محتويات الخطاب
وحلّلنا محتويات خطاب العقيلة في كتابنا (حياة الإمام الحسين)، وننقله لما فيه من مزيد الفائدة، وهذا نصّه: وكان هذا الخطاب العظيم امتداداً لثورة كربلاء، وتجسيداً رائعاً لقيمها الكريمة وأهدافها السامية، وقد حفل بمايلي: أوّلاً: إنّها دلّلت على غرور الطاغية وطيشه، فقد حسب أنّه هو المنتصر بما يملك من القوى العسكرية التي ملأت البيداء وسدّت أفاق السماء إلاّ أنّه انتصار مؤقّت، ومن طيشه أنّه حسب أنّ ما أحرزه من الانتصار كان لكرامته عند الله تعالى وهوان لأهل البيت، ولم يعلم أنّ الله إنّما يملي للكافرين في الدنيا من النعم ليزدادوا إثماً ولهم في الآخرة عذاب أليم.
ثانياً: إنّها نعت عليه سبيه لعقائل الوحي، فلم يرع فيهم قرابتهم لرسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وهو الذي منَّ عليهم يوم فتح مكة، فكان أبوه وجدّه من الطلقاء، فلم يشكر للنبيّ هذه اليد، وكافئه بأسوء ما تكون المكافئة.
ثالثاً: أنّ ما اقترفه الطاغية من سفكه لدماء العترة الطاهرة، فإنّه مدفوع بذلك بحكم نشأته وموارثيه، فجدّته هند هي التي لاكت كبد سيّد الشهداء حمزة، وجدّه أبو سفيان العدوّ الأوّل للإسلام، وأبوه معاوية الذي أراق دماء المسلمين وانتهك جميع ما حرمه الله، فاقتراف الجرائم من عناصره وطباعه التي فطر عليها.
رابعاً: إنّها أنكرت عليه ما تمثّل به من الشعر الذي تمنّى فيه حضور شيوخه الكفرة من الاُمويّين ليروا كيف أخذ بثأرهم من النبيّ (صلّى الله عليه وآله) بإبادته لأبنائه، إلاّ أنّه سوف يرد موردهم من الخلود في نار جهنم.
خامساً: إنّ الطاغية بسفكه لدماء العترة الطاهرة لم يسفك إلاّ دمه، ولم يقرِ إلاّ جلده، فإنّ تلك النفوس الزكية حيّة وخالدة، وقد تلفّعت بالكرامة، وبلغت قمّة الشرف، وأنّه هو الذي باء بالخزي والخسران.
سادساً: إنّما عرضت إلى من مكّن الطاغية من رقاب المسلمين، فهو المسؤول عمّا اقترفه من الجرائم والموبقات، وقد قصدت سلام الله عليها مغزى بعيداً يفهمه كل من تأمّل فيه.
سابعاً: أنّها أظهرت سموّ مكانتها، وخطر شأنها، فقد كلّمت الطاغية بكلام الأمير والحاكم، فاستهانت به، واستصغرت قدره، وتعالت عن حواره، وترفّعت عن مخاطبته، ولم تحفل بسلطانه، لقد كانت العقيلة على ضعفها وما ألمّ بها من المصائب أعظم قوّة وأشدّ بأساً منه.
ثامناً: أنّها عرضت إلى أنّ يزيد مهما بذل من جهد لمحو ذكر أهل البيت(عليهم السّلام)، فإنّه لا يستطيع إلى ذلك سبيلاً لأنّهم مع الحقّ، والحقّ لابدّ أن ينتصر، وفعلاً فقد انتصر الإمام الحسين، وتحوّلت مأساته إلى مجد لا يبلغه أي إنسان كان، فأيّ نصر أحقّ بالبقاء وأجدر بالخلود من النصر الذي أحرزه الإمام عليه السّلام.
هذا قليل من كثير ممّا جاء في هذه الخطبة التي هي آية من آيات البلاغة والفصاحة، ومعجزة من معجزات البيان، وهي إحدى الضربات التي أدّت إلى انهيار الحكم الاُموي(23).
وحلّلنا محتويات خطاب العقيلة في كتابنا (حياة الإمام الحسين)، وننقله لما فيه من مزيد الفائدة، وهذا نصّه: وكان هذا الخطاب العظيم امتداداً لثورة كربلاء، وتجسيداً رائعاً لقيمها الكريمة وأهدافها السامية، وقد حفل بمايلي: أوّلاً: إنّها دلّلت على غرور الطاغية وطيشه، فقد حسب أنّه هو المنتصر بما يملك من القوى العسكرية التي ملأت البيداء وسدّت أفاق السماء إلاّ أنّه انتصار مؤقّت، ومن طيشه أنّه حسب أنّ ما أحرزه من الانتصار كان لكرامته عند الله تعالى وهوان لأهل البيت، ولم يعلم أنّ الله إنّما يملي للكافرين في الدنيا من النعم ليزدادوا إثماً ولهم في الآخرة عذاب أليم.
ثانياً: إنّها نعت عليه سبيه لعقائل الوحي، فلم يرع فيهم قرابتهم لرسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وهو الذي منَّ عليهم يوم فتح مكة، فكان أبوه وجدّه من الطلقاء، فلم يشكر للنبيّ هذه اليد، وكافئه بأسوء ما تكون المكافئة.
ثالثاً: أنّ ما اقترفه الطاغية من سفكه لدماء العترة الطاهرة، فإنّه مدفوع بذلك بحكم نشأته وموارثيه، فجدّته هند هي التي لاكت كبد سيّد الشهداء حمزة، وجدّه أبو سفيان العدوّ الأوّل للإسلام، وأبوه معاوية الذي أراق دماء المسلمين وانتهك جميع ما حرمه الله، فاقتراف الجرائم من عناصره وطباعه التي فطر عليها.
رابعاً: إنّها أنكرت عليه ما تمثّل به من الشعر الذي تمنّى فيه حضور شيوخه الكفرة من الاُمويّين ليروا كيف أخذ بثأرهم من النبيّ (صلّى الله عليه وآله) بإبادته لأبنائه، إلاّ أنّه سوف يرد موردهم من الخلود في نار جهنم.
خامساً: إنّ الطاغية بسفكه لدماء العترة الطاهرة لم يسفك إلاّ دمه، ولم يقرِ إلاّ جلده، فإنّ تلك النفوس الزكية حيّة وخالدة، وقد تلفّعت بالكرامة، وبلغت قمّة الشرف، وأنّه هو الذي باء بالخزي والخسران.
سادساً: إنّما عرضت إلى من مكّن الطاغية من رقاب المسلمين، فهو المسؤول عمّا اقترفه من الجرائم والموبقات، وقد قصدت سلام الله عليها مغزى بعيداً يفهمه كل من تأمّل فيه.
سابعاً: أنّها أظهرت سموّ مكانتها، وخطر شأنها، فقد كلّمت الطاغية بكلام الأمير والحاكم، فاستهانت به، واستصغرت قدره، وتعالت عن حواره، وترفّعت عن مخاطبته، ولم تحفل بسلطانه، لقد كانت العقيلة على ضعفها وما ألمّ بها من المصائب أعظم قوّة وأشدّ بأساً منه.
ثامناً: أنّها عرضت إلى أنّ يزيد مهما بذل من جهد لمحو ذكر أهل البيت(عليهم السّلام)، فإنّه لا يستطيع إلى ذلك سبيلاً لأنّهم مع الحقّ، والحقّ لابدّ أن ينتصر، وفعلاً فقد انتصر الإمام الحسين، وتحوّلت مأساته إلى مجد لا يبلغه أي إنسان كان، فأيّ نصر أحقّ بالبقاء وأجدر بالخلود من النصر الذي أحرزه الإمام عليه السّلام.
هذا قليل من كثير ممّا جاء في هذه الخطبة التي هي آية من آيات البلاغة والفصاحة، ومعجزة من معجزات البيان، وهي إحدى الضربات التي أدّت إلى انهيار الحكم الاُموي(23).
تعليق