عندما يتأمل الرائي البحر.. يتيه بين أسراره وعجائبه، وإذا ما ارتمى بين أحضانه يغرق، دون أن يحلّ أيّ لغز فيه! فتراه يضطرب غضباً تارة.. وحنيناً تارة أخرى، وعلى بساط الأمل يبقى متربّعاً عله يفيق من سكرة سحر الجمال (ثمَّ يَهيجُ فتراهُ مُصْفراً ثمَّ يَكُون حُطاماً) فيهشّ وجهه ويكمد، ليخلع على ذاته من مصون الأسرار ما أكنته الضمائر. لذا وذاك عرجتُ بروحي إلى شواطئ البحر.. ساكناً بعد حراك، وصامتاً بعد نطق لأتعض بهدوّه، وخفوت أطرافه وسكونه..
فلقيته (مَوْجٌ مِنْ فوْقِهِ مَوْج)، والملائك تطوف من حوله، وقبل أن أقدح الزناد لأطلق من فوهة فمي السؤال عن ماهية هذه الأمواج.. خرقت مسامعي ألحان الملائكة وهي ترتل نشيدها:
لــــــــي خـــــــمسة أطـفي بـهم حـــــرّ الجــــــــحيم الـــحاطمة المصطــــــفى والــــمرتـــــضى وابنـــــيــــهما والـــفـاطــــــمة
فلقيته (مَوْجٌ مِنْ فوْقِهِ مَوْج)، والملائك تطوف من حوله، وقبل أن أقدح الزناد لأطلق من فوهة فمي السؤال عن ماهية هذه الأمواج.. خرقت مسامعي ألحان الملائكة وهي ترتل نشيدها:
لــــــــي خـــــــمسة أطـفي بـهم حـــــرّ الجــــــــحيم الـــحاطمة المصطــــــفى والــــمرتـــــضى وابنـــــيــــهما والـــفـاطــــــمة
فانسابت دموعي لترقص على خدّي طرباً بذكر آل محمد (صلوات الله عليهم أجمعين)، وراحت الأعاصير التي زحفت بعسكرها على فؤادي تذوب كالملح في الماء.. حيث انصهر الظلام، وتوهّجت بصيرتي بنور اضطمّت عليه جوانحي يسمو بالهداية.. بعد أن برزت هويّة البحر فعلمت أنه محمداً وآله (صلى الله عليه وآله). ثم هويت لأجلس كالعبد بين يدي هذا البحر العظيم الذي لا يدرك قعره، ورحت أنعطف عليه لأغترف منه ما يفيض به عليّ من إشراق وتوقد.. فالتحمت كلتا يديّ وصرن تحت بضعة من جسمه البرّاق، فرفعتها لأغسل بها عوالق الهموم، وأشفي جراحاتي التي لم تندمل بعد.. وإذا بقلبي قد أخذ ينعصر، وطافت سحب الحزن عليه فرحت أستعبر منقباً عن قداستها، وما هي إلاّ هنيهة وإذا بصوت شجي:
هـي صفوة الهادي الشفيع وبضعة مـــــن حـــــيدر وســـلالة الزهراء
هـي صفوة الهادي الشفيع وبضعة مـــــن حـــــيدر وســـلالة الزهراء
فارتعدت مفاصلي، وخشع شعري وبشري، ولحظت أنفاسي كأنها تنخلع في حالة نزع.. من الخبر الملتهب الذي أجّج صراخاتي الصامتة على شفاهي الذابلة من فم القروح، فصرت أتمرغ بين السائل والمجيب في ذاتي المعذبة.. وفرجت بين أصابعي لأضع ما اغرفته على صخرة جاورت أخواتها إلى جانبي فاضطربن اضطراباً شديداً.. فأخذتني الرعدة، وقد اندلع لسان الألم مستفهماً؟!! من هذه البضعة التي أثارت عطف الصخور؟!! وما اسمها؟ وما شأن ارتباطها بالسلسلة الذهبيّة الفاطمية؟.. وإذا الصوت بجسمه يعود بشجوه:
هـي زيـنب الكبرى عقيلة حيدر بثـــــباته فــــــي وجه كلّ بلاء
هـي زيـنب الكبرى عقيلة حيدر بثـــــباته فــــــي وجه كلّ بلاء
تعليق