1 ـ الطعام:
نأكله لنعيش، وقد رويعن أمير المؤمنين (عليه السلام): (لا تطلب الحياة لتأكل، بل اطلب الأكل لتحيا)( ).ولكنّا نرى للأكل عند البعض همّاً كبيراً يصل الأمر بهم أحياناً إلى الشجار لأجله،مع أنّنا مأمورون بقلّة الأكل في أيامنا العادية فضلاً عن أيام الحجّ. فعن أبيجعفر (عليه السلام) قال: (ما من شيء أبغض إلى الله عزّ وجلّ من بطن مملوء)( ). ثمإنّ قلّة الطعام تساهم في الصفاء الروحي الذي ننشده بهذه السفرة. عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلّم) قال: (إذا أقلّ الرجل الطعام، مُلأ جوفه نوراً)( ).
إذا علمنا ذلك،فالمطلوب أن نتّخذ عدم الاهتمام بالمطعم والإقلال منه مطيّة في سفرتنا هذه؛ كونهاسفرة روحية، وهذا يساعدنا على الدخول في رحاب رحمة الله.
ولاكنا نلاحظ أنّالأمر ينحى منحاً آخر عند كثير من الحجّاج، فيهبط من المباح والمكروه إلى الحرمة،بل إلى كبائر الذنوب في الإسراف والتبذير.
وللمثال على ذلك: إنّبعض الحملات توفر الأكل بطريقة مفتوحة, فيأتي البعض ليأخذ الطعام الزائد بكثير عنحاجته ليلقى بعد ذلك في القمامة.
عن الإمام الصادق(عليه السلام) قال: (يا عيسى، المال مال الله عزّ وجلّ، جعله ودايع عند خلقه،وأمرهم أن يأكلوا قصداً، ويشربوا منه قصداً، ويلبسوا منه قصداً، وينكحوا منهقصداً، ويركبوا منه قصداً، ويعودوا بما سوى ذلك على الفقراء المؤمنين، فمن تعدىذلك كان ما أكله حراماً، وما شرب منه حراماً، وما لبسه منه حراماً، وما نكحه منهحراماً، وما ركبه منه حراماً)().
2ـ السكن والتنقّل:
نرى البعض بدلاً منأن يتنافس على رضى الله واستباق الخيرات، فيكتفي بالغرفة البسيطة والفراش العادي؛كي يبتعد عن المادة والأنانية، ويقترب من رضى الربّ بتهذيب نفسه، وتطبيق ما يريدهالله، نجده يتسابق على المكان الجيد، والغرفة الجيدة، ويُبقي لأخيه ما هو دون ذلك.هذا الأمر يكشف عن قلّة حيائنا من الله عزّ وجلّ، ومن إخواننا في الله، و يكشف عنحبّنا لذواتنا، وعدم تمكّن الإيمان من سلوكنا. عن النبي (صلى الله عليه وآلهوسلّم) قال: (الحياء هو الدين كلّه)().
وعن الإمام الباقر(عليه السلام) قال: (الحياء والإيمان مقرونان في قرن، فإذا ذهب أحدهما تبعه صاحبه)( ).
ويذهب البعض إلى أكثرمن ذلك، فيسقط في معصية أوامر الله سبحانه في مسألة (تغطية الرأس والتظليل)، فنجدهيركب داخل السيارة دون عذر، في أماكن التنقل القريب من مكة إلى منى، أو من عرفاتإلى المزدلفة مثلاً، وحكمه الشرعي أن لا يظلل. ومنهم من يعتقد أنّ الكفارة ـ ذبحشاة ـ مجزية له، مع أنّ الكفّارة تكفّر على المضطر دون المتعمّد الذي يرتكب حراماًومعصية ، مع ثبوت الكفّارة عليه أيضاً, ولكن الأمر بيد الله.
يقول: لبيك اللهملبيك، وفي نفس الوقت يخالف الله فيما يريد. والكلام هنا موجّه إلى العالم بالحكمالذي يركب دون اضطرار.
3ـ كثرة دخول الأسواق:
أ ـ دخولها عموماً:
كثرة دخول الأسواقبصورة عامة والسير فيها مذموم، فعن الإمام الباقر (عليه السلام) قال: (شرّ بقاعالأرض الأسواق، وهو ميدان إبليس، يغدو برايته، ويضع كرسيه، ويبثّ ذريته... فلايزال مع أول من يدخل وآخر من يرجع)().
هذا في الأيامالعادية، فكيف الأمر ونحن في وفادةٍ إلى الله؟ فقطعاً يكون الذم أشدّ. فبعضنا لايلتفت لهذه المسألة وخاصة النساء، فيكون شغلهن الشاغل هو التسوق والتبضع, ويكوندخول البعض للسوق أكثر من دخوله الحرم، وبحثه عن المواد واهتمامه باقتناءالمشتريات أكثر من الصلاة في البيت الحرام. برغم أنّه جاء وافداً إلى الله فيأيامٍ معدودات، وأنّ العبادة في الحرم تعدل مائة ألف في غيره.
لا نعني بالذم لدخولالأسواق مطلقاً، فدخولها لشراء الهدايا ممّا ينبغي فعله للمؤمنين، إنّما كلامنالمن يجعل السوق أصلاً ودخول الحرم والعبادة هي العارض.
إذا كانت الركعة فيالحرم بمائة ألف ركعة في غيره، فهل يوجد ربح أكثر من هذا؟ وهل من العقل والإيمانالزهد في ذلك، وقضاء الوقت بين النوم والسوق، والجلوس والضحك، مع مرور يسيربالحرم؟ فلو كانت أُجور عمل يوماً واحداً في مكان ما تعدل مائة دولار، ثم جاء موسممعين وتضاعفت الأُجور إلى مائة ألف دولار، فهل سنغيب يوماً واحداً عن العمل في ذلكالموسم؟ نجزم أننا لا نتغيب عنه ساعة واحدة.
تنبيه: من ألطاف اللهتعالى في الحرم أنّ الثواب لم يختص بالركوع والسجود، إنّما جاءت الروايات تؤكد:أنّ النظر للكعبة عبادة عظيمة. ففي الحديث الشريف: (إذا خرجتم حجاجاً إلى بيت اللهفأكثروا النظر إلى بيت الله، فإنّ لله مائة وعشرين رحمة عند بيته الحرام، ستونللطائفين، وأربعون للمصلّين، وعشرون للناظرين)( ).
ب ـ دخولها أوقاتالصلاة:
ينبغي للمؤمنين تحريالوقت المناسب للتبضع، فلا يذهبوا قبيل الصلاة، خاصة صلاة العصر والعشاء، فهي تقامهناك، ونحن نجمع بين الصلاة ولا نقيمها منفردة . فإذا ذهبنا وقامت الصلاة ـ فيالسوق ـ فيفترض أن نصلّي معهم، وإذا قامت الصلاة واجتمعوا لها وغلقت أبواب المحالولم نقيمها معهم نبقى كمن يكون مستخفاً بالصلاة, كونهم يصلون ونحن لا نصلي. وذلكيعكس صورة سيئة عن التشيّع، وقد مرّت بنا أحاديث حثّ فيها أئمة أهل البيت (عليهمالسلام) على الاهتمام بالصلاة معهم، وأن نكون لهم زيناً لا شيناً.
تعليق