إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

رائــــــــــــ زينب الكبــــــــــرى دة الجهـــــــ وبطلـــــــه كرـبلاء ـــــــاد

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #91
    وكذلك كانت الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء (صلوات الله عليها) تصلي عامة الليل، فإذا اتضح عمود الصبح أخذت تدعو للمؤمنين والمؤمنات.

    وكان الأئمة من ولدها (صلوات الله عليها) يضرب بهم المثل في العبادة.
    أما زينب (صلوات الله عليها) فلقد كانت في عبادتها ثانية أمها الزهراء (عليها السلام)، وكانت تقضي عامة لياليها بالتهجد وتلاوة القرآن.
    وإنها (صلوات الله عليها) ما تركت تهجدها لله تعالى طول دهرها، حتى ليلة الحادي عشر من المحرم.
    فقد روي عن زين العابدين(عليه السلام) أنه قال: (رأيتها تلك الليلة تصلي من جلوس).
    وعنه (عليه السلام) أنه قال: (إن عمتي زينب مع تلك المصائب والمحن النازلة بها في طريقنا الى الشام ما تركت نوافلها الليلية).
    وفي مثير الأحزان: قالت فاطمة بنت الحسين(عليه السلام): (وأما عمتي زينب فانها لم تزل قائمة في تلك الليلة ـ أي: العاشرة من المحرم ـ في محرابها تستغيث الى ربها، فما هدأت لنا عين، ولا سكنت لنا رنة).
    وروى بعض عن الإمام زين العابدين(عليه السلام) أنه قال: (إن عمتي زينب كانت تؤدي صلواتها من قيام الفرائض والنوافل عند سير القوم بنا من الكوفة الى الشام، وفي بعض المنازل كانت تصلي من جلوس، فسألتها عن سبب ذلك فقالت: أصلي من جلوس لشدة الجوع و الضعف منذ ثلاث ليال، لانها كانت تقسم ما يصيبها من الطعام على الأطفال، لان القوم كانوا يدفعون لكل واحد منا رغيفا واحدا من الخبز في اليوم و الليلة).
    فاذا تأمل المتأمل إلى ما كانت عليه هذه الطاهرة من العبادة لله تعالى والانقطاع إليه لم يشك في عصمتها (صلوات الله عليها).
    فاعلم: ان العصمة وسام عظيم، ودرجة راقية، ومقام شامخ، اختص به خواص عباد الله من الأنبياء والاوصياء، علما بأن العصمة لغة: الحفظ والوقاية، والمنع والإباء، واصطلاحا: قوة معنوية، وملكة ربانية يهبها الله من يشاء من عباده يحفظه بها من الخطأ و الزلل، والسهو و النسيان، وذلك على وجه لا يسلب منه الاختيار الذي هو من لوازم التكليف.
    وحكمة منح العصمة ـ هذه الموهبة الإلهية ـ للأنبياء و أوصياء الانبياء، ان الله تعالى لما خول أنبيائه و أوصيائهم حقه، وفوض إليهم ولايته، وجعلهم بالمؤمنين أولى من أنفسهم، وامر الناس باطاعتهم والانقياد لهم، كان من اللازم تزويدهم بالعصمة، وحفظهم بها من الخطأ و الزلل، والسهو و النسيان، فاذا لم يكن النبي أو الإمام حائزا على العصمة، لاحتمل الاشتباه والنسيان، والزيادة والنقصان فيما يبلغه النبي عن الله تعالى، والإمام عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وبذلك تنعدم الثقة والاطمئنان، وتبطل الشرائع والأديان، وحاش لله تعالى ان يُخلّ بدينه و يُبطل آياته و حججه.
    واعلم: ان العصمة على مراتب ودرجات، وقد جعل الله تبارك وتعالى اعلى درجات العصمة واسمى مراتبها خاصا برسوله الكريم محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته الطيبين الطاهرين(عليهم السلام) حيث قال تعالى:
    (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا)(4).
    ولما كانت السيدة زينب (عليها السلام) عقيلة خدر الرسالة من سلالة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وذريته، وقد هذّبت نفسها وروضتها على العبادة والتقوى، والخير والإحسان، تأهلت لان تنال حظاً من العصمة المعبر عنه بـ: العصمة الصغرى، وقد أشار الى ذلك الإمام زين العابدين (عليه السلام) في بعض كلامه لها، كما وأشارت هي (عليها السلام) الى ذلك في بعض خطبها.
    ______________________________

    1 - بحار الأنوار ج41 ص14 ب101 ح4.


    2 - سورة طه: الآية 1-2.
    3 - بحار الانوار ج10 ص 40 ب2 ح 1.

    4 - سورة الأحزاب: الآية 33.
    sigpic
    إحناغيرحسين *ماعدنا وسيلة*
    ولاطبعك بوجهي"بابك إ تسده"
    ياكاظم الغيظ"ويامحمدالجواد "
    لجن أبقه عبدكم وإنتم أسيادي

    تعليق


    • #92
      في أنها عليها السلام عالمة غير معلّمة
      العلم من أفضل السجايا الإنسانية، وأشرف الصفات البشرية، به أكمل الله أنبياءه المرسلين، ورفع درجات عباده المخلصين، قال تعالى: (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات)(1).
      وإنما صار العلم بهذه المثابة لأنه يوصل صاحبه إلى معرفة الحقائق، ويكون سببا لتوفيقه في نيل رضاء الخالق، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة من أهل بيته (عليهم السلام) يحثون الأمة على طلب العلم، وكانوا يغذّون أطفالهم العلم كما يغذّونهم اللبن.
      أما زينب (عليها السلام) المتربية في مدينة العلم النبوي، المعتكفة بعده ببابها العلوي، المتغذية باللبان الفاطمي من أمها الصديقة الطاهرة (سلام الله عليها)، وقد طوت عمراً من الدهر مع الإمامين السبطين يزّقانها العلم زّقاً، فهي من عياب علم آل محمد (عليهم السلام) وعلى فضائلهم التي اعترف بها عدوهم الألد يزيد الطاغية بقوله في الإمام السجاد (عليه السلام): (إنه من أهل بيت زقوا العلم زقاً)(2).
      وقد نص لها بهذه الكلمة ابن أخيها علي بن الحسين (عليهما السلام): (أنت بحمد الله عالمة غير معلمة، وفهمة غير مفهمة)(3).
      وهذا اللقب منحها الإمام زين العابدين (عليه السلام) ووصفها به، وذلك حينما أراد تسليتها وتعزيتها وتكريمها وتزكيتها (عليها السلام) على مرأى من الناس ومسمع، ليعلمهم:
      أولا: بالمقام الرفيع الذي وهبه الله تعالى لها (سلام الله عليها)، وليهون من وقع المصائب العظيمة عليها.
      ثانياً: فإن الإمام زين العابدين(عليه السلام) لما رأى عمته زينب (عليها السلام) وهي في أسرها تخطب على الجماهير المتجمعة من أهل الكوفة، الذين قد خرجوا للتفرج عليهم، والتفت إلى أنها (عليها السلام) قد استعادت في ذاكرتها كل المصائب العظيمة التي جرت عليها واستعرضت كل انتهاكات القوم أمام مخيلتها، خاف عليها أن تموت حسرة وغصة، فخاطبها قائلا: (أنت بحمد الله عالمة غير معلمة، وفهمة غير مفهمة…)(4).
      ثم إنه يمكن أن يستفاد من كلام الإمام السجاد(عليه السلام) المزبور في حق عمته زينب (عليها السلام) أموراً:
      1: أن السيدة زينب (عليها السلام) كانت قد بلغت هذه المرتبة العظيمة والمقام الرفيع عند الله تعالى وأن مادة علمها من سنخ ما منح به رجالات بيتها الرفيع أفيض عليها إلهاما، لا بتخرج على أستاذ وأخذ عن مشيخة، وإن كان الحصول على تلك القوة الربانية بسبب قابليتها وتهذيبات جدها وأبيها وأمها وأخويها، ولانتمائها إليهم واتحادها معهم في الطينة، فأزيحت عنها بذلك الموانع المادية، وبقي مقتضى اللطف الفياض الإلهي وحده وإذ كان لا يتطرقه البخل بتمام معانيه عادت العلة لإفاضة العلم كله عليها بقدر استعدادها تامة، فأفيض عليها بأجمعه، سوى ما اختص به أئمة الذين (عليهم السلام) من العلم المخصوص بمقامهم الأسمى.
      ولولا ذلك لما نعتها ابن أخيها الإمام السجاد (عليه السلام) وهو معصوم بهذا النعت، ولما وصفها بهذه الصفة.
      2: إن الإمام (عليه السلام) أراد بكلامه المذكور في حق عمته زينب (عليها السلام) بيان شأنها وإظهار عظمتها.
      3: إن الإمام (عليه السلام) أراد أن يشكر عمته زينب (عليها السلام) بكلامه هذا، على ما أسدته (عليها السلام) إليه في كربلاء من خدمة كبرى حيث رأته يجود بنفسه من عظم المصاب فعزته بمصابه وصبرته عليه، فقام(عليه السلام) في الكوفة بعمل مماثل لما قامت به (عليها السلام) تجاهه، إضافة أن من أهم الكمالات النفسية، والمقامات الإنسانية، هو مقام العلم، فإن العلم هو قمة كل شرف، وأفضل كل الملكات، وغذاء الروح، وبه استمرار الحياة المعنوية، وشرفه ذاتي، وهذا ما لا يستطيع أحد إنكاره، إذ علو مقام العلم لا يخفى على أحد.
      sigpic
      إحناغيرحسين *ماعدنا وسيلة*
      ولاطبعك بوجهي"بابك إ تسده"
      ياكاظم الغيظ"ويامحمدالجواد "
      لجن أبقه عبدكم وإنتم أسيادي

      تعليق


      • #93
        واعلم إن العلم على قسمين: اكتسابي وموهوبي، وبعبارة أخرى: تحصيلي ولدنّي.
        أما الإكتسابي والتحصيلي: فهو أن يسعى الإنسان في طلب العلم ويجّد في تحصيله، وبقدر سعيه وجدّه يستطيع الإنسان أن ينال من درجات العلم وينتفع من بركاته.
        وأما الموهوبي واللدنّي: فهو العلم الذي يمنحه الله تعالى خالق الإنسان بعض عباده ممن له أهلية ذلك، ويقذفه في قلب من هو كفو لها، وذلك من غير تجشم عناء التعليم، ولا تحمل أتعاب التحصيل، فبعض يلهمه الله تعالى العلم إلهاماً غيبياً ومن دون واسطة، وبعض يلهمه بواسطة الملائكة ويريه الملائكة أيضاً ويسمى بالوحي، وبعض لا يريه الملائكة ويسمى هذا الذي يوحى إليه بواسطة الملائكة ولا يرى الملائكة بالمحدّث، ولكل مقام خاص ودرجة خاصة تتفاوت رفعة وعلواً.
        والحصول على هذه المقامات الرفيعة من العلم اللدني صعب جدا، ولا يتسنى لأحد من الناس الوصول إليها إلا للأنبياء و الرسل، والأوصياء والأولياء.
        ثم إن الأنبياء و الرسل و الأوصياء و الأولياء الذين هم وحدهم المختصون بالعلم اللدني يكونون بالنسبة إلى هذا العلم على درجات، فمنهم من قد حاز على درجة منه، و منهم على درجتين، ومنهم على ثلاث درجات، والذي قد حاز على كامل الدرجات وأعلى المراتب، هو أكمل المخلوقات، وأشرف الكائنات، سيد الأنبياء وأشرف المرسلين، حبيب إله العالمين، محمد وأهل بيته المعصومين (صلوات الله عليهم أجمعين).
        والسيدة زينب (عليها السلام) هي من هذا البيت الرفيع: بيت النبوة، وموضع الرسالة، ومعدن العلم، وأهل بيت الوحي، فلا عجب أن تكون قد نالت درجة الإلهام فهي إذن ملهمة بصريح كلام ابن أخيها الإمام السجاد (عليه السلام) حين قال لها: (يا عمة … أنت بحمد الله عالمة غير معلمة) إذ لا يكون العلم بلا تعلّم إلا عن طريق الإلهام.
        وقد ظهر من السيدة زينب (عليها السلام) ما يدل على علمها وفهمها وذلك في مواقع و مواقف:
        ما كان منها (عليها السلام) حينما كانت حاضرة عند أبيها الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) وقد أجلس العباس (عليه السلام) وهو صبي في حجره وقال له: قل واحد.
        فقال: واحد.
        فقال له: قل اثنين، فامتنع وقال: إني استحيي أن أقول اثنين بلسان قلت به واحدا،
        وهنا التفتت زينب (عليها السلام) إلى أبيها وكانت هي أيضا صغيرة وقالت: أتحبنا يا أبه؟.
        فأجابها أمير المؤمنين (عليه السلام) برأفة: بلى يا بنية.
        فقالت: لا يجتمع حبان في قلب مؤمن حب الله وحب الأولاد، وإن كان ولابد فالحب لله تعالى والشفقة للأولاد، فأعجبه (عليه السلام) كلامها وزاد في حبه وعطفه عليها).
        وإذا تأمّل هذا الكلام المتأمل رأى فيه علماً جماً، فإذا عرف صدوره من طفلة كزينب (عليها السلام) يوم ذاك، بانت له منزلتها في العلم والمعرفة.
        sigpic
        إحناغيرحسين *ماعدنا وسيلة*
        ولاطبعك بوجهي"بابك إ تسده"
        ياكاظم الغيظ"ويامحمدالجواد "
        لجن أبقه عبدكم وإنتم أسيادي

        تعليق


        • #94
          وما كان منها: في زمن أبيها أمير المؤمنين(عليه السلام) من مجلس درسها في الكوفة، فقد جاء في بعض المصادر أنها (عليها السلام) كانت تدير في بيتها أيام خلافة أبيها أمير المؤمنين (عليه السلام) الظاهرية في الكوفة مجلساً نسائياً يحضره نساء أهل الكوفة تفسّر لهن فيه القرآن، وقد كان درسها في أحد الأيام تفسير قوله تعالى (كهيعص)(5) وفي الأثناء دخل عليها أمير المؤمنين (عليه السلام) واطلع على موضوع تفسيرها، فقال لها بعد ذلك: نور عيني زينب سمعتك تفسّرين قوله تعالى: (كهيعص)(6) للنساء، فقالت: نعم يا أبه فدتك ابنتك.
          فقال لها: يا نور عيني إن هذه الآية الكريمة ترمز الى المصائب التي سوف ترد عليكم أهل البيت، ثم ذكر لها بعض ما سيجري عليهم من المصائب والرزايا فضجت السيدة زينب (عليها السلام) بالصراخ والعويل وأجهشت بالبكاء والنحيب، وهذا منها (عليها السلام) مع أنه كان فقط تذكاراً لعلمها بما سيجري عليهم، يدل على عظم المصاب وشدة وقعه، فكيف بها (عليها السلام) وهي تواجه كل تلك المصائب العظيمة والرزايا الجليلة وجها بوجه.
          وما كان منها: في نيابتها الخاصة عن الحسين (عليه السلام) حيث كان الناس يرجعون إليها في الحلال والحرام حتى برئ زين العابدين (عليه السلام) من مرضه. كما رواه الصدوق محمد بن بابويه.
          وما كان منها (عليها السلام): عند ما مروا بالأسرى على قتلاهن، فإنها (عليها السلام) صاحت من بين كل السبايا قائلة: (يا محمداه ! هذا حسين بالعراء، مرمل بالدماء، مقطّع الأعضاء، وبناتك سبايا، وذريتك مقتّلة) فأبكت كل عدو و صديق حتى جرت دموع الخيل على حوافرها، ثم بسطت يديها تحت بدنه المقدس ورفعته نحو السماء وقالت: (إلهي تقبل منا هذا القربان)(7).
          sigpic
          إحناغيرحسين *ماعدنا وسيلة*
          ولاطبعك بوجهي"بابك إ تسده"
          ياكاظم الغيظ"ويامحمدالجواد "
          لجن أبقه عبدكم وإنتم أسيادي

          تعليق


          • #95
            وهذا ما لا يستطيع قوله إلا مثل زينب (عليها السلام) العالمة غير المعلمة، والتي كانت قد تعهدت لله تبارك وتعالى أن تشارك نهضة أخيها الإمام الحسين(عليه السلام) وتكون معه جنبا إلى جنب:
            وتشاطرت هي والحسين بدعوة حتـم القضاء عليهما ان يندبا
            هذا بمشتبك النصول وهـذه في حيث معترك المكاره في السبا
            وما كان منها (عليها السلام): عند ما رأت ابن أخيها الإمام السجاد(عليه السلام) ـ وهو إمام الصبر ومعلمه ـ يجود بنفسه لما نظر إلى أهله كالأضاحي مجزرين وبينهم ريحانة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بحالة تنفطر لها السماوات، وتنشق الأرض، وتخر منه الجبال هدّاً، فقالت له تسلّيه وتصّبره قائلة: مالي أراك تجود بنفسك يا بقية جدي وأبي و أخوتي، فوالله إن هذا لعهد من الله إلى جدّك و أبيك، ولقد أخذ الله ميثاق أناس لا تعرفهم فراعنة هذه الأرض، وهم معروفون في أهل السماوات، أنهم يجمعون هذه الأعضاء المقطّعة، والجسوم المضرّجة، فيوارونها، وينصبون بهذا الطفّ علماً لقبر أبيك سيد الشهداء، لا يدرس اثره، ولا يمحى رسمه، على كرور الليالي والأيام، وليجتهدن أئمة الكفر، وأشياع الضلال في محوه و تطميسه، فلا يزداد إلا علواً)(8).
            وقد تحقق كل ما قالته (عليها السلام) مع أنها أمور غيبية لا يطلع عليها أحد إلا من كان ملهماً من الله تعالى.
            وما كان منها: ما أشار إليه الفاضل الدربندي وغيره: أنها عليها السلام كانت تعلم علم المنايا والبلايا، بل جزم في (أسراره) أنها (صلوات الله عليها) أفضل من مريم ابنة عمران وآسية بنت مزاحم وغيرهما من فضليات النساء، ومن نظر في (أسرار الشهادة) رأى فيه من الاستنباطات والتحقيقات في حق زينب (صلوات الله عليها) ما هو أكثر بكثير.
            __________________________

            1 - سورة المجادلة: الآية 11.

            2 - بحار الانوار ج45 ص 138 ب 39 ح1.
            3 - الاحتجاج ص305 فصل خطبة زينب بنت علي ابن ابي طالب (عليه السلام).
            4 - الاحتجاج ص305 فصل خطبة زينب بنت علي ابن ابي طالب (عليه السلام).
            5 - سورة مريم: الآية 1.
            6 - سورة مريم: الآية 1.
            7 - الكبريت الأحمر ج3 ص13.
            8 - كامل الزيارات ص261.
            sigpic
            إحناغيرحسين *ماعدنا وسيلة*
            ولاطبعك بوجهي"بابك إ تسده"
            ياكاظم الغيظ"ويامحمدالجواد "
            لجن أبقه عبدكم وإنتم أسيادي

            تعليق


            • #96
              المرأة الثانية من الأولين والآخرين


              ان الذي يستفاد من الأخبار و الروايات هو: ان لمحبة الإمام الحسين(عليه السلام) ومودته ـ رغم وجوبها على كل مسلم ـ امتيازات خاصة تميّزه عن محبة غيره، ففي الحديث الشريف: (ان للحسين (عليه السلام) في قلوب المؤمنين محبة مكنونة). وفي حديث آخر: ( احب الله من أحبّ حسينا)(1) وغير ذلك مما يشير الى ان محبة الإمام الحسين (عليه السلام) هي في مقدمة الطاعات والعبادات، بل فوق كثير منها، ولها أجر خاص ليس لغير محبته (عليه السلام) من العبادات والطاعات مثل اجرها.


              كيف لا يكون كذلك وقد قدّم الإمام الحسين (عليه السلام) في محبة الله كل شيء حتى نفسه الزكية، وضحّى من أجل محبة الله كل ما عنده حتى طفله الرضيع؟.


              وبتضحياته العظيمة، استطاع (عليه السلام) تثبيت محبة الله في قلوب المؤمنين جيلا بعد جيل، حتى صار حبه طريقا الى محبة الله تبارك وتعالى؟.


              ولذلك نرى ان جده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يحبه، وأباه أمير المؤمنين (عليه السلام) يحبه، وأمه الصديقة فاطمة الزهراء (عليها السلام) تحبه، وكل المعصومين (عليهم السلام) يحبّونه، ويبالغون جميعهم في حبّه مما يتجاوز حبهم له عن حب الأبوة والبنّوة وحب القرابة والأخوة، فان كل ذلك الحب انما هو لان حبه (عليه السلام) فوق كل الطاعات والعبادات.


              ثم ان محبة السيدة زينب (عليها السلام) ومودتها، كمحبة أخيها الإمام الحسين (عليه السلام) ومودته، من أعظم الطاعات والعبادات، ومن افضل القربات الى الله تعالى، كيف لا، وقد بلغت في محبة الله وكذلك في محبة أخيها الإمام الحسين (عليه السلام) مقاما رفيعا لا يمكن لأحد تصوره.
              sigpic
              إحناغيرحسين *ماعدنا وسيلة*
              ولاطبعك بوجهي"بابك إ تسده"
              ياكاظم الغيظ"ويامحمدالجواد "
              لجن أبقه عبدكم وإنتم أسيادي

              تعليق


              • #97
                فان فاطمة الزهراء (عليها السلام) ورّثت ابنتها الوفية: السيدة زينب ابنة علي أمير المؤمنين (عليه السلام)، كل خصالها الخيرة، وجميع صفاتها الحميدة، والتي على رأسها الحفاظ على حدود الله تعالى وحرماته، وصون كرامة رسول الله المصطفى وأهل بيته.
                وعلمتها كيف تقف امام المعتدين وتندد بهم، وتشجب أعمالهم، وتحاججهم بكتاب الله، وتخاصمهم بالعقل والمنطق السليم.
                وأوصتها بأن تجود بالبذل والعطاء فيما لو استدعى وقوفها بوجه المعتدين الى الفداء والتضحية، حتى ولو كان بالنفس، بل واصعب منه وهو السبي والأسر، لأن السبي والأسر أمرّ من الموت والقتل على الإنسان الغيور.
                وكذلك فعلت السيدة زينب (عليها السلام) فقد عملت بوصية امها كاملة، وطبقتها حرفيا، وأقرت عين أمها بمواقفها الشجاعة، وحافظت بقيمة أسرها وسبيها على حدود الله وحرماته، وصانت قدسية جدها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وكرامة أهل بيته (عليهم السلام) من اكاذيب وتهم بني أمية و افتراءاتهم.
                وهذا الذي فعلته السيدة زينب (عليها السلام) لم يفعله غيرها وغير أمها (عليها السلام) من النساء العظيمات، ولم تقدم واحدة منهن للدين مثل ما قدمته فاطمة الزهراء (عليها السلام) وابنتها زينب (عليها السلام). كما لم تؤثر واحدة منهن في بقاء الدين وأهله، نزيهاً ومباركاً بقدر التأثير العظيم الذي أثرته فاطمة الزهراء (عليها السلام) وابنتها زينب (عليها السلام)، مما يكشف عن أن السيدة زينب (عليها السلام) هي المرأة الثانية في العالم من الأولين والآخرين بعد امها.
                ثم هي، ثم بقية النساء العظيمات كخديجة الكبرى، ومريم العذراء، وذلك لان فاطمة الزهراء (عليها السلام) اضافة الى تفوقها في حفظها حدود الله وحرماته قد جمعت في نفسها كل خصال الخير، وجميع صفات الكمال التي تحلت بها النساء العظيمات قبلها، ثم ورثتها ابنتها الوفية السيدة زينب (عليها السلام)، فصارت السيدة زينب (عليها السلام) الوارثة لكل الكمالات لمن كان قبلها، مزدانة بعلو نسبها، وشرف فرعها واصلها: شجرة خاتم الأنبياء ودوحة سيد الأوصياء، وثمار أهل البيت (عليهم السلام).


                1 - بحار الانوار ج37 ص73 ب50 ح40.
                sigpic
                إحناغيرحسين *ماعدنا وسيلة*
                ولاطبعك بوجهي"بابك إ تسده"
                ياكاظم الغيظ"ويامحمدالجواد "
                لجن أبقه عبدكم وإنتم أسيادي

                تعليق


                • #98
                  زينب الكبرى زينة اللوح المحفوظ (1)




                  قال الله تعالى في محكم كتابه الكريم : ( وَمِنْ كُلِّ شَيْء خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرونَ )(2) .
                  البيّنة في مصطلح الفقهاء بمعنى الشاهدين العدلين على واقعة في مقام الشهادة تحمّلها وأداءها ، وهذه تسمّى بيّنة شرعيّة وتشريعية ، وفي الكائنات بيّنات تكوينية ، ومن كلّ شيء خلق الله زوجين ليشهدا على وحدانية الله سبحانه وتعالى . ففي كلّ شيء له آية وبيّنة يدلّ على أ نّه الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفواً أحد .
                  وقصّة عاشوراء والطف الحزينة ، إنّما هي وليدة الزوجين الزكيّين الطاهرين العلويّين الفاطميّين مولانا الإمام الحسين بن عليّ سيّد الشهداء (عليهما السلام) ، وسيّدة بني هاشم ، عقيلة الطالبيين سيّدتنا زينب الكبرى سلام الله عليها .
                  فعاشوراء الإسلام محلّ ولادتها كربلاء الصامدة ، أبوها سيّد الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام) ومربّيتها المجاهدة الثائرة زينب الطاهرة . لولاها لكانت عاشوراء اليتيمة تموت في صغرها . إلاّ أنّ السيّدة زينب بنضالها وندائها الثوري (عليها السلام) ربّت عاشوراء تلك الوليدة التي يجري في عروقها دم الله وثاره . فتربّت عاشوراء الحسين في أحضان زينب (عليها السلام) وترعرعت في جوارها وحجرها المبارك وجهادها الدؤوب ، لتكون عاشوراء اُمّ الثورات التحرّرية بين الأجيال في كلّ عصر ومصر ، إلى يوم القيامة ، فهي المنطلق الثوري للنهضات الإسلامية إلى اليوم الموعود .
                  ولا يمكن لأحد سوى الله سبحانه والأنبياء والأوصياء (عليهم السلام) أن يعرفوا مقام اُمّ عاشوراء ومنزلتها في الدارين ، فإنّ المعرفة والعلم بالشيء لازمه الإحاطة به ، ولا يمكن للناس أن يحيطوا بعاشوراء وجوهريّتها وفلسفتها ، ولا بأبيها واُمّها .
                  وزينب الكبرى في أدوار حياتها وسيرتها الذاتيّة(3) تخبرك عن أصالة سماويّة وشجرة نبويّة ودوحة هاشميّة وترجمة قرآنيّة ، أصلها ثابت وفرعها في السماء ، فهي زينة أبيها أمير المؤمنين أسد الله الغالب عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) ، وإنّه لم يفتخر بكتابه العظيم ( نهج البلاغة ) الذي هو كتاب الحياة وكتاب السعادة ولا يمكن للبشر أن يعرفوا ما فيه من العظمة والشموخ ، إلاّ أ نّه يفتخر ويتزيّن ببنته السيّدة زينب (عليها السلام) .
                  ولولا الخوف على عقول الناس ، لقيل في مدحها وثنائها ومعرفتها ما يبهر العقول ، ويحيّر ذوي الألباب ، وقليل من عبادي الشكور الفكور الصبور .
                  ولا زالت زينب النبوّة والإمامة ، زينب الولاية العظمى أسيرة الهوى ، بالأمس كانت أسيرة الظالمين من بني اُميّة الطغاة وأشياعهم ، واليوم أسيرة العقول الضعيفة ، حتّى قالوا عنها : إنّها امرأة عاديّة ؟ !
                  فما نطقت في معرفتها حرفاً ، إلاّ وتجد نفسك مقيّداً بسلاسل الافتراء والتهمة وأنّ القائل من الغلاة ، فزينب العظمة لا زالت أسيرة العقول والأفكار المتخلّفة .
                  ولا نقول في وصفها وثنائها أنّها الربّ ـ والعياذ بالله ـ ولكن نقول : هكذا خلقها الربّ جلّ جلاله .
                  إلاّ أنّ الناس بين قال وغال ، بين إفراط وتفريط ، فكما غالوا في أبيها حتّى قالوا باُلوهيّته ـ والعياذ بالله ـ وقالوا في حقّه حتّى جعلوه كافراً أو كأحد المسلمين ، ولا زال عليّ أمير المؤمنين سيّد المظلومين ، قد ظلمه التأريخ كولده الحسين ، بل وأولاده وذرّيته .
                  وما زال صوته الحزين يدوّي في ضمير الإنسانية : « فيا عجباً للدهر إذ صرت يقرن بي من لم يسع قدمي » .
                  « أنزلني الدهر حتّى قالوا عليّ ومعاوية » .
                  وهذه الصرخة الأليمة تسري في كلّ الأزمنة وعلى مدى العصور والأحقاب ، حتّى قال ابن أبي الحديد المعتزلي في بيان مقولة أمير المؤمنين (عليه السلام) أ نّه : ( أطلق القول إطلاقاً عاماً مستغرقاً لكلّ الناس أجمعين ) .
                  ولا يزال عليّ المرتضى مجهولا ، ولا يزال كلامه القيّم يهتف : « سلوني قبل أن تفقدوني » ، وإنّه لا يختصّ بالمسلمين بل هو للبشرية كافة كأخيه النبيّ الأعظم رسول الله (صلى الله عليه وآله) .
                  ( وَما أرْسَلْناكَ إلاّ رَحْمَةً لِلْعالَمينَ )(4) .
                  وعليّ أمير المؤمنين نفس رسول الله بنصّ آية المباهلة ، فظلموه وهو يقول : « اللهمّ إنّي أستعيذك على قريش ومن أعانهم ، فإنّهم صغّروا عظيم منزلتي وأجمعوا على منازعتي أمراً هو لي »(5) .
                  وهكذا ظلموا علياً وظلموا أولاده ، وظلموا زينب بجهلهم بمقامهم الشامخ ومنزلتهم العظيمة .
                  ولا بدّ من حياة جديدة لضمير المجتمع الإسلامي ، حتّى يعرف عليّاً وأبناءه الكرام .
                  حتّى يعرف النبيّ محمّد وقرآنه ، وعليّاً ونهجه ، وفاطمة ومظلوميّتها ، والحسن وسياسته ، والحسين وثورته ، وزينب وعاشوراءها ، والسجّاد وصحيفته ، وهكذا حتّى يعرف المهدي الموعود وفلسفة الانتظار ودولته العالمية .
                  كلّ هذه المعرفة إنّما تتمّ بالإيمان بالله سبحانه والعشق بعظمته ، وجماله المتجلّي في الكائنات والتعبّد والتسليم لأمره .
                  وما نعرفه من زينب اليوم ليس إلاّ شبحاً من قدسيّتها وعظمتها ، ومن الواضح أنّ الشبح لا يعطي معرفة تمام الشيء وحقيقته .
                  sigpic
                  إحناغيرحسين *ماعدنا وسيلة*
                  ولاطبعك بوجهي"بابك إ تسده"
                  ياكاظم الغيظ"ويامحمدالجواد "
                  لجن أبقه عبدكم وإنتم أسيادي

                  تعليق


                  • #99
                    ثمّ أعداء الإسلام عرفوا أنّ الهجوم العسكري على البلاد الإسلامية لتهديم عقائد المسلمين لا ينفع أو لا يكفي ، بل لا بدّ من الهجوم الثقافي من الغرب والشرق ، بل لا بدّ باسم الدين ضرب الدين ، وباسم المذهب هدم المذهب من أساسه ، حتّى تفقد الاُمّة أصالتها ومجدها العريق ومعتقداتها الصحيحة ، فتركن إلى الغرب أو الشرق ، مستجدية متسوّلة متسكّعة .
                    وهذا ما يريده الاستكبار العالمي ، فتسمع بين آونة واُخرى نغمات ضدّ المعتقدات الدينية والضرورات المذهبية ، والعجب أ نّه من لسان رجال الدين والمتلبّسين بزيّ أهل العلم !
                    وأمّا زينب الإسلام فقدرتها تعني حكومة الأخلاق والفداء والتضحية ، وتربيتها يعني الحبّ والعشق الإلهي والذوبان في الله جلّ جلاله ، وثقافتها تعني سلامة الفطرة وحكومتها في كلّ مجالات الحياة على الصعيدين الفردي والاجتماعي .
                    والعشق الإلهي(6) المتجلّي في ثورة عاشوراء إنّما هي شجرة طيّبة أصلها ثابت وفرعها في السماء ، تؤتي اُكلها كلّ حين بإذن ربّها ، ثمرتها العصمة ، وورقها الإخلاص ، وجذورها الطهارة ، ودوحتها الجمال ، وبهاؤها الجلال .
                    والعشق إنّما ينبع من سويداء القلب ، والقلب حرم الله وعرش الرحمن ، والفطرة إنّما تدعو القلب إلى أن يعرف صاحبه ومالكه وهو الله سبحانه ، إلاّ أنّ هذا الشيطان الرجيم يسرق بيت الله ، وهو قلب المؤمن فإنّه حرم الله وعرشه ، فيسرقه ويعشعش فيه ويبيّض ويفرّخ ، فيكون عشّ الشيطان وأبنائه وأعوانه وحزبه ، فيتنزّل القلب ويعصي الربّ ، حتّى ينتكس ، فلا يكون وعاء للرحمة الإلهية وعلم الله سبحانه ، ثمّ يموت القلب ، فيفقد الإنسان إنسانيّته ، فيكون كالحجارة أو أشدّ قسوة ، وكالأنعام بل أضلّ سبيلا .
                    وكربلاء الحسين وزينب (عليهما السلام) إنّما هي مصارع العشّاق ، كما قالها أمير المؤمنين علي (عليه السلام) حينما جاوز كربلاء : « هاهنا مصارع العشّاق » .
                    وعاشرواء الحسين وزينب (عليهما السلام) إنّما هو كتاب العاشقين الوالهين في حبّ الله وجماله .
                    وزينب بطلة كربلاء ، معلّمة العشق الإلهي جيلا بعد جيل ، ترفع إلى السماء جسد أخيها المضرّج بالدماء ، محزوز الرأس ، مهشّم الأضلاع ، وتقول بكلّ سكينة ووقار : « اللهمّ تقبّل هذا القربان من آل محمّد (صلى الله عليه وآله) » .
                    ومن يعيش في رحاب زينب العشق يمتلئ قلبه شوقاً للقاء معبوده جلّ جلاله ، فيكون لسانه ميزان الحكمة ، ويده مائدة الكرم ، ويحيى بعشق الله ، ويرجع القلب إلى مالكه الأصلي التكويني والتشريعي ، كلّ هذا ببركة رسالة زينب الرسالية ، رسالة الدم والدموع ، رسالة المقاومة والفداء .
                    زينب الكبرى عقيلة بني هاشم اُمّ المصائب وقرينة النوائب ، العصمة الصغرى والناموس الأكبر ، محبوبة المصطفى وزينة المرتضى وشقيقة المجتبى وشريكة الحسين سيّد الشهداء .
                    زينب الإنسية الحوراء بنت سيّدة النساء فاطمة الزهراء (عليها السلام) ، نتيجة النبوّة المحمّدية وحصيلة الولاية العلوية ، وآية العصمة الفاطمية ، ومرآة المحاسن الحسنيّة ، وانعكاس المصائب الحسينيّة ، لقد بلغت في المجد غاية حدّها .
                    والعصفور بقدر همّته يصفق جناحيه ليحلّق في السماء ، فما نقول في زينب الحرّة إلاّ ما نفهمه بعقولنا القاصرة .
                    فزينب الدين رضيعة ثدي الرسالة ، ربيبة العلم والبسالة ، من أنوار المحشر بنت ساقي الكوثر ، سيّدة البطحاء خلاصة الخمسة النجباء ، ملكية العرب .
                    فلو كان النساء بمثل هذي *** لفضّلت النساء على الرجالِ
                    فما التأنيث عيب للشموس *** ولا التذكير فخر للهلالِ
                    ومن ألقابها العلياء وخصائصها السمحاء(7) :
                    الصدّيقة ، العصمة الصغرى ، وليّة الله العظمى ، ناموس الكبرى ، الراضية بالقدر والقضاء ، أمينة الله ، عالمة غير معلّمة ، فهيمة غير مفهّمة ، محبوبة المصطفى(صلى الله عليه وآله) ، قرّة عين المرتضى (عليه السلام) ، نائبة الزهراء (عليها السلام) ، شقيقة الحسن المجتبى (عليه السلام) ، شريكة الحسين سيّد الشهداء (عليه السلام) ، الزاهدة ، الفاضلة ، العاقلة ، الكاملة ، العاملة ، العابدة ،
                    المحدّثة ، المخبرة ، الموثّقة ، كعبة الرزايا ، المظلومة ، الوحيدة ، عقيلة قريش ، الباكية ، الفصيحة ، البليغة ، الشجاعة ، عقيلة خدر الرسالة ، رضيعة ثدي الولاية ، روحي وأرواح العالمين لها الفداء .

                    يكفيها شرفاً وفخراً شهادة إمام زمانها سيّد الساجدين وزين العابدين الإمام عليّ بن الحسين (عليه السلام) ، حيث قال : « بحمد الله إنّكِ عالمةٌ غير معلّمة ، وفهِمة غير مفهّمة » . وهذا ممّـا يدلّ على عصمتها ، فإنّ العصمة عن الذنوب والمعاصي وكلّ ما يشين ويزري بالإنسان إنّما يكون بالعلم ، بأن يعلم منشأ الذنوب ، وأ نّها تصدر من الجهل والظلمة ، كما يعلم نتائجها وآثارها ، من الآثار الوضعيّة في الدنيا والعقاب الاُخروي ، وهذا العلم يكون بلطف خاصّ من الله سبحانه في الأنبياء والأوصياء وفاطمة الزهراء (عليهم السلام) ، فهم معصومون بعصمة ذاتيّة كلّية ، تمنعهم عن المحارم اختياراً لا على نحو القهر والجبر ، وفي غيرهم ممّن يحذو حذوهم وينهج منهجهم ويرثهم في علومهم ومعارفهم وأخلاقهم ، يعصمون أنفسهم بعصمة أفعاليّة كسبية جزئيّة . فمثل الشهيد عليّ الأكبر (عليه السلام) والسيّدة زينب الكبرى وفاطمة المعصومة بنت الإمام موسى بن جعفر بقم المقدّسة يحملون هذه العصمة .
                    فسيّدة النساء فاطمة الزهراء (عليها السلام) هي العصمة الكبرى ، والسيّدة زينب (عليها السلام) هي العصمة الصغرى ، لأنّها عالمة غير معلّمة ، فعلمها من الله سبحانه ، يعصمها من الآثام والقبائح ، فهي تنوب اُمّها الزهراء (عليها السلام) في فضائلها وفواضلها وخصالها وخصائصها وعصمتها وعفّتها ونورها وشرفها وبهائها ، فكانت تنطق بالحكمة والعلم والأدب والمعرفة والعصمة من محاسن خلالها ، فلم يُرَ أكرم منها أخلاقاً ولا أنبل فطرةً ولا أطيب عنصراً ولا أخلص جوهراً في النساء بعد اُمّها سيّدة نساء العالمين .
                    فهي مجمع الفضائل ومنبع المكارم ، حازت من الصفات الكريمة والسجايا
                    الحميدة ما لم يحزها بعد اُمّها أحد حتّى حقّ أن يقال : هي الصدّيقة الصغرى ، فهي من الصبر والثبات وقوّة الإيمان والتقوى يضرب بها المثل الأعلى . وخير شاهد حياتها الطيّبة وسيرتها الذاتيّة المباركة
                    ورباطة جأشها في قصّة كربلاء ويوم عاشوراء .
                    إنّ المقامات العرفانيّة الخاصّة بزينب (عليها السلام) تقرب من مقامات الإمامة ، فإنّها لمّـا رأت حالة زين العابدين (عليه السلام) حين رأى أجساد أبيه وإخوته وعشيرته وأهل بيته على الثرى صرعى مجزّرين كالأضاحي وقد اضطرب قلبه واصفرّ وجهه ، أخذت (عليها السلام) في تسليته تصبّره قائلةً : « ما لي أراك تجود بنفسك يا بقيّة جدّي وأبي وإخوتي ، فوالله إنّ هذا لعهد من الله إلى جدّك وأبيك ، ولقد أخذ الله ميثاق اُناس لا تعرفهم فراعنة هذه الأرض وهم معروفون في أهل السماوات أنّهم يجمعون هذه الأعضاء المقطّعة والجسوم المضرّجة ، فيوارونها وينصبون بهذا الطفّ علماً لقبر أبيك سيّد الشهداء لا يدرس أثره ولا يمحى رسمه على كرور الليالي والأيّام ، وليجتهدنّ أئمة الكفر وأتباع الضلال في محوه وتطميسه فلا يزداد أثره إلاّ علوّاً »(8) .
                    وقد ائتمنها الإمام على أسرار الإمامة ، وهذا يدلّ على عصمتها ، كما لم يذكر التأريخ رغم كثرة أعداء أهل البيت (عليهم السلام) ما يشين بها وينقص من شأنها ويبطل عصمتها ، ف
                    هي بنت الوحي وربيبة الرسالة ، تربّت في مدرسة الرسول الأعظم وأمير المؤمنين وسيّدة نساء العالمين وسيّدي شباب أهل الجنّة (عليهم السلام) ، ومن تعلّمت في مثل هذه المدرسة الإلهيّة كيف لا تكون معصومة في أفعالها وحياتها ؟ فسلام الله عليها أبد الآبدين ، من بدو الخلق إلى يوم الدين .
                    ومن خصائصها : حملتها اُمّها كرهاً ووضعتها كرهاً ، كإخوتها (عليهم السلام) ، فالزهراء من حين حملها إلى يوم ولادتها كانت مهمومة ، وقد اُخبرت من قبل بمصائبها ، وما يجري عليها من الآلام والمحن .
                    روي أنّ زينب بنت عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) لمّـا ولدت اُخبر بذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله) فجاء إلى منزل فاطمة (عليها السلام) وقال : يا بنتاه ، ايتيني ببنتك المولودة ، فلمّـا أحضرتها أخذها رسول الله (صلى الله عليه وآله) وضمّها إلى صدره الشريف ، ووضع خدّه المنيف على خدّها ، فبكى بكاءً عالياً ، وسال الدمع على محاسنه الشريف جارياً ، فقالت فاطمة : لماذا بكاؤك ، لا أبكى الله عينيك يا أبتاه ؟ فقال (صلى الله عليه وآله) : يا بنيّة فاطمة ، اعلمي أنّ هذه البنت بعدك وبعدي تبتلي بالبلايا ، وترد عليها المصائب شتّى ورزايا ، فبكت فاطمة (عليها السلام) عند ذلك ، ثمّ قالت : يا أبَ ، فما ثواب من يبكي عليها وعلى مصائبها ؟ فقال : يا بضعتي وقرّة عيني ، إنّ من بكى عليها وعلى مصائبها كان ثواب بكائه كثواب من بكى على أخويها ، ثمّ سمّـاها زينب(9) .
                    وزينب اشتقّ من زَنِبَ ـ كفَرِح ـ بمعنى السمن ، وسمن كلّ شيء بنسبته ، فسمن الحيوان بمعنى كثرة لحمه ، وسمن النبات بمعنى نظارتها وكثرة ثمراتها ، وسمن الإنسان بمعنى حمله صفات الكمال والجمال .
                    أو زينب بمعنى الشجرة الطيّبة الحسنة الصورة ، أو بمعنى زين أب ، ولكثرة الاستعمال اُسقط الألف ، وعند بعض أهل المعرفة إنّما اُسقط الألف لعدم الفصل بينها وبين أبيها . فزينب زينة أبيها أمير المؤمنين بكمالاتها وخصائصها وخصائلها .
                    وأبوها أسد الله الغالب عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) إنّما هو زينة الكون ، وزينة الوجود وما خلقه المعبود ، فزينب زينة الزينة لهذا العالم الرحب ، وكانت كاُمّها الزهراء ( اُمّ أبيها ) فصارت ( زينة أبيها ) ورثت اُمّها في عصمتها وعلومها ومصائبها .
                    والأسماء تنزل من السماء ، إلاّ أنّ الله قد شرّف بعض أوليائه وأنبيائه أن سمّـاهم بنفسه ، كآدم ويحيى ( يا زَكَرِيَّا إنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلام اسْمُهُ يَحْيى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيَّاً )(10)
                    sigpic
                    إحناغيرحسين *ماعدنا وسيلة*
                    ولاطبعك بوجهي"بابك إ تسده"
                    ياكاظم الغيظ"ويامحمدالجواد "
                    لجن أبقه عبدكم وإنتم أسيادي

                    تعليق


                    • وعيسى المسيح ( إنَّ اللهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَة مِنْهُ اسْمُهُ المَسيحُ عيسى )(11) ، والنبيّ الأكرم ( وَمُبَشِّراً بِرَسول يَأتي مِنْ بَعْدي اسْمُهُ أحْمَد )(12) وعليّ اشتقّ من العليّ والحسن والحسين وزينب الكبرى .
                      كما ورد في الخبر الشريف عندما قدّمت فاطمة بنتها إلى زوجها أمير المؤمنين ليسمّيها فقال : لا أسبق رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، ولمّـا كانت بين يدي الرسول لم يسمّها لكي لا يسبق الله سبحانه ، فنزل جبرئيل الأمين وقال : إنّ الله يقرئك السلام ويقول : سمّها زينب ، كما سمّيت في اللوح المحفوظ .
                      فزينب زينة اللوح المحفوظ ، كما أنّ أباها أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام) زينة عرش الله .
                      يا ربّ جوهر علم لو أبوح به *** لقيل لي : أنت ممّن يعبد الوثنا
                      رضينا بقسمة الجبّار فينا *** لنا علمٌ وللأعداء مال
                      sigpic
                      إحناغيرحسين *ماعدنا وسيلة*
                      ولاطبعك بوجهي"بابك إ تسده"
                      ياكاظم الغيظ"ويامحمدالجواد "
                      لجن أبقه عبدكم وإنتم أسيادي

                      تعليق

                      المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                      حفظ-تلقائي
                      Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
                      x
                      يعمل...
                      X