إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الحرب السرية ضد الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) حالياً

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #11
    ثانياً: ساحة المواجهة مع قاعدته الشعبية:
    وهي الساحة الأكثر نشاطاً وفاعلية في المواجهة والصراع حالياً، وفي السنوات الأخيرة شهدت العديد من التغيرات العميقة والتطورات الكبيرة حيث احتدمت جبهة النزاع بظهور العديد من جماعات وحركات دعاة المهدوية والسفارة، ويمكن القول: إن هذه الحركات أهم أداة من أدوات الحرب السرية في محاربة أنصار الإمام (عجَّل الله فرجه)، وتأخذ مكانها في الخطوط الأمامية في الصراع مع قاعدته الشعبية، وأن من يراقب ظهور هذه الجماعات وكثرتها وتتابعها - في العراق مثلاً - منذ عام ٢٠٠٣م وحتى الآن، يدرك أنها تشبه حرب الاستنزاف، وأن الصهيونية والولايات المتحدة الأمريكية تمثل الينبوع الأساسي لهذه الجماعات، وبما تتسم به من تطرف وعنف وإلغاء للآخر، فحركات مثل: جند السماء واليماني والرباني والقحطاني والمولوي والصرخي والجماعات الأخرى، إنما هي في الواقع وجوه لحقيقة واحدة (طابور خامس للعدو الخارجي)، وتتحرك بخطط وإملاءات صانعي السياسة الصهيونية والأمريكية، أكثر مما تحركهم معايير مستقلة خاصة بهم، ورغم تميز إحداها عن الأخرى في بعض الخصوصيات، إلّا أنها تلتقي على الكثير من القواسم المشتركة وتنضوي تحت مظلة واحدة، وهناك تعاون وتنسيق فيما بينها، ومع توالي ظهور مثل هذه الحركات والجماعات وتكرار الضربات وكثرة السهام الخبيثة تكمن قوة هذه المناورات، باعتبارها مشروعَ هدمٍ فكري وسياسي واجتماعي وعلى أعلى وأخطر المستويات، وهذا ما يتوافق مع قواعد وأسس الحرب السرية، وهم يطمحون من وراء ذلك أن تهتز صورة المهدوية وتضعف عقيدة المؤمنين بها، إضافة إلى إضعاف القاعدة الشعبية للإمام (عجَّل الله فرجه) وتحطيم معنوياتها وإرادتها، وخلق حالة من التناقضات حول المهدوية بين فئاتها، ومن المهم أن ندرك التكتيكات الخفية والمسارات الجديدة والأساليب الحديثة، للتأثير على الأفكار والعقائد والتي قد تدفع بعض أفراد المجتمع الشيعي الى حافة الكفر بالعقيدة المهدوية، بل قد تدفعهم إلى محاربتها، وهذا تحوّل خطير وتطور مهم ببلورة استراتيجية جديدة في الصراع مفادها أن رؤية الأعداء (الصهيونية) للمواجهة مع القاعدة الشعبية للإمام (عجَّل الله فرجه) تتركز على إنشاء أعداء من الداخل، تقوم بالمهمة والدور مثل (حرب بالوكالة).
    وبالرغم من اتساع نطاق ميدان المواجهة في هذه الساحة، إلّا أن الأعداء يجابهون محورين أساسيين، وهما:
    الأول: المرجعية الدينية (نواب الإمام):
    القيادة الدينية عند الشيعة الإمامية في زمن غيبة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)، فالمرجع الديني (المجتهد) يتصدى لرعاية مصالح الناس الدينية وغيرها نيابة عن الإمام المعصوم (الغائب)، لقد قامت المرجعية بدور جوهري في الشؤون السياسية والاجتماعية منذ بداية الغيبة الكبرى وحتى الآن، وأن الفتاوي والمواقف السياسية لها، مثل: ثورة التنباك وثورة العشرين والثورة الإيرانية والحشد الشعبي وغيرها، جعلت صنّاع القرار الغربي يبحثون عن ماهية المؤسسة الدينية الشيعية في (النجف وقم) وسبل اختراقها والتأثير عليها، وصعوبة ذلك تكمن بحكم استقلالها (الإداري والمالي) وعدم تدخل أي جهة في تعيينها، مما جعلها تشكل حجر العثرة الرئيسي ورأس الحربة أمام الأعداء في ساحة المواجهة في كثير من القضايا، ومنها مجابهة حركات دعاة المهدوية والدفاع عن العقيدة السليمة.
    إن الخصم الحقيقي للصهيونية في هذه الساحة لم تكن الجماهير المؤمنة فقط، بل كان الهاجس الأكبر الذي يتملكهم هي المرجعية العليا، وكان ذلك هو الجانب القوي من الصراع مع قاعدته الشعبية، ولذا كان الطرف المستهدف هي الحوزة العلمية، مما جعل إيجاد مرجع ديني يمكن أن ينافس المرجع الأعلى للطائفة مهمة ملحة عند الأعداء، ولكن الصعوبة تكمن في الحصول على: شخصية دينية ذات مكانة علمية رفيعة وله صلة بالاستخبارات الأجنبية وتتقبله الجماهير الشيعية المؤمنة، مهمة شبه مستحيلة، فحتَّمت ضروريات الحرب السرية اختراع وابتكار مرجعية بديلة وتابعة كـ(الصرخي مثلاً)، لعله يحصل على موقع مناسب ويصنع له دور في المجتمع الشيعي، ويشجع الشيعة على الانفلات من معقل الحوزة العلمية والمرجعية الدينية.
    الثاني: الجماهير المؤمنة (القاعدة الشعبية للإمام):
    أفراد الطائفة الشيعية أكثر احتراماً وحباً وتقديساً لأئمتهم الاثني عشر (عليهم السلام)، لأنهم يعتقدون ويؤمنون أنهم مختارون من قبل الله تعالى، وأنهم الحجج على الخلق، وأنهم مقدّسون لاصطفاء الله لهم، وكذلك ينظر جمهور الشيعة إلى مراجعهم الدينيين (النائب العام عن الإمام الغائب) باحترام وتقدير كبير، وقد لعبت الطائفة الشيعية في العقود الأخيرة دوراً بارزاً على جميع الأصعدة الثقافية والسياسية، وكان لهم الأثر الأكبر في التحولات السياسية التي طالت العالم الإسلامي، فهم يشكلون القوام الرئيسي للمقاومة ضد الكيان الصهيوني، وهم أيضاً الحاضنة الشعبية للعقيدة والثقافة والمبادئ والقيم المهدوية، وفي الآونة الأخيرة تصاعد الخط البياني للوعي الجماهيري والتوسع الأفقي للشيعة، وهم في المستقبل سيشكلون القاعدة الشعبية المؤيدة والمناصرة للإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) إذا ظهر، وهم اللبنة الأساسية الأولى لقوام جيشه، وبواسطتها سيتمكن من إقامة دولة العدل الإلهي.
    كل هذه المعطيات تدفع الأعداء لشن هجوم استباقي شامل ضد قواعد الإمام الشعبية المؤمنة بأطروحته والمطيعة لقيادته والمستعدة للتضحية في سبيله، ويكون التركيز بالدرجة الأولى على نوابه (المراجع) لأنهم يشكلون العقبة الكأداء الكبرى ضد جميع مشاريع الأعداء في ساحة الصراع السري مع المهدوية.
    من الضروري في هذه الساحة أن لا نغفل: أن جوهر خطة الأعداء قائمة على استدراجنا لمعارك جانبية عديدة يفتعلونها مع جماعات الادعاءات الكاذبة، لإشغالنا واستفراغ طاقاتنا الفكرية والنفسية بعمليات الدفاع عن العقيدة المهدوية، وصرفنا عن مهمتنا الرئيسية (التمهيد لظهوره)، وهذه ساحة لا ينبغي أن نستدرج إليها أو نعطيهم الفرصة لتشتيت تفكيرنا، فتستمر الغفلة وتحجّم المهمة وتضيع جهودنا وأوقاتنا في معايشة الأزمات، فمن فتنة إلى أخرى ومن مشكلة إلى شاكلة، بل علينا أن نتجاوز المعارك والفتن الفكرية والأمنية المرتبطة بالمهدوية والتي يعمل الخصوم والمناوئون على استدراجنا إليها، ونبادر إلى ساحات أخرى وميادين جديدة ونستبدل الدفاع إلى هجوم، وندرك المسار الاستراتيجي لأهدافنا ونمشي بخطى ثابتة في مهمتنا الأولى وهدفنا الرئيسِ.
    يتبع

    تعليق


    • #12
      ثالثاً: ساحة المواجهة مع الرأي العام الغربي والعالمي:
      وهي ساحة نشيطة ولكنها أقل حدة في الصراع والمواجهة، وهي إحدى الجبهات السهلة والمكشوفة للأعداء، بحكم المعرفة بخصائص المجتمع الغربي وأبعاده وسمات واقعه الاجتماعي، والتمتع فيها بقدر كبير من حرية الحركة، وعدم وجود أي منافس في هذه الساحة من مناصري ومؤيدي الإمام (عجَّل الله فرجه)، وسهولة السيطرة على وسائل القوى الناعمة وتوجيهها لضمان تأثيرها على أفراد المجتمع المستهدف، والمضي قدماً وبهدوء تام لاستحداث ثقافة مزيفة، ولكنها جاذبة ومتناغمة مع عقلية الشعوب الغربية، تصب في اتجاه تقويض القضية المهدوية لدى الرأي العام الغربي، وترويج للصورة الكاذبة التي رسمت عنه في فضاء الثقافة والإعلام، على اعتبار أن المهدي الإسلامي هو الدجال في التراث الديني (الكتاب المقدس)، وأنه إرهابي عدو للحريات، وصنيع المخابرات الأجنبية المعادية، وليس له أي ارتباط بالسماء، والبدء في نشر حالة من (المهدي فوبيا) لدى المجتمعات الغربية، وبذلك تحاول (الصهيونية) تحقيق واحد من أهم أهداف الحرب السرية، والمتمثل في توحيد وتأييد وتعبئة العالم الغربي ضد الخصم الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)، وتشويه صورته وإضعاف موقفه وتحريك الكراهية ضده والنفور منه.
      وفي هذه الساحة من الصراع حقّق الأعداء بعض النجاحات لعملهم الدؤوب والمستمر منذ فترة طويلة، وتمكنوا من تحديد ماهية الوسائل والأساليب المؤثرة بشكل فعال على الرأي العام الغربي والعالمي، ووضع أسس ومعالم المنهج الثقافي الأكثر ملائمة للمجتمع الغربي، واستخدام معطيات ذلك ونتائج وتوصيات الدراسات والبحوث القديمة والحديثة حول المهدوية، في تكريس رؤيتهم للنبوءات الدينية وترسيخ نظرتهم الحالية لها، وضمان التأثير على آراء واتجاهات وثقافة شعوبها بما يخدم مصالحهم.
      ومن جانب الطرف الآخر، فإن من خصائص المهدوية: سهولة أو قوة نفوذها واستعداد المخالف - غير المسلم - لتقبلها، وكذلك تمتلك المقومات الضرورية والحضارية في تقديم ذاتها للآخرين بنجاح، وفي هذه الساحة نطمح: أن تتحول قيم ومبادئ وأهداف المهدوية (كالعدل والحرية والمساواة و...) إلى مكانة راقية ودرجة متقدمة بحيث تصبح مرجعية ثقافية لتلك الشعوب وسنداً قانونياً تستقي منه الأنظمة والقوانين.
      ولكن للأسف نحن (كموالين أو قاعدتها الشعبية) غائبون أو متقاعسون عن هذه الساحة، ويتجلى لنا هذا الغياب في: عدم امتلاكنا لمشروع عملي أو استراتيجية فكرية لتعريف وإيصال حقيقة المهدوية الأصيلة إلى المجتمعات والكيانات الثقافية للأمم والحضارات المختلفة، وكذلك يتجلى لنا التقاعس في: عدم توفيرنا أي كتب مهدوية أو مصنفات ثقافية تخاطب الرأي العام الغربي والعالمي بالأسلوب والعقلية التي تتناسب معه، وتقدم لهم المهدوية برؤية إنسانية وحضارية، وتكشف لهم عن حقيقتها وخصائصها ومزاياها، وتوضح الأهداف والنتائج التي ستتحقق على يديه في المستقبل في ظل دولته العادلة، حتى تتعرف شعوب العالم على حقيقة الإمام (عجَّل الله فرجه)، ومن ثم ستؤمن بأهدافه وستشارك في مشروعه وتشتاق ليومه الموعود، فإذا أخذنا على عاتقنا مسؤولية التبشير للمهدوية في المجتمعات الغربية، وحققنا ذلك بإيجابية وهدوء وأدّينا المهمة بنجاح، نكون حينها قد ساهمنا في تثبيط وإفشال خطط الأعداء في هذه الساحة من الصراع، وانتقلنا إلى ميدان المبادرة، وشاركنا في تهيئة مقتضيات الظهور.
      آليات الحرب السرية:
      لقد التقت مصالح مؤسسات الهيمنة الغربية والأمريكية مع مصالح الصهيونية في تأليب الرأي العام الغربي والعالمي على المهدوية، وها هم الآن يوظفون كل إمكاناتهم المالية والإعلامية لوصف المهدي بالإرهابي والدجال، وأن هدفهم الأساس هو تقويض المهدوية حتى يبقى العالم الإسلامي (الشيعة - القاعدة الشعبية للإمام (عجَّل الله فرجه)) مضطرباً فكرياً وأمنياً.
      وما المسوغات الكاذبة الكثيرة التي ينشرونها حيال المهدي إلّا صدى للحرب (السرية) التي يكنونها تجاهه، والتي مازالت مستمرة وتنفذ على أرض الواقع في أكثر من مكان في العالم، والتي أصبح فيها لأساليب ووسائل القوة الناعمة الدور البديل لأدوات الردع العسكرية، ومن المعلوم أن الحروب الخفية تشتمل على جوانب متعددة وكيانات مختلفة وتنطوي على نزاعات نشطة بصورة غير مباشرة، والتي تعمل كمنظومة متفاعلة تحاول إحداث تأثيرات إجمالية تخدم الأهداف، ومعتمدة في الأساس على سياسة النَفَس الطويل وتراكم النتائج (القوة الذكية) ولو استغرق ذلك عشرات السنين، وتطبق كجزء رئيسي من الخطط والاستراتيجيات التي تصب في تحقيق الغايات الكبرى.
      تجدر الإشارة، بأنه تتباين الوسائل والآليات التي تستخدمها الاستراتيجية النهائية لتحقيق هدفها المرحلي تبعاً للتباين في طبيعة وأهمية ذلك الهدف، وتبعاً للإمكانات والقدرات المتاحة، وللظروف والأجواء المساندة، والحرص على تحقيق وتأمين التوافق والتلاؤم بين الوسيلة والهدف، وكأمثلة تطبيقية لآليات الحرب السرية المستخدمة ضد الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)، نشير إلى بعض الإجراءات كوسائل أو أساليب، وتمارس كآليات في بعض ميادين الصراع والمواجهة:

      يتبع

      تعليق


      • #13
        الميدان العملي:
        إن الأعداء تستهويهم فكرة: هل هناك من هو أفضل من المسلمين (الشيعة) لمكافحة ومصارعة المهدي؟
        وقد بدأت تلك الفكرة تتجسد على أرض الواقع عن طريق تعبئة جماعات وحركات تابعة للمخابرات الدولية تتلبس القضية المهدوية وتحاربه من داخل البيت الشيعي، وبالفعل تم إنشاء وخلق بعض هذه الحركات المشبوهة في الأوساط الشيعية وفي المجتمعات المؤمنة والموالية للإمام، ويتم دعمهم ومساندتهم مالياً وأمنياً و...، وهذه استراتيجية يحقق فيها الأعداء بعض النجاحات النسبية، فحركات دعاة المهدوية والسفارة في الحقيقة هي أحد الأسلحة الرئيسية في الحرب الخفية في ساحة القاعدة الشعبية للإمام (عجَّل الله فرجه) ومن أكثر الوسائل إثارة للسخط، وهو سلاح له نتائج وآثار سلبية في فضاء العقيدة المهدوية والروح المعنوية للمجتمع المؤمن.
        لقد خلق الأعداء ثغرة حقيقية وخطيرة في صراعهم معه (عجَّل الله فرجه) وذلك بمحاولة إيجاد مرجعية دينية (تابع لهم) كواجهة نيابة عامة عن الإمام (عجَّل الله فرجه) ومنافسة للمرجعية العليا، ويكون عبارة عن إضافة رقم صعب في سلاح الأعداء، وهم بذلك يعدون العدة لمدى زمني بعيد وبنَفَس طويل، ووظيفتهم الحالية هي زرع وتأسيس الحركات المعادية وإثارة الفتن والإشكالات بالعقيدة المهدوية، ولذا ندرك سبب تركيز جماعات مدّعي المهدوية (كاليماني والصرخي) على الأطفال والأشبال والشباب والتي هي سريعة التأثر، وهذه الاستراتيجية بعيدة الرؤية ومحل ارتياب شديد وخطورة مستقبلية.
        إن مظاهر المواجهة العملية وتنفيذ خطوات الصراع الحالي وتطبيقها على أرض الواقع قد تكون البداية فقط، مما يدفعنا إلى الحذر والترقب مما هو أسوأ، علماً بأن العدو لديه تجربة كبيرة في مثل هذه الحروب وتاريخ طويل من محاولاته تقويض الدين الإسلامي وتشويهه، وكذلك خبرة الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي، والحرب التجارية (الناعمة) مع الصين كأحد أهم الأمثلة في وقتنا الحاضر، مع الأخذ في الاعتبار امتلاكهم للسمات المعاصرة للقوة الناعمة، مما يجعل الحرب ضد المهدوية حرباً ذات مغازي عميقة، وتحمل في طياتها أبعاداً نفسية وثقافية ذات تأثير بعيد المدى على أفكار وعقول أفراد المجتمعات الشيعية والقاعدة الشعبية للإمام (عجَّل الله فرجه).
        الميدان الثقافي:
        إن من يتتبع النتاج الثقافي الغربي في السنوات الأخيرة، سواء على الصعيد الفكري أو الأدبي أو السينمائي يجد أن الحرب السرية ضد الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) في أوجّ قمتها ونشاطها، فإن الصهيونية والمخابرات الدولية كرست موارد واسعة من أجل برنامج سري للدعاية الثقافية المناهضة للمهدوية، وأحد الملامح الأساسية لهذا البرنامج هو الحرص الشديد على أن يبدو لا وجود له، أما إدارة هذه الجبهة الثقافية السرية فكان ركيزتها جهتين:
        ١ - رجال الصهيونية والمخابرات الدولية:
        وفي الفترة الحالية فإن الحملة الثقافية في ذروة حيويتها وانتعاشها، حيث قامت بتكريس ترسانة من الأسلحة الثقافية (صحف، كتب، روايات، مؤتمرات، ندوات، أفلام، مسلسلات...) من أجل التأثير على الرأي العام العالمي والاستيلاء على عقول الشعوب الغربية وتحريضهم ضد المهدوية أو الدجال الإسلامي كما يروجون، وإملاء الرؤية الصهيونية عليهم حول الخلاص والتنبوءات التوراتية المستقبلية.
        ٢ - حركات دعاة المهدوية في العالم الإسلامي:
        وفي الآونة الأخيرة وسّعت هذه الجماعات نشاطها، وهي في الأساس مشروع الصهيونية المراوغ والمضلل، والممول والمدعوم من المخابرات الأجنبية، وقد أصبحت هذه الحركات أشبه باتحاد أو تكتل فاسد وخبيث في المجتمع الإسلامي، وأحد مهام هذه الجماعات الموكلة لهم الجانب الثقافي وكسلاح تجهيل وتضليل، فإن لهم نتائج مؤثرة في ميدان تقويض الثقافة المهدوية الأصيلة وخاصة في أوساط الأشبال والشباب الشيعي، عبر نشر الأفكار المشبوهة وفن الكذب والخداع وتشويه الهيبة الثقافية المهدوية الحقيقية، وتمهيد الطريق أمام مصالح الصهيونية والترويج لأفكارها، ويظل هذا الدور واحداً من أكثر آثار الحرب السرية استفزازاً.
        بالتأكيد أن الاطلاع على خطط ومعالم الحرب السرية للأعداء، يكشف ستر مواقف وتحولات عديدة في ميدان الثقافة والنواحي الفكرية المرتبطة بالقضية المهدوية، حيث إن كثيراً من المؤمنين يرى هذه التغيرات ويرقبها دون أن يدري أسبابها ودوافعها والمحرك الأساسي لها، ومن دون ريب هناك مجموعة من العملاء تنفذ خطط الأعداء الثقافية والفكرية، وتروج لرؤيتهم ونظرتهم حول الخلاص والمخلّص، وتصوراتهم حول المهدوية، وفي الحقيقة تحاول ضرب المهدوية في مقتل بتزييف ثقافتها وتحريف فكرها الأصيل، وسرقة كل النواحي الإيجابية والفاعلية المكنونة فيها.
        الميدان الإعلامي:
        وهو من أبرز وسائل الأعداء، وأهم أدوات القوة الناعمة في الحروب النفسية والاجتماعية والثقافية، والذي يوظف لخدمة الأهداف (وهو صدى فاضح للحرب السرية)، وأمثلة الوسائل الإعلامية المستخدمة في محاربة القضية المهدوية كثيرة، ولكن سنستعرض مثالين فقط للإيضاح:
        ١ - لقد أسست أجهزة المخابرات الأجنبية منصة إعلامية (قناة تلفزيونية) تصدر برعايتهم ودعمهم السري، وهو إسهام في ساحة الدعاية والإعلام، ووسيلة لدعم النفوذ الناعم والانتشار الواسع في المحيط الإقليمي، وتم الاتفاق على أن تتولى إحدى جماعات مدعي المهدوية (اليماني المزعوم - ابن كاطع) إدارة القناة، وأن المصلحة الرئيسية للأعداء من وراء هذا المشروع: سد النقص الإعلامي الموجود في مجال محاربة (المهدوية)، وذلك بإيجاد منبر إعلامي في العالم الإسلامي يبث أفكار ومفاهيم العدو، وكان القرار أن تكون بصبغة شيعية ليصبح تأثيرها مضاعفاً وإضفاء نوع من المصداقية عليها، حيث إن الجرعة الإعلامية السامة لا تؤتي أكلها إلّا عن طريق الخداع والسرية، إضافة لإعطائها فرصة للولوج إلى ساحة النقاش والحوار الثقافي حول المهدوية في المجتمعات الموالية، وأن تكون متوائمة في ميدان تزريق الأفكار مع احتياجات الأعداء، وتتماهى مع الرؤى الثقافية التي يطلقها المستشرقون حول المهدوية، وعن طريقها تتيسر الفرصة لخداع أكبر شريحة ممكنة، وتكون واجهة لاستقطاب أفراد جدد، وتحت مظلة عمامة شيعية.
        ٢ - لقد بثت شركة نتفليكس الأمريكية الترفيهية في اليوم الأول من عام ٢٠٢٠م مسلسلاً تلفزيونياً ومترجماً بعدة لغات، بعنوان (المخلّص) ويتكون الجزء الأول من ١٠ حلقات، وتدور أحداث القصة حول رجل يظهر لأول مرة في دمشق بسوريا، ويدعي أنه (المخلّص - المسيح) وأول ما قاله أمام حشد من الجماهير (الخلاص قريب) وكررها عدة مرات، ويصنع المعجزات في جميع أنحاء العالم، ويتكلم عدة لغات: العربية والعبرية والإنجليزية والفارسية، فيصبح محط أنظار العالم ويجذب عقول الناس إليه، ويصبح مقصد المستضعفين وملاذ اليائسين الباحثين عن الخلاص، المسلسل يتقاطع مع إشارات منتظرة لآخر الزمان في العقيدة الإسلامية، وهي (ظهور المهدي المنتظر، وعودة السيد المسيح، وخروج الدجال)، وأحداث القصة تركز على أن (المخلّص) لا يمكن له التحرك بحرية في عصرنا الحالي، فالمخابرات الأمريكية والإسرائيلية ستلاحقه كما يصور المسلسل، وثمة أياد خفية توجهه وتسانده، وأخيراً تكشف تفاصيل مفزعة عن تاريخ الشخص المدعو بالمخلّص، فهو مجرد شاب إيراني يتعاون سراً مع المخابرات الروسية، وأنه في الأصل مصاب بحالة نفسية يعتقد فيها أنه (المسيح - المخلّص)، أثار المسلسل الكثير من الجدل في الأوساط الدينية المختلفة، وهذا النمط من الدراما يشمل أهدافاً تتعدى الترفيه، وبالتأكيد يحمل رسالة خبيثة وذات دوافع (ماسونية - صهيونية) وهي: أن المخلّص الموعود من أي طائفة دينية: سواء كان عربياً (مسلماً - المهدي) أو أمريكياً (نصرانياً - المسيح) فهو حتماً مريض نفسياً وتابع للمخابرات، وهذا ما يتماهى مع أهدافهم بترويج ثقافة تُكوّن رأياً عاماً عالمياً ضد المخلّص القادم.
        يتبع

        تعليق


        • #14
          الميدان الشامل:
          إن الحرب السرية (الناعمة) غير منفصلة عن الحرب العسكرية (الصلبة) بل تتناغم معها، وأن المزج والتوازن بينهما هي الحرب الذكية، والتي تنطوي على استخدام أي وسيلة متاحة من شأنها إلحاق الخسائر بالعدو وتحقيق الأهداف، وإحدى الغايات الأساسية للحرب ضد المهدوية إضعاف القاعدة الشعبية للإمام (عجَّل الله فرجه)، وهذه مرحلة أولية من المخطط الاستراتيجي للحرب السرية، وسواءً تمت العملية بشكل هادي أو أخذت مساراً مختلفاً، فإن لكل مواجهة ظروفها الخاصة ونوعها الملائم، فمن جهة يتم تنفيذ حرب سياسية (كالذي يحدث ضد المقاومة في لبنان) أو حرب عسكرية (كالذي يحدث في سوريا وغيرها) أو حرب اقتصادية (كالذي يحدث في إيران)، والهدف تدمير مسارح التمهيد، وتدخل ضمن الدائرة الكبيرة لتقويض المهدوية، وتتماهى مع مخطط إضعاف وتمزيق المجتمعات المؤمنة به والتي تشكل قاعدته الشعبية، والتي ستلتف حوله وتؤيده وتناصره في حال خروجه، بالإضافة لتهيئة البيئة والمناخ المناسب لخروج أعداء الإمام (عجَّل الله فرجه) المباشرين - الذي ذكرتهم الروايات الشريفة - كالشيصباني والسفياني وغيرهم.
          ويجب إيضاح أن معتنقي الصهيونية المسيحية يؤمنون بأن العديد من المواقف السياسية والعسكرية الأمريكية كالحرب على العراق والمعارك الدبلوماسية التي يشنها البيت الأبيض ضد دول المنطقة وبقية أعداء إسرائيل هي (التزام ديني) من شأنها أن تسرّع عودة المسيح إلى الأرض وإضعاف موقف الديكتاتور العربي والدجال الإسلامي القادم، وكذلك يرون في اغتيال قادة المقاومة الإسلامية المناهضين لإسرائيل والصهيونية (انتقاماً إلهياً من أعداء إسرائيل).
          وفي هذا السياق، فإن بعض الخطوات والتحركات ذات الطابع العسكري في المنطقة والتي يتخذها وينفذها الأعداء حالياً، هي بمثابة إجراء ردعي يثبت للجماهير المؤمنة أنه ليس من الحكمة تحدي الغرب وصنيعته إسرائيل، وبتعبير آخر: يمثل ضربة قاصمة للروح المعنوية للمؤمنين المنتظرين، ومن شأنه أن يخلق حالة من اليأس لعدم إمكانية حسم المواجهة مع الجبروت الأمريكي والتحالف الغربي، وبالتالي لا فائدة من الاستمرار في المواجهة، وباستثناء الجانب السري للأهداف وغاياتها الأيديولوجية، فإنها في أحد جوانبها استمرار للحرب النفسية، والنية أن تحدث إرباكاً لقاعدته الشعبية، وتخلق شكوكاً في قدرات الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) وإمكانياته وتضعف الثقة فيه، وتدمير إرادة ومعنويات أتباعه وشيعته.
          وفي الحرب السرية تتطور الخطط بما يتناسب مع الأحداث الميدانية، وضمن الاستراتيجية الشاملة والغايات النهائية، فتأخذ أشكالاً وأدواراً متنوعة بين حرب نفسية وإجراءات عسكرية وأساليب ثقافية ووسائل إعلامية، وكلها محاولات ممنهجة ومنظمة وخفية لمناهضة الإمام (عجَّل الله فرجه)، وفي ضوء ذلك نرى خيوطاً تتحرك في العلن وأخرى في الخفاء، ومعركة تدار علانية تارة ومن خلف الستار تارة أخرى، وأيادٍ تحرض في الداخل وأصابع تعبث في الخارج، وقوى أجنبية تتكالب وقوى داخلية تفتح لها الطريق، وهكذا تتآزر جهود الأعداء مجتمعة لتقويض المهدوية.
          وفي إطار الآليات التطبيقية ونطاقات الصراع، فإن هناك ميادين أخرى لم نتطرق لها، لحساسية الموضوع وصعوبة الحصول على المعلومة، كالميدان السياسي وفي أعلى المناصب والمستويات، فينصبّ الجهد على تخويف ساسة الدول على مصالحهم الشخصية، والهدف حشد قواهم ضد الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) وخاصة دول المنطقة، ولضمان مشاركتهم في الحرب من وراء الكواليس، وللحصول على الدعم والمساندة في ميادين الصراع، وبشكل عام فإن هناك أدوات وأسلحة تنفّذ الخطط والاستراتيجيات، وباستخدام مختلف الأساليب الثقافية والدعائية وبمؤازرة وسائل القوة الناعمة الموجهة للجماهير، فيتم بهدوء تزييف الحقائق، وبطرق الكذب والخداع تشوه صورة المهدوية وتوضع ثقافة بديلة ومزورة، على أن تكون جاذبة ومتناغمة مع عواطف شعوب الميادين المختلفة، وبشكل مختصر فإن لكل ميدان وساحة ما يناسبه من آليات الصراع.
          شذرات مهدوية في خضم الحرب:
          في ظل طور الغيبة الكبرى ودورها، نجد من مزاياها عدم حاجة الإمام (عجَّل الله فرجه) إلى أي مظلة أمنية أو سياسية، فإنه يتمتع بقدر اكبر من حرية الحركة إزاء خطط الأعداء وأساليبهم ووسائلهم، بالإضافة للإمكانيات والكفاءة الشخصية التي يحوزها القائد الرباني (عجَّل الله فرجه)، فضلاً عن الدعم والتوفيق والحفظ الإلهي، فإن كل ذلك يساعده على الالتفاف حول مكائد الأعداء وإفشال خططهم، ويرسّخ أساساً قوياً لمكانة المهدوية في المجتمعات المؤمنة وتحصين قاعدته الشعبية.
          بالتأكيد للإمام (عجَّل الله فرجه) دور إيجابي وفاعلية نشطة لصد هجمات الأعداء، خاصة وإن وظيفته الرئيسية حفظ الدين والمذهب، ولكن باعتبارنا نعيش في عصر الغيبة فإنه محجوب عنا معرفة ماذا يفعل، وما هو المنهج والخطط التي يستخدمها حيال ذلك، باعتبار أن نشاطه خفي عن الأصدقاء والأعداء، وهذا هو الطابع والبرنامج العام له، ولكن الأعداء يشعرون بتحركاته ويتلمسونها، في أحد دروس(٣١) الشيخ السند ينقل عن تقرير موقع ويكيليكس ما خلاصته (أن القائد الخفيّ - للشيعة - قابع في العراق وعنده علم من الأسباب الطبيعية تفوق علومنا، ويأخذنا يميناً ويساراً وشمالاً وجنوباً، ويقود المعارك ضدنا، ولكن لن نهدأ معه، وأن الدوائر الغربية تؤكد: وجود الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) وأنّه صاحب قدرة، وأنهم لكونهم أصحاب قدرة يعرفون من يصارعهم)، وقد علق الشيخ السند على التقرير بقوله: (إن هذا الدليل لا يفهمه إلّا من هو جالس في غرفة القيادة والسيطرة، أمّا من هو خارج عنها فلا يفهم ذلك أصلاً، وإنما يرى مجرد أحداث متناثرة من دون أن يدرك أسبابها ومحركاتها).
          وفي هذا السياق، يؤكد (فرانسوا تويال)(٣٢) في كتابه (الشيعة في العالم، صحوة المستبعدين واستراتيجيتهم)(٣٣) إذ يتعرّض فيه لعقيدة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) ويقول فيه: (إن الشيعة يعيشون في انتظار عودة الإمام الغائب، وهذا باختصار: المنهج الذي تنتهجه هذه الطائفة في مسراها الدنيوي)، وفي جانب آخر من الكتاب يقول أيضاً: (إن عقيدة الإمام المهدي عند الشيعة ليست عقيدة تجريدية جمودية بل هي عقيدة مشروع دولي عالمي أُممي)، ويضيف بالقول: (والمشكلة أن هذا الطموح الخطير لا نجده في أيّ ملّة ولا نحلة ولا جماعة أخرى)، ويقول في مكان آخر: (إن الغيبة شاءها الله كي يسمح للمهدي بأن يقود الناس بطريقة خفية)، ثمّ يحذّر بالقول: (فلذلك يجب على المراقبين الدوليين أن يلتفتوا إلى خطورة هذه العقيدة فإنّها ليست عقيدة وحسب، بل هي مشروع عالمي متكامل، لاسيّما أن هذا المشروع أكبر شعار لكل مؤمن بالعدالة وهو العدالة المطلقة).
          هكذا يفهم الأعداء الطرف الآخر من الصراع، ويفهمون كذلك أن القيادة من وراء الستار مصدر قوة، وهي التي تتولى الاستراتيجية العليا، وتستغل القوة المعنوية في الأمة باعتبارها المصدر الحقيقي للصمود وإدارة الصراع، ولذا فالمذهب الشيعي بالرغم من كثرة ما تعرض له من أزمات ومعارضة وتهميش وإقصاء، وما لاقاه الشيعة من ظلم واضطهاد وقتل على يد مناوئيهم ومن قبل الحكومات المتعاقبة على مر التاريخ الإسلامي، وعلى كثرة الضربات القاصمة للظهر، ومع ذلك فإنه المذهب الإسلامي الوحيد الذي يزداد نمواً وتطوراً فكرياً وعددياً باستمرار، فضلاً عن الصمود والبقاء، في الوقت الذي يشهد الواقع التاريخي والأحداث المعاصرة كثرة الأخطار المحيطة به، ولو تعرض لها أي مذهب إسلامي آخر لانتهى، كما حدث مع الكثير من المذاهب المنقرضة، ويرجع الفضل في هذا البقاء والازدهار للمذهب للقائد الغائب الذي يرعاه ويحميه، ونجد أياديه وبصماته واضحة في المفاصل التاريخية للمذهب، وفي عصرنا الحديث لا يختلف الوضع بل يكاد يكون دور الإمام (عجَّل الله فرجه) في المحطات الخطيرة واضحاً وبارزاً، وهذا ما يتلمسه ويشعر به الأعداء قبل الأصدقاء.
          ويبقى السؤال: ما هو طريق إفشال الحرب السرية القذرة ضد الإمام (عجَّل الله فرجه)؟
          وهل نترك الإمام (عجَّل الله فرجه) يواجه هذه الحرب الشرسة بمفرده؟
          أم يكون لنا دور في صد الهجمات وإفشال الخطط الخبيثة للأعداء، وتكون لنا يد فاعلة ونشاط إيجابي ومؤثر لربح الصراع، أو على الأقل التقليل من آثاره؟
          يتبع

          تعليق


          • #15
            خلاصة القول والثمرة:
            إنه لتحدٍ كبير أن يكتب المرء عن حرب جارية، وهي في غاية السرية والخفاء (لم يصرح بها أحد رسمياً)، وفي هذا البحث حاولنا ما أمكن أن نصيغه بطابع فكري بعيداً عن صورة التقارير الصحفية لنقل تفاصيل الحروب، فاستعرضنا فتات من المعطيات الفكرية والأصول التاريخية والمعتقدات الدينية للأعداء، والتي تؤكد وتثبت أن المهدوية تواجه حرباً حقيقية ومنظمة، حيث يتم تنفيذها بطرق مهنية واحترافية جداً.
            ليس من شك في أن الأُمة الإسلامية خصوصاً والبشرية عموماً تواجه اليوم حربا خفية طويلة الأمد، غايتها عرقلة مقدمات إقامة دولة العدل الإلهي وتأخير تكامل البشرية، وخططها الاستراتيجية تستهدف: تدمير الأمل والتفاؤل والإيجابية في أنفسنا وأرواحنا، وسرقة المخلّص والمنقذ والمهدي من إيماننا وعقولنا، حفاظاً على مصالحهم، ولذا ينبغي أن لا نغفل حقيقة هذا الصراع وأن نقلل من شأنه، فالقتال العسكري له نهاية يوماً ما، أمّا الحرب السرية فليس لها نهاية بل هي مستمرة ودائمة في السلم والخصام على حدٍ سواء، وكلما اقتربنا من اليوم الموعود ومن ساعة الفجر المقدس، كلما ضاق الخناق على الأعداء، وزاد فزعهم وخوفهم أكثر وأكثر، فتزداد معه حدة وشراسة الحرب واتساع نطاقها.
            وبالتفكر والتأمل قليلاً سنلاحظ مؤشرات وعلائم بارزة عن مدى اتساع ساحات المواجهة حيث تشمل البشرية كافة، ويمكننا أن نعتبر خطوات المجابهة والصراع الحالية فصلاً جديداً في حرب مستمرة وطويلة، فمعاداة الإمام (عجَّل الله فرجه) ومناهضته كانت موجودة سابقاً، ولكنها تبلورت في الفترة الحالية في صيغة حرب سرية أكثر شراسة وأقوى ضراوة، وقد بدأ الفصل الجديد من هذه الحرب في انطلاقته الأخيرة مع انتصار الثورة في إيران عام ١٩٧٩م، من قبل الأعداء: الصهيونية واليمين المسيحي الانجيلي الأمريكي (المسيحية المتصهينة)، وزادت حدة وشراسة الحرب مع غزو العراق عام ٢٠٠٣م، فإذا بأحداث المنطقة وبالخصوص الساحة العراقية والشام تخبر أن لا استقرار ولا سلام في منطق الأعداء المسكون بالأساطير والتنبؤات وصراع الآلهة ولعنة الجغرافيا، فمن الثابت أن المواجهة مع الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) حالياً تندرج ضمن نطاق الحروب غير المباشرة وغير المتكافئة، ولا يمكن فيها الحصول على انتصار حاسم، حيث أحد أطراف الصراع غائبٌ عن الساحة (بشكل ظاهري)، وبعيدٌ عن الجدال.
            يمكن اعتبار أن العدو انتزع مكسباً نسبياً من خلال:
            * ضمان تحالف الساسة الغربيين مع الصهيونية ضد الإمام (عجَّل الله فرجه) حالياً ومستقبلاً.
            * إنشاء وتأسيس بعض جماعات وحركات دعاة المهدوية في العالم الإسلامي.
            * تحييد الشعوب الغربية من التأثر بالمهدوية نوعاً ما.
            ولكن ذلك المكسب غير محسوم وبانتظار تتمة الأحداث والنتائج الختامية، ولذا ستبقى الحرب كامنة والنزاع مستمراً وطويل الأمد.
            لقد أذهلت هذه الحرب بطول مدتها، وتعقيداتها وخبث أساليبها، كل من حاول دراستها أو تفهُّم دوافعها، كما كان من المثير للدهشة موقف بعض المسيحيين من الصراع، بحيث أصبحوا اليد المنفذة بدلاً من اليهود، ومن المعلوم أن الصهيونية قدمت عدة تبريرات لشن الحرب ضد المهدوية، والتي تركزت أساساً على: قيام دولة إسرائيل الكبرى، ووقوع معركة هرمجدون مصداق للنبوءات التوراتية، وهي إشارات يجب أن تسبق عودة المسيح، بالتأكيد ليس الأمر إلّا مجرد مناورة كبرى تصيغها الصهيونية لصرف الأنظار عما تفعله من إجراءات مستبدة عميقة ضد الفلسطينيين وضد المهدوية، متخذة من المسوغات الدينية غطاءً لتمرير مشروعها السياسي العالمي الرامي إلى تأسيس دولة صهيون الكبرى.
            إن الحرب السرية (سواء القوة الناعمة أو الشاملة) رغم مغريات شعاراتها وجاذبية أداتها، فإن نتائجها لا تقل خطورة عن النتائج المترتبة على استخدام القوة العسكرية وأدوات الضغط الاقتصادية، وقد قُيِّمت على أنها من الحروب الخطيرة، نظراً إلى ما استُخدم فيها من وسائل متنوعة وما أنتهج من أساليب خبيثة، ومن المؤكد أن أحد الخطط الرئيسية لاستراتيجية الحرب طويلة المدة والتي يهدف القادة (الصهاينة) إلى ممارستها ضد الإمام المهدي (روحي فداه)، هو الاعتماد بشكل رئيسي على حركات دعاة المهدوية في مواجهة قاعدته الشعبية، وبناءً على نظرتهم وفهمهم القاصر أن الإمام (عجَّل الله فرجه) الآن في طور الغيبة - فقدان المعنى الحقيقي للغيبة(٣٤) - والمحتمل أن تجعله غير قادر أو مقيداً عن مواجهة خطط وأساليب هذه الحرب، وربما أدت إلى انهيار العقيدة المهدوية من قلوب شيعته تحت ضربات سهام هذه الجماعات.
            القوميات:
            وبعد استعراض الكثير من المعطيات والحقائق عن هذا النزاع الخفي طويل الأمد والمستمر، يتسنى لنا في نهاية هذا البحث أن نسوق بعض من التوصيات وبشكل مجمل:
            يجب علينا أن لا ننسى أننا أمام قوة عالمية تستخدم أساليب ووسائل خفية وخبيثة ضد المهدوية وقاعدتها الشعبية وضد الرأي العام العالمي كذلك، والأساس الذي يجب أن ننطلق منه لمواجهتها: أن نعترف أولاً بوجود هذه الحرب، وأن هناك من يخطط ويشرف على تنفيذها، والتي بدأت بشكل جلي وقوي في العقود الأخيرة، وهي لن تتوقف عند حد معين، ولكن السجال يحصل بحسب طريقة أدائنا والجهود التي نبذلها، لذا يجب أن نضعها نصب أعيننا، من أجل أن نهيئ العدة المناسبة للتصدي لها وتقليص آثارها، ونتمكن في الأخير من ربح المعركة الطويلة.
            لا شك أن الاطلاع على دوافع وبواعث الحرب ضد الإمام (عجَّل الله فرجه) الحالية، يشكل مفصلاً مهماً في المشروع المهدوي المستقبلي، وإضافة بناءة للتمهيد لظهوره وإن كان بشكل غير مباشر، وأن دراسة الأسباب الحقيقية لهذا الصراع وكذلك تحليل المبررات الظاهرة أمر ضروري، لأن أي نزاع بين طرفين يحتاج إلى تفسير، والحقيقة أننا لو حللنا دلالات ومعطيات هذه الحرب لوجدنا دوافع عميقة للأعداء وراءها، كمنافع اقتصادية ومصالح سياسية كبرى بعيداً عن المبررات الدينية أو المسوغات الأيديولوجية، وهذا يستدعي التحقق من الجذور الحقيقية للحرب وخاصة لكيانات ومجتمعات علمانية، لأن ذلك يشكل النظرة العميقة لماهية الأهداف وطبيعة الصراع، وحينها يسهل علينا وضع خارطة طريق للتصدي لجوهر الصراع، وعدم الانجرار وراء المعارك الجانبية والمناوشات الثانوية.
            لابد من دراسة وتحليل خطط واستراتيجيات الأعداء المرحلية والنهائية بدقة، وفهم الوسائل والأساليب التي يستخدمها، وأن نُقيّم تقنيات وآليات الحرب من منظور فكري ونفسي وقانوني، فمن خلال نتائج الدراسة والتحليل نتمكن من رصد نقاط القوة والضعف لدى العدو، ونركّز على محاور القوة لديه ونعمل على تفكيكها، ومعرفة المصادر والمنابع التي يعتمدون عليها، ومن جهة أخرى نشخّص مصادر القوة عندنا والتي يجب أن نتمسك بها ونرسّخها، ونواحي القصور التي يجب تفاديها والعمل على علاجها وسدّ الثغرات فيها، وهذا أمر في غاية الأهمية.
            يتحتم علينا تكوين رؤية شاملة عن مناهضة المهدوية وطبيعة الصراع، وتحديد مستوى خطورة حرب هذه الأيام وتقييم عمقها، ورصد الأهداف الاستراتيجية من ورائها، وبناء منظومة فكرية شاملة (عقائدية وثقافية وأمنية ونفسية واجتماعية وتقنية وإعلامية و...) عن تاريخ معاداة المهدوية، بحيث تتراكم لدينا خبرات معرفية، ويسهل وضع أولويات للمرحلة الراهنة، فيتسنى لنا اتخاذ تدابير وقائية غير تقليدية وأن تكون مؤثرة وفاعلة، ولابد أن ننتقل من موقع الاطلاع ودور الدفاع إلى دور الهجوم وموقع التأثير.
            لابد من التعاطي بإيجابية مع فداحة هذه الحرب، وقبل ذلك علينا أن نستوعب وندرك دورنا المطلوب لتحصين مجتمعاتنا (وبالخصوص جيل الشباب والأشبال) تجاه سهام الأعداء، سواء ضد المرجعية الدينية أو ضد القاعدة الشعبية بشكل عام، وأن لا ننخدع بالحرب النفسية ونتأثر بها، وأن نبادر لدفع السلطات الرسمية لاتخاذ مواقف أمنية تجاه الجماعات المشبوهة المستغلة للقضية المهدوية، وأن تحقق قانونياً في بواعثهم الحقيقية ومدى ارتباطاتهم بالاستخبارات الأجنبية، ويرافق ذلك نشر ثقافة مهدوية تلبي احتياجات المرحلة وضروريات الصراع.
            إننا بأَمَسّ الحاجة إلى تصحيح الصورة المزيفة والمشوهة عن الإمام (عجَّل الله فرجه) لدى الرأي العام الغربي والعالمي، والعمل على تفكيك وتقويض الصورة التي رسمها الأعداء، ولنبادر إلى تعريف مهدوية أهل البيت (عليهم السلام) إلى الشعوب والحضارات الأخرى، وبلورة حقيقة المهدوية وبما تحتويه من قيم راقية ومبادئ إنسانية وحضارية وبشكل يناسب عقلية غير المسلم، وإيصالها الى المنظومة الفكرية للشعوب الغربية، والاستفادة من حرية الرأي والإعلام الحر لديهم، فهذا من أهم الأولويات الفكرية الملحّة حالياً.
            من المهم تصميم منظومة استراتيجية بعيدة المدى (خارطة طريق) شاملة لكل الأبعاد الأمنية والفكرية والاجتماعية والسياسية، صالحة لتجاوز هذه الحرب وتقليص تأثيرها، ومتابعة آخر المستجدات التي وصلت إليها خطط الأعداء الميدانية في ظل الأهداف النهائية، وعندما نقوم بهذه الخطوات أو المهمات، لابد أن نستوعب: أن هذه مسؤولية دينية قبل أن تكون مهمة حضارية وإنسانية.
            إن الذي يقلق وبشدة هو معرفتنا لخطورة الحرب السرية الحالية، وإدراك فظاعة أساليبها الناعمة التي تتغلغل في أوساط مجتمعنا، ولكن نتساءل: من جعل الأبواب مشرعة لهم؟!

            يتبع

            تعليق


            • #16
              وفي الختام:
              لابد أن نثير سؤالاً مهماً: لِمَ كل هذا العداء للمهدوية في الغرب، ولِمَ زادت حدّة الصراع في الوقت الراهن، وما هي المعطيات والأسباب المستجدة؟
              واستفهام كبير يشغل بالنا منذ زمن طويل: أنها حرب سرية ضد المهدوية وضد الإمامة الخاتمة، فهل نحن (شيعته) على قدر المسؤولية فنواجهها ونتصدى لها بشكل كاف؟
              وعليه:
              نسوق هذه الحقيقة البديهية: أن الإمام (روحي فداه) خاتم الأوصياء وبقية الله، وبما حباه الله من كفاءة وإمكانيات ومقام عظيم جليل، ما يجعله قادراً على أن يتحدى ويجابه كل قوى الكفر العالمي بما تمتلكه من إمكانيات عسكرية وتقنية ومالية وإعلامية هائلة، ومن المؤكد سيتحقق قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالهُدى وَدِينِ الحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ المُشْرِكُونَ﴾ (التوبة: ٣٣)، وفوق ذلك، هذا وعد إلهي: ﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرضِ﴾ (النور: ٥٥).


              الهوامش:

              (١) غزو العراق (١٩ مارس - ١ مايو ٢٠٠٣)، ومع إنهاء الاحتلال وبدء سحب القوات الأمريكية، إلّا أن الاضطرابات والصراعات والعمليات الإرهابية لا تزال سارية في العراق حتى اليوم، وهو ما يعني أن انتهاء الأعمال العسكرية لا يعني انتهاء الحرب.
              (٢) حدثت عملية التفجير الإرهابية لضريح الإمامين علي الهادي والحسن العسكري (عليهما السلام) آباء الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) في صباح يوم الأربعاء ٢٢ فبراير ٢٠٠٦، في مدينة سامراء في العراق.
              (٣) بروتوكولات حكماء صهيون: عبارة عن مجموعة من النصوص تتمحور حول خطة لسيطرة اليهود على العالم. تم نشر هذه النصوص لأول مرة في الإمبراطورية الروسية في جريدة زناميا في مدينة سانت بطرسبرغ عام ١٩٠٣م، في عام١٩٢١م تم طبع النص الكامل للبروتوكولات في الولايات المتحدة، وفي عام ١٩٣٤ قام الطبيب السويسري زاندر (Zander) بنشر سلسلة من المقالات يصف فيه البروتوكولات بأنها حقيقة تاريخية ولكنه تعرض للمحاكمة لنشره تلك المقالات، أن تاريخ الحركة الصهيونية والنفوذ الاقتصادي اليهودي في العالم وإنشاء دولة إسرائيل ونفوذ اليهود على القرار السياسي في عدد من دول العالم ما هي إلّا تطبيقات عملية بصورة أو بأخرى لما ورد في تلك البروتوكولات.
              (٤) أحجار على رقعة الشطرنج - التطبيق العملي للبروتوكولات: هو كتاب للمؤلف الكندي وليام جاي كار (William Guy Carr)‏ صدر عام ١٩٥٥م، يكشف دور المنظمات السرية العالمية في صنع الحروب والثورات التي أحدثت الخراب والدمار على البشرية ويشرح مخططاتهم السرية للسيطرة على العالم.
              (٥) حركة يهودية تنتشر حول العالم، تأسست عام ١٨٩٧م، ويعتبر اليهودي النمساوي ثيودور هرتزل مؤسس الصهيونية السياسية.
              (٦) الايباك: كانت تعرف سابقاً باسم: (اللجنة الصهيونية الأمريكية للشؤون العامة)، وقد تم تغيير الاسم عام ١٩٥٣م، حيث بدلت كلمة الصهيونية إلى الآسرائيلة، وتعتبر (ايباك) من أقوى وأقدم اللوبيات في أمريكا، وتسيطر تقريباً على القرار السياسي والعسكري الأمريكي وتجنده لمصلحة إسرائيل، وتصرح ايباك على موقعها الرسمي: أن مقابلاتها مع أعضاء الكونجرس الأمريكي تتجاوز ٢٠٠٠ مقابلة سنوياً، تقدم لهم خلالها تقارير ودراسات استراتيجية عن الشرق الأوسط والعالم.
              (٧) منقول بتصرف من كتاب: الإدارة الأمريكية المحافظة، وتسييس نبوءات التوراة لآخر الزمان - مروان الماضي: ص ١٢٧- ١٢٨.
              (٨) الإصلاح (الذي يُطلق عليه اسم الإصلاح البروتستانتي أو الإصلاح الأوروبي) هو حركة داخل المسيحية الغربية في أوروبا في القرن السادس عشر شكلت تحدياً دينياً وسياسياً للكنيسة الكاثوليكية الرومانية والسلطة البابوية بشكل خاص، اعتبر أنه بدأ مع نشر القضايا الخمس والتسعين التي كتبها الراهب الألماني (مارتن لوثر) في عام ١٥١٧م والذي دعا إلى إصلاح الكنيسة والحدّ من تجاوزاتها واضطهادها للناس، ولقد كانت المناداة بهذا الإصلاح مقدّمةً نتج عنها فيما بعد: فصل الدين عن ميدان الدولة والسياسة، وإقصاءُ كنيسة (روما) عن المشاركة في حكم أوروبا والحدّ من سيطرتها على حياة الإنسان الأوروبي والتدخّل في كلِّ تفاصيلها، والذي أوجد أرضاً خصبة لانتشار المسيحية اليهودية، حصل نزاع على نهاية عصر الإصلاح، أو أنه لم ينته أبداً بسبب وجود بروتستانتيين حتى اليوم.
              (٩) بعد حركة الإصلاح الديني في أوربا، أصبح العهد القديم المرجع الأعلى للاعتقاد البروستانتي، ومصدر المسيحية النقية الثابت، وجزءاً من طقوس العبادات والصلوات في الكنائس، والنبوءات المتعلقة بنهاية الزمان والعصر الألفي والمجيء الثاني للمسيح.
              (١٠) مصطلح السوسيولوجيا: يعني دراسة المجتمعات الإنسانية وكذلك المجموعات البشرية والظواهر الاجتماعية، بالإضافة لدراسة أسباب التغيرات في السلوكيات وكذلك أصول الدول من الناحية السياسية والقانونية، والسوسيولوجيا اصطلاحاً هي كلمة نظيرة لعلم الاجتماع الذي يقوم بدراسة التغيرات والتطورات التي تؤثر على المجتمع والتنبؤ باتجاه تلك التغيرات.
              (١١) إسرائيل الكبرى أو أرض إسرائيل الكاملة، وهي عبارة تشير لحدود الدولة حسب التفسير اليهودي لكتابهم المقدس كما في سفر التكوين ١٨:١٥ - ٢١ حيث يذكر عهد الله مع إبراهيم: (في ذلك اليوم عقد الله ميثاقاً مع إبرام قائلاً: (سأعطي نسلك هذه الأرض من وادي العريش إلى النهر الكبير)، هذا الادعاء تشمل الحدود الجغرافية من النيل إلى الفرات، وهذا معنى الشرائط الزرقاء في العلم الإسرائيلي، التي تمثل نهري النيل والفرات.
              (١٢) كتاب: الإدارة الأمريكية المحافظة وتسيس نبوءات التوراة لآخر الزمان - مروان الماضي: ص ١٢٢.
              (١٣) الكتاب المقدس لليهود، وهو الجزء الأكبر من الكتاب المقدس ويحتوي على ٤٦ سفراً وهي عبارة عن جميع كتب اليهود ويعرف عندهم باسم التناخ، وهو يحتوي على أسفار موسى الخمسة (التوراة)، والأسفار التاريخية وأسفار الأنبياء والحكمة، كزبور داود.
              (١٤) معلومة تاريخية مثيرة للاهتمام: كان زعماء الصهيونية في ١٩٤٨م يفكرون بإطلاق اسم (صهيون) على الدولة الجديدة، ولكنهم في النهاية قرروا تبني اسم (إسرائيل).
              (١٥) The Late Great Planet Earth - Hal Lindsey , ١st ١٩٧٠ , Zordervan Co.
              هو الكتاب الأكثر مبيعاً في الولايات المتحدة وأوروبا لعام ١٩٧٠م، وقد أعلنت صحيفة نيويورك تايمز (أنه أفضل كتاب غير خيالي مبيعاً في السبعينات)، حيث بيع منه أكثر من ٣٥ مليون نسخة بحلول عام ١٩٩٩م، وترجم إلى أكثر من ٥٠ لغة، وتم إنتاجه كفلم وثائقي عام ١٩٧٨م مدته ساعة ونصف.
              (١٦) المصدر: كتاب (The Late Great Planet Earth - Hal Lindsey)، أي: آخر أعظم كرة أرضية، ملخص للصفحات من ١٦٢-١٧٠، ويتحدث عن الدمار في كل العالم، ولا يقتصر على ميدان المعركة فقط، ويقول في صفحة ١٦٨: مع بلوغ معركة هرمجدون ذروتها الرهيبة، ويبدو أن كل أشكال الحياة ستدمر على الأرض، في هذه اللحظة بالذات سيعود يسوع المسيح وينقذ الإنسان من الانقراض الذاتي.
              (١٧) كتاب النبوءة والسياسة - تأليف: جريس هالسل، ترجمة: محمد السماك، الطبعة الثانية ١٤٢٤هـ، ٢٠٠٣م، دار الشروق - القاهرة.
              (١٨) مصطلح (المهدي فوبيا): ينطوي على التحامل والكراهية والخوف من الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) أو كل شيء يرتبط به، وبالأخص عندما ينظر للمهدوية كقوة جيوسياسية أو كعدو ومصدر للإرهاب، مما يؤدي إلى النظر لقيمها ومبادئها بدونية ومنزلة أقل من الثقافة الغربية.
              (١٩) مع ملاحظة أن بشارات الأديان تتناول قضايا وخصوصيات في المخلص الموعود لا تنطبق إلّا على أبرز ما يميز أطروحة مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) والواقع التاريخي الذي مرت به، مثل: تعرّض المخلص لخطر القتل والتصفية أثناء ولادته والتي تؤدي إلى غيبته، ثم التأكيد على أنه محفوظ بالرعاية الإلهية أثناء غيبته حتى موعد ظهوره، وهذا من خصائص الأطروحة المهدوية الإمامية، حيث وردت الإشارة إلى ذلك بصراحة ووضوح تام في سفر رؤيا يوحنا: الإصحاح ١٢: ١ - ٦ ما نصه: (وظهرت آية عظيمة في السماء امرأة متسربلة بالشمس، والقمر تحت رجليها، وعلى رأسها إكليل من اثني عشر كوكباً، وهي حبلى تصرخ متمخضة متوجعة لتلد، وظهرت آية أخرى في السماء، هوذا تنين عظيم أحمر له سبعة رؤوس وعشرة قرون، وعلى رؤوسه سبعة تيجان وذنبه يجرُّ ثلث نجوم السماء، فطرحها إلى الأرض، والتنين وقف أمام المرأة العتيدة أن تلد حتى يبتلع ولدها متى ولدت، فولدت ابناً ذكراً عتيداً أن يرعى جميع الأمم بعصاً من حديد، واختُطف ولدها إلى الله وإلى عرشه، والمرأة هربت إلى البرية حيث لها موضع معد من الله)، وكذلك ذكر أنه الثاني عشر من سلسلة مباركة متصلة، نظير ما ورد في (التوراة: سفر التكوين، الإصحاح ١٧، نص ٢١، ما نصه: (وأمّا إسماعيل فقد سمعت قولك فيه، وها أنا ذا أباركه وأنميه وأكثره جداً جداً، ويلد اثني عشر رئيساً، وأجعله أُمة عظيمة)، وقد ثبت ذلك فعلياً وواقعياً في التاريخ الإسلامي، وعليه يتجلى لنا أن البشارات تهدي إلى حقيقة هي: أن المخلّص المنتظر هو الإمام المهدي خاتم هؤلاء الاثني عشر، بالإضافة إلى وصف المنتقم لدم الحسين (عليه السلام) المستشهد عند نهر الفرات - سفر إرميا: الإصحاح ٤٦: ٩ - ١٠ ما نصه: (اصعدي أيتها الخيل، وهيجي أيتها المركبات، ولتخرج الأبطال، فهذا اليوم للسيد رب الجنود يوم نقمة الانتقام من مبغضيه فيأكل السيف ويشبع ويرتوي من دمهم، لأن للسيد الرب ذبيحةً في أرض الشمال عند نهر الفرات)، وهناك أمثلة كثيرة لا يتسع المجال لذكرها.
              (٢٠) لمزيد من التفاصيل والاطلاع على الأحاديث بهذا الخصوص، ارجع إلى كتاب: سقوط إسرائيل من العلو والإفساد إلى الزوال، الصفحات من ٨٦-٩٠، بالإضافة ص ١٥٨.
              (٢١) قوله تعالى: ﴿وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً * فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً * ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً * إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها فَإِذا جاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا المَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً * عَسَـى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً﴾ (الإسراء: ٤-٨).
              (٢٢) كتاب: السيادة العربية والشيعة والإسرائيليات في عهد بني أمية، ج. فان فلوتن، ترجمة: حسن إبراهيم ومحمد زكي، الطبعة الأولى ١٩٣٤م - القاهرة، وكمثال نستشهد بما قاله هذا المستشرق الهولندي: (أمّا نحن معشر الغربيين فقد استرعت عقيدة المهدي (والمهدي المنتظر بوجه خاص) أنظار المستشرقين منا، لما كان لها من الأثر في سياسة الشرق حتى اليوم)، ص ١٠٩.
              (٢٣) الرأي العام: هو الرأي السائد بين أغلبية الشعب أو وجهة نظر الأكثرية تجاه قضية معينة (عامة) في زمن معين، والرأي العام الغربي: هو الرأي السائد بين مجموعة من الشعوب الأوربية والأمريكية (مسيحية - علمانية).
              (٢٤) The Imam of Time: A Novel of Then and Now, by: F.W. Burleigh, Publisher: Zenga Books - January ٢٩, ٢٠١٨.
              (٢٥) The Islamic Antichrist: The Shocking Truth about the Real Nature of the Beast - Joel Richardson.
              (٢٦) مايكل يوسف (معاصر): ولد في مصر وعاش في لبنان وأستراليا قبل مجيئه إلى الولايات المتحدة، في عام ١٩٨٤ حقق حلم الطفولة في أن يصبح مواطناً أمريكياً، وهو الراعي المؤسس لكنيسة الرسل في اتلانتا - جورجيا، أمريكا.
              (٢٧) End Times and the Secret of the Mahdi: Unlocking the Mystery of Revelation and the Antichrist, by: Michael Youssef, Publisher: Worthy Publishing - February ٢٣, ٢٠١٦.
              (٢٨) In het land van de Mahdi , by: Karl May - ١٨٤٢ - ١٩١٢.
              (٢٩) The Mahdi, by: A.J. Quinnell, Publisher: William Morrow & Co; ١st U.S. edition - January ١, ١٩٨٢.
              (٣٠) مصدر المعلومات: محاضرة في مهرجان ذكرى ولادة الإمام الحجة المنتظر، الذي أقامته دائرة التعليم الديني والدراسات الإسلامية، العراق - بغداد (١٧ شعبان ١٤٤٢ هـ - ٣١ مارس ٢٠٢١) برعاية رئيس ديوان الوقف الشيعي العراقي.
              (٣١) الدرس العقائدي للمرجع الديني الشيخ محمد السند، ١٣ شعبان ١٤٣٩ هـ، شرح دعاء الندبة، الدرس ٥٣، العراق - النجف.
              (٣٢) François Thual: معاصر، ولد في نوفمبر ١٩٤٤م في فرنسا، الخبير الأمني والاستراتيجي، والمستشار ثم نائب الأمين العام للمجموعة الوسطية في مجلس الشيوخ الفرنسي، المتخصص في الدراسات الجيوسياسية ومدير الدراسات الأكاديمية في المدرسة الحربية العليا للجيوش الفرنسية، عضو في المحفل الماسوني الكبير بفرنسا وغادره في عام ٢٠٠٣م، وهو مؤسس المحفل الكبير للثقافات والروحانيات (GLCS) في يونيو ٢٠١١م، والسيد الكبير والفخري للمحفل العالمي الكبير في مصر (GLMM)، مؤلف لنحو أربعين كتاباً جيوسياسياً، منها: الجغرافيا السياسية للماسونية عام ١٩٩٤م، وكذلك كتاب: الجغرافيا السياسية للشيعة عام ١٩٩٥م، حصل على جائزة أفضل كتاب جيوسياسي عام ٢٠٠٩م في فرنسا.
              (٣٣) ترجمة كتاب (Géopolitique du chiisme - الجغرافيا السياسية للشيعة)، نقله عن الفرنسية إلى العربية: نسيب عون، نشر دار الفارابي - بيروت، الطبعة الأولى ٢٠٠٧م.
              (٣٤) مع حصول الغيبة الكبرى (غيبة عنوان) فإن الإمام (عجَّل الله فرجه) لم يقطع علاقته بقواعده وشيعته ووكلائه العامّين كلياً، بل كان يوجّه ويرشد بما يراه مناسباً ومن المصلحة القيام به.

              تعليق


              • #17
                موضوع رائع جدا ، وأعتقد انه طرح جديد لم اقرأ مثله من قبل ، بارك الله فيكم على هذه الافكار العميقة

                تعليق


                • #18
                  بحث جميل ، نتمنى ان تكثر الكتابات في هذا المجال

                  تعليق


                  • #19
                    هذا الموضوع هو الذي يضيف قيمة ثقافية الى القارئ والمتلقي فاكثروا من نقل مثل هذه البحوث وياريت يتم جمعها في كتاب وتنشر بعنوان معاداة المهدوية، بأن تضاف عدة بحوث في هذا الكتاب وينشر، اعتقد ان هذا عمل جيد وممتاز ويفيد المجتمع الشيعي وبالخصوص العراقي

                    تعليق


                    • #20
                      تكملة بسيطية للتعليق السابق: ياريت تتبنى العتبة العباسية طبع ونشر هذا الكتيب ويوزع على المؤمنين مجانا لحاجة المجتمع لمثل هذا الكتاب

                      تعليق

                      المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                      حفظ-تلقائي
                      Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
                      x
                      يعمل...
                      X