وكذلك كانت الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء (صلوات الله عليها) تصلي عامة الليل، فإذا اتضح عمود الصبح أخذت تدعو للمؤمنين والمؤمنات.
وكان الأئمة من ولدها (صلوات الله عليها) يضرب بهم المثل في العبادة.
أما زينب (صلوات الله عليها) فلقد كانت في عبادتها ثانية أمها الزهراء (عليها السلام)، وكانت تقضي عامة لياليها بالتهجد وتلاوة القرآن.
وإنها (صلوات الله عليها) ما تركت تهجدها لله تعالى طول دهرها، حتى ليلة الحادي عشر من المحرم.
فقد روي عن زين العابدين(عليه السلام) أنه قال: (رأيتها تلك الليلة تصلي من جلوس).
وعنه (عليه السلام) أنه قال: (إن عمتي زينب مع تلك المصائب والمحن النازلة بها في طريقنا الى الشام ما تركت نوافلها الليلية).
وفي مثير الأحزان: قالت فاطمة بنت الحسين(عليه السلام): (وأما عمتي زينب فانها لم تزل قائمة في تلك الليلة ـ أي: العاشرة من المحرم ـ في محرابها تستغيث الى ربها، فما هدأت لنا عين، ولا سكنت لنا رنة).
وروى بعض عن الإمام زين العابدين(عليه السلام) أنه قال: (إن عمتي زينب كانت تؤدي صلواتها من قيام الفرائض والنوافل عند سير القوم بنا من الكوفة الى الشام، وفي بعض المنازل كانت تصلي من جلوس، فسألتها عن سبب ذلك فقالت: أصلي من جلوس لشدة الجوع و الضعف منذ ثلاث ليال، لانها كانت تقسم ما يصيبها من الطعام على الأطفال، لان القوم كانوا يدفعون لكل واحد منا رغيفا واحدا من الخبز في اليوم و الليلة).
فاذا تأمل المتأمل إلى ما كانت عليه هذه الطاهرة من العبادة لله تعالى والانقطاع إليه لم يشك في عصمتها (صلوات الله عليها).
فاعلم: ان العصمة وسام عظيم، ودرجة راقية، ومقام شامخ، اختص به خواص عباد الله من الأنبياء والاوصياء، علما بأن العصمة لغة: الحفظ والوقاية، والمنع والإباء، واصطلاحا: قوة معنوية، وملكة ربانية يهبها الله من يشاء من عباده يحفظه بها من الخطأ و الزلل، والسهو و النسيان، وذلك على وجه لا يسلب منه الاختيار الذي هو من لوازم التكليف.
وحكمة منح العصمة ـ هذه الموهبة الإلهية ـ للأنبياء و أوصياء الانبياء، ان الله تعالى لما خول أنبيائه و أوصيائهم حقه، وفوض إليهم ولايته، وجعلهم بالمؤمنين أولى من أنفسهم، وامر الناس باطاعتهم والانقياد لهم، كان من اللازم تزويدهم بالعصمة، وحفظهم بها من الخطأ و الزلل، والسهو و النسيان، فاذا لم يكن النبي أو الإمام حائزا على العصمة، لاحتمل الاشتباه والنسيان، والزيادة والنقصان فيما يبلغه النبي عن الله تعالى، والإمام عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وبذلك تنعدم الثقة والاطمئنان، وتبطل الشرائع والأديان، وحاش لله تعالى ان يُخلّ بدينه و يُبطل آياته و حججه.
واعلم: ان العصمة على مراتب ودرجات، وقد جعل الله تبارك وتعالى اعلى درجات العصمة واسمى مراتبها خاصا برسوله الكريم محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته الطيبين الطاهرين(عليهم السلام) حيث قال تعالى:
(إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا)(4).
ولما كانت السيدة زينب (عليها السلام) عقيلة خدر الرسالة من سلالة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وذريته، وقد هذّبت نفسها وروضتها على العبادة والتقوى، والخير والإحسان، تأهلت لان تنال حظاً من العصمة المعبر عنه بـ: العصمة الصغرى، وقد أشار الى ذلك الإمام زين العابدين (عليه السلام) في بعض كلامه لها، كما وأشارت هي (عليها السلام) الى ذلك في بعض خطبها.
______________________________
1 - بحار الأنوار ج41 ص14 ب101 ح4.
2 - سورة طه: الآية 1-2.
3 - بحار الانوار ج10 ص 40 ب2 ح 1.
4 - سورة الأحزاب: الآية 33.
وكان الأئمة من ولدها (صلوات الله عليها) يضرب بهم المثل في العبادة.
أما زينب (صلوات الله عليها) فلقد كانت في عبادتها ثانية أمها الزهراء (عليها السلام)، وكانت تقضي عامة لياليها بالتهجد وتلاوة القرآن.
وإنها (صلوات الله عليها) ما تركت تهجدها لله تعالى طول دهرها، حتى ليلة الحادي عشر من المحرم.
فقد روي عن زين العابدين(عليه السلام) أنه قال: (رأيتها تلك الليلة تصلي من جلوس).
وعنه (عليه السلام) أنه قال: (إن عمتي زينب مع تلك المصائب والمحن النازلة بها في طريقنا الى الشام ما تركت نوافلها الليلية).
وفي مثير الأحزان: قالت فاطمة بنت الحسين(عليه السلام): (وأما عمتي زينب فانها لم تزل قائمة في تلك الليلة ـ أي: العاشرة من المحرم ـ في محرابها تستغيث الى ربها، فما هدأت لنا عين، ولا سكنت لنا رنة).
وروى بعض عن الإمام زين العابدين(عليه السلام) أنه قال: (إن عمتي زينب كانت تؤدي صلواتها من قيام الفرائض والنوافل عند سير القوم بنا من الكوفة الى الشام، وفي بعض المنازل كانت تصلي من جلوس، فسألتها عن سبب ذلك فقالت: أصلي من جلوس لشدة الجوع و الضعف منذ ثلاث ليال، لانها كانت تقسم ما يصيبها من الطعام على الأطفال، لان القوم كانوا يدفعون لكل واحد منا رغيفا واحدا من الخبز في اليوم و الليلة).
فاذا تأمل المتأمل إلى ما كانت عليه هذه الطاهرة من العبادة لله تعالى والانقطاع إليه لم يشك في عصمتها (صلوات الله عليها).
فاعلم: ان العصمة وسام عظيم، ودرجة راقية، ومقام شامخ، اختص به خواص عباد الله من الأنبياء والاوصياء، علما بأن العصمة لغة: الحفظ والوقاية، والمنع والإباء، واصطلاحا: قوة معنوية، وملكة ربانية يهبها الله من يشاء من عباده يحفظه بها من الخطأ و الزلل، والسهو و النسيان، وذلك على وجه لا يسلب منه الاختيار الذي هو من لوازم التكليف.
وحكمة منح العصمة ـ هذه الموهبة الإلهية ـ للأنبياء و أوصياء الانبياء، ان الله تعالى لما خول أنبيائه و أوصيائهم حقه، وفوض إليهم ولايته، وجعلهم بالمؤمنين أولى من أنفسهم، وامر الناس باطاعتهم والانقياد لهم، كان من اللازم تزويدهم بالعصمة، وحفظهم بها من الخطأ و الزلل، والسهو و النسيان، فاذا لم يكن النبي أو الإمام حائزا على العصمة، لاحتمل الاشتباه والنسيان، والزيادة والنقصان فيما يبلغه النبي عن الله تعالى، والإمام عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وبذلك تنعدم الثقة والاطمئنان، وتبطل الشرائع والأديان، وحاش لله تعالى ان يُخلّ بدينه و يُبطل آياته و حججه.
واعلم: ان العصمة على مراتب ودرجات، وقد جعل الله تبارك وتعالى اعلى درجات العصمة واسمى مراتبها خاصا برسوله الكريم محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته الطيبين الطاهرين(عليهم السلام) حيث قال تعالى:
(إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا)(4).
ولما كانت السيدة زينب (عليها السلام) عقيلة خدر الرسالة من سلالة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وذريته، وقد هذّبت نفسها وروضتها على العبادة والتقوى، والخير والإحسان، تأهلت لان تنال حظاً من العصمة المعبر عنه بـ: العصمة الصغرى، وقد أشار الى ذلك الإمام زين العابدين (عليه السلام) في بعض كلامه لها، كما وأشارت هي (عليها السلام) الى ذلك في بعض خطبها.
______________________________
1 - بحار الأنوار ج41 ص14 ب101 ح4.
2 - سورة طه: الآية 1-2.
3 - بحار الانوار ج10 ص 40 ب2 ح 1.
4 - سورة الأحزاب: الآية 33.
تعليق