرجع لنا
شبابنا الى الى عوائلهم سالمين غانمين
ببركة الشهر الفضيل شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار
تقبل الله تعالى أخي طاعاتكم وشكراً لحظوركم الطيب
تعليق