إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

رائــــــــــــ زينب الكبــــــــــرى دة الجهـــــــ وبطلـــــــه كرـبلاء ـــــــاد

تقليص
X
تقليص
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • رزية يوم الخميس


    وأحاط النبي (صلّى الله عليه وآله) علماً بالتحركات السياسية من بعض أصحابه وأنّهم عازمون ومصرون على صرف الخلافة عن أهل بيته، وإفساد ما أعلنه غير مرة من أن عترته الأزكياء هم ولاة أمر المسلمين من بعده، فرأى (صلّى الله عليه وآله) أن يحكم الأمر، ويحمي اُمّته من الفتن والزيغ، فقال لمن حضر في مجلسه: (إئتوني بالكتف والدواة، أكتب لكم كتاباً لن تضلّوا بعده أبداً)(23).

    حقّاً إنّها فرصة من أثمن الفرص وأندرها في تأريخ الإسلام، إنّه التزام واضح وصريح من سيّد الكائنات أن اُمّته لا تصاب بنكسة وانحراف بعد هذا الكتاب.
    ما أعظم هذه النعمة على المسلمين، إنه ضمان من سيد الأنبياء أن لا تضل اُمّته في مسيرتها وتهتدي إلى سواء السبيل في جميع مراحل تأريخها، واستبان لبعض القوم ماذا يكتب رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، إنه سينصّ على خلافة عليّ من بعده، ويعزّز بيعة يوم الغدير، وتضيع بذلك أطماعهم ومصالحهم، فردّ عليه أحدهم قائلاً بعنف: حسبنا كتاب الله…
    ولو كان هذا القائل يحتمل أنّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله) يوصي بحماية الثغور أو بالمحافظة على الشؤون الدينية ما ردّ عليه بهذه الجرأة، ولكنه علم قصده أنّه سيوصي بأهل بيته وينصّ على خلافة عليّ من بعده.
    وكثر الخلاف بين القوم، فطائفة حاولت تنفيذ ما أمر به النبيّ (صلّى الله عليه وآله)، وطائفة اُخرى أصرّت على معارضتها والحيلولة بين ما أراده النبيّ (صلّى الله عليه وآله)، وانطلقت بعض السيّدات فأنكرن على القوم هذا الموقف المتّسم بالجرأة على النبيّ وهو في الساعات الأخيرة من حياته، فقلن لهم: ألا تسمعون ما يقول رسول الله (صلّى الله عليه وآله)..
    فثار عمر وصاح فيهنّ، خوفاً أن يفلت الأمر منه ومن حزبه، فقال للسيدات:
    إنكنّ صويحبات يوسف إذا مرض عصرتن أعينكن، وإذا صحّ ركبتن عنقه…
    فنظر إليه النبي (صلّى الله عليه وآله)، بغضبٍ وغيظٍ، وقال له: (دعوهنّ فإنّهنّ خير منكم..).
    وبدا صراع رهيب بين القوم، وكادت أن تفوز الجهة التي أرادت تنفيذ أمر النبيّ (صلّى الله عليه وآله)، فانبرى أحدهم فأفشل ما أراده النبيّ وحال بينه وبين ما أراد من إسعاد اُمّته، فقال ويا لهول ما قال: إنّ النبيّ ليهجر..(24).
    ألم يسمع هذا القائل كلام الله تعالى الذي يتلى في آناء الليل وأطراف النهار وهو يعلن تكامل النبي في جميع مراحل حياته، فقد زكّاه وعصمه من الهجر وغيره من ألوان الزيغ والانحراف، وإنه أسمى شخصية في تكامله وسموّ ذاته، قال تعالى: (ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى علمه شديد القوى)(25)، وقال تعالى: (إنه لقول رسول كريم ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم أمين وما صاحبكم بمجنون)(26).
    إنّ القوم لم يخامرهم أدنى شك في عصمة النبيّ وتكامل ذاته، ولكن حبّ الدنيا، والتهالك على السلطة دفعهم للجرأة على النبيّ (صلّى الله عليه وآله)، ومقابلتهم له بمرّ القول والطعن بشخصيته.
    وكان ابن عباس إذا ذكر هذا الحادث الرهيب يبكي حتى تسيل دموعه على خديه كأنّها نظام اللؤلؤ، وهو يصعد آهاته، ويقول: يوم الخميس وما يوم الخميس!! قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (ائتوني بالكتف والدواة أكتب لكم كتاباً لن تضلّوا بعده أبداً)، فقالوا: إن رسول الله يهجر..(27).
    حقّاً إنّها رزية الإسلام الكبرى، فقد حيل بين المسلمين وسعادتهم ونجاتهم من الزيغ والضلال. لقد وعت السيّدة زينب هذا الحادث الخطير، ووقفت على أهداف القوم من إبعاد أبيها عن المركز الذي نصبه جدّها فيه، فقد جرّ هذا الحادث وغيره ممّا صدر من القوى المعارضة لأهل البيت الكوارث والخطوب لهم، وما كارثة كربلاء إلاّ من نتائج هذه الأحداث.

    sigpic
    إحناغيرحسين *ماعدنا وسيلة*
    ولاطبعك بوجهي"بابك إ تسده"
    ياكاظم الغيظ"ويامحمدالجواد "
    لجن أبقه عبدكم وإنتم أسيادي

    تعليق


    • لوعة الزهراء


      ونخب الحزن قلب بضعة الرسول، وبرح بها الألم القاسي وذهبت نفسها شعاعاً حينماً علمت أن أباها مفارق لهذه الحياة، فقد جلست إلى جانبه وهي مذهولة كأنها تعاني آلام الاحتضار وسمعته يقول:

      (وا كرباه..).
      فأسرعت وهي تجهش بالبكاء قائلة:
      (وا كربي لكربك يا أبتي..).
      وأشفق الرسول (صلّى الله عليه وآله) على بضعته، فقال لها مسلّياً: (لا كرب على أبيك بعد اليوم..)(28).
      وهامت زهراء الرسول في تيارات مروعة من الأسى والحزن فقد أيقنت أنّ أباها سيفارقها، وأراد النبيّ (صلّى الله عليه وآله) أن يسلّبها ويخفّف لوعة مصابها فأسرّ إليها بحديثٍ، فلم تملك نفسها أن غامت عيناها بالدموع، ثم أسرّ إليها ثانياً، فقابلته ببسمات فيّاضة بالبشر والسرور، فعجبت عائشة من ذلك وراحت تقول:
      ما رأيت كاليوم فرحاً أقرب من حزن..
      وأسرعت عائشة فسألت زهراء الرسول عما أسرّ إليها أبوها، فأشاحت بوجهها الكريم عنها وأبت أن تخبرها، ولكنها أخبرت بعض السيّدات بذلك، فقالت: (أخبرني أنّ جبرئيل كان يعارضني بالقرآن في كلّ سنة مرّة, وأنّه عارضني في هذا العام به مرتين، ولا أراه إلّا قد حضر أجلي..).
      وكان هذا هو السبب في لوعتها وبكائها، أمّا سبب سرورها وابتهاجها، فقالت: (أخبرني أنّكِ أوّل أهل بيتي لحوقاً بي، ونِعْمَ السلف أنا لك، ألا ترضين أن تكوني سيّدة نساء هذه الاُمّة..)(29).
      ونظر إليها النبي (صلّى الله عليه وآله) وهي خائرة القوى، منهدة الركن، فأخذ يخفّف عنها لوعة المصاب، قائلاً: (يا بنية لا تبكي، وإذا متّ فقولي: إنّا لله وإنّا إليه راجعون، فإنّ فيها من كل ميّت معوضة..).
      وأجهشت بضعة الرسول بالبكاء قائلةً: (ومنك يا رسول الله...).
      (نعم ومنّي...)(30).
      واشتدّ المرض برسول الله (صلّى الله عليه وآله) والزهراء إلى جانبه وهي تبكي وتقول لأبيها:
      (يا أبت، أنت كما قال القائل فيك:
      وأبيــــــض يستسقى الغمام بوجهه ثــــمال اليــتامى، عصمة الأرامل)
      فقال لها رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (هذا قول عمّك أبي طالب، وتلا قوله تعالى: (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئأً وسيجزي الله الشاكرين)(31).
      وتقطّع قلب زهراء الرسول ألماً وحزناً على أبيها، فانكبّت عليه ومعها الحسنان، فألصقت صدرها بصدره وهي غارقة في البكاء، فأجهش النبي بالبكاء، وهو يقول:
      (اللّهمّ أهل بيتي، وأنا مستودعهم كل مؤمن..).
      وجعل يردّد ذلك ثلاث مرات حسبما يرويه أنس بن مالك(32).
      أمّا حفيدة الرسول زينب، فقد شاركت اُمّها في لوعتها وأحزانها، وقد ذابت نفسها حزناً وموجدة على اُمّها التي هامت في تيارات مذهلة من الأسى والشجون على أبيها الذي هو عندها أعزّ من الحياة.

      sigpic
      إحناغيرحسين *ماعدنا وسيلة*
      ولاطبعك بوجهي"بابك إ تسده"
      ياكاظم الغيظ"ويامحمدالجواد "
      لجن أبقه عبدكم وإنتم أسيادي

      تعليق


      • إلى الفردوس الأعلى


        وبعدما أدّى النبيّ العظيم رسالة ربّه إلى المسلمين، وأقام صروح الإسلام، وعيّن القائد العام لاُمّته الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام، فقد اختاره الله تعالى إلى جواره لينعم في الفردوس الأعلى، فقد هبط عليه ملك الموت، فاستأذن بالدخول عليه، فخرجت إليه زهراء الرسول فأخبرته أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) مشغول بنفسه عنه، فانصرف ثم عاد بعد قليل يطلب الإذن، فأفاق النبيّ (صلّى الله عليه وآله) من إغمائه، والتفت إلى بضعته فقال لها:

        (يا بنية، أتعرفيه؟).
        (لا يا رسول الله…).
        (إنّه معمّر القبور، ومخرّب الدور، ومفرّق الجماعات..).
        وجمدت بضعة الرسول، وأخرسها الخطب، ولم تملك نفسها أن رفعت صوتها ودموعها تتبلور على وجهها الشريف قائلةً:
        (وا أبتاه لخاتم الأنبياء، وا مصيبتاه لممات خير الأتقياء ولانقطاع سيّد الأصفياء، وا حسرتاه لانقطاع الوحي من السماء، فقد حرمت اليوم كلامك..).
        وتصدّع قلب النبيّ على بضعتة وأشفق عليها، فقال لها مسلياً: (لا تبكي فإنّك أوّل أهلي لحوقاً بي..)(33).
        وسكنت روعتها لمّا أخبرها أنّها لا تبقى بعده إلاّ قليلاً..وأذن النبي (صلّى الله عليه وآله) لملك الموت، فلمّا مثُلَ أمامه، قال له: (يا رسول الله، إنّ الله أرسلني إليك، وأمرني أن اُطيعك في كل ما أمرتني، إن أمرتني أن أقبض نفسك قبضتها، وإن أمرتني أن أتركها تركتها..).
        فبهر النبيّ (صلّى الله عليه وآله) وقال له: (أتفعل يا ملك الموت ذلك..).
        بذلك اُمرت أن اًطيعك في كل ما أمرتنا..).
        وهبط جبرئيل على النبي (صلّى الله عليه وآله)، فقال له: (يا أحمد، إن الله قد اشتاق إليك..)(34).
        واختار النبيّ (صلّى الله عليه وآله) جوار ربّه والرحيل عن هذه الدنيا، فأذن لملك الموت بقبض روحه العظيمة، وفي هذه اللحظات ألقى الحسنان بأنفسهما على جدّهما، وهما يذرفان الدموع، والنبي يوسعهما تقبيلاً، وأراد الإمام أمير المؤمنين أن ينحّيهما عنه فأبى النبيّ، وقال له:
        (دعمها يتمتّعان منّي وأتمتّع منهما فسيصيبهما بعدي إثرة..).
        والتفت النبيّ إلى عوّاده فأوصاهم بعترته قائلاً:
        (قد خلّفت فيكم كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فالمضيّع لكتاب الله كالمضيع لسنتّي، والمضيّع لسنّتي كالمضيع لعترتي، إنّهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض..)(35).
        والتفت النبيّ (صلّى الله عليه وآله) إلى باب مدينة علمه الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام، فقال له: (ضع رأسي في حجرك فقد جاء أمر الله، فإذا فاضت نفسي فتناولها وامسح بها وجهك، ثم وجّهني إلى القبلة، وتولّ أمري، وصلِّ عليِّ أوّل الناس، ولا تفارقني حتى تواريني في رِمسي، واستعن بالله عزّ وجلّ)(36).
        وأخذ الإمام أمير المؤمنين رأس النبيّ فوضعه في حجره، ومدّ يده اليمنى تحت حنكه وشرع ملك الموت بقبض روحه الطاهرة، والرسول يعاني آلام الموت وقسوته حتى فاضت روحه العظيمة فمسح بها الإمام وجهه(37).
        لقد ارتفع ذلك اللطف الإلهي الذي أضاء العقول وحرّر الأفكار، وأقام مشاعل النور في جميع بقاع الأرض.
        لقد سمت روح النبي (صلّى الله عليه وآله) إلى بارئها، وهي أقدس روح سمت إلى السماء منذ خلق الله هذه الأرض.
        لقد أشرقت الآخرة لقدومه، وأظلمت الدنيا لفقده، وما أصيبت الإنسانية بكارثة أقسى وأعظم من فقد الرسول العظيم.
        sigpic
        إحناغيرحسين *ماعدنا وسيلة*
        ولاطبعك بوجهي"بابك إ تسده"
        ياكاظم الغيظ"ويامحمدالجواد "
        لجن أبقه عبدكم وإنتم أسيادي

        تعليق


        • بسم الله الرحمن الرحيم

          ليت شعري كيف استقرّ القوم على هدر دمك وقد تجسدّتْ فيك المحامدُ كلّها ، فإن راموا طمس معالم الفضل والتقى والكرم والشهامة والإبى ، فأنت المَنْهَلُ النحرير الذي غذّى الاُمّة من علومه المحمّدية الأصيلة ومعاقل فكره الرفيعة ، وفارس الليل الذي شهدت لنسكه وعبادته أسحار مدينة الرسول ولياليها ، والجواد الذي ما رد سائلاً ابدا ، والأبي الذي ما هادن على الحق ابداً ، والشهم الذي ذاد عن حرمة الدين لما بغى القاسطون تدنيسها .

          احر التعازي والمواساة الى مقام صاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف
          والى الأمة الإسلامية جمعاء
          وإلى مشرفي وإعضاء منتدى الكفيل
          بوفاة كريم اهل البيت وسبط رسول الله الامام الحسن بن علي المجتبى عليهما السلام

          sigpic
          إحناغيرحسين *ماعدنا وسيلة*
          ولاطبعك بوجهي"بابك إ تسده"
          ياكاظم الغيظ"ويامحمدالجواد "
          لجن أبقه عبدكم وإنتم أسيادي

          تعليق


          • تجهيزه


            وانبرى الإمام أمير المؤمنين(عليه السّلام) وهو خائر القوى، منهدّ الركن إلى تجهيز جثمان سيد الأنبياء (صلّى الله عليه وآله) فغسّل الجسد الطاهر، وهو يقول بذوب روحه:

            (بأبي أنت واُمي، لقد انقطع بموتك ما لم ينقطع بموت غيرك من النبوة والأنباء وأخبار السماء، خصصت حتى صرت مسلياً عمّن سواك، وعممت حتى صار الناس فيك سواء. ولولا أنّك أمرت بالصبر، ونهيت عن الجزع لأنفذنا عليك ماء الشؤون، ولكان الداء مماطلاً، والكد مخالفاً)(38).
            وكان العباس واُسامة يناولانه الماء من وراء الستر(39).
            وكان بدن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) تفوح منه روائح الطيب، والإمام(عليه السّلام) يقول:
            (بأبي أنت واُمّي يا رسول الله، طبت حيّاً وميّتاً..)(40).
            وبعد الفراغ من غسله أدرجه الإمام في أكفانه ووضعه على السرير.
            وأوّل من صلّى على الجثمان العظيم هو الله تعالى من فوق عرشه، ثمّ جبرئيل، ثم إسرافيل، ثم الملائكة زمراً زمراً(41).
            وبعد ذلك صلّى عليه الإمام أمير المؤمنين، ثم أقبل المسلمون للصلاة عليه، فقال لهم الإمام: (لا يقوم عليه إمام منكم، هو إمامكم حيّاً وميّتاً)، فكانوا يدخلون رسلاً رسلاً فيصلّون عليه صفاً واحداً ليس لهم إمام، وأمير المؤمنين واقف إلى جانب الجثمان وهو يقول:
            (السلام عليك أيّها النبي ورحمة الله وبركاته، اللّهم إنّا نشهد أنّه قد بلّغ ما اًنزل إليه لاُمّته، وجاهد في سبيل الله حتى أعزّ الله دينه وتمّت كلمته. اللّهم فاجعلنا ممّن يتّبع ما أنزل إليه وثبتنا بعده واجمع بيننا وبينه..).
            وكانت الجماهير تقول: آمين(42). وقد نخب الحزن قلوبهم فقد مات من دعاهم إلى الحق، وحرّرهم من خرافات الجاهلية وأوثانها، وأقام لهم دولة تدعو إلى أنصاف المظلوم، وردع الظالم، وإشاعة الرفاهية والرخاء والأمن بين الناس.
            sigpic
            إحناغيرحسين *ماعدنا وسيلة*
            ولاطبعك بوجهي"بابك إ تسده"
            ياكاظم الغيظ"ويامحمدالجواد "
            لجن أبقه عبدكم وإنتم أسيادي

            تعليق


            • مواراة الجثمان المقدس


              وبعد أن أفرغ المسلمون من الصلاة على الجثمان العظيم وودّعوه الوداع الأخير، قام الإمام أمير المؤمنين(عليه السّلام) فوارى الجسد الطاهر في مثواه الأخير ووقف على حافة القبر وهو يروي ثراه بدموع عينيه، ويقول:

              (إنّ الصبر لجميل إلاّ عنك، وإن الجزع لقبيح إلاّ عليك، وإنّ المصاب بك لجليل، وإنّه قبلك وبعدك لجلل..)(43).
              لقد مادت أركان العدل وانطوت ألوية الحق، فقد غاب عن هذه الحياة سيّد الكائنات الذي غيّر مجرى التأريخ، وأقام صروح الوعي والفكر في دنيا العرب والإسلام.
              sigpic
              إحناغيرحسين *ماعدنا وسيلة*
              ولاطبعك بوجهي"بابك إ تسده"
              ياكاظم الغيظ"ويامحمدالجواد "
              لجن أبقه عبدكم وإنتم أسيادي

              تعليق


              • فجيعة الزهراء


                وكان أكثر أهل بيت النبي (صلّى الله عليه وآله) جزعاً وأشدّهم مصاباً بضعة الرسول (صلّى الله عليه وآله)، وحبيبته فاطمة الزهراء، فقد أشرفت على الموت، وهي تبكي أمرّ البكاء وأقساه، وتقول: وا أبتاه، وا رسول الله، وا نبيّ الرحمتاه، الآن لا يأتي الوحي، الآن ينقطع عنّا جبرئيل. اللّهم إلحق روحي بروحه، واشفعني بالنظر إلى وجهه، ولا تحرمني أجره وشفاعته يوم القيامة)(44).

                وقالت بذوب روحها:
                (وا أبتاه إلى جبرئيل أنعاه، وا أبتاه جنة الفردوس مأواه، وا أبتاه وا أبتاه أجاب رباً دعاه..).
                وأحاطت بالاُسرة النبوية موجات من الأسى والحزن على هذا المصاب العظيم كما أحاطت بها تيارات من الفزع والخوف؛ لأنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قد وتر الأقربين والأبعدين فخافوا من انقضاض العرب عليهم، يقول الإمام الصادق عليه السلام:
                (لمّا مات النبي (صلّى الله عليه وآله) بات أهل بيته كأنّ لا سماء تظلّهم ولا أرض تقلّهم، لأنّه وتر الأقرب والأبعد..).
                لقد عانت حفيدة النبيّ (صلّى الله عليه وآله) زينب عليها السلام وهي في سنّها المبكّر هذه المصيبة الكبرى وما تنطوي عليه من أبعاد، وما ستعانيه هي وأهلها من فوادح الرزايا بعد وفاة جدّها كما فقدت بموته العطف والحنان الذي كان يغدقه عليها، وكان عمرها الشريف خمس سنين، وقد غزت قلبها هذه المحنة الشاقة، فقد رأت جدّها يوارى في مثواه الأخير، ورأت أباها بادي الهمّ والحزن على فراق ابن عمّه، وشاهدت أمّها الرؤوم وهي ولهى قد ذابت من الأسى، وهي تندب أباها بأشجى ما تكون الندبة، ومنذ ذلك اليوم لازمها الأسى والحزن حتى لحقت بالرفيق الأعلى.
                sigpic
                إحناغيرحسين *ماعدنا وسيلة*
                ولاطبعك بوجهي"بابك إ تسده"
                ياكاظم الغيظ"ويامحمدالجواد "
                لجن أبقه عبدكم وإنتم أسيادي

                تعليق


                • السلام عليك ياسيدي ومولاي ياشمس الشموس
                  وانيس النفوس المدفون بارض طوس
                  احر التعازي الى مقام الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله
                  وفاطمة الزهراء والامام علي عليه السلام
                  والائمه اجمعين عليهم السلام
                  وإلى صاحب العصر والزمان
                  وإلى مشرفي و اعضاء منتدى الكــــــــــفيل
                  والمؤمنين والمؤمنات اجمعين بمصاب شمس الشموس
                  عظم الله اجورنا واجوركم بهذا المصاب الجلل

                  sigpic
                  إحناغيرحسين *ماعدنا وسيلة*
                  ولاطبعك بوجهي"بابك إ تسده"
                  ياكاظم الغيظ"ويامحمدالجواد "
                  لجن أبقه عبدكم وإنتم أسيادي

                  تعليق


                  • ____________________________________________


                    1 - مسند أحمد 77:1. صحيح الترمذي 301:2. تهذيب التهذيب 430:10، وجاء فيه: أنّ نصر بن عليّ حدّث بهذا الحديث، فأمر المتوكّل بضربه ألف سوط، فكلّمه فيه جعفر بن عبد الواحد وجعل يقول له: إنّه من أهل السنّة، فلم يزل يترجّاه حتى تركه.
                    2 - الرياض النضرة 252:2.
                    3 - مستدرك الحاكم 149:3. كنز العمّال 116:6. الصواعق المحرقة: 111. نصّ الحديث: (النجوم أمان لأهل الأرض أهل بيتي أمان لاُمتي).
                    4 - صحيح الترمذي 308:2. اُسد الغابة 12:2. وما يقرب من هذا الحديث روي في: كنز العمال 48:1. مجمع الهيثمي 163:9.
                    5 - مجمع الزوائد 168:9. مستدرك الحاكم 43:2. تأريخ بغداد 19:2. ذخائر العقبى: 20.
                    6 - ذخائر العقبى: 24. روى أنس بن مالك: أنّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله) كان يمرّ ببيت فاطمة ستّة أشهر إذا خرج إلى الفجر ويقول: (الصلاة يا أهل البيت)، ويتلو الآية الكريمة. جاء ذلك في: مجمع الزوائد 169:9. أنساب الأشراف 157:1، القسم الأوّل.
                    7 - الخصائص الكبرى 368:2.
                    8 - تأريخ ابن كثير 223:5.
                    9 - مناقب ابن شهر آشوب 167:1.
                    10 - زينب الكبرى:19.
                    11 - صحيح الترمذي 308:2.
                    12 - تاريخ اليعقوبي 91:2-92.
                    13 - الغدير 34:2.
                    14 - المائدة: 67. نصّ على نزول هذه الآية في يوم الغدير: الواحدي في أسباب النزول والرازي في تفسيره، وغيرهما.
                    15 - مسند أحمد 281:4.
                    16 - المائدة: 3. نصّ على نزول هذه الآية في يوم الغدير: الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد 29:8، السيوطي في الدرّ المنثور، وغيرهما من أعلام أهل السنّة.
                    17 - البداية والنهاية 226:5.
                    18 ـ حياة الإمام الحسين (عليه السلام) 202:1.
                    19 - الصواعق المحرقة: 124.
                    20 - كنز العمّال 312:5. طبقات ابن سعد 46:4. تأريخ الخميس 46:2.
                    21 - ابنى: ناحية بالبلقان من أرض سوريا، بين عسقلان والرملة، تقع بالقرب من مؤتة، وهي التي استشهد قيها زيد بن حارثة وجعفر الطيّار.
                    22 - السيرة الحلبية: ج 3 ص 34.
                    23 - الرواية أخرجها البخاري ومسلم، والطبري في الأوسط، وغيرهم.
                    24 - نصّ على هذه الحادثة المؤلفة جميع الرواة والمؤرخين في الإسلام، ذكرها: البخاري في صحيحه عدّة مرّات، إلاّ أنّه كتم اسم قائلها، وفي نهاية غريب الحديث، وشرح النهج: ج 3 ص 114 (صُرّح باسم القائل).
                    25 - النجم: 2-5.
                    26 - التكوين: 19-22.
                    27 - مسند أحمد 355:1، وغيره.
                    28 - حياة الإمام الحسن(عليه السّلام) 112:2.
                    29 - المصدر السابق 113:1.
                    30 - أنساب الأشراف 133:1،القسم الأوّل.
                    31 - أنساب الأشراف 133:1،القسم الأوّل.
                    32 - حياة الإمام الحسين(عليه السّلام) 216:1.
                    33 - درّة الناصحين: 66.
                    34 - طبقات ابن سعد 48:2.
                    35 - مقتل الحسين - الخوارزمي 114:1.
                    36 - حياة الإمام الحسين(عليه السّلام) 220:1.
                    37 - المناقب 29:1. وتضافرت الأخبار بأنّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله) توفّي ورأسه الشريف في حِجر الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام)، جاء ذلك في: كنز العمّال 55:2، طبقات ابن سعد، وغيرهما.
                    38 - نهج البلاغة - محمد عبده 255:2.
                    39 - وفاء الوفاء 227:1. البداية والنهاية 63:5.
                    40 - حلية الأولياء 77:4.
                    41 - المصدر السابق.
                    42 - كنز العمّال54:4.
                    43 - نهج البلاغة - محمّد عبده 224:3.
                    44 - تاريخ الخميس 192:2.
                    sigpic
                    إحناغيرحسين *ماعدنا وسيلة*
                    ولاطبعك بوجهي"بابك إ تسده"
                    ياكاظم الغيظ"ويامحمدالجواد "
                    لجن أبقه عبدكم وإنتم أسيادي

                    تعليق


                    • في عهد الخلفاء

                      لا يستطيع أيّ كاتب مهما كان بارعاً في تصوير دقائق النفوس، وكشف أسرار المجتمع وأحداث التأريخ أن يصوّر بدقة عمق الكوارث والأوبئة التي داهمت الاًمّة الإسلامية بعد وفاة نبيّها العظيم، كما صوّرها القرآن الكريم، قال تعالى: (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم…)(1).
                      إنّه تصوير هائل للأزمات المفجعة والنكبات السود التي مُني بها العالم الإسلامي، إنه انقلاب على الأعقاب، وانسلاخ عن العقيدة الإسلامية، وتدمير لشريعة الله، فأيُّ زلزال مدمّر كهذا الزلزال الذي عصف بالاُمّة الإسلامية وأخلد لها الفتن والكوارث على امتداد التأريخ.
                      وكان من أقسى ما فجعت به الاُمّة إبعاد العترة الطاهرة عن المسرح السياسي وتحويل القيادة إلى غيرها، الأمر الذي نجم عنه فوز الاُمويين وغيرهم بالحكم، وإمعانهم بوحشية قاسية في ظلم العلويين ومطاردتهم، ومجزرة كربلاء كانت من النتائج المباشرة لصرف الخلافة عن أهل البيت(عليهم السّلام).
                      sigpic
                      إحناغيرحسين *ماعدنا وسيلة*
                      ولاطبعك بوجهي"بابك إ تسده"
                      ياكاظم الغيظ"ويامحمدالجواد "
                      لجن أبقه عبدكم وإنتم أسيادي

                      تعليق

                      Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
                      x
                      يعمل...