إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

رائــــــــــــ زينب الكبــــــــــرى دة الجهـــــــ وبطلـــــــه كرـبلاء ـــــــاد

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • في عهد عمر


    وتولّى عمر بعد وفاة أبي بكر شؤون الدولة الإسلامية، وقد قبض على الحكم بيد من حديد، وساس البلاد بعنفٍ حتى تحامى لقاءه أكابر الصحابة، فإنّ درته - فيما يقول المؤرخون - كانت أهيب من سيف الحجاج، حتى أن ابن عباس مع قربه للنبي (صلّى الله عليه وآله) ومكانته العلمية لم يستطع أن يجهر برأيه في حلّية المتعة إلاّ بعد وفاته، كما تحاماه أهله وعياله فلم يستطع أحد منهم أن يجهر برأيه أو يفرض إرادته عليه.

    وعلى أي حال فقد نهج عمر في سياسته منهجاً خاصاً لا يتّفق في كثير من بنودها مع سياسة أبي بكر، خصوصاً في السياسة المالية، فقد كان السائد في سياسة أبي بكر المساواة بين المسلمين إلاّ أنّ عمر عدل عنها، وميّز بعض المسلمين على بعض، ففضّل العرب على الموالي، وقريشاً على سائر العرب، وقد أدّى ذلك إلى إيجاد الطبقية بين المسلمين(23).
    sigpic
    إحناغيرحسين *ماعدنا وسيلة*
    ولاطبعك بوجهي"بابك إ تسده"
    ياكاظم الغيظ"ويامحمدالجواد "
    لجن أبقه عبدكم وإنتم أسيادي

    تعليق


    • اعتزال الإمام


      واعتزل الإمام أمير المؤمنين(عليه السّلام) عن الحياة الاجتماعية والسياسية طيلة خلافة عمر كما اعتزل في أيام أبي بكر، وقد انطوت نفسه على حزن عميق وأسى مرير على ضياع حقه وسلب تراثه، فقد جهد القوم على الغضّ من شأنه، وعزله عن جميع ما يتعلّق بأمر الدولة، حتى ألصق خده بالتراب - على حد تعبير بعض المؤرخين-، يقول محمد بن سليمان في أجوبته عن أسئلة جعفر بن مكي: إنّ عليّاً وضعه الأولون - يعني الشيخين- واسقطاه وكسرا ناموسه بين الناس، فصار نسياً منسياً(24).

      وقد صار جليس بيته تساوره الهموم، ويسامر النجوم، ويتوسّد الأرق، ويتجرّع الغصص، قد كظم غيظه، وأسلم أمره إلى الله.
      وانطوت نفوس أبنائه على حزن لاذع وأسىً عميق على عمر، فقد روى المؤرخون أن الحسين خفّ إلى عمر وكان على المنبر يخطب فصاح به: (انزل، انزل عن منبر أبي واذهب إلى منبر أبيك..).
      وبهت عمر، واستولت عليه الحيرة، وراح يقول: صدقت لم يكن لأبي منبر.
      وأخذه فأجلسه إلى جنبه وجعل يفحص عمّن أوعز إليه بذلك قائلاً: من علّمك؟
      (والله ما علّمني أحد).
      شعور طافح بالأسى والألم انبعث عن إلهام وعبقرية، ورأى الإمام الحسين(عليه السّلام) منبر جدّه الملهم الأوّل لقضايا الفكر الإنساني وأنّه لا يليق أن يرقاه غير أبيه باب مدينة علم النبيّ (صلّى الله عليه وآله) ورائد العلم والحكمة في دنيا الإسلام.
      وعلى أي حال فقد كان هذا الشعور سائداً عند ذرّية رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، ولم يقتصر على الإمام الحسين وإنّما كان شاملاً للعقيلة زينب كما يدلّل على ذلك خطابها الرائع في البلاط الاُموي، فقد قالت ليزيد: (وسيعلم من سوّل لك ومكّنك من رقاب المسلمين)، وهذه الكلمات صريحة

      sigpic
      إحناغيرحسين *ماعدنا وسيلة*
      ولاطبعك بوجهي"بابك إ تسده"
      ياكاظم الغيظ"ويامحمدالجواد "
      لجن أبقه عبدكم وإنتم أسيادي

      تعليق


      • اغتيال عمر


        وبقي عمر على دست الحكم يتصرّف في شؤون الدولة حسب رغباته وميوله، وكان فيما يقول المؤرخون شديد البغض والكراهية للفرس، يبغضهم ويبغضونه، فقد حظر عليهم دخول يثرب إلاّ من كان سنّه دون البلوغ(25). وتمنّى أن يحول بينهم وبينه جبل من حديد، وأفتى بعدم إرثهم إلاّ من ولد منهم في بلاد العرب(26)، وكان يعبر عنه بالعلوج(27).

        وقد قام باغتياله أبو لؤلؤة وهو فارسي، أمّا السبب في اغتياله له فهو أنّه كان فتى متحمّساً لوطنه واُمّته، ورأى عمر قد بالغ في احتقار الفرس وإذلالهم، وقد خفّ إليه يشكو ممّا ألمّ به من ضيق وجهد من جراء ما فرض عليه المغيرة من ثقل الخراج، وكان مولى له، فزجره عمر وصاح به:
        ما خراجك بكثير من أجل الحرف التي تحسنها.
        وألهبت هذه الكلمات قلبه فأضمر له الشر، وزاد في حنقه عليه أنّه اجتاز على عمر فسخر منه وقال له: بلغني أنّك تقول: لو شئت أن أصنع رحى تطحن بالريح لفعلت.
        ولذعته هذه السخرية فخاطب عمر: لأصنعن لك رحى يتحدّث الناس بها.
        وفي اليوم الثاني قام بعملية الاغتيال(28). فطعنه ثلاث طعنات إحداهن تحت السرّة فخرقت الصفاق(29)، وهي التي قضت عليه، ثم هجم على من في المسجد فطعن أحد عشر رجلاً، وعمد إلى نفسه فانتحر(30)، وحمل عمر إلى داره وجراحاته تنزف دماً، فقال لمن حوله: من طعنني؟
        غلام المغيرة.
        ألم أقل لكم: لا تجلبوا لنا من العلوج أحداً فغلبتموني(31).
        وأحضر أهله له طبيباً فقال له: أيّ الشراب أحبّ إليك؟
        النبيذ.
        فسقوه منه فخرج من بعض طعناته صديداً، ثم سقوه لبناً فخرج من بعض طعناته، فيئس منه الطبيب، وقال له: لا أرى أن تمسي(32).

        sigpic
        إحناغيرحسين *ماعدنا وسيلة*
        ولاطبعك بوجهي"بابك إ تسده"
        ياكاظم الغيظ"ويامحمدالجواد "
        لجن أبقه عبدكم وإنتم أسيادي

        تعليق


        • الشورى


          ولمّا أيقن عمر بدنوّ الأجل المحتوم منه أخذ يطيل التفكير فيمن يتولّى شؤون الحكم من بعده، وقد تذكّر أعضاء حزبه الذين شاركوه في تمهيد الحكم لأبي بكر، فأخذ يبدي حسراته عليهم لأنّهم جميعاً قد اقتطعتهم المنية، فقال بأسى وأسف:

          لو كان أبو عبيدة حيّاً لاستخلفته لأنّه أمين هذه الاُمّة، ولو كان سالم مولى أبي حذيفة حيّاً لاستخلفته لأنّه شديد الحبّ لله تعالى.
          لقد استعرض الأموات، وتمنّى أن يقلّدهم الحكم ولم يعرض لسيّد العترة الإمام أمير المؤمنين(عليه السّلام) ولا للصفوة الطاهرة من صحابة النبيّ (صلّى الله عليه وآله) أمثال عمّار بن ياسر الطيّب ابن الطيّب، ولا لأبي ذرّ، ولا لرؤساء الأنصار من الذين ساهموا في بناء الإسلام واستشهد أبناؤهم في سبيله.
          لقد تمنّى حضور أبي عبيدة وسالم ليقلّدهما منصب رئاسة الدولة، مع العلم أنّهما لم يكن لهما أية سابقة تُذكر في خدمة الإسلام.
          لقد رأى عمر أن يجعلها شورى بين المسلمين وانتخب من يمثلهم، وهم ستة:
          1 - الإمام أمير المؤمنين
          2 - عثمان بن عفان الاُموي.
          3 - طلحة.
          4 - عبد الرحمن بن عوف.
          5 - الزبير.
          6 - سعد بن أبي وقاص.
          وقد اختار عمر هؤلاء النفر لصرف الخلافة عن الإمام أمير المؤمنين، فقد كان معظم أعضائها من المنحرفين عن الإمام والموالين لبني اُميّة، ولم يكن مع الإمام سوى الزبير، وهو لا يغني شيئاً، وقد جمع عمر أعضاء الشورى، وقدم في كلّ واحد منهم سوى الإمام فانصرف عنه، فقال عمر لمن حضر عنده:
          والله إني لأعلم مكان رجل لو ولّيتموه أمركم لحملكم على المحجّة البيضاء.
          فقالوا له: من هو؟.
          هذا المولي من بينكم.
          ما يمنعك من ذلك؟.
          ليس إلى ذلك من سبيل(33).
          ودعا عمر بأبي طلحة الأنصاري فعهد إليه بما يحكم أمر الشورى فقال له:
          يا أبا طلحة، إن الله أعزّ بكم الإسلام فاختر خمسين رجلاً من الأنصار فالزم هؤلاء النفر بإمضاء الأمر وتعجيله، والتفت إلى المقداد فعهد إليه بمثل ما عهد إلى أبي طلحة ثم قال له:
          إذا اتفق خمسة وأبى واحد منهم فاضربوا عنقه، وإن اتّفق أربعة وأبى اثنان فاضربوا عنقهما، وإن اتّفق ثلاثة على رجل ورضي ثلاثة منهم برجلٍ آخر فكونوا مع الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف واقتلوا الباقين إن رغبوا عما اجتمع عليه الناس.
          والتاع الإمام وعرف أنّها مكيدة دبّرت ضدّه، فقد قال لعمّه العباس:
          (يا عمّ، لقد عدلت عنّا).
          وسارع العباس قائلاً: من أعلمك بذلك؟.
          وكشف الإمام الغطاء عمّا دبّره عمر ضدّه قائلاً:
          (لقد قرن بي عثمان، وقال: كونوا مع الأكثر، ثم قال: كونوا مع عبد الرحمن وسعد، لا يخالف ابن عمّه عبد الرحمن، وعبد الرحمن صهر لعثمان، وهم لا يختلفون، فإمّا أن يولّيها عبد الرحمن عثمان أو يولّيها عثمان عبد الرحمن).
          وصدق تفرّس الإمام، فقد ولاّها عبد الرحمن لعثمان إيثاراً لمصالحه، وابتغاءً لرجوعها إليه من بعده.
          إنّ أدنى تأمل في وضع الشورى يتّضح منه صرف الخلافة عن الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام، ووضعها عند القوى المنحرفة عنه.
          وعلى أي حال فإنّ الشورى بأسلوبها الهزيل، قد ألقت الاُمّة في شرّ عظيم، وفرّقت كلمتها، وأشاعت الطمع والتهالك على الحكم والسلطان بين أبنائها، وقد أعلن هذه الظاهرة معاوية بن أبي سفيان، فقد قال لأبي الحصين:
          بلغني أنّ عندك ذهناً وعقلاً فأخبرني عن شيء أسألك عنه.
          سلني عمّا بدا لك.
          أخبرني ما الذي شتّت شمل أمر المسلمين وملأهم وخالف بيتهم؟.
          قتل الناس عثمان.
          ما صنعت شيئاً.
          مسير عليّ إليك وقتاله إياك.
          ما صنعت شيئاً
          مسير طلحة والزبير وعائشة وقتال عليّ إيّاهم.
          ما صنعت شيئاً.
          ما عندي غير هذا.
          وطفق معاوية يبيّن أسباب الخلاف والفرقة بين المسلمين قائلاً:
          أنا اُخبرك أنّه لم يشتّت بين المسلمين، ولا فرّق أهواءهم إلاّ الشورى التي جعلها عمر إلى ستة نفر.
          وأضاف يقول:
          ثم جعلها - عمر - شورى بين ستّة نفر، فلم يكن رجل منهم إلاّ رجاها لنفسه ورجاها له قومه، وتطلّعت إلى ذلك نفسه(34).
          لقد شاعت الأطماع السياسية بشكل سافر عند بعض أعضاء الشورى وغيرهم، فاندفعوا إلى خلق الحزبية في المجتمع الإسلامي للوصول إلى كرسي الحكم والظفر بخيرات البلاد.
          وعلى أي حال فقد ذكرنا بصورة موضوعية وشاملة آفات الشورى في كتابنا (حياة الإمام الحسين)، وقد ألمحنا أليها في هذه البحوث؛ وذلك لأنّها تلقي الأضواء على الحياة الاجتماعية والسياسية في ذلك العصر الذي عاشت فيه عقيلة بني هاشم والتي أدت إلى ما عانته من الأهوال والكوارث التي تذهل كل كائن حيّ.

          انتخابات عثمان وحكومته


          واجتمع أعضاء الشورى في بيت المال، وقيل في بيت مسرور بن مخرمة، وتداولوا الحديث عمّن أحقّ بأمر المسلمين، وكثر الجدل فيما بينهم، فانبرى الإمام أمير المؤمنين فحذّرهم من الخلاف والفتنة إن استجابوا لعواطفهم، ولم يؤثروا المصلحة العامة للمسلمين قائلاً:
          (لم يسرع أحد قبلي إلى دعوة حقّ وصلة رحم وعائدة كرم، فاسمعوا قولي وعوا منطقي عسى أن تروا هذا الأمر من بعد هذا اليوم تنتطي فيه السيوف، وتخالف منه العهود حتى يكون بعضكم أئمة لأهل الضلال وشيعة لأهل الجهالة).
          ولم يعوا منطق الإمام ونصيحته، فقد استجابوا لعواطفهم، وكان الاُمويون قد حفوا بأهل الشورى وهم يقدّمون لهم الوعود المعسولة إن انتخبوا عميدهم عثمان.
          وانقضت الثلاثة أيام التي حدّدها عمر ولم ينتخب أعضاء الشورى أحداً منهم، فحذّرهم أبو طلحة الأنصاري وجعل يتهدّهم ويتوعّدهم إن لم ينتخبوا أحداً منهم، انبرى طلحة فوهب حقّه لعثمان لأنّه كان شديد الكراهية للإمام أمير المؤمنين(عليه السّلام) لأنه نافس ابن عمّه أبا بكر على الخلافة، ووهب سعد بن أبي وقّاص حقّه لابن عمّه عبد الرحمن بن عوف، وأصبح رأيه هو الفيصل لأن عمر وضع ثقته به، وكان رأيه مع عثمان لأنّه صهره وقد زهّده القرشيون في الإمام وحرّضوه على انتخاب عثمان؛ لأنه يحقّق رغباتهم وأطماعهم، وأمر عبد الرحمن مسوراً بإحضار الإمام أمير المؤمنين وعثمان بن عفان، فلمّا حضرا عنده في الجامع النبوي التفت إلى الحاضرين فقال لهم:
          أيّها الناس، إن الناس قد اجتمعوا على أن يرجع أهل الأمصار إلى أمصارهم فأشيروا عليّ.
          وانبرى الطيّب ابن الطيّب عمّار بن ياسر فأشار عليه بما يضمن للاُمّة مصالحها ويصونها من الاختلاف والفرقة قائلاً:
          إن أردت أن لا يختلف المسلمون فبايع علياً.
          وأيد المقداد مقالة صاحبه عمار فقال:
          (صدق عمار إن بايعت علياً سمعنا وأطعنا..
          وشجبت الاُسر القرشية المعادية للإسلام والحاقدة عليه مقالة عمار، ورشحت عميد الاُمويين عثمان بن عفان، وقد كان الممثل لها عبد الله بن أبي سرح فخاطب ابن عوف قائلاً:
          إن أردت أن لا تختلف قريش فبايع عثمان.
          sigpic
          إحناغيرحسين *ماعدنا وسيلة*
          ولاطبعك بوجهي"بابك إ تسده"
          ياكاظم الغيظ"ويامحمدالجواد "
          لجن أبقه عبدكم وإنتم أسيادي

          تعليق


          • وكأن شؤون الخلافة ومصير المسلمين موكول إلى قريش وهي التي حاربت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وناهضت دعوته وعذّبت أنصاره حتى هرب منها، وتابعته إلى يثرب بجيوش مكثفة لاستئصال دعوته ومحو دينه، ولكن الله تعالى ردّ كيدهم وأفشل خططهم، ونصر نبيّه العظيم، ولولا سماحة النبيّ (صلّى الله عليه وآله) ورأفته لأجرى عليهم حكم بني قريضة، ولكنّه عفا عنهم، وجعلهم من الطلقاء.
            وعلى أي حال فقد اندفع عبد الله بن أبي ربيعة فأيّد مقالة ابن سرح قائلاً:
            إن بايعت عثمان سمعنا وأطعنا.
            وانبرى الصحابي الجليل عمّار بن ياسر فردّ على ابن أبي سرح قائلاً:
            متى كنت تنصح للمسلمين.
            وصدق عمار فمتى كان ابن أبي سرح ينصح المسلمين وهو من ألدّ أعداء رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وقد أمر بقتله ولو كان متعلقاً بأستار الكعبة(35).
            واحتدم الجدال بين الهاشميين وخصومهم الاُمويين، وانبرى ابن الإسلام البار عمار بن ياسر فجعل يدعو لصالح المسلمين قائلاً:
            أيّها الناس، إن الله أكرمنا بنبيّه، وأعزنا بدينه فإلى متى تصرفون هذا الأمر عن أهل بيت نبيكم؟
            وانبرى رجل من مخزوم فقطع على عمّار كلامه قائلاً:
            لقد عدوت طورك يا بن سميّة، وما أنت وتأمير قريش لأنفسها.
            وطفحت الروح الجاهلية على هذه الكلمات، فليس فيها إلاّ الدعوة إلى الباطل، فقد اعتبر المخزومي أمر الخلافة وشؤونها إلى قريش التي ما آمنت بالله وكفرت بقيم الإسلام، فأيّ حق لها في خلافة المسلمين، وقبله أعلن أحد أعلام القرشيين: أبت قريش أن تجتمع النبوة والإمامة في بيت واحد.
            إن أمر الخلافة بيد جميع المسلمين يشترك فيه ابن سميّة وغيره من الضعفاء الذين أعزهم الله بدينه، وليس لأيّ قرشي الحقّ في التدخل بشؤون المسلمين لو كان هناك منطق وحساب.
            sigpic
            إحناغيرحسين *ماعدنا وسيلة*
            ولاطبعك بوجهي"بابك إ تسده"
            ياكاظم الغيظ"ويامحمدالجواد "
            لجن أبقه عبدكم وإنتم أسيادي

            تعليق


            • احسنتم علی طرح الموضوع الهام و المفید
              وفق?م الله للخیر و الصواب

              sigpic






              تعليق


              • وعلى أي حال فقد احتدم النزاع بين القوى الإسلامية وبين القرشيّين، فخاف سعد أن يفلت الأمر من أيديهم وتفوز الاُسرة النبوية بالحكم فالتفت إلى عبد الرحمن قائلاً له:
                يا عبد الرحمن، افرغ من أمرك قبل أن يفتتن الناس.
                والتفت عبد الرحمن إلى الإمام فقال له:
                هل أنت مبايعي على كتاب الله وسنة نبيّه وفعل أبي بكر وعمر؟.
                فرمقه الإمام بطرفه وأجابه بمنطق الإسلام قائلاً:
                (بل على كتاب الله وسنّة رسوله، واجتهاد رأيي).
                إن ابن عوف يعلم علماً جازماُ أن الإمام لا يسوس المسلمين بسيرة الشيخين ولا يحفل بها، وإنّما يسوسهم بكتاب الله وسنّة نبيّه ورأيه المشرق الذي هو امتداد ذاتي لرأي النبيّ (صلّى الله عليه وآله)، وإنّما شرط عليه ذلك لصرف الخلافة عنه.
                ولو كان الإمام ممّن يبغي الحكم والسلطان لوافق على هذا الشرط، ثم خالفه، ولكنه سلام الله عليه في جميع أدوار حياته واكب الصدق والحقّ ولم يحد عنهما مهما كانت الظروف.
                وعلى أي حال فإنّ عبد الرحمن لمّا يئس من إجابة الإمام اتّجه صوب عثمان فعرض عليه شروطه فأجابه بلا تردّد، فصفق بكفّه على يده وقال له:
                اللّهمّ إنّي قد جعلت ما في رقبتي من ذاك في رقبة عثمان.
                والتاع الإمام فخاطب ابن عوف:
                (والله ما فعلتها إلاّ لأنّك رجوت منه ما رجا صاحبها من صاحبه، دقّ الله بينكما عطر منشم).
                لقد رجا ابن عوف من بيعته لعثمان أن يكون خليفة من بعده كما كان ذلك بالنسبة للشيخين، واتّجه الإمام صوب القرشيّين فقال لهم:
                (ليس هذا أوّل يوم تظاهرتم فيه علينا، فصبر جميل، والله المستعان على ما تصفون).
                ولذع منطق الإمام ابن عوف فراح يهدّده:
                يا عليّ، لا تجعل على نفسك سبيلاً.
                وغادر الإمام المظلوم قاعة الاجتماع وهو يقول: (سيبلغ الكتاب أجله..).
                والتفت الصحابي العظيم عمّار بن ياسر فخاطب ابن عوف:
                يا عبد الرحمن، أما والله لقد تركته، وإنّه من الذين يقضون بالحقّ وبه كانوا يعدلون.
                وانبرى المقداد فرفع صوته قائلاً:
                تالله ما رأيت مثل ما أتي إلى أهل هذا البيت بعد نبيّهم! وا عجباً لقريش لقد تركت رجلاً ما أقول ولا أعلم أن أحداً أقضى بالعدل ولا أعلم ولا أنقى منه، لو أجد أعواناً.
                وصاح به عبد الرحمن: اتّق الله يا مقداد، فإنّي خائف عليك الفتنة.
                وانتهت بذلك مأساة الشورى التي وضعها عمر لصرف الخلافة عن أهل بيت النبوة ومنحها لبني اُميّة، وقد رأت عقيلة الوحي السيّدة زينب (عليها السّلام) أضغان القرشيّين وحقدهم على أبيها، وإنّهم قد عملوا جاهدين على إطفاء نور الله، والإجهاز على رسالة الإسلام الهادفة لتطوير الوعي الاجتماعي، وإشاعة الخير والهدى بين الناس.
                لقد خلقت الشورى العمرية الفتن والضغائن بين المسلمين وحجبت الاُسرة النبوية عن القيادة العامة للعالم الإسلامي، وسلّطت عليهم شرار خلق الله، فأمعنوا في ظلمهم والتنكيل بهم، وما كارثة كربلاء وما عانته عقيلة بني هاشم السيّدة زينب (عليها السّلام) من صنوف الظلم والكوارث التي هي - من دون شك - من النتائج المباشرة لأحداث الشورى والسقيفة فإنهما الأساس لكل ما لحق بآل النبي (صلّى الله عليه وآله) من الكوارث والخطوب.
                sigpic
                إحناغيرحسين *ماعدنا وسيلة*
                ولاطبعك بوجهي"بابك إ تسده"
                ياكاظم الغيظ"ويامحمدالجواد "
                لجن أبقه عبدكم وإنتم أسيادي

                تعليق


                • حكومة عثمان


                  وتسلّم عثمان قيادة الاُمّة، وقد احتفّ به بنو اُميّة وآل أبي معيط، وأخذوا يتصرفون في شؤون الدولة حسب رغباتهم وميولهم ولا شأن لعثمان في جميع المناحي السياسية والاقتصادية، فقد كان بمعزل عنها، وقد سيطر عليها وتسلّم قيادتها مروان بن الحكم الوزغ ابن الوزغ، والذي يسمّيه معاصروه بالخيط الباطل، وذلك لخبثه وسوء سريرته، فكان وزيره ومستشاره.

                  وقد هام عثمان بحبّ اُسرته، وتفانى في الولاء لهم فكان يقول: لو كانت مفاتيح الجنة بيدي لأعطيتها لبني اُميّة(36).
                  وقد أسند مناصب الدولة لهم، كما عيّنهم ولاة في معظم الأقاليم الإسلامية، ووهبهم الثراء العريض فكانوا في طليعة الرأسماليين في العالم الإسلامي، وقد عرضنا في بعض كتبنا(37) بصورة موضوعية وشاملة إلى الهبات المالية الهائلة التي منحها عثمان لاُسرته، كما عرض لها الحجّة الأميني والدكتور طه حسين والعقّاد وغيرهم، وقد أدت هباته ومنحه الامتيازات الخاصة لهم إلى نقمة المسلمين وشيوع السخط والتذمّر عليه في معظم الأقاليم الإسلامية.
                  sigpic
                  إحناغيرحسين *ماعدنا وسيلة*
                  ولاطبعك بوجهي"بابك إ تسده"
                  ياكاظم الغيظ"ويامحمدالجواد "
                  لجن أبقه عبدكم وإنتم أسيادي

                  تعليق


                  • الجبهة المعارضة


                    ونقمت على عثمان، وسخطت على سياسته معظم الصحابة وأعلام الإسلام وفي طليعتهم:

                    1 - أبو ذرّ الغفاري.
                    2 - عمّار بن ياسر.
                    3 - السيّدة عائشة.
                    4 - طلحة.
                    5 - الزبير.
                    6 - عبد الرحمن بن عوف.
                    7 - عبد الله بن مسعود.
                    وغيرهم من أقطاب الإسلام وحماته وقد نكّل عثمان بالكثيرين من معارضيه، فقد نفى الصحابي العظيم أبا ذرّ الغفاري إلى الشام، ثمّ نفاه إلى الربذة، وهي صحراء قاحلة خالية من جميع مقومات الحياة، وقد أنهكه الجوع حتى توفي غريباً جائعاً مظلوماً، كما نكّل بالصحابي الجليل عبد الله بن مسعود، وقطع عنه مرتبة فلم يسعفه شيء حتى أهلكه الفقر وفي يد عثمان ذهب الأرض وخيراتها، كما نكّل بأعظم صحابي وأجلّ مجاهد إسلامي وهو الطيّب ابن الطيّب عمّار بن ياسر فقد ضربه ضرباً مبرحاً حتى أصابه فتق واُغمي عليه.
                    وقد رفعت السيّدة عائشة قميص رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وهي تقول: هذا قميص رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لم يبل وعثمان قد أبلى سنّته، كما أفتت بحلّية قتله فقالت: اقتلوا نعثلاً فقد كفر، وقد اشتدّت عليه المعارضة وقويت، وامتدّت إلى معظم الأقاليم الإسلامية، وقد استجارت المعارضة بالعراق ومصر وغيرها لإنقاذ المسلمين من عثمان وبطانته، فخفتّ بعض الكتائب العسكرية فزحفت إلى يثرب، وأحاطت بدار عثمان وطلبت منه إبعاد مروان وإقصاء بني اُميّة عنه أو الاستقالة من منصبه، فوعدهم بتنفيذ أهم متطلباتهم وهي إقصاء بني اُميّة إلّا أنّه خان بوعده، وكتب إلى ولاته على الأقطار بالتنكيل بمن استجاب للمعارضة ممّن قدموا إلى يثرب.
                    وقبض الثوار في أثناء رجوعهم إلى مدنهم على رسائله التي بعثها إلى ولاته في التنكيل بهم ففزعوا وقفلوا راجعين إلى يثرب، وعرضوا عليه رسائله، طالبوه بالاستقالة الفورية من منصبه، فلم يستجب لهم، وأصرّ على الاحتفاظ بكرسي الحكم، فعمدوا إلى الإجهاز عليه فقتلوه شرّ قتلة، وتركوا جسده مرمياً على مزبلة من مزابل يثرب استهانة به، ولم يسمحوا بمواراته إلّا أنّ الإمام أمير المؤمنين توسط في دفنه فاستجاب له الثوار على كره فدفنوه في حش كوكب.
                    sigpic
                    إحناغيرحسين *ماعدنا وسيلة*
                    ولاطبعك بوجهي"بابك إ تسده"
                    ياكاظم الغيظ"ويامحمدالجواد "
                    لجن أبقه عبدكم وإنتم أسيادي

                    تعليق


                    • لقد انتهت حكومة عثمان، وقد أخلدت للمسلمين المصاعب والفتن، وألقتهم في شر عظيم، فقد اتّخذت عائشة قتله وسيلة لتحقيق مآربها وأطماعها السياسية فراحت تطالب الإمام بدمه، وهي التي أفتت بقتله وكفره، كما اتّخذ الذئب الجاهلي معاوية بن هند قتل عثمان ورقة رابحة للتمرّد على حكومة الإمام والمطالبة بدمه.
                      وعلى أي حال فقد رأت حفيدة النبيّ (صلّى الله عليه وآله) السيّدة زينب (عليها السّلام) هذه الأحداث الجسام ووعت أهدافها السياسية فكان لها أعمق الأثر في نفسها، فقد كان لها من المضاعفات السيئة ما اهتز من هولها العالم الإسلامي، والتي كان من نتائجها كارثة كربلاء التي رزئت فيها السيّدة زينب، فقد عانت من الكوارث والخطوب ما تذوب من هولها الجبال.
                      sigpic
                      إحناغيرحسين *ماعدنا وسيلة*
                      ولاطبعك بوجهي"بابك إ تسده"
                      ياكاظم الغيظ"ويامحمدالجواد "
                      لجن أبقه عبدكم وإنتم أسيادي

                      تعليق

                      المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                      حفظ-تلقائي
                      Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
                      x
                      يعمل...
                      X