الفصل :118
(وليمة العرس)
خبر الوليمة
عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام قال: لما زوج رسول الله صلى الله عليه واله فاطمة عليه السلام من علي عليه السلام قال: من حضر نكاح علي فليحضر طعامه فضحك المنافقون و قالوا إن الذين حضروا العقد حشر من الناس و إن محمدا سيضع طعاما لا يكفي عشرة أناس فسيفتضح محمد اليوم و بلغ ذلك النبي فدعا عميه حمزة و العباس و أقامهما على باب داره و قال لهما: أدخلا الناس عشرة عشرة و دعا بعلي و عقيل فأزرهما ببردين يمانيين و قال لهما: أنقلا على أهل التوحيد الماء و اعلم يا أخي أن خدمتك للمسلمين أفضل من كرامتكم فجعل الناس يردون عشرة عشرة فيأكلون و يصدرون حتى أكل الناس من طعامه ثلاثة أيام و النبي صلى الله عليه واله يجمع بين الصلاتين في الظهر و العصر و في المغرب و العشاء الآخرة ثم دعا النبي بعمه العباس فقال له : يا عم ما لي أرى الناس يصدرون و لا يعودون؟! قال: يا ابن أخي لم يبق في المدينة مؤمن إلا و قد أكل من طعامك حتى أن جماعة من المشركين دخلوا في عداد المؤمنين فأحببنا أن لا نمنعهم ليروا ما أعطاك الله تعالى من المنزلة العظيمة و الدرجة الرفيعة فقال النبي صلى الله عليه واله له: أتعرف عدد القوم؟؟ فقال : لا أعلم و لكن إذا أحببت أن تعرف عددهم فعليك بعمك حمزة فدعا حمزة فجاء و هو يجر سيفه على الصفا و كان لا يفارقه شفقة على دين الله و لما دخل رأى النبي ضاحكا فقال له: ما لي أرى الناس يصدرون و لا يعودون؟! قال: لكرامتك على ربك لقد أطعم الناس من طعامك حتى ما تخلف عنه موحد و لا ملحد . فقال: كم طعم منهم هل تعرف عددهم؟؟قال: و الله ما شذ علي رجل واحد لقد أكل من طعامك في أيامك الثلاثة بعدتها ثلاثة آلاف من المسلمين و ثلاثمائة رجل من المنافقين فضحك النبي حتى بدت نواجذه ثم دعا بصحاف و جعل يغرف فيها و يبعث به مع عبد الله بن الزبير و عبد الله بن عقبة إلى بيوت الأرامل و الضعفاء و المساكين من المسلمين و المسلمات و المعاهدين و المعاهدات حتى لم تبق يومئذ بالمدينة دار و لا منزل إلا دخل عليه من طعامه صلى الله عليه واله ثم قال: هل فيكم رجل يعرف المنافقين فأمسك الناس؟؟ فقال: أين حذيفة بن اليمان قال حذيفة: و كنت في ضعف من علة بي و بيدي هراوة أتوكأ عليها فلما سمعت النبي يسأل عني لم أملك نفسي أن قلت لبيك يا رسول الله فقال لي : هل تعرف المنافقين ؟؟فقلت: ما المسئول بأعلم من السائل فقال لي ادن مني فدنوت فقال لي: استقبل القبلة بوجهك ففعلت فوضع النبي يمينه بين منكبي فوجدت برد أنامله على صدري و عرفت المنافقين بأسمائهم و أسماء آبائهم و أمهاتهم و ذهبت العلة من جسدي و رميت هراوتي من يدي فقال لي: انطلق و ائتني بالمنافقين رجلا رجلا قال: فلم أزل أدعوهم و أخرجهم من بيوتهم و أجمعهم حول منزل النبي حتى جمعت مائة و اثنين و سبعين رجلا ليس فيهم من يؤمن بالله و يقر بنبوة رسوله قال(وليمة العرس)
خبر الوليمة
فدعا النبي عليا عليه السلام و قال: احمل هذه الصحفة إلى القوم قال علي فأتيت لأحملها فلم أطق فاستعنت بأخي عقيل فلم نقدر فتكامل معي أربعون رجلا فلم نقدر عليها و النبي قائم على باب الحجرة ينظر إلينا و يتبسم فلما رآنا و لا طاقة بنا عليها قال: تباعدوا عنها فتباعدنا فطرح ذيل بردته على عاتقه و وضع كفه تحت الصحفة و حملها و جعل يجري بها كما ينحدر سحاب في صبب و وضع الصحفة بين أيدي المنافقين و كشف الغطاء عنها و الصحفة على حالها لم ينقص منها و لا وزن خردلة ببركته فلما نظر المنافقون إلى ذلك قال بعضهم لبعض و الأصاغر للأكابر لا جزيتم عنا خيرا أنتم صددتمونا عن الهدى بعد إذ جاءنا و تصدونا عن دين محمد و لا بيان أوثق مما رأينا و لا شرع أوضح مما سمعنا و أنكر الأكابر على الأصاغر فقالوا لهم : لا تعجبوا من هذا فإن هذا قليل من سحر محمد فلما سمع النبي مقالتهم حزن حزنا شديدا و قال كلوا لا أشبع الله بطونكم فكان الرجل منهم يلتقم اللقمة من الصحفة و يهوي بها إلى فيه فيلوكها لوكا شديدا يمينا و شمالا حتى إذا هم يبلعها خرجت اللقمة من فيه كأنها حجر فلما طال ذلك عليهم فزعوا إلى رسول الله فقالوا: يا محمد فقال النبي يا محمد !!فقالوا: يا أبا القاسم!! فقال النبي يا أبا القاسم !! فقالوا: يا رسول الله فقال: لبيكم و كان صلى الله عليه واله إذا نودي باسمه يا أحمد يا محمد أجاب بهما و إذا نودي بكنيته أجاب بها و إذا نودي بالرسالة و النبوة أجاب بالتلبية ثم قال: ما تريدون ؟؟قالوا: يا محمد التوبة فما نعود إلى نفاقنا أبدا فقام النبي على قدميه و رفع يديه إلى السماء و قال: اللهم إن كانوا صادقين فتب عليهم و إلا فأرني فيهم آية لا تكون مسخا لأنه رحيم بأمته قال: فما أشبه ذلك اليوم إلا بيوم القيامة كما قال الله تعالى : يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَ تَسْوَدُّ وُجُوهٌ فأما من آمن بالنبي فصار وجهه كالشمس في إشراقها و كالقمر في نوره و أما من كفر من المنافقين و انقلب في النفاق و الشقاق فصار وجهه كالليل في ظلامة و آمن بالنبي مائة رجل و بقي بالنفاق و الشقاق اثنان و سبعون رجلا فاستبشر النبي بإيمان من آمن و قال لقد هدى الله ببركة علي و فاطمة و خرج المؤمنون متعجبين من بركة الصحفة و من أكل منها من الناس فأنشده ابن رواحة شعرا منه
نبيكم خير النبيين كلهم كمثل سليمان يكلمه النمل
فقال صلى الله عليه واله : أسمعت خيرا يا ابن رواحة إن سليمان نبي و أنا خير منه و لا فخر كلمته النملة و سبحت في يدي صغار الحصى و أنا خير النبيين و لا فخر فكلهم إخواني فقال رجل من المنافقين: يا محمد و علمت أن الحصى تسبح في كفك؟؟ قال: إي و الذي بعثني بالحق نبيا فسمعه رجل من اليهود فقال : و الذي كلم موسى بن عمران على الطور ما سبح في كفك الحصى فقال النبي: بلى و الذي كلمني في الرفيع الأعلى من وراء سبعين حجابا غلظ كل حجاب مائة عام ثم قبض في كفه شيئا من الحصى و وضعه في راحته فسمعنا له دويا كدوي الأذان إذا سدت بالأصابع فلما سمع اليهودي ذلك قال: يا محمد لا أثر بعد عين أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أنك يا محمد رسوله و آمن من المنافقين أربعون رجلا و بقي اثنان و ثلاثون.
(انتهى الى هنا ما اردنا نقله من الزواج النوراني المبارك)
ولما انتهيت الى هنا من ذكر الزواج المبارك قالت لي العلوية : جزاك الله خيرا على ما ذكرت
اترك تعليق: